شذى الأندلس
ازدانت البيئة الأندلسية بعدد غير قليل من النساء الشاعرات اللائي اسهمن في إثراء الأدب الأندلسي بألوان طريفة من موضوعات الشعر ومقطوعات القصيد. ويرى د. مصطفى الشكعة أن ما تركته شاعرات الأندلس من اثر لا ُيمحى في مسيرة الشعر هناك يعد أمرا بيّنا، وليس أدلّ على ذلك من أنّهن فرضن وجودهن فرضا على موكب الشعر في الأندلس فكنّ فيه كأزهار الشقائق بلونها الزاهي الأرجواني تشرئب مميّزةً مختالة وسط بساط الاقاح الذي يغطي السهول ويوشّي السفوح مع إطلالة الربيع. وقد تمتّعت المرأة في مجتمع الأندلس بكامل حرّيتها في بيئة جديدة لم ترتبط تقاليدها بأثقال وقيود كتلك التي ارتبطت بها بيئة المشرق. ومن هنا شاركت المرأة في كل فنون الشعر وأبوابه فكانت تتغزّل في الرجل تماما كما يتغزّل الرجل فيها وكانت تلحّ في إغرائه وتصف محاسنها وتذهب إليه زائرة تطرق بابه وتنادمه. فأميرة المريّة مثلا كانت تقول غزلا رقيقا لكنه جرئ تقوله في فتى .. لكنها هنا اكثر جرأة وأعلى صوتا: ألا ليت شعري هل سبيل لخلوة ُينزّه عنها سمـع كل مراقـب ويا عجبا اشتاق خلـوة من غدا ومثواه ما بين الحشا والترائب! ولم يكن الفتى الذي اخرج الأميرة أمّ الكرم عن أناتها...