إسبانيا، طليطلة، والأطراف المستطيلة والألوان النابضة بالحياة. هذه هي الكلمات التي تقفز إلى الذهن عندما يُذكر اسم إل غريكو، احد أعظم الرسّامين في التاريخ.
أصله من جزيرة كريت باليونان. وقد بدأ مسيرته كرسّام باسمه الأصلي دومينيكو ثيوتوكوبولوس. عمل في البداية كرسّام للأيقونات. لكن الأيقونات مسطّحة ولا حياة فيها. كما أنها قديمة الطراز. لذا قرّر دومينيكو أن يتعلّم فنّ الرسم الواقعي. وبحكم كونه مواطنا من فينيسيا، التي كانت تحتلّ كريت في ذلك الوقت، فقد اختار أن يسافر إلى فينيسيا. وفيها تعلّم كل ما استطاع أن يتعلّمه من الرسّامين الكبار مثل تيشيان وتينتوريتو وغيرهما. كما أتقن الأسلوب الفنّي الجديد المسمّى الماناريزم أو الأناقة المتكلّفة.
وبعد قضائه بعض الوقت في فينيسيا وروما، ذهب دومينيكو إلى إسبانيا. وهناك منحه المعجبون به اسمه الذي سيشتهر به في ما بعد: إل غريكو، الذي يعني "الإغريقي". ومع ذلك، ظلّ طوال حياته يوقّع لوحاته باسمه الحقيقي مكتوبا بأحرف يونانية، ما يدلّ على أنه كان شخصا شديد الاعتزاز بتراثه.
تحفة إل غريكو الكبرى هي لوحته دفن كونت اورغاس. وهي ليست أفضل أعماله فحسب، وإنما يمكن اعتبارها أيضا أحد أفضل الأعمال الفنّية في العالم.
اللوحة تصوّر حادثة وفاة ودفن والي بلدة اورغاس الذي تذكر أسطورة من القرن الرابع عشر انه عندما مات حضر دفنه قدّيسان نزلا من السماء، تكريما له على عطاياه السخيّة للكنيسة. ويظهر القدّيسان في اللوحة وهما يرتديان الملابس المطرّزة بينما يعتمر احدهما تاج البابوية، وسط دهشة وانبهار المشيّعين.
رسم إل غريكو اللوحة عام 1586 بتكليف من احد الكرادلة كي تُعلّق على جدار كنيسة سانتو توم في طليطلة. الشكل غير المألوف للوحة "أي رأسها المستدير" يعود إلى حقيقة أنها رُسمت لتناسب جدارا بهذا الشكل في الكنيسة.
في اللوحة يرسم الفنّان روح كونت اورغاس على هيئة طفل وهي تصعد إلى السماء بمساعدة ملاك، بينما يتمّ إنزال جسده المادّي في نعش. وقد قسم الرسّام المنظر إلى جزأين: جزء علوي تظهر فيه العذراء وابنها وحشد من الملائكة، بينما ملأ الجزء السفلي بالنبلاء والوجهاء الذين يتابعون مراسم الدفن التي تجري أمامهم.
الطريقة التي وزّع فيها الرسّام الأشخاص في هذه اللوحة مثيرة للانتباه. في أسفل الزاوية اليسرى نرى صبيّا صغيرا يشير إلى كُمّ احد القدّيسين. هذا الطفل هو ابن إل غريكو، جورج مانويل. وفي جيب سترته يظهر منديل نُقش عليه توقيع الفنّان وتاريخ 1578، أي عام ولادة الصبي.
الشخص الوحيد في اللوحة الذي ينظر باتجاه المتلقّي "أي السابع من اليسار" هو إل غريكو نفسه. ووجهه يظهر مباشرة فوق اليد الممدودة التي تعلو رأس احد القدّيسين.
