كالعادة ومع حلول اول أيّام الشهر الفضيل داهمتني نوبات الصداع العنيفة. وهي لا تأتي عادةً سوى في اليوم الاول، وسرعان ما تختفي في الايام التي تليه. صداع يضرب مقدّمة الرأس كالمطرقة ويسبّب زغللة وتشوّشا في النظر، ووتيرة الالم لا تخفّ عادةً الا بعد الافطار وتناول قرص بروفين أو حتى قرصين إذا لزم الامر.
المشكلة أن الانسان الصائم لا يستطيع أن يكسر صيامه ليتناول حبّة دواء هي في الحقيقة لا تسمن ولا تغني من جوع لكنها تستطيع إراحة متناولها من أذى جسدي أو ذهني ألمّ به فجأة.
أظنّ أن صداع أولّ يوم من رمضان أصبح عندي كالهاجس أو الخوف المرضي، بمعنى أنني لو لم افكّر به أو اترقّب مجيئه لربّما لا يأتي أبدا. وهناك من قال لي إن سبب هذه النوبات له علاقة بالاثار الانسحابية للتدخين وقد يكون اختلالا في وظائف المعدة نتيجة الامتناع المفاجئ عن الطعام والشراب مما ينعكس سلبا على الجهاز العصبي والدماغ.
وقد سمعت منذ يومين المفكّر الاسلامي المعروف والمثير للجدل جمال البنّا وهو يقول ان التدخين حلال في نهار رمضان، لانه – كما قال – لا يفطّر الصائم وهو مثل الهواء الذي يدخل الرئتين وأثره اقلّ من اثر المغذّيات الطبيّة التي تدخل جوف الصائم ومع هذا رخّصها العلماء، ولهذا لا يسري على التدخين ما يسري على الاكل والشرب حسب رأي البنّا.
طبعا رأي الاستاذ البنّا قد يروق للمدخّنين الذين لا يقوى بعضهم على الصيام بسبب ضعفهم واستسلامهم لسحر السيجارة الذي لا يردّ ولا يقاوم احيانا. لكن هذا الرأي لن يعجب أصحاب الفتاوى بالتأكيد، خاصة وأن بعضهم يذهب الى أن التدخين محرّم في كلّ الاحوال نظرا لمضارّه الكثيرة والثابتة، وبناءً على هذا فحرمته في رمضان اشدّ وأعظم.
كتبت هذه الخاطرة قبيل المغرب. وبعد أن تناولت الافطار وأدّيت الصلاة في البيت كما هي عادتي عمدت الى البروفين فأخذت حبّة على السريع وما هي الا دقائق حتى أحسست ببعض الراحة والاسترخاء بعد نهار طويل كنت خلاله كالمشلول الذي لا يقوى على فعل شئ لمساعدة نفسه والتخفيف من معاناته مع نوبات الصداع اللعين.
ورمضان كريم.
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .