لنكاوي مدينة تتميّز بمنتجعاتها وشواطئها وغاباتها الجميلة. وهي بلا شكّ خيار الباحثين عن الهدوء والسكينة والتأمّل في بهاء الطبيعة.
أجمل ما في لنكاوي غابات المانغروف الممتدّة على ضفاف بحيرات ذات مياه لازوردية لا يحدّها البصر. أخذنا القارب وتجوّلنا في أرجاء تلك الطبيعة الهادئة مستمتعين بالطقس الجميل والمناظر الخلابة.
وفي نهاية الرحلة التي تستغرق ساعتين عادة، كان بإمكاننا رؤية قوارب حرس السواحل وهي تجوب الشاطئ المواجه، فيما لاحت على البعد معالم جزيرة تايلندية وسط البحر.
وأهل لنكاوي ريفيون في الغالب ويتّسمون بالبساطة والطيبة والكرم.
أماكن الجذب السياحية هنا كثيرة ومتعدّدة، لكن أهمّها منطقة زوّدت بكافة المرافق والتسهيلات اللازمة من بينها رحلة بالتليفريك (الكيبل كار) تأخذ السائح إلى قمة الجبل ليطلّ من ذلك العلوّ الشاهق على المدينة وشواطئها وغاباتها وجبالها الخضراء في مشهد مهيب.
وقد لاحظنا حرص الماليزيين الكبير على "بيع" بلدهم للعالم الخارجي والترويج لما يصنعونه من سلع واعمال فنية ومصنوعات يدوية.
وفي لنكاوي العديد من أماكن التسوّق التي تعرض احدث ما في السوق العالمية من سلع ومنتجات وابتكارات.
ولنكاوي تعني في لغة الملايو "النسر"، وهناك في وسط المدينة تمثال من البرونز لنسر ضخم يشرف على الميناء مرفرفا بجناحيه وموّجها بصره نحو الأفق الشمالي.
وقد رأينا أثناء جولتنا البحرية بالقارب جزءا من الغابة اتّخذت منه النسور مكانا لاعشاشها وتكاثرها.
الملايو يشكّلون كما أسلفت غالبية سكان لنكاوي، وهم بطبيعتهم محافظون، لكن هناك أقلية من الصينيين والهنود يعيشون بوئام ومحبّة مع الملاويين.
ورغم التحذيرات التي سمعناها قبل قدومنا من مغبّة التعامل بثقة مع ذوي الأصول الصينية، فإننا لم نجد من هؤلاء سوى الصدق والأمانة والإخلاص.
وفي كافة المحلات والمتاجر التي زرناها سواءً في لنكاوي أو في غيرها من مدن ماليزيا لاحظنا إقبال أصحاب تلك المتاجر والباعة العاملين فيها على القراءة والاطلاع.
دخلنا إحدى المحلات وكانت البائعة منهمكة في قراءة كتاب كتب على غلافه بالإنجليزية: شفرة دافنشي".
ولمّا كنت قد قرأت بعض أجزاء هذا الكتاب مترجمة إلى العربية فقد بادرت البائعة بالسؤال: هل أكملت قراءة هذا الكتاب؟ قالت: قرأت ثلثه تقريبا. قلت: وهل فهمت شيئا؟ قالت: بصراحة لغة الكتاب صعبة إلى حدّ ما، كما أن أحداثه غامضة ويظهر انه كتب لفئة معينة من القراء.
قلت: رأيي لا يختلف كثيرا عن رأيك، واتمنى ألا يثنيك كلامي عن قراءة الكتاب حتى نهايته، فالقراءة بحدّ ذاتها مغامرة عقلية ممتعة تقود الإنسان إلى عالم من الإشارات والأسئلة والأسرار التي لا تنتهي.
كانت آخر محطة لنا في لنكاوي محميّة الأفاعي التي تضمّ خليطا عجيبا من الحيّات والزواحف الخطرة التي يقوم على خدمتها عمال مهرة يوفّرون لها البيئة الصالحة للعيش والتكاثر.
وأكثر ما لفت أنظارنا في المحمية هو ثعبان البايثون بضخامته وطوله المفزع وألوانه التي هي مزيج من الأسود والأبيض والرصاصي.
والبايثون كما علمنا لا يعضّ ولا يلدغ بل يلتف حول ضحيته، سواءً كان إنسانا أو حيوانا، ولا يتركه إلا بعد أن يسحق عظامه ويزهق أنفاسه قبل أن يبدأ في التهامه.
والغابات الماليزية مليئة بمثل هذا النوع من الزواحف القاتلة.
لكن البايثون الذي رأيناه كان من النوع المستأنس، ومع ذلك تردّدنا كثيرا قبل أن نذعن لطلب الفتاة الملاوية المرحة التي أصرت علينا أن نحمله ونطوق به رقابنا لزوم التقاط صور للذكرى.
- لكن كيف توفّرون له الغذاء وماذا يأكل؟ سألتُ الفتاة. أجابت وهي تضحك: خمس دجاجات في الأسبوع نحضرها له وهي حية ويتكفّل هو بباقي المهمّة!
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .