فتاة بومبي العمياء
بعض الأعمال الفنّية لها خلفية درامية تنافس ما للعمل نفسه من إثارة وشهرة. وهذا الوصف يصدق على تمثال "نيديا" الذي نحته الفنّان الأمريكي راندولف روجرز حوالي منتصف القرن قبل الماضي.
وروجرز ينحدر من عائلة كانت من أوائل العائلات التي استوطنت مقاطعة آن آربر. وقد غادر المنطقة وهو شابّ كي يكسب لقمة عيشه كفنّان في نيويورك. كانت مهارته الرائعة في خلق التماثيل من كتل الرخام مثار اهتمام الشخص الذي كان يعمل عنده في إحدى شركات الحفر.
وتقديرا منه لموهبته، قام ذلك الرجل بإقراضه بعض المال ليسافر إلى فلورنسا كي يدرس النحت على يد النحّات الايطالي لورنزو بارتوليني.
في فلورنسا، أحرز روجرز تقدّما سريعا في دراسته. ولم يمضِ طويل وقت حتى أقام له محترفا خاصّا هناك. وسرعان ما حقّق نجاحا تجاريّا واضحا وعبَر المحيط الأطلنطي مرّات عديدة كي ينجز أعمالا نحتية كلّفه بها زبائن أمريكيون وكنديون.
وفي إحدى زياراته لعائلته في آن أربر، قابل روجرز البروفيسور هنري فريز الذي كان قد وصل إلى هناك حديثا وأصبح الاثنان صديقين.
وفي وقت لاحق، زار فريز محترف روجرز في ايطاليا وعاد إلى ارض الوطن حاملا معه صورا فوتوغرافية لأعماله. وكان قد وضع خطّة لشراء تمثال نيديا لنصبه في الجامعة.
من ناحية الموضوع والأسلوب، كانت تماثيل روجرز متناسبة تماما مع الأذواق التي كانت تفضّل الموضوعات الكلاسيكية والبطولية المقدّمة بنُبل. وقد جمع النحّات ثروة لا بأس بها من استنساخ هذا التمثال لوحده.
تمثال نيديا يصوّر شخصية وردت في رواية حقّقت شعبية كبيرة للسير إدوارد ليتون بعنوان "آخر أيّام بومبي".
وطبقا لحكاية ليتون، فبينما كانت سماء بومبي يحجبها الدخان والرماد البركانيّ، كانت فتاة عمياء تُدعى نيديا تقود سيّدها إلى برّ الأمان من خلال الاستماع لأصوات البحر وقارب كان بانتظارهما لينقذهما من الحريق الهائل.
كان المبلغ المطلوب لشراء هذا التمثال حوالي ألف وسبعمائة دولار. ومن اجل تدبير المبلغ، عمل مجموعة من أعضاء هيئة التدريس والمجتمع المحلّي على جمع الدفعة الأولى منه. ثم اتّفقوا مع النحّات على دفع باقي المبلغ خلال سنتين.
ولأن المفاوضات بين الطرفين طالت أكثر ممّا ينبغي، اضطرّ روجرز إلى بيع النسخة الأصلية من تمثال نيديا إلى احد رُعاته الكنديين. لكنه سرعان ما قام بنحت نسخة ثانية منه ثمّ شحنها إلى آن آربر.
كان راندولف روجرز واحدا من أكثر الفنّانين رواجا في عصره. ومع ذلك، احتفظ على الدوام بحبّه لمسقط رأسه ولمؤسّسته الرائدة. وقد أوصى بأن تؤول ملكية مرسمه في ايطاليا إلى الجامعة. ثم فاجأ المسئولين فيها بتقديم هديّته في عام 1885، أي قبل حوالي سبع سنوات من وفاته.
ولسوء الحظ، أدّت ظروف التخزين السيّئة إلى فقدان أو تلف معظم أعماله.
وروجرز ينحدر من عائلة كانت من أوائل العائلات التي استوطنت مقاطعة آن آربر. وقد غادر المنطقة وهو شابّ كي يكسب لقمة عيشه كفنّان في نيويورك. كانت مهارته الرائعة في خلق التماثيل من كتل الرخام مثار اهتمام الشخص الذي كان يعمل عنده في إحدى شركات الحفر.
وتقديرا منه لموهبته، قام ذلك الرجل بإقراضه بعض المال ليسافر إلى فلورنسا كي يدرس النحت على يد النحّات الايطالي لورنزو بارتوليني.
في فلورنسا، أحرز روجرز تقدّما سريعا في دراسته. ولم يمضِ طويل وقت حتى أقام له محترفا خاصّا هناك. وسرعان ما حقّق نجاحا تجاريّا واضحا وعبَر المحيط الأطلنطي مرّات عديدة كي ينجز أعمالا نحتية كلّفه بها زبائن أمريكيون وكنديون.
وفي إحدى زياراته لعائلته في آن أربر، قابل روجرز البروفيسور هنري فريز الذي كان قد وصل إلى هناك حديثا وأصبح الاثنان صديقين.
وفي وقت لاحق، زار فريز محترف روجرز في ايطاليا وعاد إلى ارض الوطن حاملا معه صورا فوتوغرافية لأعماله. وكان قد وضع خطّة لشراء تمثال نيديا لنصبه في الجامعة.
من ناحية الموضوع والأسلوب، كانت تماثيل روجرز متناسبة تماما مع الأذواق التي كانت تفضّل الموضوعات الكلاسيكية والبطولية المقدّمة بنُبل. وقد جمع النحّات ثروة لا بأس بها من استنساخ هذا التمثال لوحده.
تمثال نيديا يصوّر شخصية وردت في رواية حقّقت شعبية كبيرة للسير إدوارد ليتون بعنوان "آخر أيّام بومبي".
وطبقا لحكاية ليتون، فبينما كانت سماء بومبي يحجبها الدخان والرماد البركانيّ، كانت فتاة عمياء تُدعى نيديا تقود سيّدها إلى برّ الأمان من خلال الاستماع لأصوات البحر وقارب كان بانتظارهما لينقذهما من الحريق الهائل.
كان المبلغ المطلوب لشراء هذا التمثال حوالي ألف وسبعمائة دولار. ومن اجل تدبير المبلغ، عمل مجموعة من أعضاء هيئة التدريس والمجتمع المحلّي على جمع الدفعة الأولى منه. ثم اتّفقوا مع النحّات على دفع باقي المبلغ خلال سنتين.
ولأن المفاوضات بين الطرفين طالت أكثر ممّا ينبغي، اضطرّ روجرز إلى بيع النسخة الأصلية من تمثال نيديا إلى احد رُعاته الكنديين. لكنه سرعان ما قام بنحت نسخة ثانية منه ثمّ شحنها إلى آن آربر.
كان راندولف روجرز واحدا من أكثر الفنّانين رواجا في عصره. ومع ذلك، احتفظ على الدوام بحبّه لمسقط رأسه ولمؤسّسته الرائدة. وقد أوصى بأن تؤول ملكية مرسمه في ايطاليا إلى الجامعة. ثم فاجأ المسئولين فيها بتقديم هديّته في عام 1885، أي قبل حوالي سبع سنوات من وفاته.
ولسوء الحظ، أدّت ظروف التخزين السيّئة إلى فقدان أو تلف معظم أعماله.
❉ ❉ ❉
نهاية العالم في الفنّ
القسّ الأمريكي الذي تنبّأ منذ أيّام بنهاية العالم ثمّ اتّضح بعد ذلك كذب نبوءته، لم يكن أوّل من يغامر بارتياد مثل هذا الموضوع الصعب والشائك. وبالتأكيد لن يكون الأخير.
نبوءات نهاية الزمان موضوع قديم جدّا وهو يعود إلى بدايات وجود الإنسان على هذه الأرض. كما انه من المواضيع التي كان الفنّ يثيرها باستمرار.
وقد نوقش هذا الموضوع كثيرا في السينما والرواية والرسم والمسرح والموسيقى وكلّ شكل من أشكال الفنون، ربّما باستثناء العمارة. وأوّل عمل تشكيليّ يمكن تذكّره في هذا المجال هو لوحة ميكيل أنجيلو بعنوان يوم الحساب "فوق".
