:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الاثنين، مايو 12، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • ذات مرّة طرح كاتب على قرّائه السؤال التالي: إذا سقطت شجرة في غابة لا يوجد بها بشر، فهل سيكون هناك أيّ صوت؟". ثم أجاب على السؤال بقوله: لا، لأن الصوت هو الإحساس الذي تثيره الأذن عندما يتمّ تحريك الهواء أو أيّ وسيط آخر".
    ثم أثار كاتب آخر الجانب الفنّي لهذا السؤال بينما أغفل الجانب الفلسفي عندما طرح السؤال بصيغة مختلفة قليلاً: إذا سقطت شجرة على جزيرة غير مأهولة، فهل سيكون هناك أيّ صوت؟" وأعطى إجابة أكثر تقنيةً بقوله: الصوت هو اهتزاز ينتقل إلى حواسّنا من خلال آليّة الأذن، ولا يتمّ التعرّف عليه كصوت إلا في مراكز أعصابنا. سيؤدّي سقوط الشجرة أو أيّ اضطراب آخر إلى إحداث اهتزاز في الهواء. وإذا لم تكن هناك آذان تسمع، فلن يكون هناك صوت".
    في إحدى جولات آينشتاين اليومية مع زميل له، توقّف فجأة والتفتَ إلى الزميل قائلا: هل تعتقد حقّا أن القمر موجود فقط إذا نظرت إليه؟". هل يمكن لشيء أن يوجد دون أن يُدرَك بالوعي؟ وهل الصوت لا يكون صوتا إلا إذا سمعه شخص ما؟!
    الموضوع الفلسفي الذي يطرحه السؤال يتعلّق بوجود الشجرة "والصوت الذي تنتجه" خارج الإدراك البشري. فإذا لم يكن هناك أحد حول الشجرة ليراها أو يسمعها أو يلمسها أو يشمّها، فكيف يمكن القول إنها موجودة؟! وماذا يعني أن نقول إنها موجودة عندما يكون هذا الوجود غير معروف؟ من وجهة نظر علمية، هي موجودة والبشر هم القادرون على إدراكها.
    الصوت يمكن تعريفه بأنه إدراكنا لاهتزازات الهواء. وبالتالي، لا وجود للصوت إذا لم نسمعه. وعندما تسقط شجرة، تتسبّب الحركة في اضطراب الهواء وإرسال موجات هوائية. هذه الظاهرة الفيزيائية، التي يمكن قياسها بأدوات أخرى غير آذاننا، موجودة بغضّ النظر عن إدراك الإنسان لها بالرؤية أو السماع. وإذا جمعنا هذه الخطوط الفكرية معا، يمكننا القول أنه على الرغم من أن الشجرة الساقطة ترسل موجات هوائية، لكنها لا تنتج صوتا إذا لم يكن هناك إنسان على مسافة، بحيث تكون موجات الهواء قويّة بما يكفي ليتمكّن ذلك الإنسان من إدراكها. ومع ذلك، إذا عرّفنا الصوت بأنه الموجات نفسها، فسيوجد صوت.
    هل يمكننا أن نفترض أن العالم غير الملاحَظ يعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها العالم الملاحَظ؟ إذا توقّف البشر عن الوجود، فإن الصوت سيستمرّ في الانتقال وستسقط الأجسام الثقيلة على الأرض بنفس الطريقة تماما، على الرغم من أنه من المفترض أنه لن يكون هناك من يعرف ذلك.
  • ❉ ❉ ❉