أصله من جزيرة كريت باليونان. وقد بدأ مسيرته كرسّام باسمه الأصلي دومينيكو ثيوتوكوبولوس. عمل في البداية كرسّام للأيقونات. لكن الأيقونات مسطّحة ولا حياة فيها. كما أنها قديمة الطراز. لذا قرّر دومينيكو أن يتعلّم فنّ الرسم الواقعي. وبحكم كونه مواطنا من فينيسيا، التي كانت تحتلّ كريت في ذلك الوقت، فقد اختار أن يسافر إلى فينيسيا. وفيها تعلّم كل ما استطاع أن يتعلّمه من الرسّامين الكبار مثل تيشيان وتينتوريتو وغيرهما. كما أتقن الأسلوب الفنّي الجديد المسمّى الماناريزم أو الأناقة المتكلّفة.
وبعد قضائه بعض الوقت في فينيسيا وروما، ذهب دومينيكو إلى إسبانيا. وهناك منحه المعجبون به اسمه الذي سيشتهر به في ما بعد: إل غريكو، الذي يعني "الإغريقي". ومع ذلك، ظلّ طوال حياته يوقّع لوحاته باسمه الحقيقي مكتوبا بأحرف يونانية، ما يدلّ على أنه كان شخصا شديد الاعتزاز بتراثه.
تحفة إل غريكو الكبرى هي لوحته دفن كونت اورغاس. وهي ليست أفضل أعماله فحسب، وإنما يمكن اعتبارها أيضا أحد أفضل الأعمال الفنّية في العالم.
اللوحة تصوّر حادثة وفاة ودفن والي بلدة اورغاس الذي تذكر أسطورة من القرن الرابع عشر انه عندما مات حضر دفنه قدّيسان نزلا من السماء، تكريما له على عطاياه السخيّة للكنيسة. ويظهر القدّيسان في اللوحة وهما يرتديان الملابس المطرّزة بينما يعتمر احدهما تاج البابوية، وسط دهشة وانبهار المشيّعين.
رسم إل غريكو اللوحة عام 1586 بتكليف من احد الكرادلة كي تُعلّق على جدار كنيسة سانتو توم في طليطلة. الشكل غير المألوف للوحة "أي رأسها المستدير" يعود إلى حقيقة أنها رُسمت لتناسب جدارا بهذا الشكل في الكنيسة.
في اللوحة يرسم الفنّان روح كونت اورغاس على هيئة طفل وهي تصعد إلى السماء بمساعدة ملاك، بينما يتمّ إنزال جسده المادّي في نعش. وقد قسم الرسّام المنظر إلى جزأين: جزء علوي تظهر فيه العذراء وابنها وحشد من الملائكة، بينما ملأ الجزء السفلي بالنبلاء والوجهاء الذين يتابعون مراسم الدفن التي تجري أمامهم.
الطريقة التي وزّع فيها الرسّام الأشخاص في هذه اللوحة مثيرة للانتباه. في أسفل الزاوية اليسرى نرى صبيّا صغيرا يشير إلى كُمّ احد القدّيسين. هذا الطفل هو ابن إل غريكو، جورج مانويل. وفي جيب سترته يظهر منديل نُقش عليه توقيع الفنّان وتاريخ 1578، أي عام ولادة الصبي.
الشخص الوحيد في اللوحة الذي ينظر باتجاه المتلقّي "أي السابع من اليسار" هو إل غريكو نفسه. ووجهه يظهر مباشرة فوق اليد الممدودة التي تعلو رأس احد القدّيسين.
ليس من الواضح ما إذا كان إل غريكو قد شهد فعلا مثل هذه الجنازة، أو انه فقط رسم المشهد من الذاكرة. تقسيم اللوحة إلى جزأين، سماوي وأرضي، يبدو اقرب ما يكون إلى الفانتازيا. ومن الواضح أن الفنّان أضفى على ملامح شخوصه مسحة محلية تؤكّدها قسَمات الوجوه التي تبدو اسبانية جدّا. العنصر الوحيد الواضح الذي يربط جزأي اللوحة معا هو الشبه المادّي. فالقدّيسان والبشر يحملون نفس السمات تقريبا.
اللوحة أيضا تتضمّن بورتريها لـ فيليب الثاني ملك اسبانيا الذي يظهر بين القدّيسين. إمبراطورية فيليب في ذلك الوقت كانت أكبر امبراطورية في أوربّا. كانت تضمّ أراضي هولندا ونابولي وجنوب ايطاليا ومستعمرات في جنوب أمريكا. اسبانيا آنذاك ينطبق عليها وصف الامبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس.
