:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الاثنين، سبتمبر 11، 2017

موزارت: رباعيّة الناي


الرباعية هي عبارة عن فرقة موسيقية تتألّف من أربعة مغنّين أو عازفين. وقد تكون أيضا قطعة موسيقية يؤدّيها أربعة أصوات أو أربع آلات موسيقية. وعادةً الرباعية الوترية هي الأكثر أهمّيّة وشيوعا في الموسيقى الكلاسيكية، وتتألّف في الغالب من آلتي كمان وفيولا وتشيللو.
لم يكن اماديوس موزارت عاشقا للناي "أو الفلوت" كثيرا، بل كان تركيزه الأوّل منصبّا على التأليف للأوبرا. لكن كانت لديه الثقة بالنفس والذائقة العالية كي يجرّب كتابة شيء مختلف، للفلوت هذه المرّة. وقد قال لأحد أصدقائه ذات مرّة: أريد أن أؤلّف شيئا لا اشعر بالخجل من حمله لاسمي".
في تلك الفترة، كان موزارت عاطلا عن العمل وعلى وشك التطواف مع والدته في أرجاء أوربّا بحثا عن وظيفة. وتصادف أن اتّصل به ثريّ هولنديّ وعازف فلوت هاوٍ يُدعى فرديناند دي جين. وتقابل الاثنان في مانهايم في شتاء عام 1777.
كان الرجل قد سمع عن موزارت ذي العشرين عاما وقتها وعن موهبته الاستثنائية من صديق مشترك كان يعمل هو أيضا عازف فلوت في اوركسترا مانهايم.
وقد كلّف دي جين موزارت بأن يؤلّف له رباعية للفلوت مع بضعة أعمال أخرى. وكان موزارت بأمسّ الحاجة إلى المال كي يحقّق رغبته في السفر إلى فرنسا وألمانيا بحثا عن وظيفة دائمة.
وكتب موزارت إلى والده في ديسمبر من ذلك العام يخبره بأنه باشر للتوّ كتابة رباعية للفلوت لمصلحة دي جين الذي وصفه "بالصديق الإنسان".
لكن ذلك التكليف كان مرهقا. وعندما غادر دي جين إلى باريس، اضطرّ موزارت لأن يوافق على نصف المبلغ الأصليّ الذي كانا قد اتفقا عليه في البداية.
كان الإلهام النغميّ حاضرا عندما بدأ موزارت كتابة الرباعية، كما توحي بذلك البداية الرائعة للحركة الأولى منها.
وعلى الأرجح، كتب موزارت هذه الرباعية ما بين عامي 1777 و 1778 لآلات الفلوت والكمان والفيولا والباسو. وهي تتألّف من ثلاث حركات: الليغرو وأداجيو وروندو. وقد اقتبس بيتهوفن أجزاءً من الحركة الأولى لثنائيّته للكلارينيت والباسون التي ألّفها عام 1792.
في السيرة التي كتبها الفريد اينشتاين لموزارت، تحدّث المؤلّف عن حركة الاداجيو ووصفها بأنها ممزوجة بشيء من الحزن النبيل وأنها قد تكون أجمل معزوفة كُتبت لآلة الفلوت على الإطلاق.
بُنية الرباعيّة تشبه كونشيرتو الغرفة. وهناك عدد من الطبقات المختلفة فيها. والنسيج شفّاف مع تباين قويّ للألوان. والموسيقى محكمة على ثلاث حركات خفيفة. الأولى عبارة عن سوناتا، والثانية لها طابع السيرينيد مع مزاج تأمّليّ.
ويمكن القول أن هذه الحركة، أي الثانية، تشبه إلى حدّ كبير أغنية تروبادور من العصر الرومانسيّ. ويلاحَظ أن الحركتين الثانية والثالثة مترابطتان دونما توقّف. والحركة الأخيرة، أي الروندو، يمكن وصفها بأنها عبارة عن حوارية بديعة بين آلتي الكمان الأوّل والفلوت.
رباعية الفلوت تحتلّ اليوم مكانة مهمّة للغاية في مجموعة أعمال موزارت التي كتبها لهذه الآلة. وبعض النقّاد يصفونها بأنها صورة مثالية عن روح ومشاعر عصر الروكوكو مع نكهة ألمانية ومع شيء من طابع موسيقى الباروك التي كانت في طريقها آنذاك إلى الأفول.

Credits
mozart.com