قليلون هم الأشخاص الذين أحدثوا ثورة في الفنّ. ومن هؤلاء ألبريشت ديورر، الرسّام الألماني من القرن 15/16، الذي حقّقت أعماله شعبية كبيرة خلال حياته واستمرّت كذلك حتى اليوم.
ومن أشهر أعمال ديورر نقشه النحاسي المخيف "الفارس والموت والشيطان"، الذي أكمله عام 1513، أثناء إقامته في نورمبيرغ عندما كان يعمل في بلاط الإمبراطور ماكسيميليان.
وفيه يتخيّل ديورر فارسا مدرّعا يتقلّد سيفا ورمحا طويلا ملفوفا بذيل ثعلب، ويمتطي حصانا ويمرّ عبر مضيق صخري تحفّه أشجار شائكة وبلا أوراق، بينما ينظر إلى الأمام مباشرة متجاوزا الأهوال التي في طريقه.
والفارس يواجه في طريقه خصمين مخيفين، الأوّل مخلوق كريه يلعب دور الموت، يمتطي حصانا ويرتدي تاجا شائكا ويلتفّ حول رقبته ثعبان ويلوّح بساعة رملية كتذكير بقصر الحياة وبأن الموت يأتي للجميع بلا استثناء. والثاني شيطان له وجه ذئب وأنف وأسنان تمساح وقرون كبش وأذنا حمار وقرن طويل ويمسك بصولجان.
وفي خلفية المنظر تظهر مجموعة متشابكة من الأشجار الميّتة، وبعدها بمسافة نرى مدينة مسوّرة. وفي الجزء السفلي الأيمن من المقدّمة هناك كلب وسحلية، وإلى اليسار جمجمة بشرية موضوعة على جذع شجرة وكأنها تحذّره من مصير ينتظره، بالإضافة الى لوحة تحمل حرفين من اسم الفنّان وتاريخ رسم العمل، أي عام 1513.
طوال قرون ثار جدل كثير حول معنى النقش النحاسي والدافع الذي دعا ديورر لرسمه. قيل إنه ربّما كان في ذهنه موت امّه او موت ابنائه الـ 15. لذا قد يكون الفارس هو الرسّام نفسه الذي صار متصالحا مع الموت لكثرة ما رآه وخبِرَه. وفي زمن الرسّام فُسّر الفارس على أنه واحد من العديد من الفرسان اللصوص الذين كانوا يُرهبون المواطنين والتجّار في نورمبيرغ وغيرها من مدن ألمانيا.
لكن هناك تفسيرات اخرى. فكثيرا ما توصف الشخصية الرئيسية بأنها فارس مسيحي بطولي، يجسّد الفضيلة الأخلاقية ولا يخاف من الموت أو الشيطان. وقيل ان هذا العمل كان تجسيدا لقطعة أدبية منسوبة للكاتب الهولندي إيراسموس الذي عاش في أوائل القرن السادس عشر، وموضوعها عن فضائل الفارس المسيحي. إذ يقول مخاطبا فارسا مفترضا: لكي لا تخرج عن طريق الفضيلة لأنه يبدو خشنا وكئيبا، يجب عليك أن تحارب ثلاثة أعداء: الجسد والشيطان والعالم. وعليك أن تعتبر كلّ تلك الأشباح - التي ستقابلها كما لو كنت في مضائق الجحيم - غير ذات قيمة اقتداءً بمثال إينياس. ولا تنظر خلفك."
في النقش هناك بعض التفاصيل اللافتة، مثل ذيل الثعلب المتصل بنهاية رمح الفارس. كانت الثعالب منذ القدم رمزا للخداع، وكان "حامل ذيل الثعلب" مصطلحا يشير إلى الشخص المنافق. ويمكن اعتبار الذيل بمثابة تعويذة للحظ السعيد، كما يمكن أن يرمز للخداع والطبيعة الماكرة.
وقيل ان النقش تكريم من ديورر للقسّ البروتستانتي مارتن لوثر، على الرغم من أن الاثنين لم يلتقيا عيانا، لكن كتابات ديورر تشير إلى أنه كان معجبا به بشدّة.
