هناك الكثير مما قيل ويقال هذه الأيام عن فيلم افاتار ممّا يستحقّ المتابعة والاهتمام. وقد لفت انتباهي ردود الفعل الكثيرة والمتباينة حول الفيلم. الفاتيكان، مثلا، قال إن الفيلم عادي و"غير ضارّ". الصينيون مهتمّون بمعرفة طبيعة النباتات والأعشاب التي ظهرت في الفيلم. الأمريكيون يرون إن الفيلم يسيء إلى الجيش الأمريكي ويشوّه صورته. وهناك أيضا من رأى في الفيلم إشارات عنصرية بتركيزه على تفوّق الإنسان الأبيض الذي يلعب دور المنقذ والمخلّص.
لكن ما حكاية هذا الفيلم؟ وما سرّ شعبيّته الكبيرة التي تزداد كلّ يوم؟ ولماذا يستأثر بكلّ هذا الاهتمام الذي نراه ونلمسه هذه الأيّام؟!
للأسف لم أشاهد الفيلم بعد، لأنه ببساطة لا توجد عندنا سينما حتى إشعار آخر.
قد أتمكّن من مشاهدته مستقبلا، فأكتب عنه، له أو عليه.
لكنْ من واقع ما قرأته عنه عرفت، مثلا، انه فيلم فانتازي يستند إلى قصّة متخيّلة عن كوكب بعيد وناء يتعرّض لغزو سكّان الأرض الباحثين عن مصدر للطاقة بعد نفاد البترول من باطن الأرض.
وفي التفاصيل أن الفيلم كسر أرقاما قياسية عديدة. فهو أعلى الأفلام تكلفة وأسرع فيلم يصل إلى حاجز البليون دولار في شبّاك التذاكر في غضون أيّام من إطلاقه.
المقال التالي هو خلاصة لآراء ثلاثة من ابرز النقّاد السينمائيين الذين شاهدوا فيلم "افاتار" وسجّلوا بعض ملاحظاتهم وانطباعاتهم عنه.
"افاتار" ملحمة خيالية تجري أحداثها في المستقبل، أي بعد 150 عاما من الآن، على ظهر كوكب بعيد يقال له باندورا. في ذلك الوقت يكون البشر قد أهدروا كلّ موارد الأرض وجازفوا بالوصول إلى هذا الكوكب النائي الذي يقطنه شعب يسمّى "النافي" بحثا عن مصدر بديل للطاقة هو عبارة عن معدن ثمين يسمّى الانوبتينيوم.
في الفيلم نشاهد كبار القادة العسكريين المشرفين على عملية استغلال هذا المعدن بالإضافة إلى مجموعة من العلماء الذين يستخدمون كائنات مخلّقة وراثيا، أي أشخاصا من شعب "النافي" يخضعون لسيطرة البشر، وذلك بغرض إحلال السلام مع القبائل المعادية وإجراء تجارب على ذلك الكوكب الخارق.
يركّز الفيلم على احد العلماء، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية يدعى جيك سولي، الذي يجري اتصالا غير مسبوق مع شعب "النافي" ويصبح شخصا موثوقا به في مجتمعهم. وقد أوكلت للجندي مهمّة إقناع "النافي" بترك موطنهم قبل وصول البشر الذين سيأتون لاستخلاص المعدن الثمين من أرضهم.
لكن البشر الجشعين يفقدون صبرهم ويقرّرون هدم كوكب باندورا الجميل. ويتبع ذلك معركة ملحمية بين "النافي" وبين البشر المسلّحين بالتكنولوجيا العسكرية الفتّاكة. وفي النهاية يجد الجندي صعوبة كبيرة في أن يقرّر إلى أيّ من الطرفين يتعيّن عليه أن ينحاز. وبعد تفكير يقرّر في النهاية الانحياز إلى شعب الكوكب ويعمل مقاتلا في صفوفهم ضدّ غزو سكّان الأرض.
مخرج الفيلم هو جيمس كاميرون الذي سبق وأن أخرج فيلم تايتانك الذي يصنّف بأنه ثاني فيلم في العالم من حيث الإيرادات التي حقّقها.
وقد تمّ الإعلان عن "افاتار" لعدّة أشهر قبل أن يُطرح في الأسواق في ديسمبر الماضي. وهو من بطولة سام وورثنغتون وزو سالدانا وسيغورني ويفر.
