:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الأحد، مايو 06، 2007

حديث عن الصين

أذكر وأنا ما أزال تلميذا صغيرا أنني قرأت مجموعة من قصص الأطفال مترجمة عن الأدب الصيني. وكان من بين تلك الحكايات المصوّرة قصّة جميلة عنوانها "الطائر الأزرق" تحكي عن قصة حبّ حميمة نشأت بين أميرة صينية وطائر صغير اعتاد أن يأتي كلّ صباح إلى شباك غرفة الأميرة ليوقظها من نومها بغنائه العذب الرخيم.
ولأنني كنت طفلا آنذاك فقد بقيت أحداث تلك القصّة راسخة في وجداني إلى اليوم. ومع الأيام تماهت صورة الصين في ذهني مع تفاصيل تلك القصّة وما احتوت عليه من وصف رائع لمناظر الطبيعة هناك من انهار وغابات وشلالات وبحيرات. وكنت أتخيّل تلك البلاد موطنا للجنيّات والطيور والغابات المسحورة، والمخلوقات الأسطورية التي ارتبطت منذ الأزل بتراث وثقافة الصين كالتنين واليونيكورن والعنقاء وسواها.
ومع مرور الأيام جرى على تلك الصورة التي لم تكن تخلو من الخيال الجامح والرومانسية المفرطة بعض التحوير والتعديل، فأضيف إليها عنصر الحكمة المعروف عن الصينيين منذ القدم وبعض التفاصيل الأخرى المرتبطة بالفلسفة البوذية وتفرّعاتها خاصة بعد أن تعرّفت على "كونفوشيوس" و "لاو تسو" و "سان وو" وغيرهم من فلاسفة ومفكّري الصين الكبار.
وهذه الأيام يكثر في الخليج الحديث عن الصين في سياق الترويج للسياحة في ذلك البلد والاطلاع على جانب من ثقافته الثرية وتاريخه العريق الضارب في القدم.
وقد لاحظت في الفترة الأخيرة كثرة الموادّ المكتوبة والمرئية، من مقالات وإعلانات في الصحف والتلفزيون، التي تروّج للسياحة في الصين في محاولة لاجتذاب السيّاح العرب لزيارة تلك البلاد ذات الحضارة العظيمة سيّما وقد أصبح الصيف على الأبواب.
ورغم قدم العلاقة بين العرب والصينيين فإن الصين ظلت لزمن طويل بعيدة عن اهتمام العرب وشهد التفاعل بين الطرفين فترة ركود ليست بالقصيرة.
وقد أثار حنيني إلى الصين مجدّدا حديث سمعته مؤخّرا من شخص إعلامي زار الصين منذ أسابيع وتحدّث بإسهاب عن مشاهداته وانطباعاته هناك بدءا من زيارته للسور العظيم وتجواله في المدينة المحرّمة وميدان تيانان مين والمعبد السماوي وقبور وتماثيل الأباطرة القدامى وانتهاءً بزيارته للمساجد والمتاحف التاريخية ورحلته على ضفاف نهر اليانغتسي ومشاهدته لبعض أجزاء من طريق الحرير القديم.
قد تكون الصين بعيدة جغرافيا عن العالم العربي، لكنها قريبة من وجدان شعوب المنطقة بحكم العلاقة التجارية القديمة وكذلك حقيقة أن الصين ليس لها ميراث استعماري في المنطقة وبالتالي خلوّ العلاقة بين الطرفين من عوامل التوتّر أو التوجّس والضغينة.
وهناك عامل آخر لا يقلّ أهمية ويتمثل في قدرة الصين التي تثير الإعجاب على التغلب على آثار عزلتها الطويلة بل والتحوّل إلى قوّة اقتصادية وسياسية عالمية ُيحسب لها حساب، وهي ظاهرة يتعيّن على العرب أن يدرسوها ويحللوها ليستفيدوا منها وينسجوا على منوالها كي يكون لهم وزن وتأثير في هذا العالم الذي تحكمه الكيانات الاقتصادية الكبرى والفاعلة.