نظرة واحدة إلى هذه اللوحة قد لا تكفي. تفاصيلها الجميلة وجوّها الحميم والعفوية التي رُسمت بها هي من العناصر التي تجذب العين وتبعث إحساسا بالصفاء والسكينة. وشخصيّا اعتبرها إحدى لوحاتي المفضّلة. اسم اللوحة "فتاة مع ثمار خوخ" أو "بورتريه فيرا مامونتوفا" للرسّام الروسي فالانتين سيروف. ولهذه اللوحة قصّة تستحقّ أن تُروى.
في العام 1872، اشترى الثريّ الموسكوفي سافا مامونتوف ضيعة ابرامتسيفو من صاحبها القديم. كانت الضيعة عبارة عن مجموعة من البيوت الأنيقة يتفرّع عنها عدد من الجسور الخشبية التي تقود إلى غابة من الأشجار الوارفة الظلال.
كان مامونتوف راعيا ومحبّا للآداب والفنون. وكانت تربطه علاقة صداقة مع أشهر الفنّانين والأدباء الروس آنذاك. وقد قرّر تحويل الضيعة إلى مركز ثقافي وفنّي. وأصبح المكان ملتقى للفنّانين والأدباء الذين كانوا يجتمعون فيه ويمارسون إبداعاتهم ويتدارسون أمور الفنّ والأدب. وكان مامونتوف يتكفّل بنفقاتهم هم وعائلاتهم. وقد لعب هذا المكان دورا مهمّا في تطوير الثقافة الروسية في القرن التاسع عشر.
تورغينيف وغوغول كانا ضيفين دائمين على مستعمرة ابرامتسيفو. وفي هذا المكان كتب غوغول مسرحيته "الأرواح الميّتة". كما كان من ضيوفه الدائمين كلّ من ايليا ريبين وفاسنيتسوف وكوروفين وميخائيل فروبيل وغيرهم.
الرسّام فالانتين سيروف كان هو أيضا من بين المتردّدين على المكان. وكان يحظى منذ صغره بحبّ عائلة مامونتوف الذين كانوا يعتبرونه واحدا منهم.
في عام 1887، وصل سيروف بصحبة والدته إلى الضيعة في طريق عودتهما من أوربّا، حيث زار العديد من المتاحف في كلّ من باريس وميونيخ وروما.
في العام 1872، اشترى الثريّ الموسكوفي سافا مامونتوف ضيعة ابرامتسيفو من صاحبها القديم. كانت الضيعة عبارة عن مجموعة من البيوت الأنيقة يتفرّع عنها عدد من الجسور الخشبية التي تقود إلى غابة من الأشجار الوارفة الظلال.
كان مامونتوف راعيا ومحبّا للآداب والفنون. وكانت تربطه علاقة صداقة مع أشهر الفنّانين والأدباء الروس آنذاك. وقد قرّر تحويل الضيعة إلى مركز ثقافي وفنّي. وأصبح المكان ملتقى للفنّانين والأدباء الذين كانوا يجتمعون فيه ويمارسون إبداعاتهم ويتدارسون أمور الفنّ والأدب. وكان مامونتوف يتكفّل بنفقاتهم هم وعائلاتهم. وقد لعب هذا المكان دورا مهمّا في تطوير الثقافة الروسية في القرن التاسع عشر.
تورغينيف وغوغول كانا ضيفين دائمين على مستعمرة ابرامتسيفو. وفي هذا المكان كتب غوغول مسرحيته "الأرواح الميّتة". كما كان من ضيوفه الدائمين كلّ من ايليا ريبين وفاسنيتسوف وكوروفين وميخائيل فروبيل وغيرهم.
الرسّام فالانتين سيروف كان هو أيضا من بين المتردّدين على المكان. وكان يحظى منذ صغره بحبّ عائلة مامونتوف الذين كانوا يعتبرونه واحدا منهم.
في عام 1887، وصل سيروف بصحبة والدته إلى الضيعة في طريق عودتهما من أوربّا، حيث زار العديد من المتاحف في كلّ من باريس وميونيخ وروما.
وقد خرج الرسّام ذات صباح من منزل صديقه قاصدا الغابة المجاورة. كان يبحث كعادته عن منظر طبيعي كي يرسمه. ثم توقّف للحظات متأمّلا منظر أشعّة الشمس وهي تنعكس على مجموعة من الأزهار، وحركة الغيوم البطيئة وهي تلقي بظلالها على العشب. ولاحظ كيف أن خصائص الأشياء تتغيّر بتغيّر حالات الضوء والظلال. المنظر الذي رآه غمره بالأفكار. ثم فكّر قليلا وقال لنفسه: يجب أن ارسم ما أراه وأنسى كلّ ما تعلّمته". ولأوّل مرة، قرّر أن يرسم بورتريها.
