:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الأربعاء، يوليو 09، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • يركّز الرسم الصيني من منظور الكونفوشية على تمجيد فضائل الإحسان والصلاح واللياقة، والتي تجسّد القيم الأخلاقية والمثل الاجتماعية. والطاوية، بدعوتها إلى التوحّد مع الطبيعة والسعي إلى التوازن، تنبع بعمق من المناظر والعناصر الطبيعية داخل بيئة الرسم الصيني. فالجبال والأنهار وأشجار الخيزران، التي ينظر إليها كرموز للنزاهة والمرونة والتواضع، لا تصوَّر فقط لجاذبيّتها الجمالية، بل باعتبارها تجسيدا للتعايش المتناغم بين الين واليانغ ورمزا للبحث الطاويّ عن التوازن والهدوء.
    أما البوذية، بتأمّلاتها في المعاناة وعدم الثبات والتنوير، فتنعكس في الرسم لتوضّح عوالم الوجود البشري والمسارات المؤدّية إلى اليقظة الروحية. وتشكّل زهرة اللوتس، التي تخرج نقيّة من الوحل، زخارف متكرّرة ترمز إلى النقاء والتنوير في خضمّ معاناة العالم.
    إن التيّارات الفلسفية المتعدّدة والكامنة في الرسم الصيني تنتج سردا يتجاوز مجرّد المتعة الجمالية، ليتحوّل الرسم إلى تساؤلات وجودية وأخلاقية وكونية. لذا فإن النظر إلى لوحة صينية يعني الدخول في حوار مع حكماء العصور القديمة والتأمّل في التشابك بين الطبيعة والروح والإبحار عبر المسارات الهادئة والحيوية للفكر الفلسفي الصيني.
    ومع كلّ ضربة فرشاة تلامس القماش، لا يلتقط فحسب جوهر الجبال والمياه والنباتات والحيوانات فحسب، بل يتمّ الاحتفال بها والتأمّل فيها وتجسيد الاعتبارات الميتافيزيقية والجمالية العميقة. وعندما نتعمّق في الجبال الضبابية والمياه المتدفّقة والزهور المتفتّحة والأشجار الوارفة في الرسم الصيني، فإننا في الأساس ننظر الى مشهد يتشابك فيه المادّي والميتافيزيقي، حيث يمتزج الواقع الملموس بسلاسة مع التأمّل الفلسفي.
    وكثيرا ما يرمز الجبل، وهو موضوع متكرّر ومهيمن في الرسم الصيني، إلى الجسر الذي يربط بين الأرض والسماء ويجسّد السعي البشري نحو السموّ الروحي والارتقاء الأخلاقي.
    أما الماء، سواء كان متدفّقا على جرف صخري أو متعرّجا عبر واد هادئ، فإنه يمثّل التدفّق الأبدي للحياة والوقت ويعكس التأمّلات الفلسفية حول الوجود والتغيير وعدم الثبات. كما أنه يعكس أيديولوجية الطاوية القائمة على التسليم والمرونة، حيث يمتلك الماء، على الرغم من ليونته وقدرته على التكيّف، القوّة اللازمة لتشكيل حتى أصعب الصخور.
    في بتلات الأزهار المتفتّحة والأنهار المتموّجة والقمم الشاهقة في الرسم الصيني، لا يكتشف المرء وليمة بصرية فحسب، بل رحلة روحانية عبر طرق الفلسفات الصينية، وتكريما صادقا لعوالم الطبيعة الساحرة التي أشعلت بلا انقطاع خيال وروحانية الفنّانين عبر آلاف السنين.
    المعروف أن الخيزران ينمو بسرعة غير عاديّة ويظلّ أخضر في ثلوج الشتاء، وبالتالي فهو رمز للحيوية والخصوبة والقدرة على التحمّل، كما أن بعض أنواعه تعيش لفترات طويلة جدّا من الزمن. والطريقة التي ينحني بها تحت ضغط الرياح، من غير أن ينكسر، جعلته أيضا رمزا كونفوشيا للمسؤولين والعلماء الذين يتمتّعون بالفضيلة والمرونة في أداء واجباتهم رغم ضغوط الأشخاص المتنفّذين والجماهير، ومع ذلك لا يبتعدون عن مبادئهم الأساسية المتعلّقة بالصواب والخطأ.
    وفي الرسم الصيني لا تعتبر التنانين مجرّد مخلوقات خيالية، وإنما رموز للقوّة الهائلة والخير والبركة. وعلى النقيض من التصوير الغربي لها باعتبارها كائنات مدمّرة وشرّيرة، يجسّد التنّين الصيني عادة السلطة الإمبراطورية والحماية السماوية. لذا، فمن خلال الضربات البارعة والاستخدام الدقيق للألوان، يخلّد الفنّانون هذه المخلوقات الأسطورية، ما يمكّنها من السير عبر الجبال والأنهار والكواكب السماوية، حاملة سرديات القوّة والحظّ والشرعية الإمبراطورية.
    وكثيرا ما يظهر طائر الفينيق الأسطوري في لوحات الرسم الصيني، وهو يرمز إلى الفضيلة والنعمة والرخاء. كما أن شكله الأنيق الذي يرسم غالبا بضربات فرشاة دقيقة وألوان نابضة بالحياة، يرمز إلى جوهر الحاكم الخيري. وغالبا ما يوضع الفينيق جنبا إلى جنب مع التنّين، ما يرسم ثنائية متناغمة بين الين واليانغ اللذين يدلّان على الحكم المتوازن والمزدهر.
    وفي كلّ تعبير أسطوري داخل الرسم الصيني، يحيك الفنانون نسيجا دقيقا يمرّ عبر الأرض والسماء، ما يوفّر لوحة تتداخل فيها الأساطير والفلسفة، بحيث يصبح المشهد أيضا استكشافا للكون اللامحدود للسرديات الرمزية والتأمّلات الثقافية الأساسية للتراث الصيني والمساعي الفنّية. ومن خلال الرسم الصيني، يرى المرء التقاء نابضا بالحياة بين الماضي والحاضر والمستقبل، حيث تتشابك الحكمة القديمة مع التأمّلات المعاصرة والتطلّعات المستقبلية.
    من العناصر المفضّلة الأخرى في الرسم الطاوي "خوخ الخلود" الذي يفترض أنه مزروع في بستان صوفي مخفيّ في الجبال إلى الغرب من الصين التاريخية من قبل إلهة قويّة، كرمز للحياة الطويلة وتحقيق الخلود الروحي. وتقول القصّة أن تناول ثمرة واحدة منه يحوّل الشخص إلى حكيم طاوي يتمتّع بحياة أبدية، أو على الأقل يعيش عدّة قرون مثل أحد "الثمانية الخالدين" المشهورين.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • استوحى ريمسكي كورساكوف سيمفونيّته المسمّاة عنترة من حكاية عربية لسينكوفسكي. وتقول القصّة ان عنترة، عدوّ البشر المنعزل في الصحراء، أنقذ يوما غزالة من براثن طائر ضخم. وبسبب تعبه من قتال الطائر، نام منهكا. وأثناء نومه حلم أنه في قصر ملكة تدمر. ثم تبيّن له أن الملكة هي نفسها الغزالة التي أنقذها من الطائر. وكمكافأة، سمحت لعنترة أن ينال ثلاثا من أعظم قدرات الحياة: الانتقام والقوّة والحب. وقبلَ هذه الهدايا بامتنان، ثم طلب من الملكة شيئا لنفسه وسألها أن تخلّصه من حياته متى أصبحت هذه القدرات مملّة. ثم لم يلبث أن وقع في حبّ الملكة نفسها. لكنه بعد فترة شعر بالملل من حبّه لها. وهنا تحتضنه الملكة بين ذراعيها وتقبّله الى أن تتلاشى حياته تماما.
    كورساكوف دمج هذه الأسطورة في الحركة الافتتاحية، بينما خصّص الحركات الثلاث الأخرى للتعبير عن كلّ من القوى الثلاث. ويقال إن الرسّام الروسي إيليا ريبين استلهم فكرة لوحته المشهورة "إيفان الرهيب يقتل ابنه" من الإيقاعات المتغيّرة والأمزجة المفاجئة في هذه الموسيقى. هذا التسجيل للسيمفونية تعزفه أوركسترا غوتنبيرغ السيمفونية بقيادة نيمي جارفي الذي يُعتبر أحد قادة الأوركسترا المعاصرين القلائل الذين يفهمون عالم ريمسكي كورساكوف الصوتي. وجارفي يضفي حيويةً وبهجةً على جميع تسجيلاته لكورساكوف، وخاصّةً أعماله الأقلّ شهرةً.
  • ❉ ❉ ❉