كان فيليب يعيش حياته منفصلا عن رعيّته. تقاليد القصر التي ورثها عن أبيه كانت تفرض عليه أن يحتفظ بمسافة تفصله عن الشعب. فقط نخبة صغيرة كان مسموحا لها بأن تأتي إلى القصر وتقابل الملك. وأيّ شخص يأتي ليقابله أو يطلب منه شيئا كان عليه أن يفعل ذلك وهو جاثٍ على ركبتيه.
التغيير الوحيد الذي أحدثه فيليب ولم يكن معمولا به زمن والده هو أن الرهبان لم يعودوا ملزمين بالانحناء أمامه. لقد منح سفراء مملكة السماء الذين كان يعيّنهم بنفسه مكانة أعلى بكثير من المسئولين عن الشئون الدنيوية.
وكانت لدى الملك وتحت تصرّفه أداة قويّة تتمثّل بمحاكم التفتيش التي كانت تخدم مصلحة الدولة باضطهادها كلّ من لم يكن يعتنق الكاثوليكية.
لأكثر من سبعمائة عام، بسط العرب سيطرتهم على كامل جزيرة ايبيريا قبل أن يُهزموا عام 1492م. فقط العائلات التي تحوّلت من الإسلام إلى المسيحية سُمح لها بالبقاء في اسبانيا. ورغم أن مئات ألوف المسلمين واليهود كانوا قد غادروا البلاد، إلا أن فيليب كان ما يزال يرى أن اسبانيا الكاثوليكية تواجه تهديدين: الكفّار الذين كانوا يجاملون المسيح ظاهريا، والزنادقة الذين كانوا يخطّطون للتمرّد على حكمه.
محاكم التفتيش كانت عبارة عن شرطة سرّية تدافع عن الوضع القائم وتحوّل إلى الدولة ثروات وممتلكات أولئك الذين يعارضونها. الاضطهاد العرقي والديني كان احد العوامل الرئيسية التي أدّت إلى انهيار الإمبراطورية الاسبانية.
كان اليهود متخصّصين في المال والتجارة الخارجية. أفضل أطبّاء البلاد كانوا من اليهود. وكانوا يمثّلون نخبة أساتذة الجامعات.
من جهتهم، كان المسلمون قد زرعوا مناطق شاسعة من البلاد. ونجاح الزراعة كان يعتمد على نظم الريّ التي أتوا بها إلى اسبانيا. وبعد مغادرة هؤلاء أصبحت المزارع قاحلة وأفرغت القرى من سكّانها وانهارت مؤسّسات التجارة.
بالنسبة لـ فيليب ورجال الدين، فإن عظمة اسبانيا كانت اقلّ أهمّية بكثير من الدفاع عن الدين.
ويبدو أن التعصّب الديني وغير العقلاني للملك كان العامل الأساس الذي اكسبه مكانا بين قدّيسي السماء في لوحة إل غريكو.
اللوحة أيضا تتضمّن بورتريها لـ فيليب الثاني ملك اسبانيا الذي يظهر بين القدّيسين. إمبراطورية فيليب في ذلك الوقت كانت أكبر امبراطورية في أوربّا. كانت تضمّ أراضي هولندا ونابولي وجنوب ايطاليا ومستعمرات في جنوب أمريكا. اسبانيا آنذاك ينطبق عليها وصف الامبراطورية التي لم تكن تغيب عنها الشمس.
كان فيليب يعيش حياته منفصلا عن رعيّته. تقاليد القصر التي ورثها عن أبيه كانت تفرض عليه أن يحتفظ بمسافة تفصله عن الشعب. فقط نخبة صغيرة كان مسموحا لها بأن تأتي إلى القصر وتقابل الملك. وأيّ شخص يأتي ليقابله أو يطلب منه شيئا كان عليه أن يفعل ذلك وهو جاثٍ على ركبتيه.
التغيير الوحيد الذي أحدثه فيليب ولم يكن معمولا به زمن والده هو أن الرهبان لم يعودوا ملزمين بالانحناء أمامه. لقد منح سفراء مملكة السماء الذين كان يعيّنهم بنفسه مكانة أعلى بكثير من المسئولين عن الشئون الدنيوية.