  • كان كمال الدين بهزاد (ق 15/16) يُلقّب بـ "رافائيل الشرق". ولا يَعرف التاريخ رسّام منمنمات آخر من العصور الوسطى ذاع صيته كاسم هذا الرسّام. وقد كتب عنه الفنّان الروسي كاندينسكي بعد أن رأى بعض صوره فقال: لا أصدّق أن هذا من صُنع يد إنسان"!
    لا يُعرف الكثير عن حياة بهزاد. وما نعرفه هو أنه وُلد في هيرات بأفغانستان وعرف اليُتم في سنّ مبكّرة. ثم تعلّم الرسم على يد الرسّام البارز ميراك الذي علّمه من الأساليب الفنّية ما يناسب أذواق الطبقة الراقية آنذاك.
    وعندما ظهرت موهبته أكثر، نال إعجاب كبير وزراء هيرات الشاعر المشهور مير علي شير نوائي. وبدأ يرسم دواوين الشعر المشهورة، ما لفتَ انتباه سلطان هيرات حسين بايقرا الذي اشترى هو ورعاة البلاط أعماله لتُعرض في القصر. وفيما بعد، أصبح بهزاد مديرا للمرسم الملكي للشاه إسماعيل الأوّل الصفوي في تبريز.
    وقد أصبح اسم هذا الرسّام مرادفا للبراعة الفنيّة الرفيعة التي أظهرها الفنّانون في عهد التيموريين، ولاحقا في عهد الصفويين فيما يُعرف اليوم بأفغانستان وإيران. ومن الأمثلة الرائعة على براعته طريقة تجسيده للعمارة وكيفية خلق المنظور.
    كما أن صوره تنقل إحساسا بالحالة المزاجية للشخصيات بطريقة أكثر دقّة وتعبيرا من المخطوطات الفارسية التقليدية. وتُظهِر لوحاته أيضا قدرته على جعل إيماءات الشخصية مليئة بالحيوية والحركة. ومع ذلك، فإن دقّة الرسم والتحكّم في التنفيذ رائعة أيضا، وهذه كانت سمة مميّزة للرسم في هيرات في القرن الخامس عشر.
    وتُعدّ الدقّة في النمط والخطّ والتصميم أهمّ إرث لبهزاد. لكن الأجيال اللاحقة انفصلت عنه ورسمت أشكالا جامدة وبلا حياة. وحاليّا، تزيّن أعماله المخطوطات المحفوظة في متاحف ومكتباتٍ عدّة حول العالم، بما في ذلك دول مثل المملكة المتحدة وسويسرا والولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران ومصر. ورغم أن العديد من المخطوطات والرسومات الفردية نُسبت له، إلا أن القليل منها فقط مُعتمَدة رسميّاً على أنها من أعماله.
  • ❉ ❉ ❉

  • عندما كان جوزيف ستالين (1879-1953) على فراش الموت، استدعى اثنين من المرشّحين لخلافته، لاختبار أيّهما أقدر من الآخر على حكم البلاد. ثم أمر بإحضار عصفورين صغيرين، وقدّم لكلّ مرشّح عصفورا.
    أمسك الأوّل بالطائر، لكنه كان خائفا جدّا من أن يتمكّن من التحرّر من قبضته والطيران بعيدا، لذا ضغط على العصفور بقوّة، وعندما فتح راحة يده، كان العصفور قد مات. وعندما رأى المرشّح الثاني الامتعاض على وجه ستالين، خاف من تكرار خطأ منافسه، فخفّف قبضته كثيراً حتى تَحرّر العصفور وطار بعيداً.
    نظر ستالين إلى الإثنين بازدراء، وأمر مساعديه أن يحضروا له عصفورا! ثم أمسك بالطائر من ساقيه، وببطء قام بنزع كلّ الريش من جسمه الصغير، ريشةً بعد أخرى. ثم فتح كفّه، فإذا بالطائر متكوّم هناك، يرتجف عاريا وبحال من العجز واليأس. نظر ستالين الى العصفور بشفقة مصطنعة ثم قال لمن حوله وهو يبتسم: كما ترون، إنه حتى ممتنّ للدفء الإنساني الذي وجده في يدي!".
  • ❉ ❉ ❉



    ❉ ❉ ❉

  • ربّما لم يوجد لاو تزو قطّ، وحتى لو وُجد فمن المؤكّد أنه لم يؤلّف كتاب الطاو "تاو تي تشينغ"، وهو الكتاب الذي يُنسب إليه عادةً. قد يكون لاو تزو شخصية خيالية، وحتى لو وُجد، فإن الكتاب الذي يحمل اسمه لا يحتوي إلا على القليل من كلماته الحقيقية، وربّما كُتب بعد حوالي ستمائة عام أو أكثر من حياته المفترضة.
    ومن بين جميع الشخصيات التي تدّعي الطاوية أنها جزء منها خلال فترة الازدهار الفكري الاستثنائية بين القرنين السادس والثالث قبل الميلاد، وحده تشوانغ تزو يبرز من بين الضباب كشخصية مميّزة، بل وإحدى أكثر الشخصيات إثارةً للاهتمام وفكاهةً ومتعةً في الفكر والفلسفة الصينية ككل. مارتن بالمر
  • قال ستيفن هوكينغ ذات مرّة بأن البشر لم يتبقَّ لهم سوى ألف عام على الأرض، وأننا إذا أردنا البقاء على قيد الحياة، فسوف نضطرّ إلى الانتقال إلى مكان آخر".
    وأنا آمل أن يحدث ذلك، ليس فقط للبشر، بل للحياة ككلّ. هل سنظلّ بشرا في تلك المرحلة؟ هذه مسألة انتخاب. فالمسار الطبيعي للأحداث وعلم الأحياء، إمّا أن ينقرض نوع ما أو ينقسم إلى أنواع عديدة ناجحة، فينتهي به الأمر إلى عشرة أنواع أو مئة. هذا هو جوهر التطوّر. لذا أعتقد أنه من المرجّح أن يحدث هذا للبشر أيضا. ولو كنت سأعيش على المرّيخ، لوددت أن أعيش فيه أوّلا لأتمكّن من التجوّل في مناخ شديد البرودة. فريمان دايسون
  • الألم والمعاناة أمران لا مفرّ منهما دائما للأذكياء وأصحاب القلوب الرحيمة. أعتقد أن العظماء حقّا لا بدّ أن يحزنوا كثيرا في حياتهم على هذه الأرض. دوستويفسكي
  • أمّة محارِبة كالألمان، بلا مدن ولا آداب ولا فنون ولا مال، وجدت تعويضا عن هذه الحالة الوحشية في التمتّع بالحرّية. لقد ضمن لهم فقرهم الحرّية، لأن رغباتنا وممتلكاتنا هي أقوى قيود الاستبداد. إدوارد غيبون
  • بعد قليل سأرحل عنكم. لا أدري إلى أين. من العدم أتينا وإلى العدم نذهب. ما الحياة سوى وميض فراشة في الليل، أنفاس جاموس في الشتاء، ظلّ صغير يركض على العشب ويختفي عند الغروب. الزعيم بلاك فوت
  • ❉ ❉ ❉