  • اقتباسات..
    ◦ كان بابلو نيرودا عاشقا للحياة ومولعا بكلّ شيء: بالرسم والفنّ عموما والكتب والطبعات النادرة والطعام والشراب. وكان الأكل والشرب بالنسبة له تجربة روحية وباطنية تقريبا. كان رجلا محبوبا ومفعما بالحيوية، هذا إن أغفلنا قصائده في مدح ستالين بالطبع. عاش نيرودا في عالم شبه إقطاعي، حيث كان كلّ شيء يؤدّي إلى ابتهاجه وحماسه المفرط بالحياة. وقد حالفني الحظّ مرّة بقضاء عطلة نهاية أسبوع في عزبته. كان حوله حشود من الناس يطبخون ويعملون، ودائما كان هناك عدد كبير من الضيوف.
    ذات مرّة أريته مقالا لأحدهم أزعجني وأثار حفيظتي لأنه أهانني وكذب عليّ. فقال لي: أنت ستصبح مشهورا. أريدك أن تعرف أنه كلّما ازدادت شهرتك، ازداد الهجوم عليك. مقابل كلّ مديح، سيكون هناك إهانتان أو ثلاث. أنا شخصيا عانيت من شتّى الإهانات والصفات السيّئة والعار الذي لا يمكن أن يتحمّله إنسان. لم أنجُ من واحدة من الصفات السيّئة". وكان نيرودا على حقّ، فقد تحقّقت توقّعاته تماما كما قال. ليس لديّ صندوق فحسب، بل حقائب عدّة مليئة بمقالات تحتوي على كلّ إهانة يمكن أن يتخيّلها إنسان. فارغاس يوسا

    ◦ بدأتُ أحلم بالإسبانية، وهو أمر لم يحدث من قبل. أستيقظ وأشعر كأن شيئا ما في داخلي يتغيّر؛ شيئا كيميائيّا لا رجعة عنه. هناك سحر يسري في عروقي. وهناك أيضا شيء ما في النباتات أستجيب له غريزيّا: زهور الجهنّمية الخلّابة والنباتات المزخرفة والجاكاراندا وأزهار الأوركيد التي تنمو على جذوع أشجار السيبا الغامضة.
    وأنا أحبّ هافانا بصخبها وتحلّلها وجمالها الأخّاذ. يمكنني الجلوس بسعادة على إحدى تلك الشرفات المزركشة لأيّام أو أن أؤانس جدّتي في شرفتها المطلّة على البحر. أخشى أن أفقد كلّ هذا وأن أفقد جدّتي مرّة أخرى. لكن عاجلا أم آجلا، سأضطرّ للعودة إلى نيويورك. أعرف الآن أنها المكان الذي أنتمي إليه، ليس بديلا عن هنا، بل أكثر من هنا. كيف لي أن أخبر جدّتي بهذا؟! كريستينا غارسيا

    ◦ إقلق قليلا كلّ يوم، وستخسر من حياتك بضع سنوات. إذا كان هناك خطب ما، فأصلحه إن استطعت. لكن درّب نفسك على عدم القلق، لأن القلق لا يُصلح شيئا أبدا. إذا لم تخصّص وقتا للعمل على خلق الحياة التي تريدها، فلسوف تضطر في النهاية إلى قضاء الكثير من الوقت في التعامل مع حياة لا تريدها. إرنست همنغواي