وكانت لدى الملك وتحت تصرّفه أداة قويّة تتمثّل بمحاكم التفتيش التي كانت تخدم مصلحة الدولة باضطهادها كلّ من لم يكن يعتنق الكاثوليكية.
لأكثر من سبعمائة عام، بسط العرب سيطرتهم على كامل جزيرة ايبيريا قبل أن يُهزموا عام 1492م. فقط العائلات التي تحوّلت من الإسلام إلى المسيحية سُمح لها بالبقاء في اسبانيا. ورغم أن مئات ألوف المسلمين واليهود كانوا قد غادروا البلاد، إلا أن فيليب كان ما يزال يرى أن اسبانيا الكاثوليكية تواجه تهديدين: الكفّار الذين كانوا يجاملون المسيح ظاهريا، والزنادقة الذين كانوا يخطّطون للتمرّد على حكمه.
محاكم التفتيش كانت عبارة عن شرطة سرّية تدافع عن الوضع القائم وتحوّل إلى الدولة ثروات وممتلكات أولئك الذين يعارضونها. الاضطهاد العرقي والديني كان احد العوامل الرئيسية التي أدّت إلى انهيار الإمبراطورية الاسبانية.
كان اليهود متخصّصين في المال والتجارة الخارجية. أفضل أطبّاء البلاد كانوا من اليهود. وكانوا يمثّلون نخبة أساتذة الجامعات.
من جهتهم، كان المسلمون قد زرعوا مناطق شاسعة من البلاد. ونجاح الزراعة كان يعتمد على نظم الريّ التي أتوا بها إلى اسبانيا. وبعد مغادرة هؤلاء أصبحت المزارع قاحلة وأفرغت القرى من سكّانها وانهارت مؤسّسات التجارة.
بالنسبة لـ فيليب ورجال الدين، فإن عظمة اسبانيا كانت اقلّ أهمّية بكثير من الدفاع عن الدين.
ويبدو أن التعصّب الديني وغير العقلاني للملك كان العامل الأساس الذي اكسبه مكانا بين قدّيسي السماء في لوحة إل غريكو.
شكل اللوحة الكبير وتأثيرها الصوري الأخّاذ يتناسبان مع دعاية الإصلاح الكاثوليكي المضادّ. البروتستانت كانوا يطمحون إلى تطهير جميع الكنائس من الزخارف والصور. والكاثوليك كانوا يرون خلاف ذلك. كانت حجّتهم هي أن الكنيسة بيت الربّ. وإذن لا بدّ من اللجوء إلى كلّ وسيلة لتزيينها إكراما له.
كان إل غريكو محاطا بالمشاكل المالية طوال حياته. لم يكن أميرا بين الرسّامين مثل تيشيان. ويقال بأن البابا بايوس الخامس "التقيّ" أزعجه عري الأشخاص الذين رسمهم ميكيل انجيلو في سقف كنيسة سيستينا. وقد عرض عليه إل غريكو أن يعيد رسم نفس الأشخاص، لكن بهيئة أكثر احتشاما.
ليس معروفا لماذا اختار إل غريكو أن يقيم في اسبانيا إقامة دائمة. قد يكون ضاق ذرعا بهوس فنّاني روما بالجمال المعماري. وربّما كان يساوره الأمل في أن يوفّر له احتفاؤه بالحياة الأخرى اعترافا أفضل في اسبانيا.
في العام 1579، كلّف الملك فيليب إل غريكو برسم لوحة له. ويبدو أن الملك لم يحبّ تلك اللوحة كثيرا. لكن كان هناك عامل أسهم في تقريب كلّ منهما للآخر. فبالنسبة لهما، فإن حياة الآخرة أكثر أهمّية من هذه الحياة الزائلة. كان فيليب يفضّل أن يحكم من قصر الاسكوريال بصحبة الرهبان. وكان أمرا باعثا على السرور أن يرى مذبح الكنيسة من فوق سريره في القصر. هذه الأمور كانت بالنسبة لـ فيليب أكثر أهمّية من امبراطوريّته.
