غاريتا: رسالة حبّ
لأوّل وهلة، لن تجد ما يشدّك أو يثير اهتمامك في لوحات الرسّام الاسباني ريموندو غاريتا. لكنه كان مشهورا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وقد عُرف بلوحاته التي تتناول الجانب المريح من الحياة.
مناظره ذات الطابع الكلاسيكي والأكاديمي عن الحياة اليومية تتضمّن صورا لنساء منهمكات في أنشطة الراحة وفي الرياضة أو الحفلات. وهذا النوع من اللوحات كان رائجا كثيرا في بدايات القرن الماضي وكان الأغنياء يبحثون عنها ويقتنونها.
وفي أعماله التي ألهمتها إيّاها موديله المفضّلة ألين ماسون تبرز قمّة نضجه الفنّي وبراعته في استخدام الألوان ومزجها بالمشاعر المرهفة والتنفيذ المتقن الذي لا يخلو من إثارة وأناقة.
هذا البورتريه بعنوان "رسالة حبّ" رسمه ريموندو غاريتا لـ ماسون واستخدم في تنفيذه ضربات الفرشاة الفضفاضة والسمات الزخرفية. في ذلك الوقت كان الرسّام قد انتقل من باريس إلى نيويورك حيث عمل هناك لبعض الوقت.
ولد ريموندو غاريتا عام 1841 في روما لعائلة اسبانية من الرسّامين المشهورين. ودرس الرسم على يد والده، ثمّ في مدرسة الفنون الجميلة في مدريد.
جدّه ووالده كانا رسّامين مشهورين. كما أن شقيق زوجته هو ماريانو فورتوني الذي أصبح احد أشهر وأهمّ رسّامي اسبانيا في القرن التاسع عشر.
ابتداءً من عام 1860، عاش غاريتا ودرس في باريس لسنوات ثمّ أسّس له محترفا هناك. وأثناء إقامته في فرنسا، فصل الرسّام نفسه تماما عن المشهد الفنّي الاسباني، لدرجة انه لم يشارك في أيّ معرض فنّي في اسبانيا. كما لم تشترِ الدولة الاسبانية أيّا من لوحاته في حياته.
أعمال غاريتا المبكّرة تتّسم بمسحة أكاديمية واضحة. وبعد أن جرّب الرسم الأكاديمي لبعض الوقت، تحوّل إلى الرسم الزخرفي. كما أن في أسلوبه شيئا من الروكوكو ومن الأساليب اليابانية.
وقد أهّلته مقدرته الفنّية الكبيرة لأن يكون رسّام بورتريه ناجحا جدّا بأسلوب الصالون. وكان يتقاضى مبالغ طائلة مقابل عمله.
كان غاريتا كثير الترحال مع علاقات واسعة ومتنوّعة. وكان صديقا للرسّام الايطالي جوسيبي دي نيتيس. كما كان جهده ملموسا في الترويج لباريس كعاصمة للفنّ في مطلع القرن الماضي. وقد أضاف غاريتا لمسة أناقة شخصية إلى البورتريه الفرنسي.
اليوم يمكنك أن تجد لوحاته في العديد من المتاحف، وخاصّة في المتروبوليتان الذي يمتلك عددا منها، وكذلك في متحفي البرادو في مدريد والأورسيه في باريس. ومن أشهر لوحاته الأخرى المعروفة "باقة الورد" و"بورتريه سيّدة" و"الغجرية" و"شوكولاته ساخنة" وغيرها.
مناظره ذات الطابع الكلاسيكي والأكاديمي عن الحياة اليومية تتضمّن صورا لنساء منهمكات في أنشطة الراحة وفي الرياضة أو الحفلات. وهذا النوع من اللوحات كان رائجا كثيرا في بدايات القرن الماضي وكان الأغنياء يبحثون عنها ويقتنونها.
وفي أعماله التي ألهمتها إيّاها موديله المفضّلة ألين ماسون تبرز قمّة نضجه الفنّي وبراعته في استخدام الألوان ومزجها بالمشاعر المرهفة والتنفيذ المتقن الذي لا يخلو من إثارة وأناقة.
هذا البورتريه بعنوان "رسالة حبّ" رسمه ريموندو غاريتا لـ ماسون واستخدم في تنفيذه ضربات الفرشاة الفضفاضة والسمات الزخرفية. في ذلك الوقت كان الرسّام قد انتقل من باريس إلى نيويورك حيث عمل هناك لبعض الوقت.
ولد ريموندو غاريتا عام 1841 في روما لعائلة اسبانية من الرسّامين المشهورين. ودرس الرسم على يد والده، ثمّ في مدرسة الفنون الجميلة في مدريد.