  • على سفح جبل، عاش أسد شرس القلب، وكان يُكثر من قتل الحيوانات البرّية. وساء الوضع كثيرا لدرجة أن الحيوانات عقدت اجتماعا فيما بينها وقدّمت اعتراضا مهذّبا للأسد ختمته بهذه الكلمات: لماذا يهلكنا جلالتكم هكذا؟! إن شئت فسنجهّز لك بأنفسنا كلّ يوم حيوانا لوجبة جلالتك." فقال الأسد: إن كان هذا الترتيب يُرضيكم، فليكن."
    ومنذ ذلك اليوم، خُصّص للأسد حيوان يفترسه يوميّا. وفي أحد الأيّام، جاء الدور على أرنب عجوز ليُجهّز للمائدة الملكية، ففكّر في مآل أمره وهو يسير الى عرين الأسد وقال في نفسه: ما دمتُ سأموت على أيّ حال فسأذهب إلى موتي على مهل."
    كان الجوع قد عضّ الأسد ونفذ صبره وهو ينتظر الأرنب. ولما رآه يقترب منه زأر بغضب وقال: كيف تجرؤ على التأخير في المجيء كلّ هذا الوقت؟" أجابه الأرنب: سيّدي، لستُ أنا المذنب. لقد أوقفني أسد آخر على الطريق ولم يتركني أمضي إلا بعد أن أقسمت له بأنني سأعود بعد أن أبلغ جلالتك."
    وهنا صاح الملك ذو القلب الشرس بغضب وقال: سنذهب أنا وأنت من فورنا لتريني أين يعيش ذلك الأسد الوقح." وسار الاثنان معا حتى وصلا إلى بئر عميقة، فتوقّف عندها الأرنب وقال للأسد: فليأتِ سيّدي الملك وينظر إليه." ولما اقترب الأسد، ورأى انعكاس صورته في ماء البئر، تملّكه الغضب وهاج وماج، ثم ألقى بنفسه في البئر. ولم يخرج منها أبدا.