  • Credits
    chinese-temple.com
    theosophy.wiki/en

    الاثنين، يوليو 07، 2025

    خواطر في الأدب والفن


  • كانت الآلهة عند الاغريق تشبه البشر في مظهرها، إلا أنها تفوقهم جمالا وعظمة وقوّة. وكانت تشبههم في مشاعرهم وعاداتهم، فتتزاوج وتنجب أطفالا وتحتاج إلى غذاء يومي لتجديد قوّتها وإلى نوم منعش لاستعادة طاقتها. كما أن دمها سائل أثيريّ لامع لا يسبّب الأمراض وعند إراقته ينتج حياة جديدة.
    ويذكر الكاتب ي. م. بيرنز أن الإغريق كانوا يعتقدون أن مؤهّلات آلهتهم العقلية أعلى بكثير من مؤهّلات البشر. ومع ذلك، لم يُنظر إليها على أنها معصومة من الأهواء البشرية، بل هي مدفوعة بالانتقام والخداع والغيرة. فهي دائما تعاقب المذنب وتُنزل المصائب على أيّ بَشريّ يجرؤ على إهمال عبادتها أو احتقار طقوسها. وكثيرا ما نسمع عن زيارات الآلهة للبشر ومشاركتها ضيافتهم.
    وآلهة الاغريق ترتبط بالبشر وتتزاوج معهم، ويُطلَق على ذريّة هذه الزيجات اسم أبطال أو أنصاف آلهة، ويشتهرون عادةً بقوّتهم وشجاعتهم العظيمة. ومع وجود العديد من أوجه التشابه بين الآلهة والبشر، إلا أن الآلهة تميّزت دائما بالخلود. لكنها لم تكن محصّنة من الهزيمة، فكثيرا ما سمعنا عن إصابتها بجروح وتعرّضها للعذاب.
    ولم تكن الآلهة تعرف حدودا للزمان أو المكان، فكانت قادرة على نقل نفسها لمسافات هائلة بسرعة الفكر. كما امتلكت القدرة على إخفاء نفسها وعلى اتخاذ أشكال بشر أو حيوانات بما يناسبها. كما كان لديها القدرة على تحويل البشر إلى أشجار أو أحجار أو حيوانات وغير ذلك، إمّا عقابا لهم على آثامهم أو كوسيلة لحمايتهم من خطر وشيك. وكانت ملابس الآلهة تشبه تلك التي للبشر، لكنها أفخم وأرقّ ملمساً. وكانت أسلحتها تشبه تلك التي يستخدمها البشر، فنسمع عن الرماح والدروع والأقواس والسهام وغيرها ممّا تستخدمه الآلهة.
    وكان لكلّ إلهة عربة جميلة تجرّها الخيول أو غيرها من الحيوانات السماوية، وتنقلها بسرعة عبر البرّ والبحر حسب رغبتها. وقد عاشت معظم هذه الآلهة على قمّة جبل الأوليمب، وكان لكلّ منها مسكنها الخاص، وكانت تجتمع كلّها في مناسبات احتفالية في قاعة واحدة، حيث كانت تحيي ولائمها على أنغام القيثارة. وشُيّدت معابد فخمة لتكريمها، حيث كانت تُعبد بجلال بالغ. وقُدّمت لها هدايا سخيّة، كما قُدّمت على مذابحها الحيوانات بل والبشر أحيانا.
    ويشير بيرنز الى انه في بعض الأساطير اليونانية نلتقي ببعض الظواهر العصيّة على التفسير. فنسمع مثلا عن عمالقة مخيفين يقذفون الصخور ويقلبون الجبال ويثيرون الزلازل التي تبتلع جيوشا بأكملها. ويمكن تفسير هذه الأفكار برأيه بالتشنّجات المروّعة والمفاجئة للطبيعة التي كانت تحدث في عصور ما قبل التاريخ.
    ومثل هذه الظواهر اليومية المتكرّرة، التي نعلم اليوم أنها نتيجة لقوانين طبيعية مألوفة، كانت بالنسبة لليونانيين الأوائل موضوعا للتكهّنات الخطيرة، وكثيرا ما كانت تثير الفزع. فعندما كانوا يسمعون هدير الرعد ويرون ومضات برق قويّة مصحوبة بسحب سوداء وسيول مطرية، كانوا يعتقدون أن إله السماء العظيم غاضب فيرتجفون من غضبه. وإذا ثار البحر الهادئ فجأة وارتفعت الأمواج كالجبال العالية واصطدمت بالصخور بعنف وهدّدت البشر بالدمار، فالتفسير الوحيد لما حصل هو أن يكون إله البحر في حالة غضب عارم. وعندما كانوا يرون السماء تتوهّج بألوان النهار التالي كانوا يظنّون أن إلهة الفجر، بأصابعها الوردية، كانت تزيح حجاب الليل المظلم جانبا، لتسمح لأخيها إله الشمس، بالبدء في مسيرته الرائعة.
    ومع كلّ تجسّدات الطبيعة هذه، كانت هذه الأمّة ذات الخيال الثريّ والشاعرية الرفيعة ترى إلها في كلّ شجرة تنمو وفي كلّ جدول يتدفّق وفي أشعّة الشمس الساطعة وفي أشعّة القمر الفضّية الصافية والباردة. فمن أجل هذه الآلهة عاش الكون بأكمله وتنفّس، مأهولاً بألف شكل من أشكال النعمة والجمال.
    وهذه الآلهة كانت أكثر من مجرّد إبداع خيال شاعري. كانت على الأرجح بشرا من لحم ودم تميّزوا في حياتهم بتفوّقهم على إخوانهم البشر الآخرين في مواهب معيّنة، وبعد أن ماتوا صاروا مؤلّهين من قِبَل من عرفوهم وعاشوا بينهم. ويحتمل أن تكون الأفعال المزعومة لتلك الكائنات المؤلّهة قد تمّ إحياؤها وتضخيمها من قبل الشعراء الذين كانوا يسافرون من ولاية إلى أخرى ويحتفلون بمدحها في أغانيهم، وبالتالي أصبح من الصعب للغاية فصل الحقائق المجرّدة عن المبالغات التي تصاحب التقاليد الشفوية عادةً.
    ولتوضيح الصورة، يضرب الكاتب مثلا بأورفيوس، ابن أبوللو، المشهور بمهاراته الموسيقية الاستثنائية. ويقول: لو كان أورفيوس موجودا في عصرنا اليوم، فسنعتبره ولا شكّ من أعظم موسيقيّينا ونكرّمه على هذا الأساس. لكن الإغريق، بخيالهم الواسع وطلاقتهم الشعرية، بالغوا في تقدير مواهبه الغير عاديّة ونسبوا إلى موسيقاه تأثيرا خارقا على الطبيعة، الحيّة منها والجامدة. وهكذا سمعنا عن وحوش برّية روّضتها موسيقاه، وأنهار عاتية توقّفت عن الجرَيان وجبال تحرّكت من مكانها، متأثّرة بنغمات صوته العذب.
  • ❉ ❉ ❉