حبكة هذا الفيلم عاطفية ومثيرة طوال الوقت. وهناك الطريقة المدهشة التي وُضعت فيها الطبيعة مقابل التكنولوجيا، والسكّان الأصليون مقابل الغزاة الغرباء، وقيم الجماعة مقابل الاستراتيجيات التجارية والعسكرية.
الثقافة والبيئة التي خلقهما كاميرون في كوكب باندورا هي أيضا مؤثّرة جدّا. فجميع المخلوقات والنباتات في الكوكب، وكذلك شعب "النافي" نفسه، يبدون جميعا في حالة انتماء وتناغم تامّ مع الطبيعة التي يعيشون ضمنها.
في إحدى لقطات الفيلم يقول بطله انه ليس متأكّدا أيّ حياة هي الحلم؛ حياته في طبيعته المتجسّدة أم حياته كإنسان؟ والحقيقة انك عندما تشاهد هذا الفيلم لا بدّ وأن يومض هذا السؤال في خلفية عقلك. ومع ذلك، فإن العنصر الأكثر إثارة للإعجاب في الفيلم والذي سبّب كلّ هذه الضجّة حوله هو عنصر الحركة.
فنظام الكمبيوتر الذي استخدم في توليد الحركة في الفيلم يقال انه احد أقوى خمسة كمبيوترات في العالم متخصّصة في مزج الحركة الحيّة مع الرسوم المتحرّكة باستخدام تقنيات فنّية متطوّرة للغاية. وهذا المزج بالذات هو الذي خلق كوكبا خارقا ورهيبا ومليئا بالألوان والحياة وقابلا للتصديق.
ومن الصعب أن تعرف ما إذا كنت تشاهد صورا رقمية أو حركة حيّة. وهذا بالضبط هو ما أراده المخرج وما حقّقه بنجاح.
لكن ما حكاية هذا الفيلم؟ وما سرّ شعبيّته الكبيرة التي تزداد كلّ يوم؟ ولماذا يستأثر بكلّ هذا الاهتمام الذي نراه ونلمسه هذه الأيّام؟!
للأسف لم أشاهد الفيلم بعد، لأنه ببساطة لا توجد عندنا سينما حتى إشعار آخر.
قد أتمكّن من مشاهدته مستقبلا، فأكتب عنه، له أو عليه.
لكنْ من واقع ما قرأته عنه عرفت، مثلا، انه فيلم فانتازي يستند إلى قصّة متخيّلة عن كوكب بعيد وناء يتعرّض لغزو سكّان الأرض الباحثين عن مصدر للطاقة بعد نفاد البترول من باطن الأرض.
وفي التفاصيل أن الفيلم كسر أرقاما قياسية عديدة. فهو أعلى الأفلام تكلفة وأسرع فيلم يصل إلى حاجز البليون دولار في شبّاك التذاكر في غضون أيّام من إطلاقه.
المقال التالي هو خلاصة لآراء ثلاثة من ابرز النقّاد السينمائيين الذين شاهدوا فيلم "افاتار" وسجّلوا بعض ملاحظاتهم وانطباعاتهم عنه.
"افاتار" ملحمة خيالية تجري أحداثها في المستقبل، أي بعد 150 عاما من الآن، على ظهر كوكب بعيد يقال له باندورا. في ذلك الوقت يكون البشر قد أهدروا كلّ موارد الأرض وجازفوا بالوصول إلى هذا الكوكب النائي الذي يقطنه شعب يسمّى "النافي" بحثا عن مصدر بديل للطاقة هو عبارة عن معدن ثمين يسمّى الانوبتينيوم.
في الفيلم نشاهد كبار القادة العسكريين المشرفين على عملية استغلال هذا المعدن بالإضافة إلى مجموعة من العلماء الذين يستخدمون كائنات مخلّقة وراثيا، أي أشخاصا من شعب "النافي" يخضعون لسيطرة البشر، وذلك بغرض إحلال السلام مع القبائل المعادية وإجراء تجارب على ذلك الكوكب الخارق.