وما يجعل "الفارس والموت والشيطان" عملاً متميّزا هو إحساس ديورر بالدراما البصرية. اهتمامه بالتفاصيل، وخاصّة الضوء، يمنح حياة إضافية للمشهد الخيالي بحيث ينتقل المتلقّي إلى زمن بعيد.
ومن أشهر أعمال ديورر نقشه النحاسي المخيف "الفارس والموت والشيطان"، الذي أكمله عام 1513، أثناء إقامته في نورمبيرغ عندما كان يعمل في بلاط الإمبراطور ماكسيميليان.
وفيه يتخيّل ديورر فارسا مدرّعا يتقلّد سيفا ورمحا طويلا ملفوفا بذيل ثعلب، ويمتطي حصانا ويمرّ عبر مضيق صخري تحفّه أشجار شائكة وبلا أوراق، بينما ينظر إلى الأمام مباشرة متجاوزا الأهوال التي في طريقه.
والفارس يواجه في طريقه خصمين مخيفين، الأوّل مخلوق كريه يلعب دور الموت، يمتطي حصانا ويرتدي تاجا شائكا ويلتفّ حول رقبته ثعبان ويلوّح بساعة رملية كتذكير بقصر الحياة وبأن الموت يأتي للجميع بلا استثناء. والثاني شيطان له وجه ذئب وأنف وأسنان تمساح وقرون كبش وأذنا حمار وقرن طويل ويمسك بصولجان.
وفي خلفية المنظر تظهر مجموعة متشابكة من الأشجار الميّتة، وبعدها بمسافة نرى مدينة مسوّرة. وفي الجزء السفلي الأيمن من المقدّمة هناك كلب وسحلية، وإلى اليسار جمجمة بشرية موضوعة على جذع شجرة وكأنها تحذّره من مصير ينتظره، بالإضافة الى لوحة تحمل حرفين من اسم الفنّان وتاريخ رسم العمل، أي عام 1513.
طوال قرون ثار جدل كثير حول معنى النقش النحاسي والدافع الذي دعا ديورر لرسمه. قيل إنه ربّما كان في ذهنه موت امّه او موت ابنائه الـ 15. لذا قد يكون الفارس هو الرسّام نفسه الذي صار متصالحا مع الموت لكثرة ما رآه وخبِرَه. وفي زمن الرسّام فُسّر الفارس على أنه واحد من العديد من الفرسان اللصوص الذين كانوا يُرهبون المواطنين والتجّار في نورمبيرغ وغيرها من مدن ألمانيا.
لكن هناك تفسيرات اخرى. فكثيرا ما توصف الشخصية الرئيسية بأنها فارس مسيحي بطولي، يجسّد الفضيلة الأخلاقية ولا يخاف من الموت أو الشيطان. وقيل ان هذا العمل كان تجسيدا لقطعة أدبية منسوبة للكاتب الهولندي إيراسموس الذي عاش في أوائل القرن السادس عشر، وموضوعها عن فضائل الفارس المسيحي. إذ يقول مخاطبا فارسا مفترضا: لكي لا تخرج عن طريق الفضيلة لأنه يبدو خشنا وكئيبا، يجب عليك أن تحارب ثلاثة أعداء: الجسد والشيطان والعالم. وعليك أن تعتبر كلّ تلك الأشباح - التي ستقابلها كما لو كنت في مضائق الجحيم - غير ذات قيمة اقتداءً بمثال إينياس. ولا تنظر خلفك."
في النقش هناك بعض التفاصيل اللافتة، مثل ذيل الثعلب المتصل بنهاية رمح الفارس. كانت الثعالب منذ القدم رمزا للخداع، وكان "حامل ذيل الثعلب" مصطلحا يشير إلى الشخص المنافق. ويمكن اعتبار الذيل بمثابة تعويذة للحظ السعيد، كما يمكن أن يرمز للخداع والطبيعة الماكرة.
وقيل ان النقش تكريم من ديورر للقسّ البروتستانتي مارتن لوثر، على الرغم من أن الاثنين لم يلتقيا عيانا، لكن كتابات ديورر تشير إلى أنه كان معجبا به بشدّة.