رافائيل وفونيغوت واورسون ويلز وأبدايك جرّبوا هم أيضا المشي في طريق النبوءات الدينية وتخيّلوا نهاية العالم كمكافأة سماوية من الله، أو كفعل من أفعال الإنسان من قبيل عمليات الإرهاب أو الإبادة الجماعية وخلافه.
في لندن، هناك جدار كامل من اللوحات رسمها فنّان الخيال العلميّ الهولندي فنسنت دي فيت يقوم من خلالها برحلة خاصّة إلى نهاية الزمان.
لوحات دي فيت تستمدّ تصوّراتها عن الموضوع من عدد من الأعمال الفنية، من بينها لوحة ميكيل انجيلو عن يوم الحساب ولوحة رافائيل عن القدّيس ميكيل ولوحة وليام بليك بعنوان "حزن".
كما يستعير الرسّام من الأدب بعض الأعمال من أهمّها كتاب حرب العوالم لـ اتش جي ويلز وكتاب المحادثة بين ايروس وشارميون لـ ادغار الان بو.
ومن السينما يقتبس فيلم يوم الاستقلال وفيلم الدكتور سترينج لاف وغيرهما. ومن الموسيقى بعض الأغاني مثل أغنية بوب ديلن "مطر صعب" وأغنية برينس بعنوان 1999.
ومن الشعر قصيدة الشاعر الانجليزي ييتس بعنوان "المجيء الثاني" التي يتحدّث فيها عن حدث جسيم يوقع فوضى دامية. ومن الدراما مسرحية الكاتب الطليعيّ ريتشارد فورمان بعنوان "سيمفونية الفئران المروّعة".
أي أن دي فيت ذاكر واجباته المنزلية جيّدا قبل أن يباشر مشروعه.
الصحافة عادة لا تهتمّ بالمواضيع التي تبعث على التفاؤل. ونفس الشيء ينطبق على الفنّانين بدرجة ما. وحتى بعد أن ثبت مرارا كذب توقّعات الفلكيين ورجال الدين والعرّافين، فإن من المرجّح أن لا يتوقّف الفنّانون عن التفكير في نهاية الزمان. ولن يعجزهم العثور على طرق وأساليب جديدة لترجمته.
وعلى عكس الأنبياء، فإن الفنّانين ليس مطلوبا منهم أن يتنبّئوا بالمستقبل بدقّة. كلّ ما عليهم فقط هو أن يعكسوا مشاعرنا إزاءه.
نبوءات نهاية الزمان موضوع قديم جدّا وهو يعود إلى بدايات وجود الإنسان على هذه الأرض. كما انه من المواضيع التي كان الفنّ يثيرها باستمرار.
وقد نوقش هذا الموضوع كثيرا في السينما والرواية والرسم والمسرح والموسيقى وكلّ شكل من أشكال الفنون، ربّما باستثناء العمارة. وأوّل عمل تشكيليّ يمكن تذكّره في هذا المجال هو لوحة ميكيل أنجيلو بعنوان يوم الحساب "فوق".
رافائيل وفونيغوت واورسون ويلز وأبدايك جرّبوا هم أيضا المشي في طريق النبوءات الدينية وتخيّلوا نهاية العالم كمكافأة سماوية من الله، أو كفعل من أفعال الإنسان من قبيل عمليات الإرهاب أو الإبادة الجماعية وخلافه.
في لندن، هناك جدار كامل من اللوحات رسمها فنّان الخيال العلميّ الهولندي فنسنت دي فيت يقوم من خلالها برحلة خاصّة إلى نهاية الزمان.
لوحات دي فيت تستمدّ تصوّراتها عن الموضوع من عدد من الأعمال الفنية، من بينها لوحة ميكيل انجيلو عن يوم الحساب ولوحة رافائيل عن القدّيس ميكيل ولوحة وليام بليك بعنوان "حزن".
كما يستعير الرسّام من الأدب بعض الأعمال من أهمّها كتاب حرب العوالم لـ اتش جي ويلز وكتاب المحادثة بين ايروس وشارميون لـ ادغار الان بو.
ومن السينما يقتبس فيلم يوم الاستقلال وفيلم الدكتور سترينج لاف وغيرهما. ومن الموسيقى بعض الأغاني مثل أغنية بوب ديلن "مطر صعب" وأغنية برينس بعنوان 1999.
ومن الشعر قصيدة الشاعر الانجليزي ييتس بعنوان "المجيء الثاني" التي يتحدّث فيها عن حدث جسيم يوقع فوضى دامية. ومن الدراما مسرحية الكاتب الطليعيّ ريتشارد فورمان بعنوان "سيمفونية الفئران المروّعة".
أي أن دي فيت ذاكر واجباته المنزلية جيّدا قبل أن يباشر مشروعه.
الصحافة عادة لا تهتمّ بالمواضيع التي تبعث على التفاؤل. ونفس الشيء ينطبق على الفنّانين بدرجة ما. وحتى بعد أن ثبت مرارا كذب توقّعات الفلكيين ورجال الدين والعرّافين، فإن من المرجّح أن لا يتوقّف الفنّانون عن التفكير في نهاية الزمان. ولن يعجزهم العثور على طرق وأساليب جديدة لترجمته.
وعلى عكس الأنبياء، فإن الفنّانين ليس مطلوبا منهم أن يتنبّئوا بالمستقبل بدقّة. كلّ ما عليهم فقط هو أن يعكسوا مشاعرنا إزاءه.
❉ ❉ ❉
استراحة موسيقية
❉ ❉ ❉
موسيقى جون باري
أظنّ أنّ من يسمع هذه الموسيقى لأوّل مرّة وليس في ذهنه قصّة الفيلم الذي ألّفت من اجله، لا بدّ وأن يتخيّل أنها نشيد وطنيّ لبلد ما أو تصوير موسيقيّ لملحمة تحكي قصّة من قصص البطولة أو التضحية والعظمة.. إلى آخره.
جون باري John Barry كتب هذه المعزوفة لفيلم الرقص مع الذئاب، وسرعان ما عُرفت واشتهرت لتوظّف في العديد من البرامج الدرامية والوثائقية التي تبثّها الإذاعات ومحطّات التلفزيون.
في المقطوعة إحساس بعظمة الموسيقى وبقدرة الفنّان الفائقة في ترجمة الصورة إلى نغم فيه شفافية وإحساس قويّ بروح الصحراء وما ترمز إليه من رحابة وغموض وصراع.
كما أن فيها نفَسا ملحميّا واضحا يذكّرنا بموسيقى فاغنر وتشايكوفسكي.
والإطار السيمفونيّ الفخم الذي يميّز الموسيقى هنا ربّما يوحي للسامع أنها كُتبت قبل قرون، في حين لم يمض على ظهورها أكثر من بضع سنوات.
بالإمكان سماع الموسيقى هنا أو هنا ..
جون باري John Barry كتب هذه المعزوفة لفيلم الرقص مع الذئاب، وسرعان ما عُرفت واشتهرت لتوظّف في العديد من البرامج الدرامية والوثائقية التي تبثّها الإذاعات ومحطّات التلفزيون.
في المقطوعة إحساس بعظمة الموسيقى وبقدرة الفنّان الفائقة في ترجمة الصورة إلى نغم فيه شفافية وإحساس قويّ بروح الصحراء وما ترمز إليه من رحابة وغموض وصراع.
كما أن فيها نفَسا ملحميّا واضحا يذكّرنا بموسيقى فاغنر وتشايكوفسكي.
والإطار السيمفونيّ الفخم الذي يميّز الموسيقى هنا ربّما يوحي للسامع أنها كُتبت قبل قرون، في حين لم يمض على ظهورها أكثر من بضع سنوات.
بالإمكان سماع الموسيقى هنا أو هنا ..
Credits
italian-renaissance-art.com
metmuseum.org
italian-renaissance-art.com
metmuseum.org