يركّز الفيلم على احد العلماء، وهو جندي سابق في البحرية الأمريكية يدعى جيك سولي، الذي يجري اتصالا غير مسبوق مع شعب "النافي" ويصبح شخصا موثوقا به في مجتمعهم. وقد أوكلت للجندي مهمّة إقناع "النافي" بترك موطنهم قبل وصول البشر الذين سيأتون لاستخلاص المعدن الثمين من أرضهم.
لكن البشر الجشعين يفقدون صبرهم ويقرّرون هدم كوكب باندورا الجميل. ويتبع ذلك معركة ملحمية بين "النافي" وبين البشر المسلّحين بالتكنولوجيا العسكرية الفتّاكة. وفي النهاية يجد الجندي صعوبة كبيرة في أن يقرّر إلى أيّ من الطرفين يتعيّن عليه أن ينحاز. وبعد تفكير يقرّر في النهاية الانحياز إلى شعب الكوكب ويعمل مقاتلا في صفوفهم ضدّ غزو سكّان الأرض.
مخرج الفيلم هو جيمس كاميرون الذي سبق وأن أخرج فيلم تايتانك الذي يصنّف بأنه ثاني فيلم في العالم من حيث الإيرادات التي حقّقها.
وقد تمّ الإعلان عن "افاتار" لعدّة أشهر قبل أن يُطرح في الأسواق في ديسمبر الماضي. وهو من بطولة سام وورثنغتون وزو سالدانا وسيغورني ويفر.
حبكة هذا الفيلم عاطفية ومثيرة طوال الوقت. وهناك الطريقة المدهشة التي وُضعت فيها الطبيعة مقابل التكنولوجيا، والسكّان الأصليون مقابل الغزاة الغرباء، وقيم الجماعة مقابل الاستراتيجيات التجارية والعسكرية.
الثقافة والبيئة التي خلقهما كاميرون في كوكب باندورا هي أيضا مؤثّرة جدّا. فجميع المخلوقات والنباتات في الكوكب، وكذلك شعب "النافي" نفسه، يبدون جميعا في حالة انتماء وتناغم تامّ مع الطبيعة التي يعيشون ضمنها.
في إحدى لقطات الفيلم يقول بطله انه ليس متأكّدا أيّ حياة هي الحلم؛ حياته في طبيعته المتجسّدة أم حياته كإنسان؟ والحقيقة انك عندما تشاهد هذا الفيلم لا بدّ وأن يومض هذا السؤال في خلفية عقلك. ومع ذلك، فإن العنصر الأكثر إثارة للإعجاب في الفيلم والذي سبّب كلّ هذه الضجّة حوله هو عنصر الحركة.
فنظام الكمبيوتر الذي استخدم في توليد الحركة في الفيلم يقال انه احد أقوى خمسة كمبيوترات في العالم متخصّصة في مزج الحركة الحيّة مع الرسوم المتحرّكة باستخدام تقنيات فنّية متطوّرة للغاية. وهذا المزج بالذات هو الذي خلق كوكبا خارقا ورهيبا ومليئا بالألوان والحياة وقابلا للتصديق.
ومن الصعب أن تعرف ما إذا كنت تشاهد صورا رقمية أو حركة حيّة. وهذا بالضبط هو ما أراده المخرج وما حقّقه بنجاح.
إن فكرة وجود كوكب طوباوي في بقعة بعيدة تقطنه مخلوقات ببشرة زرقاء هو الوضع المثالي الذي يتمنّى الناس وصانعو السينما أن يهربوا إليه.
لكنْ في عالم الخيال العلمي الذي يقدّمه فيلم "افاتار" فإن الخطّ الفاصل بين الخيال والحقيقة يكاد يتلاشى.
والواقع أن هناك الكثير من الناس الذين يتشوّقون للعيش في بيئة فانتازية كتلك التي يصوّرها الفيلم.
وفي الأيّام القليلة الماضية غمر الجمهور فضاء الانترنت بتعليقاتهم وبانطباعاتهم ومشاعرهم المختلطة عن الفيلم. بعض من شاهدوه قالوا أنهم أصبحوا يعانون من الاكتئاب والحزن لأنهم غير قادرين على زيارة كوكب باندورا!
وفي احد المنتديات الالكترونية كان هناك ألف تعليق تتحدّث جميعها عن أساليب علاج الاكتئاب الناتج عن الإحساس بعدم إمكانية العيش في باندورا.