وكان لصديقه سافا مامونتوف ولد وبنت. الولد يُدعى سيرغي. والبنت فيرا، وهو اسم يعني بالروسية "إيمان". كان سيروف يعرف فيرا منذ ولادتها. وكان معجبا بمرحها وحيويّتها. وكثيرا ما كان يأخذها معه في نزهة بالقارب أو على ظهر الحصان.
وعندما عاد ذلك الصباح من جولته في الغابة رأى فيرا وهي تجلس عند الطاولة في غرفة يتخلّلها الضوء. وقد راقت له فكرة أن يرسمها في ذلك المكان. وعندما عرض عليها الفكرة وافقت. كان الرسّام يعرف أن مهمّته لا تخلو من صعوبة. كان عمر الفتاة وقتها اثني عشر عاما. وكان من الصعب إقناعها بأن تجلس أمام الطاولة لعدّة ساعات يوميا في حرارة الصيف. قالت له وهو يرسمها: أنت تعذّبني. الجلوس فترة طويلة يبعث على الملل".
كان سيروف يعتقد بأن اللوحة لن تستغرق سوى سبع أو ثمان جلسات على الأكثر. لكن العمل امتدّ لحوالي الشهرين. ومع ذلك فإنك عندما تنظر إلى اللوحة قد تظنّ أنها رُسمت في لمحة واحدة من لمحات الإلهام. كان البورتريه ناجحا جدّا. فقد اجتذب اهتمام الجمهور والرسّامين. وأصبح احد أهم انجازات الرسّام. كما بات رمزا للجمال والشباب والحياة السعيدة.
في اللوحة، ترتدي الفتاة قميصا ورديا فاتحا بينما تنظر باتجاه المتلقّي وتمدّ يدها إلى الطاولة لتلتقط ثمرة خوخ. هناك ضوء كثير في هذه الصورة يفيض من النافذة الجانبية وينعكس على قماش الطاولة وملابس الفتاة. والجوّ يثير إحساسا بالرحابة والاسترخاء.
براعة الرسّام واضحة في خلق صورة رائعة وفي قدرته على تمثيل التفاعل ما بين الضوء والظلّ والألوان المتغيّرة للأشياء. لاحظ الرقّة والمهارة اللتين رسم بهما الملمس المخمليّ للفاكهة الناضجة والسكّين الفضّية اللامعة.
التفاصيل الأخرى تتضمّن شمعة عند النافذة، وغير بعيد منها دمية لجندي وطبق من البورسلين معلّق على الجدار.
الرسّام يأخذنا من خلال هذه الصورة البديعة إلى سنوات الطفولة بقلقها وشقاوتها ومرحها واكتشافاتها. النسيج الخفيف، الألوان المشعّة، انعكاسات الضوء، ووفرة التفاصيل، كلّها ملامح تشير إلى الانطباعية.
وكان لصديقه سافا مامونتوف ولد وبنت. الولد يُدعى سيرغي. والبنت فيرا، وهو اسم يعني بالروسية "إيمان". كان سيروف يعرف فيرا منذ ولادتها. وكان معجبا بمرحها وحيويّتها. وكثيرا ما كان يأخذها معه في نزهة بالقارب أو على ظهر الحصان.
وعندما عاد ذلك الصباح من جولته في الغابة رأى فيرا وهي تجلس عند الطاولة في غرفة يتخلّلها الضوء. وقد راقت له فكرة أن يرسمها في ذلك المكان. وعندما عرض عليها الفكرة وافقت. كان الرسّام يعرف أن مهمّته لا تخلو من صعوبة. كان عمر الفتاة وقتها اثني عشر عاما. وكان من الصعب إقناعها بأن تجلس أمام الطاولة لعدّة ساعات يوميا في حرارة الصيف. قالت له وهو يرسمها: أنت تعذّبني. الجلوس فترة طويلة يبعث على الملل".
كان سيروف يعتقد بأن اللوحة لن تستغرق سوى سبع أو ثمان جلسات على الأكثر. لكن العمل امتدّ لحوالي الشهرين. ومع ذلك فإنك عندما تنظر إلى اللوحة قد تظنّ أنها رُسمت في لمحة واحدة من لمحات الإلهام. كان البورتريه ناجحا جدّا. فقد اجتذب اهتمام الجمهور والرسّامين. وأصبح احد أهم انجازات الرسّام. كما بات رمزا للجمال والشباب والحياة السعيدة.
في اللوحة، ترتدي الفتاة قميصا ورديا فاتحا بينما تنظر باتجاه المتلقّي وتمدّ يدها إلى الطاولة لتلتقط ثمرة خوخ. هناك ضوء كثير في هذه الصورة يفيض من النافذة الجانبية وينعكس على قماش الطاولة وملابس الفتاة. والجوّ يثير إحساسا بالرحابة والاسترخاء.