وما يجعل "الفارس والموت والشيطان" عملاً متميّزا هو إحساس ديورر بالدراما البصرية. اهتمامه بالتفاصيل، وخاصّة الضوء، يمنح حياة إضافية للمشهد الخيالي بحيث ينتقل المتلقّي إلى زمن بعيد.
مجاورة الفارس والموت ربّما تشير إلى زوال الفارس الوشيك. وعلى الرغم من مظهره الذي يُفترض أنه مسيحي وجاهز للقتال، إلا أنه لا يبدو أن هذه الدروع ستحميه من الموت، على الرغم من أنه لا يُظهر أيّ علامات على الخوف من الشيطان الذي يتبعه.
عبقرية التوليف عند ديورر واهتمامه بالتفاصيل، بالإضافة إلى حسّه التجاري الذكي، هي التي جعلته ناجحا كفنّان. ومع ذلك، فإن الجاذبية الغامضة في أعماله هي التي جعلتها غير قابلة للنسيان حتى اليوم.
هناك عنصر أساسي آخر في النقش هو حصان الفارس الذي رسمه ديورر بدقّة تشريحية وبمهارة مثيرة للإعجاب تذكّرنا بليوناردو دافنشي وتعكس اهتمام عصر النهضة بالعلوم الطبيعية وعلم التشريح. وربّما تكون وضعية الفارس والحصان مستوحاة من تماثيل الفروسية الإيطالية. كان ديورر معروفا بأسفاره إلى فينيسيا، وبالتأكيد كان على دراية بتلك التماثيل.
وأيّاً كانت هويّته الحقيقية، فإن فارس ديورر يجسّد بوضوح النموذج البطولي للشجاعة والقوة الأخلاقية للشخص الذي لا يخاف الموت أو الشيطان.
المؤرّخ الإيطالي جورجيو فاساري ذكر هذا العمل باعتباره واحدا من الأعمال المتميّزة التي لا تُضاهى. وكان الكاتب الارجنتيني بورخيس معجبا بديورر. وقد ذكره في أكثر من قصيدة. كما كان يعلّق على حائط مكتبه في بيونس ايرس نسخة من هذا العمل المليء بالرموز.
وفي عام 1870، أهدى الفيلسوف نيتشه نسخة مطبوعة من هذا النقش إلى الموسيقيّ الألماني ريكارد فاغنر. وقد اعتبر نيتشه هذا العمل مهمّا باعتباره "رمزا لوجودنا المستقبلي".
منظّرو الحزب النازي اعتبروا ديورر شخصا مثاليّا وعدّوه أكثر الفنّانين الألمان "ألمانيةً". وفي تجمّع للنازيين عام 1927، قارن الفيلسوف والمنظّر النازي ومجرم الحرب المُدان لاحقا ألفريد روزنبيرغ الجنود المجتمعين بالمحارب في "الفارس والموت والشيطان" قائلاً: حتى لو كان العالم مليئا بالشياطين، يجب أن ننتصر على أيّ حال".
وفي عام 1933، قدّم عمدة نورمبيرغ لهتلر طبعة أصلية من النقش واصفا الفوهرر بأنه "الفارس بلا خوف ولا لوم، الذي ضاعف شهرة مدينة نورمبيرغ، الإمبراطورية القديمة للعالم أجمع".
أحد الأدباء المعاصرين حاول استنطاق معنى النقش على طريقته فكتب قائلا: لقد اشتمّ الكلب على درع الفارس رائحة الموت والجحيم، لأن الكلب يعرف بالفعل ما لا يعرفه الفارس. فهو يعرف أن دمّلا في فخذ الفارس بدأ ينزّ عصارة الطاعون، وأن الموت والشيطان ينتظرانه عند سفح التلّ ليأخذاه معهما".