  • Credits
    musee-orsay.fr/en
    physicsworld.com

    السبت، مايو 10، 2025

    خواطر في الأدب والفن


  • پابلو پيكاسو اسم مرادف للإبداع الفنّي. والناس يتذكّرونه بمساهماته الثورية في عالم الفن. وبعيدا عن أعماله الرائدة، هناك قصّة أسطورية تجسّد، ليس فقط براعته الإبداعية، بل أيضا فهمه للقيمة الحقيقية للخبرة الفنّية.
    ذات يوم، كان پيكاسو يرسم على منديل في مقهى في پاريس. وكان من عادته أن يرسم أيّ شيء كي يسلّي نفسه في مثل تلك اللحظات. وكانت هناك امرأة تجلس بالقرب منه وتنظر الى ما يفعله بترقّب بعد أن عرفته. وبعد لحظات قليلة، أنهى بيكاسو قهوته ثم طوى المنديل الذي كان يرسم عليه بينما كان يهمّ بمغادرة المكان.
    لكن المرأة استوقفته وقالت له: هل يمكنني الحصول على هذا المنديل الذي كنت ترسم عليه للتوّ؟ سأدفع لك ثمنه". وطلب پيكاسو من المرأة مليون فرنك مقابل المنديل المرسوم. غير أنها صُدمت من هذا المبلغ الباهظ لأنه لم يَلزمه أكثر من بضع دقائق من الرسم. وبدا لها أن قيمة تلك الصورة مبالغ فيها ولا تتناسب مع الوقت الذي استغرقته.
    لكن پيكاسو ردّ بعبارة أصبحت شهادة دائمة على رحلته الفنّية وعلى إتقانه، عندما قال للمرأة: يا عزيزتي! لقد استغرق الأمر منّي عمرا كاملا حتى أتمكّن من رسم هذا الاسكتش البسيط". ثم وضع المنديل في جيبه وغادر المقهى.
    وبتلك العبارة البسيطة والعميقة، جسّد بيكاسو جوهر تطوّره الفنّي. فهو لم يكن يطلب مجرّد مكافأة على الرسم على منديل، بل كان يطلب تقديرا لسنواته وممارسته ومنظوره ومسيرته الإبداعية وتجاربه وآلاف الإخفاقات الصغيرة ومثابرته التي مكّنته من امتلاك المهارة اللازمة لإبداع تلك التحفة الفنّية الصغيرة في دقائق معدودة.
    طبعا لا يُعرف إن كانت هذه القصّة حقيقية أم لا. لكنها ليست بعيدة تماما عن الروايات التي قدّمها أولئك الذين عرفوا هذا الفنّان عن قرب. فقد كان شخصا استعراضيا وكوميديّا راقيا. وكان يستمتع بردود الفعل التي كان يثيرها حضوره في أيّ مكان. كما كان معروفا أيضا بتوزيع بعض رسوماته البسيطة على عمّال وعاملات المقاهي ممّن يستحقّونها.
    هذه القصّة توفّر أكثر من مجرّد حكاية ساحرة، فهي تقدّم درسا قيّما في إدراك القيمة الفنّية للعمل والفنّان. وردُّ پيكاسو يوضح أن الإتقان الحقيقي لا يكمن في الوقت اللازم لإبداع شيء ما أو الجهد المبذول لإنجازه، بل في محصّلة حياة كاملة من التعلّم والنموّ والخبرة والتجربة والشغف والسعي الدؤوب نحو التميّز والتجاوز.
    ولم يكن طلب پيكاسو لذلك المبلغ الكبير تعبيرا عن الغطرسة أو الجشع، بل كان بمثابة تذكير بأن الخبرة تُبنى على ساعات وأشهر وسنوات لا حصر لها من الممارسة والدراسة والتحسين المستمرّ لمهارات الفرد.
    ظلّ پيكاسو ينتج فنّا طوال حياته وعاش حتى التسعينات من عمره، واستمرّ في الإنتاج حتى أيّامه الأخيرة. ولو كان هدفه الشهرة أو جني ثروة طائلة في عالم الفن، لكان قد تجمّد في مرحلة ما من رحلته ولسيطرَ عليه القلق أو شكّ في نفسه. وسبب نجاحه الكبير هو نفس السبب الذي جعله يكتفي في شيخوخته برسم صور بسيطة على المناديل أثناء احتسائه القهوة بمفرده.