براعة الرسّام واضحة في خلق صورة رائعة وفي قدرته على تمثيل التفاعل ما بين الضوء والظلّ والألوان المتغيّرة للأشياء. لاحظ الرقّة والمهارة اللتين رسم بهما الملمس المخمليّ للفاكهة الناضجة والسكّين الفضّية اللامعة.
التفاصيل الأخرى تتضمّن شمعة عند النافذة، وغير بعيد منها دمية لجندي وطبق من البورسلين معلّق على الجدار.
الرسّام يأخذنا من خلال هذه الصورة البديعة إلى سنوات الطفولة بقلقها وشقاوتها ومرحها واكتشافاتها. النسيج الخفيف، الألوان المشعّة، انعكاسات الضوء، ووفرة التفاصيل، كلّها ملامح تشير إلى الانطباعية.
في يناير من عام 1903، تزوّجت فيرا مامونتوفا من احد نبلاء موسكو، ويُدعى الكسندر سامارين. وقد رُزق الزوجان بولدين وبنت. وفي ديسمبر عام 1907، توفّيت فيرا فجأة بسبب التهاب حادّ في الجهاز التنفّسي ودُفنت في منزل عائلتها. كان عمرها لا يتجاوز الثانية والثلاثين. وانتقلت رعاية أطفالها إلى شقيقتها التي ضحّت بزواجها وكانت لهم بمثابة الصدر الحاني والأمّ الرءوم.
زوج فيرا، الكسندر، عاش بعدها خمسة وعشرين عاما. ولم يتزوّج بعدها أبدا. وبعد موت فيرا ظلّت اللوحة معلقة فوق طاولة في غرفته. وإحياءً لذكراها، بنى كنيسة في مكان لا يبعد كثيرا عن منزلهما. وعند قيام الثورة البلشفية أقفلت الكنيسة بعد نهب محتوياتها، ثم حوّلت إلى مخزن للأسمدة الكيماوية.
ولم يمض وقت طويل حتى قُبض على الكسندر نفسه وحُكم عليه بالنفي إلى احد معسكرات الغولاغ الذي كان عبارة عن سجن سياسي يُحكم فيه على المعارضين بالأعمال الشاقّة حتى الموت. وقد بقي هناك إلى أن أفرج عنه بموجب قرار عفو. كان الكسندر يواظب على زيارة قبر زوجته بانتظام إلى حين وفاته في يناير من عام 1932م.
كان عمر سيروف عندما رسم فيرا اثنين وعشرين عاما. وموهبته تتبدّى في هذه اللوحة بأجلى صورة. وقد جلبت له شهرة واسعة وأصبحت أشبه ما تكون بالأسطورة. وفي ما بعد، أصبح معلّما لا نظير له في رسم البورتريه. ومن المعروف انه تعلّم على يد ايليا ريبين واخذ عنه حبّه للحياة وعشقه للفنّ.
كان فالانتين سيروف إنسانا هادئا وشاعريّا بطبيعته. ومن الصعب أن نتذكّر رسّاما آخر من عصره، ربّما باستثناء ايساك ليفيتان، كان له أهمّية كبيرة وتأثير عميق على الفنّ الروسي بمثل ما كان لـ سيروف.
زوج فيرا، الكسندر، عاش بعدها خمسة وعشرين عاما. ولم يتزوّج بعدها أبدا. وبعد موت فيرا ظلّت اللوحة معلقة فوق طاولة في غرفته. وإحياءً لذكراها، بنى كنيسة في مكان لا يبعد كثيرا عن منزلهما. وعند قيام الثورة البلشفية أقفلت الكنيسة بعد نهب محتوياتها، ثم حوّلت إلى مخزن للأسمدة الكيماوية.
ولم يمض وقت طويل حتى قُبض على الكسندر نفسه وحُكم عليه بالنفي إلى احد معسكرات الغولاغ الذي كان عبارة عن سجن سياسي يُحكم فيه على المعارضين بالأعمال الشاقّة حتى الموت. وقد بقي هناك إلى أن أفرج عنه بموجب قرار عفو. كان الكسندر يواظب على زيارة قبر زوجته بانتظام إلى حين وفاته في يناير من عام 1932م.
كان عمر سيروف عندما رسم فيرا اثنين وعشرين عاما. وموهبته تتبدّى في هذه اللوحة بأجلى صورة. وقد جلبت له شهرة واسعة وأصبحت أشبه ما تكون بالأسطورة. وفي ما بعد، أصبح معلّما لا نظير له في رسم البورتريه. ومن المعروف انه تعلّم على يد ايليا ريبين واخذ عنه حبّه للحياة وعشقه للفنّ.
كان فالانتين سيروف إنسانا هادئا وشاعريّا بطبيعته. ومن الصعب أن نتذكّر رسّاما آخر من عصره، ربّما باستثناء ايساك ليفيتان، كان له أهمّية كبيرة وتأثير عميق على الفنّ الروسي بمثل ما كان لـ سيروف.