جدّه ووالده كانا رسّامين مشهورين. كما أن شقيق زوجته هو ماريانو فورتوني الذي أصبح احد أشهر وأهمّ رسّامي اسبانيا في القرن التاسع عشر.
ابتداءً من عام 1860، عاش غاريتا ودرس في باريس لسنوات ثمّ أسّس له محترفا هناك. وأثناء إقامته في فرنسا، فصل الرسّام نفسه تماما عن المشهد الفنّي الاسباني، لدرجة انه لم يشارك في أيّ معرض فنّي في اسبانيا. كما لم تشترِ الدولة الاسبانية أيّا من لوحاته في حياته.
أعمال غاريتا المبكّرة تتّسم بمسحة أكاديمية واضحة. وبعد أن جرّب الرسم الأكاديمي لبعض الوقت، تحوّل إلى الرسم الزخرفي. كما أن في أسلوبه شيئا من الروكوكو ومن الأساليب اليابانية.
وقد أهّلته مقدرته الفنّية الكبيرة لأن يكون رسّام بورتريه ناجحا جدّا بأسلوب الصالون. وكان يتقاضى مبالغ طائلة مقابل عمله.
كان غاريتا كثير الترحال مع علاقات واسعة ومتنوّعة. وكان صديقا للرسّام الايطالي جوسيبي دي نيتيس. كما كان جهده ملموسا في الترويج لباريس كعاصمة للفنّ في مطلع القرن الماضي. وقد أضاف غاريتا لمسة أناقة شخصية إلى البورتريه الفرنسي.
اليوم يمكنك أن تجد لوحاته في العديد من المتاحف، وخاصّة في المتروبوليتان الذي يمتلك عددا منها، وكذلك في متحفي البرادو في مدريد والأورسيه في باريس. ومن أشهر لوحاته الأخرى المعروفة "باقة الورد" و"بورتريه سيّدة" و"الغجرية" و"شوكولاته ساخنة" وغيرها.
❉ ❉ ❉
في الكون.. كلّ شيء يدور
هل سبق وأن تخيّلت حصانا يعدو بسرعة ألف ميل في الساعة دون أن يصاب بالإعياء أو التعب؟
الأرض هي ذلك الحصان. وهي تدور بسرعة 1040 ميلا كلّ ساعة، ومع ذلك لا نشعر بحركتها أبدا.
والواقع أن لا شيء ساكن في هذا الكون، كلّ شيء فيه يدور ولا يتوقّف عن الدوران، من اصغر اليكترون إلى أضخم مجرّة. وكلّ دوران لجرم في الكون يخبرنا الكثير عن طريقة دورانه وبُنيته وتاريخ حياته.
المعروف أن الفلكيّ اليوناني بونتيكوس الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد هو أوّل من جاء بالفكرة الثورية القائلة بأن الأرض هي أيضا تدور وتتفاعل مع حركة الشمس والنجوم.
من ناحية أخرى، كشف تتبّع النجوم أن مجرّتنا "درب التبّانة" مغمورة في صدفة عملاقة من المادّة، مثل سفينة في زجاجة. وبعض مناطق المجرّة مخفية، ليس في المكان وإنما في الزمان.
وعلى مدى عمر الإنسان، فإن هيكل المجرّة لم يتغيّر. ولكن كلّ نجمة في السماء، بما في ذلك الشمس، مع الأرض، تدور حول مركز المجرّة مرّة واحدة كل 240 مليون سنة بسرعة 137 ميلا في الثانية الواحدة.
وحتى مع هذه السرعة الفائقة جدّا، فإننا نكون قد أكملنا بالكاد 20 دورة منذ ولادة كوكبنا.
الأرض هي ذلك الحصان. وهي تدور بسرعة 1040 ميلا كلّ ساعة، ومع ذلك لا نشعر بحركتها أبدا.
والواقع أن لا شيء ساكن في هذا الكون، كلّ شيء فيه يدور ولا يتوقّف عن الدوران، من اصغر اليكترون إلى أضخم مجرّة. وكلّ دوران لجرم في الكون يخبرنا الكثير عن طريقة دورانه وبُنيته وتاريخ حياته.
المعروف أن الفلكيّ اليوناني بونتيكوس الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد هو أوّل من جاء بالفكرة الثورية القائلة بأن الأرض هي أيضا تدور وتتفاعل مع حركة الشمس والنجوم.
من ناحية أخرى، كشف تتبّع النجوم أن مجرّتنا "درب التبّانة" مغمورة في صدفة عملاقة من المادّة، مثل سفينة في زجاجة. وبعض مناطق المجرّة مخفية، ليس في المكان وإنما في الزمان.