    إننا كثيرا ما نقلّل من قيمة ما نقدّمه لأننا نعتقد أنه أمر مألوف أو أنه بسيط أو سهل. لكن الحقيقة هي أننا اكتسبنا، على مدى زمن طويل، المهارات والمعرفة والخبرة اللازمة لجعله بسيطا أو سهلا. لذا تذكّر ألا تستهين بتجاربك ومعرفتك التي راكمتها على مرّ السنين وألا تقلّل أبدا من قيمة ما تفعله.
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • في عالم اليوم، ينمو العشب باتجاه السماء وتطارد الزواحف الشمس أثناء النهار والقمر أثناء الليل. الريح نهر شفّاف والمطر نيزك بارد. وقلبي لا ينعم بالسلام أبدا. مشيتُ في آخر حقل لعبّاد الشمس كان على وشك أن يُهجر، متذكّرا الأساطير المؤلمة والرائعة المتعلّقة بأصل البشرية. ومع ذلك، قد لا يهتمّ هذا الكوكب بما إذا كان البشر سيبقون على قيد الحياة أم لا.
    تتوالى السحب في السماء مثل الأنهار، والهواء عند الغسق يكون مشرقا كسائل. حتى لو كنتُ هنا عشرة آلاف مرّة، فإن حواسّي لن تتعب على الإطلاق ولسوف يكون الشعور بالوحدة مثاليّا. الليل والنهار في البرّية مختلفان بالتأكيد. يجب أن يكون هناك فرق بين ضوء وظلام الحقل يقدَّر بسنوات ضوئية. الأرنب فقط هو الذي يستطيع التحرّك بحرّية بين الاثنين، ومسار الأرنب فقط هو الذي لا يُعيقه شيء.
    في أرض الشمال الشاسعة، من أواخر الصيف إلى أوائل الخريف، كلّ قرية غنيّة بما يكفي لمنافسة بلد. الذهبيّ والأزرق في حالة جمود على هذا الكوكب القديم. الأشخاص الذين يسيرون بين هذين اللونين يشعرون فجأة أنهم نظيفون تماما. الشعور بالأمان يأتي من الظلام. العالم الخارجي مشرق للغاية، حتى في الليل. كلّ شيء مكشوف دون أيّ غطاء أو عائق. قبل أن تشرق الشمس، يكون العالم كلّه مثل حلم، إلا أن القمر هو الحقيقي. وبعد شروق الشمس، يصبح العالم كلّه حقيقيّا، إلا أن القمر يكون مثل حلم.
    كانت والدتي تتفاخر في القرية بأنني أمارس الكتابة. لكن أهل القرية لم يروا إلا أنني أطارد الطيور في أنحاء القرية بشعر أشعث ووجه متّسخ طوال اليوم، وقد أبدوا جميعهم تشكّكهم في كلام أمّي. وبينما كانت تتحدّث إليهم، استدارت ورأتني أعدو على طول الخندق وأصرخ وألوّح بعصا أثناء ركضي. كان الأمر غير لائق حقّا وشعرت بالحرج. وفي وقت لاحق، صدّق شخص قصّة الكتابة.
    إن أعظم قوّة في الأرض ليست الزلزال، بل نموّ جميع الأشياء. على بعد 30 كيلومترا أسفل النهر، بُنيت قرية جديدة لرعاة الماشية. لا يوجد شيء اسمه بيت. فقط تَحفر حفرة في الأرض وتبني سقفا وتعيش تحته. هذه حياة بسيطة، ومريحة. لم يُجبر هؤلاء الناس على الهرب، بل جاؤوا إلى هنا طواعية لأنهم يحبّون الحياة، محاطين بآلاف الجبال والأنهار وشغوفين بجمال هذه الأرض.
    خارج الباب، كانت هناك رمال صفراء لا نهاية لها ورياح وثلوج. ومهما كان الاتجاه الذي تسير فيه، فلن تتمكّن من الوصول إلى الطريق حتى بعد أسبوع. ثم يجب عليك أن تسحب حقيبة أكبر منك. وبالإضافة إلى ذلك، هناك ذئاب. لم يكن أمامي من خيار سوى ابتلاع خيبتي. السماء دائما مرتبطة بالأرض بشكل وثيق، زرقاء داكنة، رتيبة ولا تتغيّر. أشرقت الشمس على العشب فتوهّج بشكل استثنائي. كان أجمل العشب في ذلك الوقت هو نوع من العشب الأبيض النحيف يقف منتصباً في الشفق.
    مشيتُ لفترة طويلة جدّا، وكان المكان هادئا للغاية. وعندما استدرت، ظهر فجأة قطيع أغنام على بعد عشرات الأمتار خلفي، وهو يدفن رأسه في الأرض بصمت ويتغذّى على العشب الجافّ. في النهاية، هذه برّية رتيبة، فارغة، صامتة وصعبة. حتى أصغر الزخارف هنا لا يمكن إلا أن تبدو مكثّفة ورائعة. في فصل الشتاء، كنّا ندعو الأغنام الضعيفة والمريضة والعجول حديثة الولادة إلى مخابئنا للعيش معنا وقضاء ليال طويلة وباردة. وفي أحد الأيّام، سقط هاتفي المحمول من حقيبة الظهر المعلّقة على الحائط إلى الأرض وظلّ عِجل يمضغه بصمت طوال الليل.
    هل تشعر الأغنام؟ هل تفهم ما ينتظرها؟ هذه هي الحياة التي تكبر أمام من يُذبح. الشخص الذي ذبح شاة، التقطها بنفسه من مرعى ربيعي ووضعها في كيس تمّ إعداده منذ فترة طويلة، ثم ربطها بعناية في الجزء الخلفي من سيّارته وأخذها إلى المنزل. لطالما كان يأخذ هذه الغنم بدأب الى الجبال والسهول ليختصّها بالعشب الأكثر خصوبةً وعُصارة.
    وعندما كانت تضيع، كان يتحدّى المطر ويخرج ليبحث عنها مرارا وينظّفها ويعالج جروحها الملتهبة. وفي موسم البرد، كان يقودها إلى البرّية الجنوبية المفتوحة والدافئة. هل تتذكّر الأغنام هذا؟ أيّ قسوة تسكن قلبه إذ يقرّر الآن ذبحها؟ ربّما تكون هذه هي الطريقة التي تسير بها الحياة، كلّ شخص يسلك طريقه في النهاية، لذا كن فقط في سلام. قالت كاتبة كازاخية: أنت لا تموت بسبب خطاياك، ونحن لا نعيش لنموت جوعاً".
    في الأماكن التي لا يذهب إليها سوى عدد قليل من الناس، هناك دائما شعور بالوحدة والعزلة. في صحراء غوبي، يمكنك المشي لساعة دون أن تقابل إنساناً. كأنك تمشي ملايين السنين دون أن تلتقي بشخص واحد، لا شيء في كلّ الاتجاهات. الوقوف على الأرض أشبه بالعودة إليها وحيداً بعد آلاف السنين. نعتقد أننا أذكياء وأقوياء بما يكفي لتحمّل كلّ الصعوبات في هذا العالم. لكننا لا تستطيع منع الحروب والانتهاكات والكوارث الطبيعية.
    ربّما يكون الرعاة الكازاخيون في المناطق البدوية في الشمال هم آخر الشعوب البدوية الأنقى في هذا العالم. هذا المكان النائي مليء بالصحاري الشاسعة وغير مأهول. لا يوجد صخب ولا مدن ولا بشر يأتون ويذهبون، وكلّ ما تراه هو أبسط حالات الحياة.
    عندما يهبط الليل، أشعر ببرودة الأرض تخرج من بين الشقوق وبالرياح تهبّ من شمال المحيط الهنديّ عبر آلاف الجبال والأنهار. ثم أشعر بأعظم صمت في العالم. وعندما تتفتّح زهور عبّاد الشمس وتتحوّل غابات البتولا وأكوام القشّ إلى اللون الذهبي، فإن هذا العالم يرعى بنفس الوقت ملايين الكائنات الحيّة بأشكال مختلفة ومتنوّعة. لذا من فضلك، حاول أن تحبّ العالم أنت أيضا! لي جوان

