:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، مايو 23، 2013

يوميّات صانع عطور

يُعتبر جان كلود إللينا احد اكبر صانعي العطورات في العالم اليوم. وقد اقترن اسمه بعدد من أشهر العطورات العالمية التي كان وراء ابتكارها مثل "فيرست" من فان كليف اند أربلز، و"تير دي ايرميس" من دار ايرميس، و"ديكليراسيون" من كارتييه، و"بوا فارين" من لارتيزان وغيرها.
في هذا الكتاب بعنوان "يوميّات أنف: عام في حياة صانع عطورات"، يتحدّث إللينا عن أساليبه في تحضير العطور ويشرح العملية المضنية التي يتطلّبها خلق عطر جديد والاختبارات المتعدّدة وعمليات التصفية التي تسبق طرحه في الأسواق. كما يُضمّن الكتاب ملحقا تفصيليا يشرح فيه كيفية إعداد روائح مختلفة باستخدام موادّ وصيغ كيميائية معيّنة.
يقول المؤلّف في بداية الكتاب: الرائحة تشبه قطعة الموسيقى، يجب أن يكون لها ارتباطات كي تجذبك للدخول إلى عالمها. وصناعة رائحة هي أقرب ما تكون إلى البحث عن إبرة في كومة من القشّ. لقد كرّست كلّ حياتي للعطور بحثا عن أسلوب للتعبير عن المشاعر. ومثل هذا الأمر يمكن في كثير من الأحيان أن يتسبّب في الإرهاق البدني والعقلي وإنهاك حاسة الشمّ.
ويضيف: أن تحاول اكتشاف ما يمكن أن تتضمّنه رائحة جديدة يشبه أن تحفر عميقا في ذاكرتك. في البداية، ستجد تلميحا من هنا وهناك. لكن ينبغي عليك أن تتجرّد من عواطفك الخاصّة، لأنك لا تستطيع أن تضع ذكرياتك في زجاجة. الأمور لا تعمل بهذا الشكل.
ويشير إللينا في جزء آخر من الكتاب إلى أن أدواته التي يستعين بها في مهنته هي عبارة عن قلم رصاص وورق وذاكرة، وأن من عادته أن يرسم الروائح في ذهنه قبل خربشة الصيغ وتمريرها إلى مساعده في المختبر. وهو يفتخر بكونه يستخدم أقلّ عدد من المكوّنات في العالم، حيث يتألّف كلّ عطر من عطوراته من اقلّ من 200 مادّة مقارنة بألف إلى ألف وخمسمائة مادّة للعطر النموذجي.
وإللينا هو أوّل صانع عطورات يستخدم رائحة الشاي في ابتكاراته. وقد استوحى هذه الفكرة من زيارات زوجته المتكرّرة لمحلّ متخصّص في إنتاج أنواع مختلفة من الشاي. لكنّه أيضا يحبّ العمل مع روائح أقدم وأكثر قتامة، مثل نفحات العرق التي أضافها إلى عطر تير دي ايرميس الذي يحتلّ اليوم المرتبة الخامسة في قائمة أكثر العطورات مبيعا في فرنسا.
ولد جان كلود إللينا (64 عاما) لأب كان يشتغل بالعطور، ونشأ في "غراس" عاصمة العطور في جنوب شرق فرنسا، والتي تنتج حصّة الأسد من الروائح الطبيعية المستخدمة في صناعة العطور في البلاد. وقد أخذ أولى خطواته في عالم العطور وعمره ستّة عشر عاما، ثم عمل بعد ذلك لمدّة ثلاث سنوات كمساعد صانع عطور في شركة غيفودان السويسرية. وبعدها عمل في نيويورك وجنيف، قبل أن ينتقل إلى باريس عام 1975م.
في الكتاب، يتناول إللينا أيضا قوّة العطر ودور الإلهام في استنباط وخلق رائحة جديدة. يقول: الروائح تتمتّع بقوى سحرية قادرة على أن تنقلك إلى ماضيك وأن تؤجّج خيالك. وكلّ رائحة لها طابعها المميّز الخاصّ بها. وفي أيدي العطّارين الكبار، يتحوّل صنع عطر جديد إلى نوع من الخيمياء. وغالبا ما يبدأ كلّ شيء بلحظة إلهام. والإلهام يمكن أن يأتي من أيّ مكان: سوق، منظر طبيعي، مقهى .. إلى آخره. ذات مرّة شممت رائحة كومة من الكمثرى الشتوية في سوق ايطالي. وأتذكّر أنني أنفقت بضع سنوات بعد ذلك في محاولة لتحويل تلك التجربة إلى عطر.
ثم يتحدّث عن مواصفات الرائحة ودور الحواسّ. يقول: يجب أن تكون النفحات الأولى من أيّ عطر ممتعة ومرغوبة، حتى لو كانت الرائحة تتطوّر لتصبح بعد ذلك أكثر تعقيدا. الأمر يعمل مثل النوتات الموسيقية لأغنية. وبالنسبة لصانع العطور، تتشابك الحواسّ الخمس كلّها. وعلى الرغم من أن صانع العطور يركّز على حاسّة الشمّ بشكل خاصّ، إلا انه يوظّف في عمله الحواسّ الأربع الأخرى بشكل متزامن.
ويعبّر إللينا عن أسفه من حقيقة أن تجّار السوق هم من يحكم هذه الصناعة، ويصف الصراع النفسي بين رغبته في إرضاء ربّ عمله والجمهور وبين حرصه على أن يظلّ مخلصا لرؤيته الفنّية. "العطر في جزء كبير منه فنّ وليس علما. ولكي تخلق عطرا، فأنت لست بحاجة لأن تحكي قصّة. وعندما أصمّم رائحة، أضع في حسباني أن تظلّ على الأرفف لأطول فترة ممكنة. وفي معظم الأحيان، يلزمك عشر سنوات لكي تبتكر رائحة جديدة يمكنها الصمود والاستمرار بحيث تصبح مع مرور الوقت علامة فارقة في هذه الصناعة.
صانعو العطورات، مثل جان كلود إللينا، يسعون للاستفادة من تلك الطاقة التي للكيمياء كي يوظّفوها في خدمة الإغواء. وقد استخدم مهارته في خلق عطور كلاسيكية رائعة (القائمة الكاملة لابتكاراته على هذا الرابط ). كما انه يكتب عن الفنّ والأدب والموسيقى واليابان والرسم والبحر والسماء، إلى جانب العطور، ويأخذ العبرة من كلّ هذه الأشياء في إبداعه. "أحبّ البحر والأفق، خاصّة عندما تمتزج زرقة السماء مع زرقة البحر. وأقدّر الهيئات الجميلة والملابس الخفيفة المنسدلة والأناقة الرصينة والمنضبطة. وأؤمن بالسعادة وبالروحانية البسيطة، كما أفضّل الاتصال بالعين على الثرثرة والكلام الطويل".
وبالنسبة له، فإن العيش مع إحساس متعاظم بالرائحة يبدو أمرا مثيرا للاهتمام. وهو كثيرا ما يستمتع حتى بالروائح المزعجة. فعندما كان بصحبة أشخاص آخرين في رحلة في جبال الألب الفرنسية، لاحظ كيف أن الأزهار في إحدى التلال بدأت في إفراز رائحة تشبه العرق البشري. وقد فرّ من كانوا معه من المكان، لكنه ظلّ واقفا هناك كي يسمح لتلك الرائحة البهيمية أن تغسله، كما يقول. ثمّ يروي قصّة حدثت له في إحدى رحلاته بالطائرة قائلا: جلست إلى جوار امرأة كانت تضع واحدا من عطوراتي. كان العطر يكافح كي يغطّي على رائحة السغائر الملتصقة بملابسها، في حين كانت حركة زوجها تكشف عن نفحات دورية من ثوم لم يتمّ هضمه بعد".
