قال المعلّم "وو شي" مخاطبا مجموعة من تلاميذه الصغار الذين تحلّقوا حوله: هل تعرفون ما هذا الشيء؟
صاح الأطفال بصوت واحد: نعم. إنه ناي.
ردّ المعلمّ: أوه هذا صحيح. لكنه أكثر من ناي. إنه رسول. لكن رسول مَن؟ هل تعرفون؟
جلس الأطفال بعيون مفتوحة وهزّوا رؤوسهم جميعا وقالوا: لا.
قال المعلّم وهو يسحب كلماته ببطء: إنه رسول الرياح. هو الذي يحمل لنا جميع القصص والحكايات الرائعة التي تجمعها الرياح من الأشجار والحقول والغابات. أغمضوا عيونكم واستمعوا. إستمعوا إلى الرياح.
وأغمض الأطفال عيونهم واستمعوا بعناية إلى الرياح في حفيف أوراق الشجر، وإلى همساتها في الغابات، وإلى هدهداتها في الحقول، وإلى صريرها واندفاعها بين أشجار الخيزران.
لقد استمعوا إلى كلّ الأصوات الرائعة والعجيبة للرياح.
ثم وضع المعلّم الناي في فمه وبدأ يعزف نغما ناعما ورقيقا. ثم ما لبث أن غيّر اللحن كي يتناغم مع همسات الرياح وعصفها وهدوئها.
وعندما انتهى من عزفه قال الأطفال: ونحن أيضا.
ابتسم المعلم بفرح وناولهم الناي. لكن عندما بدأ العزف لم تصدر عنه سوى أصوات قليلة واهنة لا تشبه النغم الجميل الذي عزفه المعلم للتوّ.
قال الأطفال بخيبة أمل: لا فائدة يا معلّم. إنه لا يحبّنا.
ردّ المعلم: لا يا أبنائي. انه يحبّكم. ما عليكم إلا أن تعلّموه كيف يقصّ عليكم الحكايات التي تريدون سماعها.
ثم أخذ يعلّم تلاميذه واحدا تلو الأخر كيف يعزف، وأعطى لكلّ منهم ناياً.
ولم ينته ذلك النهار حتى كانت الرياح قد بدأت تحكي لهم كثيرا من قصصها الساحرة والمدهشة. "مترجم"
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .