المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس 25, 2024

أصوات الطبيعة

صورة
"لماذا تغرّد الطيور في الصباح؟ إنها الصيحة المبتهجة: لقد أمضينا ليلة أخرى!" ❉ ❉ ❉ ليس جديدا القول أن أصوات الطيور مريحة للأعصاب وباعثة على الطمأنينة. وقد تعلّم البشر على مرّ آلاف السنين أنه عندما تغنّي الطيور فمعنى هذا أنها تشعر بالأمان. وعندما تتوقّف عن الغناء فيجب أن يشعر الناس بالقلق. وأصوات الطيور تُعتبر أيضا منبّها للطبيعة، حيث تشير جوقة الفجر إلى بداية اليوم، وبالتالي فهي تحفّز مداركنا. إلى ما قبل ١٥ سنة، أتذكّر أننا كنّا نصحو في الفجر على أصوات الطيور في الاشجار القريبة من بيتنا في نجران. كانت هناك أوركسترا كاملة من الأصوات المغرّدة التي تبثّ في النفس شعورا بالتفاؤل والتوحّد مع الطبيعة. بعض تلك الطيور كان مستوطنا والبعض الآخر كان يأتي مهاجرا من أماكن بعيدة. وكان أجمل صوت مغرّد بينها ما يُعرف بالبلبل ذو النظّارة البيضاء (White-spectacled bulbul)، وهو طائر متوسّط الحجم يسمّيه الناس في الخليج وشبه الجزيرة العربية البورع أو النغري. ريشه رمادي ورأسه أسود وحول عينيه دوائر بيض (ومن هنا اسم النظّارة) وفي أسفل مؤخّرته بقعة صفراء ويعيش في المناطق...

قصّة الأزتيك/2

صورة
كان إنجاز الأزتيك الأهمّ هو بناء إحدى أكبر الإمبراطوريات في تاريخ أمريكا الوسطى. وفي أوج عظمتهم، حكَموا نحو عشرة ملايين شخص، أي ما يقرب من نصف سكّان أمريكا الوسطى في القرن السادس عشر. وكانت عاصمتهم تينوتشتيتلان أكبر مدينة في العالم وجوهرة تاج عالَم ما قبل كولومبوس بعدد سكان يقدّر بـ 200 ألف نسمة. كانت مدينة مخطّطة ومحصّنة جيّدا. وكانت معالمها عظيمة لدرجة أن الإسبان ذُهلوا منها وصَعُب عليهم وصف روعتها بالكلمات. ولمّا وصل الإسبان إلى هناك، جاءوا من ثقافة موجّهة نحو الحرب وكانوا متمرّسين في خوض المعارك والحروب. وعندما حاصروا تينوتشتيتلان، قطعوا عن أهلها المؤن والطعام والماء وقتلوا المئات من نبلائها أثناء وليمة احتفالية، ما أدّى إلى مزيد من الاضطرابات بينهم وبين الأهالي. واضطرّ الأزتيك لمقاتلتهم بشجاعة وانتصروا في بعض المعارك. لكنهم خسروا الأرض بالتدريج بسبب ضعف تسليحهم، إذ لم يكن لديهم غير السهام والنشاب والرماح. وكانوا يميلون إلى احتجاز الأسرى من الإسبان لتقديمهم كقرابين للآلهة بدلاً من قتلهم في المعركة. أما الإسبان فكانت دروعهم الفولاذية تحميهم من أسلحة الأزتيك التي لم تتمك...

قصّة الأزتيك/1

صورة
من الذي يستطيع حقّا أن يُريح درعَه؟ عرشَه؟ رمحَه العظيم؟! فكّروا في ذلك، تذكّروه جيّدا. من الذي يستطيع أن يدمّر تينوتشتيتلان؟ من الذي يجرؤ على مهاجمة أساس السماء؟!" -من شعر الأزتيك أوّل ما يلفت الانتباه في قصّة صعود وانهيار حضارة الأزتيك هو هذا الاشتباك الغريب في ثقافتهم بين العنيف والمقدّس. كانوا متفوّقين في الإدارة والطبّ والفلك والمعمار والنحت. لكنهم كانوا أيضا يمجّدون الموت والحروب ويؤمنون بالخرافة ويبالغون في تقديم قرابين من البشر لإرضاء آلهتهم. لكن السؤال الكبير هو: كيف تمكّنت حفنة من قطّاع الطرق والمرتزقة المارقين، وخلال بضع سنوات فقط، من تدمير امبراطوريه الأزتيك وقتل ملكهم ونهب ثرواتهم، بل وتنصيب أنفسهم حكّاما على من تبقّى من ذلك الشعب؟! وكيف فعل الغزاة الإسبان كلّ هذا وليس معهم سوى ٦٠٠ جندي وعشر سفن و١٥ حصانا فقط؟! الغريب أنه لم يبقَ من مدن الأزتيك حجر على حجر ولم تحتفظ آثارهم القليلة الباقية بأيّ ذكرى عنهم. لكن هل كلّ ما كُتب عن الأزتيك حقيقة أم أن فيه بعض الخيال؟! في نوفمبر 1519، وصل هيرناندو كورتيس وجنوده من الإسبان إلى تينوتشتيتلان عاصمة الأزتي...

سياحة الموت

صورة
يُستخدم مصطلح سياحة الموت، أو السياحة المظلمة كما تُسمّى أحيانا، لوصف السفر إلى الأماكن المرتبطة تاريخيّا بالموت والمآسي والحروب وبمعاناة الإنسانية بشكل عام. وأوّل ظهور للمصطلح كان في عام 1996 على يد كلّ من جون لينون ومالكولم فولي الاستاذين في جامعة غلاسغو الاسكتلندية. والسياحة المظلمة ليست ظاهرة جديدة. فمنذ زمن قديم انجذب البشر إلى المواقع والأحداث المرتبطة بالموت والكوارث والمعاناة والعنف والقتل. ودائما كان للموت جاذبية منذ أن كان الناس يحضرون معارك المصارعة الدامية في روما القديمة وعمليات الإعدام في لندن وغيرها من مدن العالم الكبيرة خلال القرون الوسطى. وفي السنوات الأخيرة اكتسبت السياحة المظلمة شعبية متزايدة بين المسافرين حول العالم الذين يبحثون عن مناطق الجذب والأماكن المرتبطة بالموت والمأساة والغرابة والرعب. قد يبدو الأمر مؤلما أن يزور الناس مثل هذه الأماكن، لكن الحقيقة هي أنها تمثّل جزءا مهمّا من تاريخ الإنسانية، وبعض فصول هذا التاريخ مظلمة ومجلّلة بالفظائع والأحداث الجسام وأعمال الإبادة الجماعية وبالكوارث الطبيعية والمآسي الهائلة. لذلك من المنطقي أن يكون للعديد من...