مثل كلّ شيء في الثقافة الإنسانية، فإنّ تصوّراتنا عن العطور تتغيّر باستمرار. وإللينا يصف كيف تمّ حرمان صناعة العطور من روائح نادرة كالنعناع والليمون من خلال توظيفها بإسراف في صناعات معاجين الأسنان والعلكة وسوائل التنظيف. ويؤكّد على انه من الصعب خلق نكهات وروائح جديدة وحقيقية في عالم متطوّر باستمرار، مشيرا إلى أنه بعد أن عرف العالم نكهة ورائحة قويّة مثل الكوكاكولا، أصبح من المستحيل استعادة براءة وطزاجة الرائحة الأولى.
وعن أسماء العطورات والارتباطات والمعاني التي تثيرها يقول: عندما أريد أن استثير رائحة ما، استخدم علامات لا ارتباط بينها إذا ما أخذت بشكل منفصل. لذا فإن أسماء العطورات قد لا تشي بالضرورة بمضمونها. فعطر او بارفامي او تي فيه (Eau Parfumée Au Thé Vert)، ومعناه ماء معطّر مع شاي أخضر، ليس في تركيبته أيّ قدر من الشاي. كما لا توجد مانغو، مثلا، في عطري المسمّى اون جاردان سور لا نيل (Un Jardin Sur Le Nil)، أو حديقة النيل. ومع ذلك يشعر الناس بوجود تلك النكهات والروائح هناك. ويشير إللينا إلى انه معجب برائحة عطر غاردينيا لـ شانيل، لأنه لا يتضمّن رائحة زهرة، بل رائحة السعادة، على حدّ وصفه.
وهو يدلّل على إحساسه العالي بأدقّ جزيئات العطور وقدرته على التقاط أيّة نقطة في سلسلة من الروائح بقوله: عند قطف الياسمين الطازج صباحا فإنه ينفث عبيرا اخضر خفيفا، أما إن قطفته في نهاية اليوم فإنه يبعث رائحة حارقة تشبه رائحة القطط الكبيرة. ويضيف: اشعر بمتعة كبيرة في استنباط مفاهيم جديدة للروائح وإعطاء الحياة أفكارا مجرّدة. وقد اعتدت على أن أمدّ أنفي إلى الخارج، وخصوصا عندما تعطي الطبيعة نفسها هزّة بعد المطر. وتجذبني بشكل خاص فكرة أن رجلا "أو امرأة" يمكن أن يختار عطرا معينّا وهو في سنّ العشرين، لكنه ما يزال يريد اقتناء نفس ذلك العطر بعد أن يكون قد بلغ الستّين، أي بعد أن يكون قد انغمس في بعض الخيانات الزوجية".
وإللينا يؤمن بأن العطر يحتاج لأن يتناسب مع عصره، لا أن يتوافق مع اتجاه أو موضة. ويضيف: أنا متعجّب كيف أن عطرا مثل تير دي ايرميس أصبح رابع أكثر العطورات مبيعا في فرنسا، ومندهش بنفس الوقت لأن عطرا مثل اون جاردان ابريه لا موسون (Un Jardin Après La Mousson) لم يكتسب النجاح الذي يستحقّه، رغم أنّني اعتبره واحدا من أكثر التوليفات الزهرية جمالا التي ابتكرتها في حياتي. ثمّ يصف مزاج عطره الآخر المسمّى جور دي ايرميس (Jour d’Hermès) بقوله: إنه أنوثة نقيّة، وهو بالنسبة لي بدعة في حدّ ذاته. كنت أرغب في أن اخلق رائحة خاصّة بالمرأة دون أيّة ارتباطات عطرية ذكوريّة على الإطلاق.
ثمّ يشرح أسباب شعبية عطر تير دي ايرميس (Terre d'Hermes) ورواجه الغير عاديّ بقوله: رائحة تير دي ايرميس هي قصيدة إلى نجيل الهند. هذا العطر له شخصيّة المطر وجذور الأرض. انه عطر طقوسيّ، هذه هي الكلمة الأنسب لوصفه. ولا عجب أن اسمه يختزل طبيعته: رائحة الأرض في أفضل حالاتها، الأرض المبلّلة بعد المطر، الرائحة الاستوائية اللاذعة جدّا، المعدنية تقريبا، والحادّة نوعا ما، ولكن الممتعة والمنعشة والمليئة بالذكريات؛ الذكريات العطرة من مرحلة الطفولة والصبا. ويضيف: غالبا ما يُصنّف هذا العطر على أنه "ذكوريّ"، غير أنني لا أتفق كثيرا مع هذه الوصف. أعتقد أن العطر لا علاقة له بالجنس. أنت تضع ما تحبّ ولا يهمّ بعد ذلك إن كنت رجلا أو امرأة".