في عام 1588، هُزمت الارمادا الاسبانية. وفي عام 1598، أي سنة وفاته، دفعت الضغوط المالية فيليب لأن يوقف حربه ضدّ فرنسا والمقاطعات الشمالية، بينما كانت هولندا قد خرجت تماما عن سيطرته.
كلّ أعمال إل غريكو، وخاصّة هذه اللوحة، تشهد على إيمان الرسّام بمملكة السماء التي كان يعتبرها أهمّ وأكثر واقعية من العالم الذي نعيش فيه.
فقط في الجزء العلوي من اللوحة تبدأ الحياة. هذا الجزء يبدو ديناميكيا بتأثير الضوء واستخدام العمق والخطوط التي تدفع العين للنظر إلى أعلى.
لكن لم يكن كلّ الأسبان يؤمنون بتجاهل الواقع والاستغراق في الغيبيات. الكاتب ميغيل دي ثيرفانتيس مثلا، والذي كان معاصرا لـ إل غريكو وفيليب الثاني، كان يتبنّى نظرة مختلفة. ورغم انه لم يهاجم أو ينتقد الحماسة الدينية المفرطة لمواطنيه، إلا أن شخصية دون كيشوت، رغم مثاليّتها، توضّح المخاطر التي يتعرّض لها شخص يعيش في عالم من الفانتازيا ويبحث عن المثاليات، غافلا عن رؤية الأرض التي تحت قدميه. .
كان إل غريكو محاطا بالمشاكل المالية طوال حياته. لم يكن أميرا بين الرسّامين مثل تيشيان. ويقال بأن البابا بايوس الخامس "التقيّ" أزعجه عري الأشخاص الذين رسمهم ميكيل انجيلو في سقف كنيسة سيستينا. وقد عرض عليه إل غريكو أن يعيد رسم نفس الأشخاص، لكن بهيئة أكثر احتشاما.
ليس معروفا لماذا اختار إل غريكو أن يقيم في اسبانيا إقامة دائمة. قد يكون ضاق ذرعا بهوس فنّاني روما بالجمال المعماري. وربّما كان يساوره الأمل في أن يوفّر له احتفاؤه بالحياة الأخرى اعترافا أفضل في اسبانيا.
في العام 1579، كلّف الملك فيليب إل غريكو برسم لوحة له. ويبدو أن الملك لم يحبّ تلك اللوحة كثيرا. لكن كان هناك عامل أسهم في تقريب كلّ منهما للآخر. فبالنسبة لهما، فإن حياة الآخرة أكثر أهمّية من هذه الحياة الزائلة. كان فيليب يفضّل أن يحكم من قصر الاسكوريال بصحبة الرهبان. وكان أمرا باعثا على السرور أن يرى مذبح الكنيسة من فوق سريره في القصر. هذه الأمور كانت بالنسبة لـ فيليب أكثر أهمّية من امبراطوريّته.
في عام 1588، هُزمت الارمادا الاسبانية. وفي عام 1598، أي سنة وفاته، دفعت الضغوط المالية فيليب لأن يوقف حربه ضدّ فرنسا والمقاطعات الشمالية، بينما كانت هولندا قد خرجت تماما عن سيطرته.
كلّ أعمال إل غريكو، وخاصّة هذه اللوحة، تشهد على إيمان الرسّام بمملكة السماء التي كان يعتبرها أهمّ وأكثر واقعية من العالم الذي نعيش فيه.
فقط في الجزء العلوي من اللوحة تبدأ الحياة. هذا الجزء يبدو ديناميكيا بتأثير الضوء واستخدام العمق والخطوط التي تدفع العين للنظر إلى أعلى.
لكن لم يكن كلّ الأسبان يؤمنون بتجاهل الواقع والاستغراق في الغيبيات. الكاتب ميغيل دي ثيرفانتيس مثلا، والذي كان معاصرا لـ إل غريكو وفيليب الثاني، كان يتبنّى نظرة مختلفة. ورغم انه لم يهاجم أو ينتقد الحماسة الدينية المفرطة لمواطنيه، إلا أن شخصية دون كيشوت، رغم مثاليّتها، توضّح المخاطر التي يتعرّض لها شخص يعيش في عالم من الفانتازيا ويبحث عن المثاليات، غافلا عن رؤية الأرض التي تحت قدميه. .