  • يتناول الفيلم الكازاخي "توميريس ملكة السهوب" قصّة الملكة الأسطورية التي اصبحت محاربة بارعة وتجاوزت مأساة مقتل عائلتها، ثم وحّدت قبائل السكيثيين تحت سلطتها. ويستند الفيلم الى قصّة المؤرّخ اليوناني هيرودوت عن مقتل الملك الفارسي كوروش الكبير خلال الحرب التي قادها ضدّ توميريس.
    كان كوروش مؤسّس الإمبراطورية الأخمينية. وفي عهده، ضمّت الإمبراطورية جميع الدول في الشرق الأدنى القديم وتوسّعت بشكل كبير. وفي النهاية غزت جزءا كبيرا من آسيا الوسطى. ومن البحر المتوسّط ومضيق الدردنيل غربا إلى نهر السند شرقا، أسّس كوروش أكبر إمبراطورية شهدها العالم حتى ذلك الحين.
    وكان السكيثيون يقطنون الأراضي الشمالية، وهم اتحاد قبائل رعوية بدوية عاشت في القرن السادس قبل الميلاد في آسيا الوسطى وشرق بحر قزوين، في أجزاء من تركمانستان وأفغانستان وغرب أوزبكستان وجنوب كازاخستان.
    بعث كوروش رسولا من عنده حمّله هدايا سخيّة الى توميريس ليقترح عليها ارسال زوجها وابنها إلى عاصمته بابل لمناقشة القضايا السياسية التي نشأت بين مملكته وقبيلتها وإبرام معاهدة سلام وتجارة بين الطرفين. وفي الحقيقة كان كوروش يريد إخضاع المرأة وقبيلتها وتحويلهم إلى تابعين له والاستعانة بفرسان القبيلة الرحّل والمعروفين ببسالتهم في الحرب لمساعدته في خطّته لغزو مصر.
    من الناحية التاريخية، لا يُعرف الكثير عن توميريس، لكن الفراغات الكثيرة في قصّتها مُلئت على ما يبدو بالكثير من الخيال والقصص الشاطحة. وبعد وفاة والدها، مارست السياسة بمهارة من أجل الحفاظ على سيطرتها على زعماء القبائل الطموحين والماكرين، بينما خاضت حروبا مع القبائل المجاورة، ومنها مملكة خوارزم.
    وفي الفيلم تصوّر توميريس على أنها زعيمة قويّة وداهية، ولكنها رحيمة، حيث أنشأت وحدة عسكرية قوية مكوّنة من آلاف النساء، ساعدت في ترجيح كفّة المعركة النهائية ضدّ الفرس.
    شخصيات الفيلم من قبيلة "الماساجيتاي" تتحدّث اللغة التركية القديمة، بينما يتحدّث الفرس اللغة الفارسية الجديدة، على الرغم من أن بعض المؤرّخين المعاصرين يعتبرون أن الماساجيتاي كانوا شعبا إيرانيا بدويّا.
    وقد راعى صنّاع الفيلم العديد من سمات ثقافة وحياة تلك القبائل، ولا سيّما قبّعاتهم المدبّبة واجتماعاتهم القبلية التي كانت تُحلّ فيها أهمّ القضايا. واختيرت ألميرا تورسين، وهي عالمة نفس، من بين 15 ألف شخص لأداء دور توميريس، بعد أن تلقّت دروسا احترافية في ركوب الخيل والرماية وتعلّمت استخدام السيوف والسكاكين. أما دور كوروش فقد اختير للعبه الممثّل السوري غسّان مسعود.
    ومن الملاحظ أن المؤرّخ الذي يظهر من وقت لآخر في الفيلم وهو يروي الاحداث ليس هيرودوت، بل مؤرّخ ذو مظهر عربي تقريبا، مع أنه ليس من المؤكّد ما إذا كان مؤرّخون عرب قد سمعوا أو كتبوا شيئا عن توميريس.
    الجدير بالذكر أن الفيلم حقّق نجاحا كبيرا عند عرضه، لدرجة أن اسم توميريس اُطلق على الكثير من الفتيات اللاتي وُلدنَ مؤخّرا في كازاخستان.
    خلال عصر النهضة، أصبحت توميريس شخصية شائعة في الفنّ والأدب الأوروبّي. وقد رسمها، من بين آخرين، روبنز وغوستاف مورو. كما ورد ذكرها في أقدم مسرحيات شكسبير، الملك هنري السادس، باعتبارها "ملكة السكيثيين".
  • ❉ ❉ ❉