اليوم يشغل جان كلود إللينا منصب كبير صانعي العطور في دار ايرميس الباريسية المرموقة، ويدير عمله من مكتبه القائم وسط تلال مكسوّة بالصنوبر فوق مياه خليج انتيب على ساحل البحر المتوسّط. وقبل انضمامه إلى ايرميس، وضع إللينا ثلاثة شروط: أن يبقى على مقربة من مسقط رأسه في غراس، وأن يكون متحرّرا من القيود والمعوّقات التسويقية، وأن يكون له القول الفصل في ما يتعلّق بأسماء وأسعار وتصاميم عطوراته. وقد قفزت المبيعات السنوية في قسم العطور بـ ايرميس من ستّين مليون يورو وقت التحاقه بالشركة قبل تسع سنوات إلى حوالي 140 مليون يورو في العام الماضي.

الاثنين، مايو 20، 2013

سيرة إمام وعارف من القرن العشرين

يتحدّث مارتن لينغز في هذا الكتاب بعنوان "متصوّف ووليّ من القرن العشرين: سيرة حياة الشيخ أحمد العلاوي" عن شخصية دينية غير معروفة نسبيّا للدارسين خارج العالم الإسلامي. إذ يتناول حياة وتعاليم الشيخ احمد بن مصطفى العلاوي (1869 - 1934) مؤسّس إحدى أهمّ الطرق الصوفيّة في شمال أفريقيا والمعروفة بالطريقة العلاويّة.
ووفقا لمجلّة دراسات الشرق الأدنى، يُعتبر هذا الكتاب احد أكثر المصادر شمولا عن التصوّف التي كتبها مفكّر غربيّ. كما أن قراءته شرط أساسيّ لأيّة دراسة جادّة عن الصوفية، بحسب ما يقوله المفكّر الأمريكي من أصل إيراني سيّد حسين نصر في استعراضه للطبعة الأولى من الكتاب.
المؤلّف مارتن لينغز، المعروف أيضا باسم أبو بكر سراج الدين، هو كاتب وباحث إنجليزي سبق وأن ألّف ثلاثة كتب عن التصوّف في الإسلام. لكن كتابه الأشهر الذي حظي، وما يزال، بشعبية كبيرة هو السيرة التي كتبها عن حياة الرسول بعنوان محمّد: حياته استنادا إلى مصادر مبكّرة. وقد اكسبه هذا الكتاب شهرة واسعة في العالم الإسلامي ونال عليه العديد من الجوائز، كما اعتُبر أفضل سيرة كُتبت عن الرسول بالانجليزية.
النصف الأوّل من هذا الكتاب هو عبارة عن عرض لتاريخ التصوّف في شمال أفريقيا مع نبذة عن حياة الشيخ العلاوي. بينما النصف الثاني مخصّص لكتابات الشيخ مع مختارات من قصائده الصوفية المعروفة. وإحدى الملاحظات الجانبية المثيرة للاهتمام هو أن لينغز يشبّه مكانة الشيخ بالعصر الذهبي لمتصوّفة العصور الوسطى ويقرن عظمته بتلك التي للمتصوّف الهنديّ رامانا ماهارشي.
المعروف أن الشيخ أحمد العلاوي ولد في مستغانم بالجزائر عام 1869، وتلقّى تعليمه الأوّلي في بيت والده العالم. وقد أطلق على طريقته اسم العلاوية نسبة إلى الإمام عليّ بن أبي طالب الذي قال انه ظهر له في رؤيا واقترح عليه هذا الاسم.