وقد كتب احدهم يقول: عندما استيقظت هذا الصباح بعد مشاهدتي "افاتار" للمرّة الأولى أمس، بدا لي هذا العالم رماديا وكئيبا. إن عالمنا هذا هو، ببساطة، عبثي وبلا معنى. وما زلت لا أرى سببا يدفعني للقيام بنفس الأشياء التي اعتدت فعلها. إن هذا العالم الذي أعيش فيه هو عالم ميّت".
وبدا أن احد المعجبين بالفيلم كان أكثر تأثّرا به عندما كتب يقول: اعترف بأنني أفكّر الآن بالانتحار. وأظنّ بأنني إن فعلت فسأبعث من جديد في عالم شبيه بكوكب باندورا"!
كما دعا شخص آخر زملاءه إلى أن ينضمّوا إليه في تأسيس قبيلة حقيقية من شعب "النافي"!
يقول احد علماء النفس إن الحياة الافتراضية ليست واقعية بطبيعتها. ولا يمكن أن يكون الواقع بمثل الطوباوية والمثالية التي نشاهدها على الشاشة. وما نشاهده يجعل الحياة الواقعية تبدو أكثر نقصا وأقلّ كمالا".
الواقعية البصرية لهذا الفيلم يمكن أن تشير إلى أيّ مدى أصبح الناس متعلّقين به.
و"افاتار" يوظّف تقنيات الإبهار البصري بطريقة مذهلة ورائعة. وبعض المتفرّجين لا يمكن أن يصدّقوا ما تراه أعينهم على الشاشة الكبيرة.
ترى، هل يعبّر الناس عن طبيعة هروبية بإقبالهم على مشاهدة مثل هذا الفيلم الخيالي، وهل في هذا ما يشي بعجزهم عن التعامل مع العالم الواقعي من حولهم؟
إن ميزة الأفلام الفانتازية من نوعية "افاتار" أنها تبصّر الناس بحقيقة شخصيّاتهم التي قد تكون فيها جوانب مظلمة أو شرّيرة قد لا يتبيّنونها في عالم الواقع. كما أن هذه النوعية من الأفلام تربط الناس بالطبيعة والعالم البدائي والميتافيزيقيا وبأمور وأشياء دأب ما يسمّى بالمجتمع على قمعها وكبتها في دواخلهم لفترة طويلة.
"افاتار" وغيره من أفلام الخيال العلمي قد تشكّل منفذا يهرب من خلاله الناس من مشاكل وضغوطات الحياة الحديثة وما تحفل به من هموم اجتماعية ووظيفية واقتصادية وعائلية. كما أنها تمنح الناس الأمل في عصر مليء بالمنغّصات التي لا تورّث سوى اليأس والتشاؤم.
إن من الدروس المهمّة التي يقدّمها هذا الفيلم الجميل أن شعبا بسيطا مثل "النافي" يركب الحيوانات المتوحّشة ولا يملك من عدّة الحرب سوى الأسهم والرماح قادر على أن يهزم شرور التكنولوجيا وآلات الدمار. وإذن ثمّة أمل على هذه الأرض عندما يتحوّل الخيال إلى حقيقة.
"افاتار" فيلم مثير ومشوّق وممتع للحواسّ. ويبدو أن جيمس كاميرون، بفضل هذا الفيلم، في طريقه لأن يصبح مخرج أفضل وأضخم فيلم عرفه تاريخ السينما.
لكنْ هل "افاتار" فيلم خيالي فعلا؟
الواقع أن باندورا موجودة في كوكبنا الأرضيّ نفسه. هي موجودة في جنوب ووسط أمريكا وفي أفريقيا وفي غيرها من الأماكن. وشعب "النافي" هم السكّان الأصليون في تلك الأنحاء الذين يُهجّرون ويُشرّدون ويُقتلون لكي تُسرق مواردهم الطبيعية وخيرات أوطانهم.
"افاتار" ليس قصّة من نسج الخيال، بل إن مثلها يحدث واقعاً في غابات الأمطار الاستوائية في جبال بيرو وفي كولومبيا وفي البرازيل وهندوراس حيث تمارس الشركات العملاقة شتّى الأساليب في نهب النفط والمعادن والأرض وسرقة ثقافة الشعوب ومصادرة إرادتها وسيادتها على مصيرها ومستقبلها.
Credits
collider.com
collider.com