الخميس، أكتوبر 10، 2024

خواطر في الأدب والفن


  • يقال أن تاجرا اشترى لوحة تحمل توقيع الرسّام بابلو بيكاسو. وسافر الرجل إلى باريس ليتحقّق من بيكاسو نفسه ممّا إذا كانت الصورة أصلية أم لا. كان الفنّان يعمل في مرسمه عندما وصل الرجل حاملا اللوحة. وقد ألقى نظرة واحدة على اللوحة ثم قال على الفور: إنها مزيّفة".
    وبعد بضعة أشهر، اشترى التاجر لوحة أخرى تحمل توقيع بيكاسو أيضا. وسافر ثانيةً إلى باريس ليستفسر من الرسّام عن رأيه في أصالة اللوحة من عدمها. وبعد أن تفحّصها بيكاسو قال بسرعة: هذه أيضا لوحة مزيّفة". قال له التاجر: لكنّي رأيتك بعيني ترسم هذه الصورة قبل سنوات، فكيف تكون مزوّرة؟!
    وهنا هزّ بيكاسو كتفيه وقال: أنا أيضا أرسم أشياء مزيّفة في كثير من الأحيان".
    والمعنى الكامن في كلام بيكاسو هو أن أيّ لوحة، مهما كانت أصلية، قد تبدو وكأنها تكرار أو تنويع على موضوع أو فكرة رُسمت من قبل. وقد يكون المقصود أن اللوحة أعيد رسمها، لكن صانعها الجديد لم يُضِف إليها شيئا أو لم يمنحها روحا جديدة.
  • ❉ ❉ ❉


  • كان آرثر كوستلر (1905 - 1983) مفكّرا وصحفيّا بريطانيّا من أصل مجري. وقد عُرف بتناوله للقضايا السياسية والفلسفية. ودفع اهتمام كوستلر بالفلسفة والعلم إلى استكشاف مواضيع الوعي والإبداع وطبيعة الوجود البشري. وبصفته مثقّفا يهوديّا، اضطرّ للفرار بعد صعود الفاشية في أوروبّا وعانى من صدمة المنفى. ولذا أصبح النزوح والبحث عن هويّة وعن معنى للحياة من الأفكار المتكرّرة في كتاباته.
    وقد نال كوستلر عددا من الجوائز ورُشّح لنيل جائزة نوبل. روايته "الظلام عند الظهيرة" تُعتبر واحدة من أعظم الأعمال المناهضة للستالينية. ومن أشهر كتبه الأخرى "السائرون نياماً" الذي يعتبره بعض النقّاد كتابا ملهِما وتحفة في التاريخ السردي.
    تجارب كوستلر الحياتية اتسمت بالاضطرابات السياسية والصدمات الشخصية والاستقصاء الفلسفي وأسهمت في صوغ صوته الأدبي وأثّرت عميقا على كتاباته وفلسفته. ولا تزال أعماله يتردّد صداها الى اليوم بسبب نقاشاتها المعمّقة للظرف الإنساني في مواجهة الإيديولوجيات القمعية.
    هنا بعض أهمّ آراء ومقولات آرثر كوستلر المشهورة المستمدّة من كتبه ومقابلاته..
    -إذا كانت الطبيعة تكره الفراغ، فإن العقل يكره ما لا معنى له. أظهِر لشخص بقعة حبر وسيبدأ على الفور بترتيبها في تسلسل هرمي من الأشكال والمخالب والعجلات والأقنعة.
    -إن فضاء آينشتاين ليس أقرب إلى الواقع من سماء فان غوخ. ومجد العلم لا يكمن في حقيقة أكثر عمقا من حقيقة باخ أو تولستوي، بل في فعل الخلق ذاته.
    -ذهبتُ إلى الماركسية كما يذهب المرء إلى نبع ماء عذب. وغادرتها كما يخرج المرء من نهر مسموم مليء بحطام المدن الغارقة وجثث الغرقى.
    -منذ عام 408، كانت أوربا كلّما وجدت نفسها في مأزق أو في مزاج بحثي، تتجه بحنين إلى الهند، أرض التوابل الطبخية والروحية. وكان أوغستينوس الشخص الأكثر تأثيرا خلال العصور المظلمة. وقد تأثّر ببلوتينوس الذي تأثّر بدوره بالتصوّف الهندي. وقبل وقت طويل من اكتشاف ألدوس هكسلي أن اليوغا علاج "لعالمنا الجديد الشجاع"، وصف شوبنهاور ملحمة الأوبانيشاد الهندية بأنها عزاء حياته.
    -ينبغي أن يكون طموح الكاتب هو استبدال مائة قارئ معاصر بعشرة قرّاء بعد عشر سنوات، وبقارئ واحد بعد مائة عام!
    -لا يوجد في السجن ما هو أسوأ من وعي الإنسان ببراءته، فهو يمنعه من التأقلم ويقوّض معنوياته.
    -لقد علّمَنا التاريخ أن الكذب غالباً ما يخدم مصالحه بشكل أفضل من الحقيقة. فالإنسان بطيء الحركة ويجب أن يُقاد عبر الصحراء لأربعين عاماً قبل أن يخطو خطوةً في تطوّره. ثم لا بدّ أن يُقاد عبر الصحراء بالتهديدات والوعود وبالمخاوف والتعزيات الخيالية، حتى لا يجلس قبل الأوان للراحة ويَشْغل نفسه بعبادة العجول الذهبية.


  • -إن المشنقة ليست رمزاً للموت فحسب، بل هي أيضاً رمز للقسوة والإرهاب وعدم احترام الحياة. وهي القاسم المشترك بين الوحشية البدائية وتعصّب العصور الوسطى والاستبداد الحديث.
    -شهد القرن السادس قبل الميلاد ظهور بوذا وكونفوشيوس ولاو تسو والفلاسفة الأيونيين وفيثاغوراس. كما كان ذلك القرن المُعجز نقطة تحوّل في تاريخ البشرية. وبدا وقتها وكأن نسيم شهر مارس يهبّ عبر الكوكب من الصين إلى ساموس فيثير وعي الإنسان. وكان الفكر العقلاني ينبثق من عالم الأحلام الأسطوري، وهو ما أدّى الى إحداث تغيير جذري في حياة البشر على مدى الألفي عام التالية وبأكثر ممّا فعلته المائتا ألف عام السابقة.
    -إن الرغبة في مقابلة مؤلّف لأنك تحبّ كتبه أمر سخيف مثل الرغبة في مقابلة الإوزّة لأنك تحبّ فطيرة كبد الإوز.
    -يمكن للغة أن تصبح بمثابة حاجز بين المفكّر والواقع. ولهذا السبب فإن الإبداع الحقيقي يبدأ في كثير من الأحيان حيث تنتهي اللغة.
    -من غير المستغرب أن ترتكز شهرة غاليليو على اكتشافات لم يقم بها قط، وعلى مآثر لم يكتسبها أبدا. وعلى النقيض ممّا تذكره كتب العلوم الحديثة، فإن غاليليو لم يخترع التلسكوب ولا المجهر ولا مقياس الحرارة ولا ساعة البندول. كما أنه لم يكتشف قانون القصور الذاتي ولا متوازي الأضلاع للقوى أو الحركات ولا البقع الشمسية. ولم يقدّم أيّ مساهمة في علم الفلك النظري ولم يُسقِط الأثقال من برج بيزا المائل ولم يُثبت صحّة نظام كوبرنيكوس. كما أنه لم يتعرّض للتعذيب من قبل محاكم التفتيش ولم يذق طعم الذلّ في زنزانات تلك المحاكم ولم يقل "افعلوا ما يحلو لكم" ولم يكن شهيدا للعلم.
    -إن الصوت الأكثر استمرارا والذي يتردّد صداه عبر تاريخ الإنسان هو صوت طبول الحرب.

    ❉ ❉ ❉


  • ذات صباح ربيعي، كان رجل يتمشّى في حديقة عامّة عندما رأى من بعيد شجرة طويلة تتدلّى من أغصانها الجافّة العارية ثمار طويلة متيبّسة. وبدافع الفضول، أسرع في السير باتجاه الشجرة الغامضة التي كانت تقف بعيداً وفي عزلة عن بقية الأشجار. وعندما اقترب منها، نظر إليها وهو غير مصدّق ما رآه.
    فمن أدنى الأغصان الى أعلاها، كانت شرائط طويلة ملوّنة اقتُطعت من أكياس بلاستيكية ترفرف في رياح الربيع مثل رجل أصلع يضع شعراً مستعاراً. نظر الرجل حوله متلهّفاً للحصول على تفسير. فأخبره شخص رآه يحدّق في الشجرة أنه بعد شتاء قاسٍ، ظلّت الشجرة يابسة لمدّة عامين متتاليين وقرّر جنايني تعليق كلّ تلك الشرائط البلاستيكية الملوّنة على أغصانها لإعطائها بعض الأمل في أنها ما تزال قادرة على حمل الثمار إذا أرادت.
    لم يكن واضحا ما إذا كان قلب الشجرة قد تحمّس لتلك الشرائط الملوّنة أو أنه أصبح أخضر مرّة أخرى. لكن ما حدث يمكن أن يكون رمزا لجهد الإنسان في خلق مساحة من الأمل حتى عندما لا يكون هناك مجال لأيّ أمل.
  • ❉ ❉ ❉


  • ما الفرق بين الفنّ الحديث والفنّ المعاصر؟
    بعض النقّاد يشيرون الى ان مفهوم الفنّ الحديث modern art يغطّي الفترة من عام ١٨٠٠ الى ١٩٧٠. وقد ظهر هذا الفنّ كردّ فعل على الثورة الصناعية.
    وقبل القرن التاسع عشر، كان الفنّانون يعملون لحساب رعاة أثرياء او مؤسّسات متنفّذة كالكنيسة الكاثوليكية. وقد سمح الفنّ الحديث للفنّان بأن يتحرّر من إملاءات الرعاة، فيرسم مواضيع من اختياره وبحسب نظرته هو للعالم.
    بالنسبة للفنّ المعاصر contemporary art، لا يوجد له تعريف مجمَع عليه ولا اجابة عن أين ينتهي الفنّ الحديث ويبدأ المعاصر. لكنّ هناك اتفاقا على ان الفنّ المعاصر يتعلّق بالزمن الحاضر الذي قد يكون ١٢ شهرا او ١٠ سنوات. كما انه يستخدم الاساليب الرقمية والديكور وكثيرا من الألوان.

  • Credits
    arthurkoestler.com
    pablopicasso.org