:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الأحد، أغسطس 10، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • منذ القدم، اعتقدَ الصينيون أن هناك أرنباً على القمر. وقبل هبوط الإنسان على سطحه، كان كتّاب الخيال العلمي يعتقدون أن في القمر جنّة براءة فطرية. ومنذ اختراع واستخدام التليسكوب على يد غاليليو وآخرين، ازدادت التكهّنات في القرن السابع عشر حول ما إذا كان القمر مأهولا ورُسمت خرائط فلكية لسطحه. وفي عشرينات القرن السابع عشر، ألّف فرانسيس غودوين كتابا بعنوان "الرجل في القمر"، جادل فيه بأن الرحلة إلى القمر ليست أكثر روعةً من رحلة إلى أمريكا. وخمّن أن القمر "مأهول بمسيحيين طوال القامة يعيشون في جنّة رعوية".
    وبحسب توماس براون، فإنه عادةً ما توصف الشمس والقمر بوجوه بشرية. وهناك بعض الشك فيما إذا كان هذا تقليدا وثنيّا أو ما إذا كانت هذه الوجوه تشير في البداية إلى أبوللو وديانا.
    عالم النفس كارل يونغ يعرّف الوجوه التي يتخيّل بعض الناس أنهم يرونها في هالة القمر بأنها "الخيال النشط" للكيميائي. أما اليوم فإن رؤية الوجوه في ظواهر كالسحب وقشور البيض وسطح القمر تُعرّف بأنها نتيجة الباريدوليا Pareidolia. وهي ظاهرة نفسية تتضمّن إدراك المثيرات الغامضة والعشوائية، كالأنماط والعلامات الموجودة في الطبيعة. لكن ما كان يُعرف حتى وقت قريب بالخيال البسيط، يُعرَّف الآن على أنه انحراف نفسي
    ! لذا إذا سبق لك أن رأيت صورة كلب أو حذاء في السحاب، فأنت تعاني ممّا يُسمّى "باريدوليا"، أي الميل إلى إدراك صورة ذات معنى بنمط عشوائي. وقد ظهرت هذه الكلمة في اللغة الإنغليزية عام ١٩٦٢، وأصلها ألماني ويعني صورة أو انعكاس.
    وعلى الرغم من أن الكلمة قد تكون جديدة نسبيّا على متحدّثي اللغة الإنغليزية، إلا أن مفهومها ليس كذلك. فخلال عصر النهضة مثلا استخدمها فنّانون مثل جوزيبي آرتشيمبولدو، الذي رسم مجموعات من الفواكه والخضروات وغيرها من الأشياء كي تبدو وكأنها صور بشرية.
    بينما كتب ليوناردو دافنشي ذات مرّة يقول: إذا نظرت إلى أيّ جدران مرقّطة ببقع مختلفة أو بمزيج من أنواع مختلفة من الأحجار، فسترى تشابها بينها وبين المناظر الطبيعية المختلفة المزيّنة بالجبال والأنهار والصخور والأشجار والسهول والوديان الواسعة والتلال".
    في فيلم المخرج جورج ميلييه "رحلة الى القمر" (فوق)، والذي يُعتبر أوّل فيلم خيال علمي في تاريخ السينما، يسافر مجموعة من علماء الفلك إلى القمر في كبسولة ويستكشفون سطحه. ثم يهربون خوفاً من مجموعة من سكّان القمر الأصليين الذين يعيشون تحت أرضه، ويعودون إلى أرضنا بعد أن يأسروا أحدهم.
    وعندما سُئل ميلييه عام ١٩٣٠ عن فيلمه، أشار إلى أنه استلهمه من كتابات جول فيرن. والفيلم يُعتبر عملا رائدا في سينما الخيال العلمي. وعلى الرغم من قصر مدّة عرضه، إلا أنه يتميّز بمؤثّرات بصرية مبتكرة وسرد خيالي. ويقول نقّاد السينما إن إبداع المخرج ورؤيته تجعلان فيلمه جوهرة سينمائية خالدة لا يزال تأثيرها ملموسا حتى اليوم. ومع ذلك، قد يجد بعض المشاهدين المعاصرين أسلوبه مسرحيا وقديما بعض الشيء.
    لكن لا شك في أن الفيلم يعتبر مَعلما مهمّا في تاريخ السينما. والسينما، كما نعرفها اليوم، مدينة بالفضل لهذا الفيلم ومخرجه الذي أحدث ثورة في السينما، على الرغم من أنه صامت تماما وبلا كلمات. ويمكن أيضا اعتبار فيلم ميلييه وداعاً بريئا لخرافة "الرجل في القمر". كما أنه توقّعَ، ليس فقط الإنجاز العظيم الذي حقّقه الإنسان عام 1969، وإنما أيضا استغلال الإنسان الجاهل والمتهوّر للبيئة.
  • ❉ ❉ ❉