  • يُوصف فريتس تاولو بأنه أهم فنّان انطباعي نرويجي. وهو ابن عمّ الرسّام ادفارد مونك وصهر بول غوغان وصديق أوغست رودان وبيير بوفي دي شافان وإميل دوران. كما كان أيضا صديقا مقرّبا لكلود مونيه. وقد شجّع تاولو مونيه على السفر معه إلى النرويج لرسم بعض مشاهدها الثلجية في عام 1895.
    ولد تاولو عام 1847 في كريستيانيا "أوسلو اليوم" لأب ثريّ كان يعمل كيميائيّا. وتلقّى تعليمه في أكاديمية الفنون في كوبنهاغن لمدّة عامين، ثم ذهب الى المانيا لدراسة الرسم حيث بقي هناك عاماً. كان دائم الترحال كما توحي لوحاته. فقد سافر بعيدا عن موطنه الإسكندينافي وتجوّل في ألمانيا وانغلترا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا. وأمضى صيف عام ١٨٨٥ يرسم ضواحي فينيسا، وفي السنة التالية عَرض في أوسلو خمسة أعمال فينيسية لاقت استحسانا كبيرا. ومن الواضح انه انجذب الى هذه المدينة بشدّة بدليل عودته اليها مرّتين بعد ذلك.
    وقبل ذلك، أي في مستهلّ سبعينات القرن التاسع عشر، ذهب إلى باريس التي كانت وقتها مركزا للفن العالمي ومقصدا لطلاب الفنون من جميع الجنسيات. وكانت تحتضن عددا كبيرا من الفنّانين النرويجيين المغتربين. وفيها اتقن تاولو مهارة الرسم في الهواء الطلق.
    ومن الملاحظ أن أسلوبه كان أقرب إلى أسلوب الرسّامين الواقعيين الفرنسيين منه إلى أسلوب الانطباعيين، مع أنه كان مهتمّا مثلهم بالألوان والضوء. وفي باريس عرضَ بعض لوحاته عن سواحل البحر والحياة البحرية ولقيت استقبالا متباينا، لكن كانت تلك فرصته لاكتساب معرفة جيّدة بالرسم.
    لطالما كان تاولو رجلا واثقا من نفسه ومتفائلا. وكانت إحدى نقاط قوّته كرسّام قدرته الفائقة على تصوير جوهر المياه الجارية، في الأنهار أو الجداول. كما كان بارعا في رسم مشاهد الشتاء. وقد صوّر انطباعاته الشخصية عن مناظر الطبيعة النرويجية وابتكر شكلا جديدا من الرسم الانطباعي. وحظيت أعماله بتقدير كبير من الجمهور النرويجي ومن الصحافة التي أشادت ببراعته وشاعرية لوحاته.
    ولو دقّقت في صوره المائية فسيلفت انتباهك إحساسه الرائع بالحركة والتدفّق. وبحسب بعض النقّاد، كان يتمتّع بفهم عميق وفطريّ للماء وكيفية تموضعه في المشهد الطبيعي. كما كان بارعا في التلاعب بحالات وخصائص الماء المختلفة. ولهذا تبدو المياه في صوره واقعية وديناميكية.
    كان تاولو أيضا من أوائل الفنّانين الذين رسموا في مستوطنة سكاين للفنّانين في النرويج. وقد أقام هناك أشهرا مع صديقه الرسّام كريستيان كروغ. وأثناء إقامته في سكاين رسم عددا من اللوحات للصيّادين والقوارب الراسية على الشاطئ.
    ومن الغريب أن تاولو غير معروف كثيرا اليوم. ولوحاته، رغم جمالها، تباع عادةً بأسعار لا تتجاوز المائة ألف دولار أمريكي، وهو سعر لا يقارَن بما يجنيه زملاؤه الأكثر شهرةً من العصر الانطباعي.
    توفّي الرسّام عام ١٩٠٦ بسبب مضاعفات مرض السكّري عن عمر يناهز التاسعة والخمسين، وذلك أثناء رحلة له إلى هولندا لرسم المدن والمناظر الطبيعية الهولندية. وتُعرض لوحاته اليوم في أهمّ المتاحف في الولايات المتحدة وفرنسا والدول الاسكندينافية.

  • Credits
    greek.mythologyworldwide.com

    السبت، يوليو 05، 2025

    خواطر في الأدب والفن


  • الحسّ المعماري هو أحد الحواسّ العديدة التي أضاعها الرسّامون المعاصرون. الفنّانون القدماء انشغلوا كثيرا بالطريقة التي رافقت بها الإنشاءات المعمارية الشكل البشري وأولوا الاهتمام نفسه لأحداث الحياة وللدراما التاريخية، مطبّقين قوانين المنظور وغيره بإتقان.
    يعود إدراج الحسّ المعماري في المظاهر الفكرية البشرية إلى قرون خلت. فقد كان لدى الإغريق عشق كبير للعمارة وترتيب المواقع المخصّصة لاجتماعات الشعراء والفلاسفة والخطباء والمحاربين والسياسيين، أي أولئك الذين تفوق قدراتهم الفكرية قدرات عامّة الناس. وكانوا مولعين بالأروقة، حيث يمكن للمرء أن يتجوّل أثناء النقاشات الفكرية والفلسفية، محميّا من المطر وأشعّة الشمس القويّة، وفي الوقت نفسه يستمتع بمنظر الخطوط المتناغمة للجبال والتلال المنحدرة إلى البحر.
    في لوحات الإيطالي جيوتو، يصل المعنى المعماري إلى مناطق ميتافيزيقية عالية. فجميع الأبواب والأقواس والنوافذ المفتوحة، والتي تصاحب شخوصه، تسمح للمرء بالشعور بالغموض الكوني. ومربّع السماء المحدّد بخطوط النافذة هو دراما ثانية تضاف إلى دراما الأشخاص المصوَّرين. وفي الواقع، يتبادر إلى الذهن أكثر من سؤال محيّر عندما تصادف العين تلك الأسطح الزرقاء أو الخضراء المغلقة بخطوط هندسية من الحجر: ماذا يكمن هناك في الخلف؟ هل هذه السماء ممتدّة فوق بحر خالٍ أم مدينة مزدحمة، أم فوق مساحات طبيعية حرّة وعظيمة ومضطربة، من جبال مشجّرة ووديان مظلمة وسهول وأنهار؟
    ومناظير المباني ترتفع مليئةً بالغموض والتنبّؤات وتخفي الزوايا أسرارا، ولا يعود العمل الفنّي حلقة جافّة تقتصر على أفعال الشخصيّات الممثّلة، بل هو الدراما الكونية والحيوية بأكملها التي تغلّف البشرية وتجذبها إلى دوّاماتها، حيث يختلط الماضي بالمستقبل وتُقدّس ألغاز الوجود.
    من بين الرسّامين الفرنسيين، كان لدى نيكولا پوسان وكلود لورين أعمق حسّ معماري. وهذا الإحساس لدى بوسان راسخ لدرجة أن أبسط مناظره الطبيعية تجسّد روحه البنّاءة القويّة، إذ تتمدّد الأشجار والنباتات والتلال والآفاق وتتراكب وتدعم وتكمّل بعضها البعض وتندمج مع الهواء المحيط. وينطبق الأمر نفسه على أجزاء مختلفة من المبنى المرسوم، تتناغم وتتحدّ لتشكّل صرحا عظيما تحدّده وتكمله الشوارع والساحات المحيطة.
    وفي بعض لوحاته، مثل "اختطاف نساء سابين"، يبلغ بوسان أعلى درجات التوازن والقوّة المعمارية. في هذا التوليف العبقري، تشبه الأشكال التماثيل، وتبدو وكأنها متشبّثة بمكعّبات حجرية لتدعم الزوايا. وعندما لا يُبرِز پوسان التمثيل المعماريّ في لوحاته، كما هو الحال في مناظر متحف برادو الطبيعية في مدريد، فإن الأشجار هي التي تتّخذ شكل المباني والسقالات والإطار التشريحي، حيث تذكّر الجذوع والفروع، عند دراستها كأجساد بشرية، ببعض المنحوتات القديمة ذات الأطراف العضلية المثالية.
    وفي لوحات كلود لورين للموانئ البحرية "مثل التي فوق"، تتجلّى روعة القصور الكلاسيكية التي تعلوها تماثيل في مواقف مدروسة: ملهمات ملفوفات بستائر محتشمة، محاربون متعبون متّكئون على أعمدة، ينظرون بأعينهم الحجرية نحو البحر البعيد، حيث السفن المحمّلة بالأسلحة والبضائع والفواكه الناضجة في طريقها للإبحار نحو ملاذات آمنة. وأبعد من ذلك توجد أبراج قاتمة وسجون وحصون وأماكن معاناة وكآبة.
    كان لورين يحبّ الموانئ البحرية، وقد صوّر هندستها المعمارية بطريقة غنائية مؤثّرة. وكان ترتيبه للعناصر عبقريّا في كثير من الأحيان: صفّ من الأعمدة أو جدار عالٍ أو رواق، تخفي وراءها عناصر من الحياة والطبيعة، توحي بها الصواري الطويلة والأشرعة المنتفخة أو المتدلّية في الخلفية. وعلى الجانب الآخر، يجد المرء آفاقا بعيدة وأراضي صحراوية أو مأهولة تثير في الناظر رعشة مبهجة من الدهشة والفضول، وهما أصدق دليلين على وجود عمل فنّي حقيقي.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • على الرغم من أن اسم هذه اللوحة لرينيه ماغريت هو "التلسكوب"، إلا أنه لا وجود لهذه الآلة في الصورة. وبدلا من ذلك، رسم الفنّان نافذتين زجاجيّتين تعكسان السماء الزرقاء، مع سحب بيضاء في الخارج. النافذة الى اليمين مفتوحة جزئيّا وتكشف عن الليل خارجها، مع أن الناظر يتوقّع استمرار السماء الزرقاء بدلا من البقعة المظلمة.
    يشير توماس جيرني الى أن لغز التلسكوب المفقود يحفّز المتلقّي على الدخول في جلسة عصف ذهني لمحاولة فهم الرسالة المفكّكة في الصورة. وإدراك عدم جدوى التلسكوب في الصورة يلقي صدى قويّا، فالعالم خارج النافذة مظلم، والتلسكوب يساعد الناس على التركيز على الأجسام البعيدة في الفضاء. ويبدو أن ماغريت يشكّك في الأساس المنطقي وراء الحاجة إلى هذه الآلة، لأن الأجسام في الفضاء لا تبدو ذات فائدة تُذكر. الانعكاس على النافذتين وهم، والحقيقة مظلمة للغاية.
    ثم يذكر الكاتب أن ماغريت يَسخر أيضا من فضول الإنسان الشديد تجاه الطبيعة ومن رغباته البدائية. فقد اخترع تلسكوباً لإشباع فضوله تجاه الفضاء الخارجي، ليكتشف أن كلّ ذلك عبث. وما تراه العين ليس إلا وهماً، أما الفضاء فيلس مهمّا لوجود الإنسان. وما يجب أن يدركه الناس هو أن العديد من الاختراعات الحديثة ليست ضرورية، لأنه لا يوجد شيء يتجاوز وجود الإنسان نفسه.
    لوحة "التلسكوب" هي واحدة من الصور العديدة التي تعكس موقف ماغريت الساخر من الاختراعات ومن أسلوب الحياة الحديثة. فالعديد من الرغبات التي يتوق الإنسان الى تحقيقها ليست لها أهمية تُذكر.
  • ❉ ❉ ❉