الجدير بالذكر أن عمل ديورر على هذا النقش تزامن مع إصابة والدته فجأة بمرض مميت. وقد حظيت برعايته الى أن توفيت بعد ذلك بعام. وعند وفاتها، كتب عنها يقول: كانت متديّنة كثيرا، وكان من عادتها أن توبّخني إذا لم أفعل الصواب، وكانت دائما قلقة بشأني وأخي. إنني لا أستطيع أن أثني كفايةً على صلاح أمّي وشخصيتها الرفيعة والرحمة التي كانت تعامل بها الجميع".
عبقرية التوليف عند ديورر واهتمامه بالتفاصيل، بالإضافة إلى حسّه التجاري الذكي، هي التي جعلته ناجحا كفنّان. ومع ذلك، فإن الجاذبية الغامضة في أعماله هي التي جعلتها غير قابلة للنسيان حتى اليوم.
هناك عنصر أساسي آخر في النقش هو حصان الفارس الذي رسمه ديورر بدقّة تشريحية وبمهارة مثيرة للإعجاب تذكّرنا بليوناردو دافنشي وتعكس اهتمام عصر النهضة بالعلوم الطبيعية وعلم التشريح. وربّما تكون وضعية الفارس والحصان مستوحاة من تماثيل الفروسية الإيطالية. كان ديورر معروفا بأسفاره إلى فينيسيا، وبالتأكيد كان على دراية بتلك التماثيل.
وأيّاً كانت هويّته الحقيقية، فإن فارس ديورر يجسّد بوضوح النموذج البطولي للشجاعة والقوة الأخلاقية للشخص الذي لا يخاف الموت أو الشيطان.
المؤرّخ الإيطالي جورجيو فاساري ذكر هذا العمل باعتباره واحدا من الأعمال المتميّزة التي لا تُضاهى. وكان الكاتب الارجنتيني بورخيس معجبا بديورر. وقد ذكره في أكثر من قصيدة. كما كان يعلّق على حائط مكتبه في بيونس ايرس نسخة من هذا العمل المليء بالرموز.
وفي عام 1870، أهدى الفيلسوف نيتشه نسخة مطبوعة من هذا النقش إلى الموسيقيّ الألماني ريكارد فاغنر. وقد اعتبر نيتشه هذا العمل مهمّا باعتباره "رمزا لوجودنا المستقبلي".
منظّرو الحزب النازي اعتبروا ديورر شخصا مثاليّا وعدّوه أكثر الفنّانين الألمان "ألمانيةً". وفي تجمّع للنازيين عام 1927، قارن الفيلسوف والمنظّر النازي ومجرم الحرب المُدان لاحقا ألفريد روزنبيرغ الجنود المجتمعين بالمحارب في "الفارس والموت والشيطان" قائلاً: حتى لو كان العالم مليئا بالشياطين، يجب أن ننتصر على أيّ حال".
وفي عام 1933، قدّم عمدة نورمبيرغ لهتلر طبعة أصلية من النقش واصفا الفوهرر بأنه "الفارس بلا خوف ولا لوم، الذي ضاعف شهرة مدينة نورمبيرغ، الإمبراطورية القديمة للعالم أجمع".
أحد الأدباء المعاصرين حاول استنطاق معنى النقش على طريقته فكتب قائلا: لقد اشتمّ الكلب على درع الفارس رائحة الموت والجحيم، لأن الكلب يعرف بالفعل ما لا يعرفه الفارس. فهو يعرف أن دمّلا في فخذ الفارس بدأ ينزّ عصارة الطاعون، وأن الموت والشيطان ينتظرانه عند سفح التلّ ليأخذاه معهما".
الجدير بالذكر أن عمل ديورر على هذا النقش تزامن مع إصابة والدته فجأة بمرض مميت. وقد حظيت برعايته الى أن توفيت بعد ذلك بعام. وعند وفاتها، كتب عنها يقول: كانت متديّنة كثيرا، وكان من عادتها أن توبّخني إذا لم أفعل الصواب، وكانت دائما قلقة بشأني وأخي. إنني لا أستطيع أن أثني كفايةً على صلاح أمّي وشخصيتها الرفيعة والرحمة التي كانت تعامل بها الجميع".
Credits
staedelmuseum.de
staedelmuseum.de