  • Credits
    museupicassobcn.cat/en
    worldhumanitiesreport.org

    الخميس، مايو 08، 2025

    أسفار الرومي/6


    "في داخلك ينبوع، فلا تتجوّل بدلو فارغ".

    في 29 نوفمبر 1244، ظهر شخص غريب في قونية. كان في حوالي الستّين من عمره، يرتدي عباءة مصنوعة من لباد أسود خشن ويلفّ حول رأسه عصابة. وقد اختار أن يقيم في أحد النُزل التي يديرها صنّاع الحلوى وبائعو الأرز داخل منطقة السوق، غير بعيد عن مدرسة الرومي. كان اسمه شمس الدين أو شمس التبريزي.
    عشرات السنين من السفر المضطرب في جميع عواصم العالم الإسلامي أكسبت "شمس" لقب "باراندي" أو "الطائر". وقد اختار البقاء متنكّرا بهيئة تاجر، حتى أنه وضع قفلا ضخما على بابه للتلميح إلى أنه يحمل بضائع ثمينة تحتاج إلى حماية، مع أن ما بالداخل لم يكن سوى حصيرة من القشّ.
    قال شمس أن العناية الإلهية هي التي دفعته إلى السفر إلى قونية للبحث عن الرومي، الذي سمع عن ذكائه وبلاغته وإخلاصه وموهبته. وما كاد الرومي يراه حتى نزل عن بغلته، تاركا حاشيته وأعرافه الاجتماعية. ولم يكن اللقاء بأقلّ أهمية بالنسبة لشمس الذي قال: لقد أصبحتُ بركة راكدة، وقد حرّكتْ روحُ مولانا روحي فبدأت المياه تتدفّق بفرح وثمر".
    سريعاً أدرك شمس، الأكبر سنّاً والأكثر حكمةً، بريق إمكانيات الرومي الحقيقية. كان يكبر جلال الدين بعشرين عاما، وكان الرومي قد أصبح بالفعل مرشدا ومعلّما روحيّا. ووضع شمس أمام الرومي مجموعة من التحدّيات، وطالبه أوّلا أن يضع كتبه جانبا ويتوقّف عن تلاوة مقاطع منها. وقال له: أين صوتك؟ أجبني بصوتك!".
    كان الرومي يقتبس الكثير من الأمثال أو القصائد والحكايات. وكان شمس منزعجا من تأمّل الرومي في صفحات مخطوطات والده. وذات مرّة اقتحم المكان بينما كان الرومي يقرأ، وصاح: لا تقرأ! لا تقرأ كلمات أبيك بعد الآن!". كما استنكر شمس شِعر شاعر الرومي العربيّ المفضّل من أيّام دراسته في حلب، المتنبّي. كان الرومي مولعا بقراءة أشعار المتنبّي في المساء "هذا لا يستحقّ القراءة. لا تقرأه مرّة أخرى أبدا!".
    تجاهل الرومي تحذيرات شمس تلك. وفي إحدى الليالي، كان جلال الدين يقرأ للمتنبّي، ثم نام ورأى في الحلم "شمس" وهو يمسك بالمتنبّي من لحيته ويسحبه. ثم التفتَ شمس إلى جلال الدين وقال له: هذا هو الرجل الذي تقرأ كلماته!" وتوسّل المتنبّي لجلال الدين بصوت خافت وقال: أرجوك حرّرني من يدي شمس ولا تقرأ أشعاري بعد اليوم!".
    وكان هناك شاعر آخر يقرؤه الرومي هو المعرّي؛ السوريّ الكفيف والحزين كالخيّام. لكن حتى شمس نفسه كان معروفاً بترديده بعض أبيات المعرّي من حين لآخر، مع أنه كان يكره الخيّام بشدّة "بسبب كلماته المختلطة والمظلمة".
    ولإضاءة قلب الرومي، شعر شمس بالحاجة إلى تحريره، ليس فقط من كتابات والده وشعر المتنبّي، ولكن أيضا من كلّ اللغة والفلسفة التي كانت أساس شهرته في بداية شبابه. ورأى شمس في الكلمات والمنطق "حجابا" يخفي الرومي عن الحقيقة.
    وفي إحدى المرّات، أمر شمس الرومي بشراء إبريق من النبيذ وحمله إلى المنزل أمام أعين الجميع قائلا له: إذا أردت أن تتحرّر من قيود التقاليد فعليك أن تتخلّى عن سمعتك الطيّبة!".
    وبتوجيهٍ من شمس، أصبح الرومي ممارسا شغوفا للسماع، أي الاستماع العميق والرقص الدائري. وأيقظت الموسيقى إلهامه. وخلال جلسات السماع، كان يرتجل قصائده التي كان أصدقاؤه يدوّنونها على عجل.
    كان شمس يفهم "السماع" بمعنى مختلف تماما. فبالنسبة له، لم يكن محور الاهتمام النصوص العلمية، بل الموسيقى والشعر اللذين اعتبرهما وسيلة للوصول إلى الكشف والنشوة الروحية. وكان شمس والرومي يرافقان الموسيقيين ويقضيان ساعات لا تُحصى في الاستماع إلى عزفهم. وكان ذلك بمثابة تحدّ للسلطات الدينية المحافظة التي كانت تعتبر الموسيقى في أحسن الأحوال إلهاءً، وفي أسوأها إثماً.
    وقد أصبح "السماع" يعني أيضا الرقص الدائري، وهو ممارسة عبادية مرهِقة ومبهجة علّمها شمس لجلال الدين. وفي "السماع"، يدور الراقص بعكس اتجاه عقارب الساعة حول محور ساقه اليسرى، مستديرا إلى الأبد نحو القلب. وبتوجيه ذراعيه الممدودتين وكفّه اليمنى نحو السماء واليسرى نحو الأرض، يصبح الراقص بمثابة قناة بين السماء والأرض، منخرطا في احتضان كامل للخلق.


