رحلة بالقارب
في صيف عام 1874، كان ادوار مانيه يقيم في جينفيلييه خارج باريس، أي غير بعيد كثيرا عن المنزل الذي كان قد اقترحه على عائلة مونيه في ارجنتويل. وكان قد رفض المشاركة في المعرض المستقلّ الذي نظّمه الانطباعيون في ربيع ذلك العام.
ومع ذلك، كان مانيه راغبا بوضوح في تبنّي أسلوب رفاقه الشباب في تصوير أماكن النزهة والترفيه. وكانت هذه اللوحة هي البيان الذي أعلن من خلاله عن ولائه للانطباعية.
الذين كتبوا سيرة مانيه يقولون إن صهره رودولف لينهوف هو الرجل الذي اختاره كي يأخذ ملامح البحّار في هذه اللوحة.
بساطة التوليف هنا، واستخدام كتلات واسعة وقويّة من اللون، هما ملمحان يكشفان عن إعجاب مانيه بالأسلوب اليابانيّ في الرسم على الخشب.
من الملاحظ في هذه اللوحة أنها لا تتضمّن خطّ أفق يكشف عمّا وراء المنظر. والحافّة السفلية ربّما توحي بأن هذا جزء من جسر خشبيّ كان يجلس عليه الفناّن وهو يرسم. إلى أقصى اليمين تحت، هناك ما يشبه السمكة أو الطائر. واللوحة، رغم موضوعها، لا تشي بالحميمية أو المتعة والمرح. شوارب الرجل الكثّة ونظراته وهيئة فستان المرأة والخمار على وجهها كلّها سمات تعطي المنظر مسحة رسمية.
وهناك احتمال أن يكون مانيه أراد لهذه اللوحة أن تكون احتفاءً بفنّ الرسم نفسه.
الرسّامة الأمريكية ماري كاسات هي التي أوصت احد جامعي اللوحات في نيويورك بشراء هذه اللوحة. وقد كانت معجبة بها كثيرا لدرجة أنها وصفتها ذات مرّة بأنها "الكلمة الفصل في الرسم".
ومع ذلك، كان مانيه راغبا بوضوح في تبنّي أسلوب رفاقه الشباب في تصوير أماكن النزهة والترفيه. وكانت هذه اللوحة هي البيان الذي أعلن من خلاله عن ولائه للانطباعية.
الذين كتبوا سيرة مانيه يقولون إن صهره رودولف لينهوف هو الرجل الذي اختاره كي يأخذ ملامح البحّار في هذه اللوحة.
بساطة التوليف هنا، واستخدام كتلات واسعة وقويّة من اللون، هما ملمحان يكشفان عن إعجاب مانيه بالأسلوب اليابانيّ في الرسم على الخشب.
من الملاحظ في هذه اللوحة أنها لا تتضمّن خطّ أفق يكشف عمّا وراء المنظر. والحافّة السفلية ربّما توحي بأن هذا جزء من جسر خشبيّ كان يجلس عليه الفناّن وهو يرسم. إلى أقصى اليمين تحت، هناك ما يشبه السمكة أو الطائر. واللوحة، رغم موضوعها، لا تشي بالحميمية أو المتعة والمرح. شوارب الرجل الكثّة ونظراته وهيئة فستان المرأة والخمار على وجهها كلّها سمات تعطي المنظر مسحة رسمية.
وهناك احتمال أن يكون مانيه أراد لهذه اللوحة أن تكون احتفاءً بفنّ الرسم نفسه.
الرسّامة الأمريكية ماري كاسات هي التي أوصت احد جامعي اللوحات في نيويورك بشراء هذه اللوحة. وقد كانت معجبة بها كثيرا لدرجة أنها وصفتها ذات مرّة بأنها "الكلمة الفصل في الرسم".
❉ ❉ ❉
عروس الجبال
مثل الكثير من الأغاني الفلكلورية القديمة، لا يُعرف على وجه التحديد متى ظهرت هذه الأغنية لأوّل مرّة ولا أين. لكنّ القصّة التي بُنيت عليها الأغنية معروفة وإن اختلفت تفاصيلها من مكان لآخر.
وهناك ثلاثة بلدان كلّ منها يزعم أن الأغنية جزء من تراثه الموسيقي: أذربيجان وأرمينيا وتركيا. والمعروف أن هناك تماثلا بين هذه الثقافات الثلاث من ناحية اللغة والموسيقى والفولكلور بحكم الروابط الجغرافية والتاريخية منذ القدم.
اسم الأغنية ساري غيلين. وتعني بالتركية عروس الجبال. لكنها أيضا تعني العروس ذات الملابس الصفراء أو الذهبية. واللون الأصفر يرمز عادة للذهب وأحيانا للحزن والموت.
إذن ساري غيلين هي أغنية تركية بقدر ما أنها أرمنية وآذارية في نفس الوقت. بل إن هناك نسخا إيرانية وكردية منها، مع أن اللحن بقي هو نفسه على مرّ السنين.