  • اقتباسات...
    ○ لو لم تكن هناك شمس، لكانت كلّ الأشياء في هذا العالم سوداء وبيضاء. وعندما تكون كلّ الأشياء عديمة اللون، باستثناء الأبيض والأسود، فأيّ عالم سيكون عالمنا! عندما ترى منظرا ملوّنا، قد تسأل نفسك: ما هو ذلك الشيء الجميل؟ هل اللون هو ما يجذبك؟ هل هو البيت الأحمر الصغير؟ أم غروب الشمس المسائي؟ أم منظر البحر المتلألئ؟ هذا العالم الملوّن يحيط بنا، وكثيرا ما ننسى "لونه" الحقيقي. وصوري تهدف إلى إيصال رسالة تقول: عندما يفتقر العالم إلى الألوان، فأيّ عالم سيكون؟!"
    عادةً ما أختار لصوري أماكن أنيقة ونظيفة وخالية من الأنقاض، مثل هوكايدو الثلجية وآيسلندا الزاخرة بمناظرها الطبيعية الخلابة وشاطئ البحر الغني بالمساحات الإبداعية والصخور المنعزلة والأشجار والجزر. وشخصيّا أحبّ التصوير في اليابان، وخاصةً هوكايدو لنظافتها وترتيبها وتخطيطها الدقيق. هوكايدو الثلجية هادئة ونظيفة للغاية وأرضها غير المستوية مغطّاة بطبقة كثيفة من الثلج، ما يجعل الهدف أكثر وضوحا.
    أحبّ التصوير بالأبيض والأسود، لأنه يتيح لي رؤية المزيد من الألوان. وصوري هي محصّلة انتظار طويل. مثلا عند تصوير منظر بحري بغيوم أكثر وسماء زرقاء أقل، عليّ الانتظار حتى تتبدّد بعض الغيوم. أو ربّما أريد التصوير وقت شروق الشمس، ولأنني لا أحبّ أن تشرق الشمس مباشرة على عدستي، عليّ انتظار شروقها قبل التصوير. تقلّبات الطقس تلعب دورا كبيرا في عملية التصوير بأكملها. جفلن لنغ

    ○ في الفن والأدب، يشير مصطلح الجغرافيا النفسية Psychogeography إلى امتزاج علم النفس بالجغرافيا لاستكشاف الآثار العاطفية والسلوكية للبيئة الحضرية على الأفراد، مع التركيز على الزوايا الخفيّة والتاريخ الثقافي للمدينة والاستكشاف الحضري والروابط العاطفية التي نقيمها مع محيطنا.
    وأحيانا يعبَّر عن هذا بعبارة "التجوال في العالم الطبيعي"، الذي يتجاوز المكان المادّي ليتعلّق أكثر بالوصول إلى فضاء داخلي أو نفسي أو عاطفي. ومن أشهر الاعمال الأدبية التي تناولت الجغرافيا النفسية رواية "المدن غير المرئية" للكاتب الإيطالي ايتالو كالفينو.

    ○ مهمّة الفن هي تحويل ما يحدث لنا باستمرار إلى رموز، إلى موسيقى، إلى شيء يدوم في ذاكرة الإنسان. وعملُ الفنّان لا ينتهي أبدا ولا علاقة له بساعات العمل. أنت تتلقّى باستمرار أشياء من العالم الخارجي. وهذا الوحي قد يظهر في أيّ وقت. والفنّان لا يهدأ أبدا، إنه يعمل دائما حتى عندما يحلم. وهو يعيش حياته وحيدا. تعتقد أنك وحيد، ومع مرور السنين، إذا كانت النجوم في صفّك، فقد تكتشف أنك في قلب دائرة واسعة من الأصدقاء غير المرئيين الذين لن تتعرّف عليهم أبدا، لكنهم يحبّونك. وهذه مكافأة عظيمة. بورخيس

    ○ يروي الآيرلنديون قصّة رجل وصل إلى أبواب الجنّة وطلب الدخول. قال له القدّيس: بالتأكيد ستدخل، فقط أرِنا ندوبك". أجاب الرجل: ليس لديّ ندوب". قال القدّيس: يا للأسف! ألم يكن هناك ما يستحقّ القتال من أجله؟" فيلم "الطريق" 2010

    ○ لست معنيّا بالناس ولا بشئون العالم المعاصر. إذا كان المرء، وهو معلّم، لا يفكّر إلا في الثروة والمنزلة ولا يبالي بأهمية الأدب، فمن الأفضل ألا يكون لدينا معلّمون. وإذا كان المرء، وهو صديق، لا يفكّر إلا بالسلطة والمغنم ولا يهتمّ بالتبادل الحرّ للآراء والأفكار، فمن الأفضل ألا يكون لدينا أصدقاء. لذا أُغلقُ بابي وأُدندن بالقصائد والأغاني لوحدي. يوشيغي ياسوتي

    ○ إن عداء الإنسان تجاه الغرباء علامة على انعدام شعوره بالأمان الداخلي. أناييس نين

    ○ أحيانا كنت أستيقظ في الثانية أو الثالثة صباحا ولا أستطيع النوم ثانية، فأنهض من السرير وأذهب إلى المطبخ وأسكب لنفسي كأسا من الشراب. أحمل الكأس وأنظر إلى المقبرة المظلمة على الجانب الآخر من الطريق. كانت لحظات الزمن التي تربط الليل بالفجر طويلة ومظلمة. لو استطعت البكاء لأصبحت الأمور أسهل. لكن على ماذا وعلى من سأبكي؟ كنت أنانيّا جدّا بحيث لا أستطيع البكاء على الآخرين، وكبيرا جدّا بحيث لا أستطيع البكاء على نفسي. هاروكي موراكامي

  • Credits
    psychologytoday.com
    jefflinphotography.com