:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الجمعة، نوفمبر 12، 2010

الصين الجميلة

هناك الكثير من الأشياء التي تتبادر إلى الذهن عندما يرد ذكر اسم بيجين عاصمة الصين: المدينة المحرّمة، تجديد المراكز الحضرية، كثافة حركة المرور وارتفاع نسبة التلوّث. وعلى الأرجح لن يكون الفنّ الحديث احد تلك الأشياء.
لكن على الرغم من ذلك، فإن بيجين تشهد الآن حركة فنون نشطة ومزدهرة. كما أنها أصبحت مركزا كبيرا للفنّ الطليعي، بالإضافة لاحتضانها العديد من الورش والغاليريهات الفنّية.
مشهد الفنّ الصيني المعاصر تطوّر بسرعة خلال العشر سنوات الماضية. وكان لحرّية السوق وتوظيف التكنولوجيا الحديثة وازدياد هامش حرّية التعبير دور مهم في ازدهار الفنّ في البلاد.
وفي السنوات الأخيرة أصبح الفنّ الصيني المعاصر يحظى بشعبية واسعة في الغرب. في الصين نفسها اشتهر اسم ضاحية داشانزي شرق العاصمة بكونها منطقة جذب للفنّانين والتجّار وأصبحت مكانا مزدحما يعجّ، ليس بالفنّ فقط، وإنما بالمقاهي العصرية ومتاجر التحف القديمة والملاهي الليلية الغريبة.

   

وداشانزي تواجه اليوم آلام النموّ ومشاكل البحث عن هويّة، شأنها شأن مناطق مماثلة من العالم. وهناك الآن من ينتقد المنطقة لأنها استسلمت لاستشراء النزعة التجارية، يدفعها إلى ذلك سوق عالمي يبحث عن الصرعات الحديثة ويتوق إلى اقتناص أيّ شيء صيني.
وبطبيعة الحال، فالذين يكسبون الأرباح يرحّبون بنجاح المنطقة التجاري. والدلائل على ذلك في كلّ مكان. ففي بداية مزاد خُصّص للفنّ الصيني المعاصر في دار مزاد كريستيز في هونغ كونغ، حقّقت لوحة للفنان زاو ووجي أربعة ملايين دولار أمريكي.
كما أحرز فنّان صيني آخر يُدعى شانغ شياوغانغ نجاحا اكبر عندما بيعت لوحته بعنوان "ساحة تيانان مين" بحوالي مليونين ونصف المليون دولار في نفس المزاد نهاية العام الماضي.
وقد أصبح فنّ هذا الرسّام شعبيا جدّا لدرجة انه يمكنك أن تشتري من سوق التحف المحليّة نسخة من سلسلة لوحاته بعنوان "العائلة"، وهي بورتريهات مزعجة من زمن الثورة الثقافية لعائلات صينية يظهر أفرادها بلا وجوه. تشياو غانغ يمزج تجاربه الشخصية ومعتقداته الصينية ببعض التأثيرات الغربية ويتلاعب بمفهوم الهويّة إذ يرسم أشخاصا بلا انفعالات وبالأسود والأبيض غالبا.



الأسعار العالية دفعت بعض المعلقين إلى التساؤل ما إذا كانت هناك فقاعة في طور التشكّل. فعلى سبيل المثال ذكر مقال نُشر في جريدة ديلي تلغراف البريطانية مؤخّرا أن طفرة البيع التي يشهدها الفنّ الصيني المعاصر الآن لا تعدو كونها مجرّد خدعة. وأضاف: لسنوات طويلة ظللنا نسمع عن حيوية الفنّ القادم من شانغهاي وبيجين. وهذا كلّه محض هراء".
غير أن وانغ يووي، مديرة إحدى المجموعات الفنّية الصينية، تعتقد أن هناك مجموعة من الفنّانين الصينيين الذين يتبنّون العديد من الأعمال والأفكار الجيّدة. "الرسّامون الصينيون المعاصرون يعنون كثيرا بالمفاهيم وهم منفتحون جدّا على استخدام أنواع مختلفة من الوسائط".
ومؤخّرا أطلق غاليري ساتشي البريطاني موقعا باللغة الصينية لتشجيع الفنانين الصينيين على التفاعل بين بعضهم البعض وعرض ومناقشة أعمالهم بلغتهم الأصلية.
ويقال أن هناك أكثر من عشرين ألف فنّان في الصين حاليا. كما تشير تقديرات ساتشي إلى أن حوالي ألف طالب يتخرّجون كلّ عام من كلّيات ومعاهد الفنّ.
التطوّرات الثقافية والفنّية التي تشهدها الصين حاليا تعود بداياتها إلى ما قبل حوالي ثلاث سنوات عندما تمّ افتتاح مئات الغاليريهات العامّة والخاصّة في كلّ أرجاء البلاد. ويُنتظر أن يؤدّي هذا إلى انتعاش ونموّ الفنّ الصيني وفق معدّلات غير مسبوقة خلال السنوات القليلة القادمة. "مترجم".