يشير لينغز إلى إن الغرض من تأليف كتابه هو الذهاب إلى ما هو ابعد من الاستشراق الأكاديمي، في محاولة لتمكين حتى أولئك الذين لا يمتلكون خلفية عن الإسلام من فهم موضوعه وأخذ فكرة، ولو عامّة، عن أصول التصوّف الإسلامي. وهو يقدّم للقارئ رؤية عن شخصية وحياة الشيخ العلاوي، سواءً من خلال الناس الذين عرفوه أو من خلال مجموعة كتاباته التي تركها.
ثمّ يتحدّث عن بعض مواقف وأفكار الشيخ العلاوي التي تدلّل على انفتاحه وتسامحه، فقد كان احد الدعاة الأوائل للحوار بين الأديان، كما عُرف عنه احترامه غير العاديّ للمسيحيين واطلاعه الكبير على الإنجيل. وهناك أيضا محاولاته المتعدّدة للتوفيق بين الإسلام والحداثة، وتشجيع أتباعه على إرسال أطفالهم إلى المدرسة لتعلّم اللغة الفرنسية، ثم دعوته إلى ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية ولغة الأمازيغ من أجل جعله أكثر يسرا، وهو الموقف الذي أثار في زمانه جدلا كبيرا.
الهالة التي اكتسبها الشيخ في أوساط المتصوّفة الكلاسيكيين يعزوها المؤلّف إلى حقيقة أن الشيخ كان منخرطا في القضايا المعاصرة، بالإضافة إلى الكاريزما الشخصية التي كان يتمتّع بها والتي أجمعت عليها مصادر عديدة. وما من شكّ - يقول المؤلّف – في أن جاذبية الشيخ وأفكاره الحضارية والمتسامحة أسهمت في انتشار إسلام يتّسم بالمعرفة والحكمة في أوربّا وفي إقبال العديد من الأوربيّين على اعتناق الإسلام.
ثم يتحدّث عن شخصية الشيخ كما تعكسها نظرة من كانوا يتعاملون معه من داخل دائرته. ويستشهد بكلام طبيبه الفرنسي مارسيل كاريه الذي لازمه أربعة عشر عاما وكتب يقول في مذكّراته: التقيت الشيخ العلاوي لأوّل مرّة في ربيع عام 1920. لم يكن لقاء صدفة، بل دُعيت إليه بصفتي طبيبا. وكان ذلك بعد بضعة أشهر من بدء ممارستي للطبّ في مستغانم. وما أثارني بصفة خاصّة هو ذلك الشبه الغريب بين ملامح الشيخ وبين الوجه الذي يُستخدم عادة لتمثيل المسيح. كنت اعرف أنني في حضرة شخصية غير عاديّة. كانت الغرفة مثل جميع الغرف في منازل المسلمين، خالية سوى من القليل من السجّاد والفرش. وكانت هناك خزانتان اكتشفت في ما بعد أنهما تحتويان على عدد من الكتب والمخطوطات. كان الشيخ العلاوي يجلس بصمت ووقار في زاوية الغرفة واضعا يديه على ركبتيه".
في جزء آخر من الكتاب، يتحدّث المؤلّف عن مذهب وحدة الوجود الذي يحتلّ مكانا مركزيا في معظم التقاليد الصوفية للإسلام، بل وأيضا في كلّ التقاليد الصوفية الأخرى. كما يتناول جوانب أخرى من مذهب الشيخ مثل "العوالم الثلاثة" التي تمثّل التسلسل الهرميّ للوجود، و"السلام العظيم" الذي يحقّق بلوغه غاية الرحلة الداخلية. كما يناقش مواضيع هامّة أخرى مثل النبوّة والقداسة.
الكاتب مارتن لينغز كان معروفا بكثرة أسفاره، على الرغم من انه في أخريات حياته لم يغادر منزله في لندن إلى حين وفاته في العام 2005. وبالإضافة إلى كتاباته في التصوّف، كان لينغز ضليعا بحياة وأدب وليام شكسبير. وقد أشار في عدد من كتاباته إلى المعاني الباطنية والروحانية العميقة التي وجدها في مسرحيات وأعمال الشاعر الانجليزي. "مترجم".