وعلى مدى عمر الإنسان، فإن هيكل المجرّة لم يتغيّر. ولكن كلّ نجمة في السماء، بما في ذلك الشمس، مع الأرض، تدور حول مركز المجرّة مرّة واحدة كل 240 مليون سنة بسرعة 137 ميلا في الثانية الواحدة.
وحتى مع هذه السرعة الفائقة جدّا، فإننا نكون قد أكملنا بالكاد 20 دورة منذ ولادة كوكبنا.
❉ ❉ ❉
السنتور: لمحة تاريخية
صوت السنتور فيه توق وشجن. تسمع نغمات هذه الآلة الشرقية فتتذكّر أشعار العارفين وتتخيّل محطّات القوافل والمعابد القديمة والواحات في وسط الصحراء وحكايات السحر والأساطير القديمة.
أوّل إشارة إلى السنتور وردت في كتاب مروج الذهب للمؤرّخ المسعودي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي. وقد ذكره في معرض حديثه عن الموسيقى الفارسية وعن آلاتها المختلفة خلال حكم الدولة الساسانية. كما ورد ذكر السنتور في قصيدة للشاعر الفارسي مانوشهري من القرن الحادي عشر الميلادي.
وعلى الرغم من أن الموسيقيّ الفارسي عبد القادر مراقي من القرن الثالث عشر تحدّث في كتاباته عن آلة موسيقية تُسمّى الياتوفان والتي تشبه كثيرا السنتور، إلا أن آلة السنتور التي نعرفها اليوم كانت غائبة عن تاريخ الموسيقى الإيرانية حتى القرن التاسع عشر. ومع ذلك فإن آلة القانون التي تشبه السنتور كثيرا كانت موجودة في إيران طوال قرون قبل ذلك.
وقد أورد الفيلسوف والموسيقيّ الفارابي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي وصفا مصوّرا للقانون في مؤلّفه الشهير "كتاب الموسيقى الكبير".
كما تظهر هذه الآلة في اللوحات والمنمنمات التي تعود للقرن السادس عشر. لكن ينبغي توضيح نقطة مهمّة، وهي أن آلة السنتور لا تشبه القانون سوى في الشكل. ومعظم المؤرّخين يعتقدون أن أصل الآلة يعود إلى إيران. غير أنها موجودة، مع بعض الاختلافات في الشكل، في أنحاء مختلفة من العالم كالصين والهند وبعض البلدان الغربية.
وأخيرا، ارتبط السنتور بأسماء العديد من العازفين. وبعض هؤلاء أصبحوا يتمتّعون بشهرة عالمية، مثل فارامارز بيوار وبرويز مشكاتيان وسياماك نوري ومانوشهر صادقي ومجيد كياني وقوروش زولاني وغيرهم.
أوّل إشارة إلى السنتور وردت في كتاب مروج الذهب للمؤرّخ المسعودي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي. وقد ذكره في معرض حديثه عن الموسيقى الفارسية وعن آلاتها المختلفة خلال حكم الدولة الساسانية. كما ورد ذكر السنتور في قصيدة للشاعر الفارسي مانوشهري من القرن الحادي عشر الميلادي.
وعلى الرغم من أن الموسيقيّ الفارسي عبد القادر مراقي من القرن الثالث عشر تحدّث في كتاباته عن آلة موسيقية تُسمّى الياتوفان والتي تشبه كثيرا السنتور، إلا أن آلة السنتور التي نعرفها اليوم كانت غائبة عن تاريخ الموسيقى الإيرانية حتى القرن التاسع عشر. ومع ذلك فإن آلة القانون التي تشبه السنتور كثيرا كانت موجودة في إيران طوال قرون قبل ذلك.
وقد أورد الفيلسوف والموسيقيّ الفارابي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي وصفا مصوّرا للقانون في مؤلّفه الشهير "كتاب الموسيقى الكبير".
كما تظهر هذه الآلة في اللوحات والمنمنمات التي تعود للقرن السادس عشر. لكن ينبغي توضيح نقطة مهمّة، وهي أن آلة السنتور لا تشبه القانون سوى في الشكل. ومعظم المؤرّخين يعتقدون أن أصل الآلة يعود إلى إيران. غير أنها موجودة، مع بعض الاختلافات في الشكل، في أنحاء مختلفة من العالم كالصين والهند وبعض البلدان الغربية.
وأخيرا، ارتبط السنتور بأسماء العديد من العازفين. وبعض هؤلاء أصبحوا يتمتّعون بشهرة عالمية، مثل فارامارز بيوار وبرويز مشكاتيان وسياماك نوري ومانوشهر صادقي ومجيد كياني وقوروش زولاني وغيرهم.
❉ ❉ ❉
غرام وانتقام على الطريقة الانجليزية
ترى ما الأشياء التي يُفترض أن تفعلها امرأة تعيش في منتصف القرن الثامن عشر كي تجذب اهتمام رجل؟ قد يكفي لهذه المهمّة ارتداء بعض الشرائط والأطواق مع فستان مبهرج الألوان وزوج من الأحذية الأنيقة.
ميري، وهي ابنة لمحام مرموق، كانت تحوز كلّ هذه المؤهّلات بالإضافة إلى أنف جميل إلى حدّ ما. وعندما بلغت السنّ المطلوبة للزواج وجدت نفسها أمام عدد لا يُحصى من الخاطبين.
والدها كان رجلا غنيّا. وربّما لهذا السبب كان طالبو يدها للزواج كثيرين، خاصّة بعد أن عرض الأب مهرا مغريا على أيّ شخص يصلح لأن يكون صهرا مقبولا ومناسبا.
وكما يقال أحيانا، لا شيء يجذب كثرة الخُطّاب مثل خصر ضيّق وحضن واسع ومبلغ مغرٍ من المال. وفي النهاية، قرّرت ميري أن تختار من بين هؤلاء جميعا شخصا يُدعى هنري، وهو سليل عائلة ارستقراطية من اسكتلندا.
وقد وافق والد ميري على اختيارها للرجل ورحّب به في منزل العائلة كخطيب لابنته. ولم يكن هناك سوى مشكل واحد صغير يقف حائلا في طريق السعادة المستقبلية للفتاة. كان ذلك التفصيل الصغير والتافه يتمثّل في كون الخطيب متزوّجا من امرأة أخرى تقيم في اسكتلندا وله منها طفل.
وعلى الرغم من تأكيدات هنري أن زواجه من تلك المرأة كان غير شرعيّ، إلا أن والد ميري سحب على الفور موافقته على الزواج وركل الرجل خارج منزله.
ميري، العالقة في الحبّ حتى كعب حذائها المبطّن بالحرير، لم تستطع تحمّل قرار والدها واستمرّت في اقترانها بالرجل الذي بدأ ينسج خيوط مؤامرة مستترة نوعا ما ومجنونة بعض الشيء.
بدأ يرسل لميري مسحوق الغفران، وهو وصفة يقال إن مصدرها نساء اسكتلندا العجائز. واقترح هنري على ميري أن تدسّ بعض ذلك المسحوق في عشاء أبيها على أمل أن يُليّن قلبه على نسيبه ويعيده في نهاية المطاف إلى رشده.
ولم يكن ذلك مسحوق غفران من أيّ نوع، بل كان الزرنيخ. وبعد بضعة أشهر، كان والد ميري قد مات. واتُهمت ابنته بقتله، بينما تمكّن خطيبها من الهرب إلى باريس.
أثناء محاكمتها، اعترفت ميري بدسّ المسحوق لوالدها. وفي احد أيّام ابريل من عام 1752 نُفّذ فيها حكم الإعدام شنقا خارج قلعة أكسفورد بعد أن أدينت رسميّا بقتل والدها.
كان طلبها الأخير أن لا تكون المشنقة عالية مراعاة لحشمتها، كما قالت. ولم يكن يهمّها أنها قتلت والدها أو أنها ستُعدم على الملأ.
ولكن هل كانت ميري هي الملومة حقّا على وفاة أبيها؟ لقد قالت للمحكمة أنها وضعت المسحوق في طعامه بعد أن أكّد لها زوجها انه سيجعله يحبّه ولم تعرف انه سيقتله. لكن المحلّفين لم يصدّقوا مزاعمها وشكّكوا في أنها تقول الحقيقة.
قد يكون الجاني الحقيقيّ هو العمى المؤلم الذي يسبّبه الحبّ الممنوع. وقد يكون كيد الزوج ونهمه للمال وبحثه عن المكسب من خلال الخداع والجمع بين زوجتين. وقد يكون قسوة المجتمع الذي لم يوفّر للمرأة سوى القليل من الفرص والخيارات. الجاني قد يكون كلّ هذه الأشياء مجتمعة. ولكن في الغالب كان دسّ السمّ من قبل ميري في أكل والدها هو السبب الرئيس في موته.