الأغنية تحكي عن قصّة حبّ أسطورية يقال أنها حدثت قبل أكثر من ثلاثمائة عام، وبالتحديد بعد انتصار السلاجقة الأتراك على الإمبراطورية البيزنطية.
تذكر القصّة إن شابّا تركيا رأى ذات يوم فتاة أرمنية جميلة فوقع في حبّها ثم سعى جاهدا للزواج منها. لكنّ المشكلة انه مسلم وهي مسيحية. ولأن عائلتيهما رفضتا تزويج كلّ منهما للآخر، فقد اتفق الشابّ والفتاة في النهاية على الهرب معا. غير أن والد الفتاة، وهو زعيم قبيلة قويّ وذو نفوذ، لحق بهما هو ورجاله وقاموا بقتل التركي.
وهناك رواية أخرى تقول إن الفتاة تحوّلت إلى الإسلام. لكن والد الشابّ، وبدافع من انتمائه القومي والقبلي، أقدم على قتل المرأة بسيفه رغم إقرارها بأنها أصبحت مسلمة.
وكلمات الأغنية ترد على لسان الشابّ الذي يتحدّث عن حبّه للفتاة ويتمنّى لو كانا على دين واحد.
بإمكانك مثلا أن تقول إن هذه نسخة أخرى من حكاية روميو وجولييت أو قيس وليلى، مع الفارق طبعا.
جوّ الأغنية وموسيقاها يثيران إحساسا بالمأساة، بل وحتّى الحداد. وليس أدلّ على هذا من طريقة أداء الموسيقي والمغنّي الآذاري المشهور عليم قاسموف للأغنية. استمع إليه وهو يغنّيها هنا.
الكاتب الآذاري علي اكبر عليّيف كتب مؤخّرا رواية ناقش فيها الشعارات القومية التي تزرع الأحقاد وتذكي الكراهية بين الشعوب. وقد اختار اسم الأغنية "ساري غيلين" عنوانا لروايته كي يقول إن القصّة لا تخصّ شعبا بعينه وأن ما يجمع بين هذه الشعوب أكثر ممّا يفرّقها.
الأرمن، من ناحيتهم، يستحضرون قصّة ساري غيلين عندما يتحدّثون عن أخبار المآسي التي حلّت بهم. وقد ظهر العديد من الأفلام السينمائية والبرامج الوثائقية التي تتناول هذه الحكاية، كلّ من منظور مختلف.
وهناك ثلاثة بلدان كلّ منها يزعم أن الأغنية جزء من تراثه الموسيقي: أذربيجان وأرمينيا وتركيا. والمعروف أن هناك تماثلا بين هذه الثقافات الثلاث من ناحية اللغة والموسيقى والفولكلور بحكم الروابط الجغرافية والتاريخية منذ القدم.
اسم الأغنية ساري غيلين. وتعني بالتركية عروس الجبال. لكنها أيضا تعني العروس ذات الملابس الصفراء أو الذهبية. واللون الأصفر يرمز عادة للذهب وأحيانا للحزن والموت.
إذن ساري غيلين هي أغنية تركية بقدر ما أنها أرمنية وآذارية في نفس الوقت. بل إن هناك نسخا إيرانية وكردية منها، مع أن اللحن بقي هو نفسه على مرّ السنين.
الأغنية تحكي عن قصّة حبّ أسطورية يقال أنها حدثت قبل أكثر من ثلاثمائة عام، وبالتحديد بعد انتصار السلاجقة الأتراك على الإمبراطورية البيزنطية.
تذكر القصّة إن شابّا تركيا رأى ذات يوم فتاة أرمنية جميلة فوقع في حبّها ثم سعى جاهدا للزواج منها. لكنّ المشكلة انه مسلم وهي مسيحية. ولأن عائلتيهما رفضتا تزويج كلّ منهما للآخر، فقد اتفق الشابّ والفتاة في النهاية على الهرب معا. غير أن والد الفتاة، وهو زعيم قبيلة قويّ وذو نفوذ، لحق بهما هو ورجاله وقاموا بقتل التركي.
وهناك رواية أخرى تقول إن الفتاة تحوّلت إلى الإسلام. لكن والد الشابّ، وبدافع من انتمائه القومي والقبلي، أقدم على قتل المرأة بسيفه رغم إقرارها بأنها أصبحت مسلمة.
وكلمات الأغنية ترد على لسان الشابّ الذي يتحدّث عن حبّه للفتاة ويتمنّى لو كانا على دين واحد.
بإمكانك مثلا أن تقول إن هذه نسخة أخرى من حكاية روميو وجولييت أو قيس وليلى، مع الفارق طبعا.
جوّ الأغنية وموسيقاها يثيران إحساسا بالمأساة، بل وحتّى الحداد. وليس أدلّ على هذا من طريقة أداء الموسيقي والمغنّي الآذاري المشهور عليم قاسموف للأغنية. استمع إليه وهو يغنّيها هنا.