    كان الرومي يتوق إلى التحرّر من هذا العالم الخانق واللوذ بصديق ورائيّ متحرّر من همومه وصادق وحميم. وكان يشعر بما يدعو إليه في خطبه: التحرّر من قوقعة الذات الضيّقة والاتحاد بحبّ لا حدود له مع الله". وقد تحقّق له ذلك عندما التقى "شمس". كان الأخير مفكّرا حرّا وباحثا مستقلّا وصوفيّا ضليعا. وكان يتمتّع بلسان حادّ وحبّ جارف للموسيقى.
    وقد اعتبر البعض "شمس" فظّا ومجدِّفا، ووجد آخرون في صدقه دافعا للتجدّد. لكن شمس لم يكن يبدي اهتماما بالأتباع. ذات مرّة قال: لقد ظلّوا يصرّون على اتّخاذي معلّما. وعندما هربت تبعوني إلى النزل. قدّموا لي الهدايا، لكنّي لم أعرها اهتماما وغادرت". وكما سئم الرومي من الشهرة، ملّ شمس من الوحدة "لقد مللت من نفسي، أردت أن أجد شخصا يشاركني هذا القدر من الإخلاص، شخصا ذا عطش عميق".
    فتح شمس قلب الرومي. روحه الجريئة وفهمه العميق للتصوّف وإرشاده السخيّ في الممارسات الروحية كالصيام والإنشاد والسماع مكّنت الرومي من الارتقاء من المفاهيم إلى التجارب المجسّدة لموت الأنا، والاتحاد والنشوة الإلهية، وهي حالات جوهرية في التصوّف.
    ورغم أنهما لم يُمضيا معا سوى عامين، إلا أن تأثير شمس لم يضعف أبدا. استمرّ الرومي في تأليف القصائد بقيّة حياته، وأحيانا كان أصدقاؤه يدوّنون كلماته. وقد قال في مدح شمس: لقد حطّمتَ قفصي وجعلتَ روحي تغلي وحوّلتَ عِنَبي إلى نبيذ!". وهكذا أصبح الواعظ الرصين شاعرا منتشياً.
    ألّف جلال الدين الرومي حوالي 65,000 بيت شعري جُمعت في كتابين: المثنوي، وهو قصيدة تعليمية سردية في أبيات مقفّاة، وديوان شمس التبريزي، وهو مجموعة ضخمة من الرباعيات الغنائية والغزليات.
    وشعره زاخر بقفزات مذهلة من الصور والأفكار والمديح والنقد والاعترافات والدعوات. وفي أشعاره يتجلّى اهتمامه بالإنسانية والتزامه الجوهري بتحرير الإنسان من خلال الحبّ. كما يصف تحوّله الشخصي ويشجّع القارئ على أن يحذو حذوه، متسائلا عن منظومة القيم التي تضع اللصوص على الدرجات العليا وتعطي الأولوية للكسب المادّي على التواصل الروحي وتؤيّد السيطرة على الآخرين بدلا من الرضا المتبادل.
    وفي شعر الرومي أيضا، يتجسّد هذا الحبّ الكبير بمختلف الطرق. أحيانا يكون الحبّ ماء الحياة، قوّة تتدفّق من أعماق الروح، تسقي الأرض في دواخلنا وفيما بيننا وتُنبت حدائق بدلا من ساحات المعارك. وأحيانا يكون الحبّ نارا تحرق السرديات والإسقاطات الأنانية التي تحجب إحساسنا بالترابط وتُبقينا منفصلين. "الحبّ جدول ومحيط بلا شاطئ، نبيذ وخبز، معلّم وصديق، شعلة تملأ المنازل بالنور. الحبّ يتحدّانا، يوقظنا من سباتنا، ينير أعيننا العمياء، يأتي من العدم ليغسل ثقل الأيّام".
    تقول الأسطورة إن "شمس" اختفى ذات يوم في ظروف غامضة. ولا يُعرف سبب اختفائه أو ما حلّ به حقّا حتى اليوم. قيل، مثلا، أنه بسبب قربه من الرومي والتغيير العميق الذي أحدثه في حياته، فقد حسده الكثيرون وكرهوا علاقتهما. وقيل انه قُتل على يد بعض أتباع الرومي الغيورين ممّن استاءوا من تأثيره على معلّمهم بعد أن استثمروا فيه الكثير، ولم يكن هناك متّسع لمعلّم آخر في ذلك المكان.
    لكن لأنه لا توجد أدلّة كافية تشير إلى أن شمس قُتل بالفعل، فقد تكون هذه قصّة مختلقة وبلا أساس أو سند تاريخي. وهناك من يقول ان "شمس" غادر إلى موطنه طواعيةً ليخفّف التوتّرات المتزايدة داخل مجتمع الرومي. فبعد أن انتهى عمله مع الرومي، حان وقت عودته بعد أن لم يبقَ المزيد ممّا يمكن أن يُقال أو يُفعل. وربّما لأنه لم يكن ممكنا تفسير اختفائه، نُسجت حكايات خيالية كثيرة لإضفاء هالة من الغموض عليه.
    وسواءً قُتل "شمس" حقّا أم لا، فقد ترك اختفاؤه الرومي حزينا مكسور القلب ودفعه إلى فترة حزن وأسى شديدين. إلا أن هذه الفترة أصبحت أيضا أرضا خصبة للتعبير الروحي والشعري العميق. وبسبب الشعور بالوحدة والفقد، أُجبر الرومي على مواجهة أعماق روحه وتوجيه أشواقه وآلامه في شعره وبدأ كتابة أشعاره الخالدة عن الله وعن الحبّ والحقيقة والحياة.
    لم يكن غياب شمس المفاجئ والغامض مجرّد نهاية، بل بداية جديدة عميقة في رحلة الرومي الاستثنائية، وترك علامة لا تُمحى على روحه وإرثه. وبفضل شمس، أصبح الرومي الشاعرَ العظيم الذي نعرفه اليوم. لماذا وصل إلى قونية تحديدا، ولماذا اختفى وكيف اختفى نهائيا، كلّ هذا سيبقى لغزا. ما هو واضح وأكيد هو أن شمس التبريزي لعب دورا مهمّا جدّا في تغيير وتنوير أحد أبرز الشعراء الصوفيين الذين عرفهم العالم.
    عاش جلال الدين الرومي حتى بلغ السادسة والستّين من عمره. ولم يعد إلى الوعظ، مع أنه ظلّ ناشطا في مجتمع قونية، يساعد في حلّ النزاعات بين سكّان المدينة ويقدّم الإرشاد والسلوان ويكتب رسائل إلى الحكّام لمساعدة الطلاب الفقراء وغيرهم من المحتاجين. وبالطبع، استمرّ في كتابة الشعر وقضى السنوات الأخيرة من حياته يكمل كتابه "المثنوي"، ويكتب المزيد من الرباعيات والغزليات لديوان "شمس التبريزي"، وينظُم القصائد حتى وهو على فراش الموت.

    Credits
    rumi.org.uk
    sufism.org
    lithub.com