لم تحدث رحلة مثل هذه في الواقع. ولا الرسّام يحاول حملنا على الاعتقاد بأن الرحلة حدثت فعلا. التماثيل الكلاسيكية المطوّقة بالزهور، وكائنات كيوبيد الطائرة في منتصف الهواء، كلّها تبدو مثل عرض على خشبة مسرح. حركة العشّاق البطيئة، النسيم الذي يهفهف الأشجار، والضباب الذي يرحل فيه الرجال والنساء، تثير حالة شبيهة بالحزن الذي يعترينا عند الإحساس بانتهاء العطلة.
ورغم أن طبيعة الحياة اليوم أصبحت مختلفة نوعا ما، إلا أن لوحة جان انطوان واتو الرحيل إلى سيثيرا تثير صدى بعيداً آتياً من وراء القرون. فهذه الجزيرة، أي سيثيرا، تقع في اليونان، وبالتحديد في أقصى جنوب البحر الأيوني. وهي محاطة بالجبال وترتفع عن سطح البحر بأكثر من ألف وستمائة قدم. وفي العصور القديمة ساد اعتقاد بأن هذه الجزيرة كانت المكان الذي ولدت فيه فينوس أو افرودايت إلهة الجمال.
والرسّام يستلهم قصّة تلك الجزيرة ليصوّر الاحتفال الذي كان يحييه ارستقراطيّو فرنسا زمن الملك لويس الرابع عشر. كان أفراد النخبة يذهبون إلى الريف لينغمسوا في الملذّات والحفلات الماجنة في أجواء من البذخ والشهوة. و واتو هنا يخلق إحساسا بالامتداد الواسع بين الغابة البعيدة والضبابية وبين النباتات الخصبة والوفيرة. وهو تأثير يحرّض الناظر على أن يدخل في قلب المنظر.
في اللوحة نرى ريفا متحضّرا مشيّدا من عدّة طبقات فنّية. الرجال والنساء يبدون مستغرقين في أحاديث غزل بلا نهاية. وامرأة شابّة تنظر خلفها بحنين إلى المكان الذي قضت فيه للتوّ ساعات سعيدة. وامرأة أخرى تقبّل يد حبيبها الذي يساعدها على الوقوف. وعاشق آخر يضع يده حول خصر حبيبته كي يحرّضها على مرافقته. السفينة في أقصى يسار اللوحة مزيّنة بالحرير الأحمر بينما تتهادى بخفّة مثل حلم ذهبيّ فوق الأمواج.
الطبيعة الرعوية للمكان تحاول الإمساك بجوهر الجنّة. والجوّ فانتازي أكثر منه واقعيا. الألوان متناغمة. واستخدام فرشاة ناعمة يُنتج منظرا أشبه ما يكون بالحلم. ومن الصعب أن تعرف ما إذا كان الوقت ربيعا أو خريفا، فجرا أو غسَقا. الجانب المهيمن في اللوحة هو منظر الأشجار الرائعة والخضرة السامقة التي تحيط بالمكان والناس.
تماثيل فينوس والملائكة الصغار تولّد هالة ايروتيكية توحي بالجانب الحسّي للموضوع. أيّ مكانٍ يمكن أن يقترحه واتو كي يذهب إليه العشّاق أفضل من سيثيرا، جزيرة الحبّ؟! ومع ذلك، فتفاصيل اللوحة تشير إلى أن العشاّق يوشكون على مغادرة الجزيرة.
عُرف عن واتو ميله لاستخدام فرشاة خفيفة وناعمة كي يخلق جوّا حالما وضبابيّا. وهذا واضح في منظر الغيوم الخفيفة وأوراق الشجر الساكنة. ألوان الطبيعة متوافقة مع ملابس الأشخاص. والضوء في هذا المشهد الحالم ينعكس على ملابس الأشخاص باعثاً كرنفالا من الألوان الساطعة والمبهجة.
ربّما كان حبّ الرسّام للجغرافيا والأماكن الساحرة والفانتازية وعشقه للمسرح من بين الأسباب التي دعته لرسم هذه اللوحة الضخمة. وقد لزمه خمس سنوات كاملة كي ينجز رسمها. أما لماذا هذه الفترة الطويلة نسبيا، فلأنه كان يعمل في نفس الوقت على لوحات أخرى كُلّف برسمها.
وقد ثبت أن اللوحة هي إحدى تحفه الفنّية الكبيرة. كما أنها تمثل معلما مهمّا في تاريخ فنّ القرن الثامن عشر. ولطالما اُعجِب النقّاد بالبُنية المتناسقة للوحة والشعور الهادئ بالاستمرارية وحيوية ضربات الفرشاة والألوان الجميلة فيها. وبسبب النجاح الكبير الذي حقّقته، كُلّف واتو برسم نسخة ثانية منها بناءً على طلب صديق له يُدعى جان دي جوليان.
لوحة "الرحيل إلى سيثيرا" تثير إحساسا بالسعادة والمزاج المتفائل. فليس هناك أثر للحزن، ولا مكان هنا للقلوب الكسيرة. العشّاق يتجوّلون معا في المكان، بينما تظلّلهم آلهة الحبّ الصغيرة. واللوحة هي استعارة عن الغزل والوقوع في الحبّ. لكن بما أن المنظر يصوّر الرحيل عن موطن فينوس، فقد ذهب البعض إلى أن اللوحة ربّما ترمز إلى أن الحبّ إحساس عابر ولا يدوم طويلا.