الكاتب الآذاري علي اكبر عليّيف كتب مؤخّرا رواية ناقش فيها الشعارات القومية التي تزرع الأحقاد وتذكي الكراهية بين الشعوب. وقد اختار اسم الأغنية "ساري غيلين" عنوانا لروايته كي يقول إن القصّة لا تخصّ شعبا بعينه وأن ما يجمع بين هذه الشعوب أكثر ممّا يفرّقها.
الأرمن، من ناحيتهم، يستحضرون قصّة ساري غيلين عندما يتحدّثون عن أخبار المآسي التي حلّت بهم. وقد ظهر العديد من الأفلام السينمائية والبرامج الوثائقية التي تتناول هذه الحكاية، كلّ من منظور مختلف.
❉ ❉ ❉
استراحة موسيقية
❉ ❉ ❉
امرأة بفستان أبيض
هذه اللوحة هي إحدى تحف بيكاسو من مرحلته النيوكلاسيكية، والتى استمرّت من عام 1918الى عام 1925. وفيها يصوّر امرأة جالسة وهي تفكّر أو ربّما يخامرها حلم يقظة.
وقد استخدم الرسّام في اللوحة عدّة طبقات من اللون الأبيض مع ظلال ناعمة من البنّي والرمادي.
وكما هو الحال في العديد من شخوصه الأخرى في تلك المرحلة، فإن بيكاسو تعامل مع ملامح وجه المرأة بأسلوب مثالي يعكس دراسته للفنّ الكلاسيكي.
الهيئة غير الرسمية التي تبدو عليها المرأة، إلى جانب لباسها الفضفاض والشفّاف إلى حدّ ما، يمنحانها طابعا رقيقا ومسترخيا. كما أن نظام الألوان الصامتة في اللوحة يخلع عليها هالة من الرومانسية والتأمّل.
قيل في بعض الأوقات إن المرأة الظاهرة في اللوحة هي زوجة بيكاسو الروسية اولغا كوكلوفا. لكن يُرجّح اليوم أنها سارا ميرفي، إحدى ملهمات بيكاسو في تلك الفترة. وكان قد فُتن بها ما بين عامي 1921 و 1924م.
كانت ميرفي وزوجها جزءا من جماعة من المغتربين الأمريكيين الأثرياء الذين كانوا يعيشون في باريس في عشرينات القرن الماضي.
وكان أسلوب حياتهما غير التقليدي يجتذب دائرة من الفنّانين والكتّاب كان من بينهم كلّ من سكوت فيتزجيرالد وإرنست همنغواي. وقد التقى بيكاسو وزوجته اولغا الزوجين الأمريكيين في خريف العام 1921، وارتبطت العائلتان بعلاقة وثيقة منذ ذلك الحين.
قد لا نعرف الهويّة الحقيقية لهذه المرأة. لكن كان من عادة بيكاسو أن يمزج ملامح عدّة أشخاص مختلفين في بورتريه مثاليّ واحد. ومن ثمّ، فإن هذا البورتريه قد لا يكون استثناءً.
وقد استخدم الرسّام في اللوحة عدّة طبقات من اللون الأبيض مع ظلال ناعمة من البنّي والرمادي.
وكما هو الحال في العديد من شخوصه الأخرى في تلك المرحلة، فإن بيكاسو تعامل مع ملامح وجه المرأة بأسلوب مثالي يعكس دراسته للفنّ الكلاسيكي.
الهيئة غير الرسمية التي تبدو عليها المرأة، إلى جانب لباسها الفضفاض والشفّاف إلى حدّ ما، يمنحانها طابعا رقيقا ومسترخيا. كما أن نظام الألوان الصامتة في اللوحة يخلع عليها هالة من الرومانسية والتأمّل.
قيل في بعض الأوقات إن المرأة الظاهرة في اللوحة هي زوجة بيكاسو الروسية اولغا كوكلوفا. لكن يُرجّح اليوم أنها سارا ميرفي، إحدى ملهمات بيكاسو في تلك الفترة. وكان قد فُتن بها ما بين عامي 1921 و 1924م.
كانت ميرفي وزوجها جزءا من جماعة من المغتربين الأمريكيين الأثرياء الذين كانوا يعيشون في باريس في عشرينات القرن الماضي.
وكان أسلوب حياتهما غير التقليدي يجتذب دائرة من الفنّانين والكتّاب كان من بينهم كلّ من سكوت فيتزجيرالد وإرنست همنغواي. وقد التقى بيكاسو وزوجته اولغا الزوجين الأمريكيين في خريف العام 1921، وارتبطت العائلتان بعلاقة وثيقة منذ ذلك الحين.
قد لا نعرف الهويّة الحقيقية لهذه المرأة. لكن كان من عادة بيكاسو أن يمزج ملامح عدّة أشخاص مختلفين في بورتريه مثاليّ واحد. ومن ثمّ، فإن هذا البورتريه قد لا يكون استثناءً.