"سابح هو في الفضاء دوما، وفور أن تلامس قوائمه الأرض تضج غناءً وحبورا. ووقع حوافره على الأرض اكثر موسيقية من بوق هيرميز إله الُطرُق والتجارة"
- ويليـام شكسبــير
تقول الأسطورة القديمة إن برسيوس عندما قطع رأس "ميدوسا" سال دمها وغاض في الأرض لينبت منه الجواد المجنّح الرائع.
كانت ميدوسا في ذلك الزمان اجمل امرأة على وجه الأرض.
ويذكر جزء آخر من الأسطورة اسم زيوس باعتباره أبا للجواد المجنّح.
وتقول الميثيولوجيا اليونانية إن الجواد المجنّح كان يذرع الأرض جيئة وذهابا قبل أن يتوقّف على قمة جبل الاوليمب.
وفي أحد الأيام وبمجرّد أن لامست حوافره الأرض انبجست من تحتها أربعة ينابيع تشكلت منها "ميوسيس" آلهة الشعر والموسيقى الإغريقية.
قامت مينيرفا بالإمسـاك بالجواد المجنّح وقدّمته إلى ميوسيس. ولانه اصبح قريبا من آلهة الشعر والموسيقى فقد اصبح الجواد المجنّـح في خدمة أهل الشعر والأدب والفنون.
يقول شيـلر الشاعر الألماني إن الجواد المجنّح بيع إلى أحد المزارعين فقام الفلاح باستخدامه في فلاحة الأرض وزراعتها.
لكن الجـواد لم يكن مؤهلا للقيام بتلك المهمة فهو لم يألف سوى الشعر والفن، فتقدم إلى سيّده شاب طلب منه ركوبه. وما أن اعتلى الشاب ظهره حتى طار به الجواد إلى السماء بكلّ عظمة وجلال.
كان الجواد المجنّح عصيّا على كلّ محاولات ترويضه حتى استطاع بيريلوفون الإمساك به وترويضه بسهولة "طبعا بمساعدة الإلهة"!
وبفضل الجواد الطائر استطاع مروّضه قتل "شيميرا" الوحش الشرّير الذي كان ينفث النار من فمه، كما هاجم الامازونيات، وهنّ محاربات شرسات يجدن إطلاق وتصويب السهام، كما انزل الهزيمة بالقبائل البدائية المعادية.
ومع مرور الوقت كان الجواد المجنّح يعيش في سعادة وهناء، واصبحت بطولاته موضوعا أثيرا للاغاني والأناشيد.
لكن سيّده لم يقنع بالعزّ والجاه الذي كسبه من وراء ترويض الجواد وتطويعه.
كانت تساور بيليروفون الغبي رغبة أخرى: أن يصبح إلها! "يعني من قلة الآلهة"!
وفي أحد الأيام ركب على ظهر الجواد وتوجّه إلى قمة الاوليمب. عندما أدرك زيوس ما كان ينوي بيليروفون فعله أرسل في إثرهما ذبابة سامّة لدغت الجواد، ما أدّى إلى اختلال توازنه وسقوط سيّده من ذلك الارتفاع الشاهق!
ظل بيليروفون يهيم على وجهه في الأرض طوال ما تبقى من حياته مصابا بالعمى والعرج!
وأينما ذهب كان يقابل بالرفض والنبذ إلى أن مات وحيدا، جزاءً وفاقا له على عصيان أوامر الآلهة!
لكن ماذا كان مصير الجواد نفسه؟!
تقول الأسطورة انه خلافا لمصير سيّده البائس، ُسمح للجواد المجنّح بأن يقضي بقية حياته في جبل الأوليمب بحضور الآلهة!
وُعهد إليه بمهمة جلب البرق والرعد للإله زيوس أقوى آلهة اليونان. كما استخدمته اورورا "آلهة الشفق القطبي" مرافقا لها في مسيرها عبر السماء عند الفجر.
كان الجواد بالإضافة إلى رشاقته وتناسق أعضائه يخلي الجنود الجرحى من ميدان المعركة ويسهم في مجهود الحرب!
كذا تقول الأساطير اليونانية وعلينا طبعا أن نصدّقها!
واليوم يحظى الجواد المجنّح بالتكريم والاحترام على أفعاله المجيدة في الأرض والسماء!
فإحدى شركات الطيران لم تجد افضل من اسم الجواد المجنّح (Pegasus) لتطلقه على جيل جديد من الطائرات العمودية التي تصنعها.
وتحمل إحدى المجرّات البعيدة اسم (Pegasus) تيمّنا بالجواد المجنح. وتقع المجرّة في الجزء الشمالي من السماء بالقرب من برج الدلو.
وعلى أطراف تلك المجرّة يقع مثلث "اندروميدا"، الأميرة الحبشية الجميلة التي تقول الأساطير الإغريقية إن غولا شدّها بالسلاسل إلى جرف جبلي ليسهل عليه ابتلاعها قبل أن ينقذها "بيرسيوس" ويقتل الغول ويتزوّجها.
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .