خواطر في الأدب والفن

"الرينكو" أو الشعر المترابط هو شكل أدبيّ فريد من نوعه في اليابان ولعبة صالون. حيث يجتمع عدد من الشعراء في أجواء مسترخية، يتناولون الشراب والعشاء معا. ثم يشرعون في تأليف قصيدة طويلة. يبدأ القائد بكتابة هايكو. ثم يسلّمه للشاعر الذي بجانبه، فيضيف له سطرين مكوّناً مقطعا. ويُعطى هذا المقطع للشاعر التالي الذي ينسخ هذين السطرين الإضافيين. وباستخدامهما كأسطر افتتاحية والانطلاق في اتجاه جديد، يؤلّف المقطع الثاني. وتستمرّ اللعبة. يساهم كل شاعر بمقطع تكون أسطره الافتتاحية دائما هي الأسطر الختامية للمقطع السابق.
ويستمرّ هذا حتى يكتمل 36 مقطعا أو أكثر. وكلّ مقطع مستقل هو نوع من القصيدة المصغّرة، لكنه مرتبط بالمقاطع الأخرى. يقتصر الرينكو فقط على خيال المشاركين، ويستمرّ في تغيير المشهد والموضوع والمزاج مع تقلّبات غير متوقّعة. ويمكن أن ينتقل الموضوع فجأة من الجبل إلى المدينة، من السامي إلى السخيف. كلّ شيء وارد، مع مراعاة قواعد معيّنة. مثلا في نقاط محدّدة، يجب الإشارة إلى القمر أو أزهار الكرز. وتُقرأ الأبيات بصوت عالٍ أثناء كتابتها، مع هتافات تقدير وضحك ومزيد من النبيذ.

❉ ❉ ❉

من خلال قراءة بعض قصص كافكا أو دراسة حياته المأساوية، تتوفّر للقارئ فكرة عن منظور شخص يشعر باليأس والعجز. لم تكن طفولته سعيدة. والده كان شخصا نرجسيّا ومسيئا. وكانت والدته غالبا بعيدة عنه عاطفيا.
في سيرته الذاتية، يتذكّر كافكا كيف أنه ذات مرّة عندما بكى طلبا للماء وهو صبيّ، ردّ عليه والده بطرده الى خارج الشقّة في منتصف الليل. وقيل إن من بين أسباب الخلاف مع والده أن كافكا "الإبن" كان غارقا في تراثه الديني والثقافي وكان ذلك باعثا لكره والده له.
ومن المؤكّد أن الأشخاص الحسّاسين مثل كافكا يتأثّرون بشدّة بالبيئة التي نشأوا فيها، إما للأفضل أو للأسوأ. ولو كان كافكا قد نشأ وسط عائلة أكثر حبّا ودعما، لكان من المرجّح أن يصبح شخصا مختلفا تماما. لكنه اقتنع دائما بأنه بغيض وغير محبوب، رغم وجود العديد من أصدقائه الذين كانوا يحبّونه بصدق.
ومن الواضح أنه عانى من الاكتئاب والقلق لسنوات عديدة. وكثير من قصصه تركّز بشكل شبه هوَسي على الاغتراب والانتحار وإيذاء النفس والقتل. ومع أن كافكا لم يكن متديّنا تقليديا، إلا أن تراثه اليهودي لعب دورا رئيسيا في كتاباته التي تتضمّن الكثير من الإشارات إلى الثقافة والممارسات اليهودية.
وأكثر ما يلفت الانتباه في كافكا هو استمرار أهميّته حتى اليوم. بل إن وجود شخصيات ومواقف "كافكاوية" اليوم أكبر بكثير مما كان عليه الحال أثناء حياته.

❉ ❉ ❉

❉ ❉ ❉

يعرّف علماء النفس "السيكوباتي" بأنه شخص مريض باضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، وهي حالة نفسية تتّسم بنمط من تجاهل حقوق ومشاعر الآخرين والافتقار إلى التعاطف وانتهاك الأعراف الاجتماعية والانخراط في سلوكيات خادعة ومؤذية دون شعور بالذنب أو الندم.
ومثل النرجسيين، يفتقر السيكوباتيون إلى التعاطف، ما يجعلهم خطرين للغاية. فهم لا يشعرون بالذنب أو الندم جرّاء تصرّفاتهم. ولو وضعك سوء حظّك يوما في مواجهة مع سيكوباتيّ، فقد تلاحظ أنه يتجاهل مشاعرك أو يطلق تعليقات قاسية أو يُظهر اللامبالاة ولا يبدي أيّ ردّ فعل يُذكر تجاه ألمك أو معاناتك نتيجة أفعاله. وهذا النقص في التعاطف يمكّنه من الانخراط في سلوكيات مؤذية دون أيّ اعتبار لتأثيراتها على الآخرين. وغالبا ما يخلّف هؤلاء وراءهم دمارا عاطفيا ونفسيا، مستغلّين نقاط ضعف الضحايا لمصلحتهم.
وبحسب علم النفس، فإن السايكوباتيين كاذبون وقادرون على خداع الآخرين بسهولة. وغالبا ما يروون أكاذيبهم بثقة عالية، لدرجة يصعب معها التمييز بين الحقيقة والخيال. ومع مرور الوقت، قد يقوّض خداعهم المستمر ثقة الضحايا بأنفسهم ويولّد لديهم حالة من الارتباك، ما يجعلهم يشعرون بالضياع وعدم الوثوق في تصوّراتهم الخاصّة.
وقد تُشعرك العلاقة مع شخص معتلّ اجتماعيا ونفسيا مثل هذا بالضياع والانكسار. ولكي تُشفى من تأثيره السام، يجب إعادة بناء ثقتك بنفسك والتواصل مجدّدا مع اهتماماتك وشغفك وقيمك. كما يجب أن تحيط نفسك بأشخاص داعمين وتنخرط في أنشطة تُمتّعك وتُسعدك. ودائما ذكّر نفسك بأنك تستحقّ الحبّ والاحترام والسعادة.

❉ ❉ ❉

اقتباسات...
○ لو طُلب منّي تلخيص الهدف الرئيسي لحياة الفرد في عبارة واحدة، لقلت إنه توسيع الشخصية. ما لم يتجاوز الإنسان حدود الطبقة والجنس والعرق والعمر والعقيدة، تبقى شخصيته بالضرورة ناقصة إلى حدّ كبير. ب. لورانس

○ تسنّ الحكومات قوانين متباينة، وترسّخ عادات متعارضة. تقتلع الجذور وتهجّر الأساس. بعد ذلك لا ينعم العالم بالسلام الحقيقي. ج. وينزي

○ أخبر رفيقك بالحقيقة، إسرقه وهو جائع، ثم أخبره لاحقا. ولا تحدّث أطفالك أبدا عن "الحرب المقدّسة"! قل لهم الحقيقة، قلها بكلّ وضوح: الحرب دماء وضجيج وصراخ. و. بورشرت

○ يتزايد الوعي هنا وهناك بأن الإنسان، بعيدا عن كونه سيّدا على الخليقة، هو نفسه جزء من الطبيعة وخاضع لنفس القوى الكونية التي تتحكّم في جميع أشكال الحياة الأخرى. ورفاهية الإنسان في المستقبل، وربّما حتى بقاؤه، تعتمد على تعلّمه العيش بانسجام مع هذه القوى بدلا من الصراع معها. ريتشل كارسون

○ قال جدّي: على كلّ إنسان أن يترك شيئا ما بعد موته: طفل، كتاب، لوحة فنيّة، منزل، جدار مبني، حذاء مصنوع، أو حديقة مزروعة، شيء لمسَته يدك بطريقة ما فأوجدَ لروحك مكانا تذهب إليه بعد وفاتك. وعندما ينظر الناس إلى تلك الشجرة أو تلك الزهرة التي زرعتها، تكون أنت هناك. مجهول

○ في كلّ شيء مهما كان، الاتّساق أمر غير مرغوب فيه. وترك شيء ناقص يجعله مثيرا للاهتمام، ويمنح المرء شعورا بوجود مساحة للنموّ. قال لي أحدهم ذات مرّة: حتى عند بناء قصر الإمبراطور، يتركون دائما مكانا واحدا غير مكتمل". وفي كلّ كتابات الفلاسفة الشرقيين في العصور السابقة، هناك أيضا العديد من الفصول المفقودة. يوشيدا كينكو

○ إذا نظرت حولك، فإن التعريف الشائع و"الجيّد" للبلوغ هو إدراك أن الحياة لا ينبغي أن تكون ممتعة ومبهجة. والكثير من الجدّية يأتي من المعتقدات المتشدّدة حول الحياة وحول أنفسنا. مجهول

○ لدينا مشاعر رجال الكهوف وهياكل اجتماعية وتجارية من العصور الوسطى وتكنولوجيا تسمح لنا بتدمير الحياة كما نعرفها. وهذا مزيج خطير للغاية. ج. بيركنز

○ عندما يُغلق باب للسعادة، يُفتح آخر. لكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الباب المغلق ولا نرى الباب الذي فُتح لنا. هيلين كيلر

○ أحلم بغد أفضل تَعْبر فيه الدجاجات الطريق دون أن يشكّ أحد في دوافعها. مجهول

○ ما زلتُ أعشق الكتاب الورقي. عَرضت عليّ ثلاث شركات نشر كتبي على الإنترنت، فقلت: إذا استطعتم صنع شيء له غلاف أنيق وورق سميك ورائحة جيّدة، فسنتحدّث". كلّ ما يمكن للحاسوب أن يقدّمه هو مخطوطة. والناس لا يريدون قراءة المخطوطات، بل قراءة الكتب. الكتب لها رائحة شذيّة ومظهر جميل. يمكنك ضمّها إلى صدرك أو حملها في جيبك. ر. برادبري

○ ما تعلّمته من حوالي عشرين عاما من القراءة الجادّة هو أن الجمل هي التي تغيّر حياتي، وليس الكتب. ما يغيّر حياتي هو لمحة جديدة من الحقيقة، أو تحدّ قوي، أو حلّ لمعضلة طال أمدها، وعادة ما تأتي هذه الأفكار مركّزة في جملة أو جملتين. لا أتذكّر 99% مما قرأته، ولكن إذا كانت الـ 1% التي أتذكّرها من كلّ كتاب أو مقال تغيّر حياتي، فلن أندم على نسيان الـ 99 بالمائة منه. جون بايبر

○ الفنّ الحقيقي، النابع من الروح، بالغ الأهمية في حياتنا. الفن يعزّينا، يُعلي من شأننا ويرشدنا. والفن يشفينا. لسنا مجرّد الطعام الذي نأكله أو الهواء الذي نتنفّسه، بل نحن أيضا القصص التي سمعناها والحكايات التي كنّا ننام على سماعها ونحن صغار والكتب التي قرأناها والموسيقى التي استمعنا إليها والمشاعر التي غرسَتها فينا لوحة أو تمثال أو قصيدة. ت. تيرزاني

Credits
psychologytoday.com
kafka-online.info