وممّا لا شكّ فيه أن الطبيعة الضبابية الغامضة في خلفية المنظر هي احد الملامح المبتكرة في اللوحة. كما أنها تعكس تأثّر الرسّام بنوعية الطبيعة التي كان يرسمها كلّ من روبنز ودافنشي. "مترجم".
ورغم أن طبيعة الحياة اليوم أصبحت مختلفة نوعا ما، إلا أن لوحة جان انطوان واتو الرحيل إلى سيثيرا تثير صدى بعيداً آتياً من وراء القرون. فهذه الجزيرة، أي سيثيرا، تقع في اليونان، وبالتحديد في أقصى جنوب البحر الأيوني. وهي محاطة بالجبال وترتفع عن سطح البحر بأكثر من ألف وستمائة قدم. وفي العصور القديمة ساد اعتقاد بأن هذه الجزيرة كانت المكان الذي ولدت فيه فينوس أو افرودايت إلهة الجمال.
والرسّام يستلهم قصّة تلك الجزيرة ليصوّر الاحتفال الذي كان يحييه ارستقراطيّو فرنسا زمن الملك لويس الرابع عشر. كان أفراد النخبة يذهبون إلى الريف لينغمسوا في الملذّات والحفلات الماجنة في أجواء من البذخ والشهوة. و واتو هنا يخلق إحساسا بالامتداد الواسع بين الغابة البعيدة والضبابية وبين النباتات الخصبة والوفيرة. وهو تأثير يحرّض الناظر على أن يدخل في قلب المنظر.
في اللوحة نرى ريفا متحضّرا مشيّدا من عدّة طبقات فنّية. الرجال والنساء يبدون مستغرقين في أحاديث غزل بلا نهاية. وامرأة شابّة تنظر خلفها بحنين إلى المكان الذي قضت فيه للتوّ ساعات سعيدة. وامرأة أخرى تقبّل يد حبيبها الذي يساعدها على الوقوف. وعاشق آخر يضع يده حول خصر حبيبته كي يحرّضها على مرافقته. السفينة في أقصى يسار اللوحة مزيّنة بالحرير الأحمر بينما تتهادى بخفّة مثل حلم ذهبيّ فوق الأمواج.
الطبيعة الرعوية للمكان تحاول الإمساك بجوهر الجنّة. والجوّ فانتازي أكثر منه واقعيا. الألوان متناغمة. واستخدام فرشاة ناعمة يُنتج منظرا أشبه ما يكون بالحلم. ومن الصعب أن تعرف ما إذا كان الوقت ربيعا أو خريفا، فجرا أو غسَقا. الجانب المهيمن في اللوحة هو منظر الأشجار الرائعة والخضرة السامقة التي تحيط بالمكان والناس.
تماثيل فينوس والملائكة الصغار تولّد هالة ايروتيكية توحي بالجانب الحسّي للموضوع. أيّ مكانٍ يمكن أن يقترحه واتو كي يذهب إليه العشّاق أفضل من سيثيرا، جزيرة الحبّ؟! ومع ذلك، فتفاصيل اللوحة تشير إلى أن العشاّق يوشكون على مغادرة الجزيرة.
عُرف عن واتو ميله لاستخدام فرشاة خفيفة وناعمة كي يخلق جوّا حالما وضبابيّا. وهذا واضح في منظر الغيوم الخفيفة وأوراق الشجر الساكنة. ألوان الطبيعة متوافقة مع ملابس الأشخاص. والضوء في هذا المشهد الحالم ينعكس على ملابس الأشخاص باعثاً كرنفالا من الألوان الساطعة والمبهجة.
ربّما كان حبّ الرسّام للجغرافيا والأماكن الساحرة والفانتازية وعشقه للمسرح من بين الأسباب التي دعته لرسم هذه اللوحة الضخمة. وقد لزمه خمس سنوات كاملة كي ينجز رسمها. أما لماذا هذه الفترة الطويلة نسبيا، فلأنه كان يعمل في نفس الوقت على لوحات أخرى كُلّف برسمها.
وقد ثبت أن اللوحة هي إحدى تحفه الفنّية الكبيرة. كما أنها تمثل معلما مهمّا في تاريخ فنّ القرن الثامن عشر. ولطالما اُعجِب النقّاد بالبُنية المتناسقة للوحة والشعور الهادئ بالاستمرارية وحيوية ضربات الفرشاة والألوان الجميلة فيها. وبسبب النجاح الكبير الذي حقّقته، كُلّف واتو برسم نسخة ثانية منها بناءً على طلب صديق له يُدعى جان دي جوليان.
لوحة "الرحيل إلى سيثيرا" تثير إحساسا بالسعادة والمزاج المتفائل. فليس هناك أثر للحزن، ولا مكان هنا للقلوب الكسيرة. العشّاق يتجوّلون معا في المكان، بينما تظلّلهم آلهة الحبّ الصغيرة. واللوحة هي استعارة عن الغزل والوقوع في الحبّ. لكن بما أن المنظر يصوّر الرحيل عن موطن فينوس، فقد ذهب البعض إلى أن اللوحة ربّما ترمز إلى أن الحبّ إحساس عابر ولا يدوم طويلا.
وممّا لا شكّ فيه أن الطبيعة الضبابية الغامضة في خلفية المنظر هي احد الملامح المبتكرة في اللوحة. كما أنها تعكس تأثّر الرسّام بنوعية الطبيعة التي كان يرسمها كلّ من روبنز ودافنشي. "مترجم".