بعض الناس يعتقدون أن شبح ميري ما يزال يحوم حول منزلهم على ضفّة النهر ويظهر في الحانات المجاورة ومن وراء النوافذ المواربة. ربّما كانت تبحث عن السعادة في الحبّ التي افتقدتها أثناء حياتها. البعض الآخر من الناس الأكثر عقلانية يقولون إن قصّة الأشباح تلك مجرّد تخيّلات.
ميري، وهي ابنة لمحام مرموق، كانت تحوز كلّ هذه المؤهّلات بالإضافة إلى أنف جميل إلى حدّ ما. وعندما بلغت السنّ المطلوبة للزواج وجدت نفسها أمام عدد لا يُحصى من الخاطبين.
والدها كان رجلا غنيّا. وربّما لهذا السبب كان طالبو يدها للزواج كثيرين، خاصّة بعد أن عرض الأب مهرا مغريا على أيّ شخص يصلح لأن يكون صهرا مقبولا ومناسبا.
وكما يقال أحيانا، لا شيء يجذب كثرة الخُطّاب مثل خصر ضيّق وحضن واسع ومبلغ مغرٍ من المال. وفي النهاية، قرّرت ميري أن تختار من بين هؤلاء جميعا شخصا يُدعى هنري، وهو سليل عائلة ارستقراطية من اسكتلندا.
وقد وافق والد ميري على اختيارها للرجل ورحّب به في منزل العائلة كخطيب لابنته. ولم يكن هناك سوى مشكل واحد صغير يقف حائلا في طريق السعادة المستقبلية للفتاة. كان ذلك التفصيل الصغير والتافه يتمثّل في كون الخطيب متزوّجا من امرأة أخرى تقيم في اسكتلندا وله منها طفل.
وعلى الرغم من تأكيدات هنري أن زواجه من تلك المرأة كان غير شرعيّ، إلا أن والد ميري سحب على الفور موافقته على الزواج وركل الرجل خارج منزله.
ميري، العالقة في الحبّ حتى كعب حذائها المبطّن بالحرير، لم تستطع تحمّل قرار والدها واستمرّت في اقترانها بالرجل الذي بدأ ينسج خيوط مؤامرة مستترة نوعا ما ومجنونة بعض الشيء.
بدأ يرسل لميري مسحوق الغفران، وهو وصفة يقال إن مصدرها نساء اسكتلندا العجائز. واقترح هنري على ميري أن تدسّ بعض ذلك المسحوق في عشاء أبيها على أمل أن يُليّن قلبه على نسيبه ويعيده في نهاية المطاف إلى رشده.
ولم يكن ذلك مسحوق غفران من أيّ نوع، بل كان الزرنيخ. وبعد بضعة أشهر، كان والد ميري قد مات. واتُهمت ابنته بقتله، بينما تمكّن خطيبها من الهرب إلى باريس.
أثناء محاكمتها، اعترفت ميري بدسّ المسحوق لوالدها. وفي احد أيّام ابريل من عام 1752 نُفّذ فيها حكم الإعدام شنقا خارج قلعة أكسفورد بعد أن أدينت رسميّا بقتل والدها.
كان طلبها الأخير أن لا تكون المشنقة عالية مراعاة لحشمتها، كما قالت. ولم يكن يهمّها أنها قتلت والدها أو أنها ستُعدم على الملأ.
ولكن هل كانت ميري هي الملومة حقّا على وفاة أبيها؟ لقد قالت للمحكمة أنها وضعت المسحوق في طعامه بعد أن أكّد لها زوجها انه سيجعله يحبّه ولم تعرف انه سيقتله. لكن المحلّفين لم يصدّقوا مزاعمها وشكّكوا في أنها تقول الحقيقة.
قد يكون الجاني الحقيقيّ هو العمى المؤلم الذي يسبّبه الحبّ الممنوع. وقد يكون كيد الزوج ونهمه للمال وبحثه عن المكسب من خلال الخداع والجمع بين زوجتين. وقد يكون قسوة المجتمع الذي لم يوفّر للمرأة سوى القليل من الفرص والخيارات. الجاني قد يكون كلّ هذه الأشياء مجتمعة. ولكن في الغالب كان دسّ السمّ من قبل ميري في أكل والدها هو السبب الرئيس في موته.
بعض الناس يعتقدون أن شبح ميري ما يزال يحوم حول منزلهم على ضفّة النهر ويظهر في الحانات المجاورة ومن وراء النوافذ المواربة. ربّما كانت تبحث عن السعادة في الحبّ التي افتقدتها أثناء حياتها. البعض الآخر من الناس الأكثر عقلانية يقولون إن قصّة الأشباح تلك مجرّد تخيّلات.
Credits
santur.com
archive.org
wikipedia.org
santur.com
archive.org
wikipedia.org