  • يقول اليابانيون: كلّ الشرور تأتي من الشمال الشرقي". وكان هنري ثورو يمشي عادةً باتجاه الجنوب الغربي ويقول: شرقا لا أذهب إلا بالقوّة، أما غربا فأذهب من تلقاء نفسي". وأبواب خِيام التتّار، كما لاحظ ماركو بولو، تواجه الجنوب. والرحلات الآيرلندية الأسطورية كانت باتجاه الغرب. وفي فكر العديد من الأعراق، السحر من الشمال. وفي الأساطير الإسكنديناڤية، يكون طريق الجحيم دائما نحو الأسفل والشمال.
    كانت لمدن يوكاتان القديمة بوّابات تشير إلى كلّ نقطة من الاتجاهات الأساسية. وكانت جميع اتجاهات العالم ذات دلالة لدى الأزتيك، فالشمال يرمز إلى الفراغ والشرق إلى العقم والغرب إلى الخصوبة والجنوب إلى الحظّ السعيد. وفي رموز هنود الناڤاهو، يرمز اللون الأبيض، لون الفجر، إلى الشرق، والأزرق، أي لون السماء، للجنوب، والأصفر، لون غروب الشمس، للغرب، والأسود، لون ستارة الليل، للشمال. أما هنود بويبلو فنسبوا الشمال إلى الهواء، والغرب إلى الماء، والجنوب إلى النار، والشرق إلى الأرض وبذور الحياة. وفي الكتابات الصينية القديمة، يوصف رجال الشمال بالشجعان، ورجال الجنوب بالحكماء، ورجال الشرق باللطفاء والودودين، ورجال الغرب بالمستقيمين والصادقين.
    وهكذا، وبموجب قانون بدائيّ للعقل، يكمن الوهم في كلّ ركن من أركان السماء. وهو أعمق ما يكون في مسار الشمس. من الشرق إلى الغرب يسير الرحّالة العظماء، هرقل ويوليسيس وغيرهما، وتزداد الأساطير الشمسية كثافةً على طول طريقهم عبر الأراضي الأسطورية. ويهيمن الشرق والغرب على أفكار البشر بمَشاهدهما الأبدية لشروق الشمس وغروبها. ومهما علّمتهم التجارة أو الجغرافيا أو التاريخ السياسي، فإن الشرق لا يزال منطقة ضوء الشمس الصباحي والغرب ظِلّ المساء. ومع أن خطواتهم تتّجه غربا، إلا أن أفكار البشر تنجرف شرقا. ومع أن الشرق يعاني من الجوع والفقر، وملايينه الخاضعة تبدو قليلة الأهميّة، إلا أنه لا يزال الشرق البهيّ و"المكان الذي يرقص فيه الفجر".
    وخلف ستائر الغرب تكمن عوالم الراحة. فإذا كان شروق الشمس ألهم الصلوات الأولى ودعا إلى أوّل لهب للقرابين، فإن غروب الشمس كان الوقت الآخر الذي يرتجف فيه جسد الإنسان بأكمله مرّة أخرى. ربّما، عندما ينام، قد لا تشرق شمسه مرّة أخرى، وبالتالي فإن المكان الذي تنسحب إليه الشمس الغاربة في أقصى الغرب يشرق أمام ذهنه كمكان يلجأ إليه هو نفسه بعد الموت.

  • Credits
    magritte.com
    claudelorrain.org
    en.artbooksonline.eu