في الموسيقى الكلاسيكية مؤلّفات كثيرة تحتفل بالفصول الأربعة وبالتغيّرات التي تطرأ على الطبيعة مع مقدم كلّ فصل. وأوّل عمل موسيقيّ يخطر بالبال عند الحديث عن الفصول هو كونشيرتو الفصول الأربعة للمؤلّف الموسيقيّ الايطاليّ انطونيو فيفالدي. أيضا لا يمكن نسيان سيمفونية الرعاة التي ألّفها بيتهوفن وصوّر فيها مشاهد وأصوات الطبيعة في فصل الربيع.
الربيع، بشكل خاصّ، له مكانة خاصّة في الموسيقى الكلاسيكية. وليس هناك من احتفل بالربيع وأجوائه وطقوسه كالمؤلّفين الموسيقيين الروس، وهي ظاهرة نجدها أيضا في الأدب والشعر الروسيّ.
تشايكوفسكي، مثلا، كتب كونشيرتو اسماه الفصول . هذا الكونشيرتو يتألّف من اثنتي عشرة حركة، كلّ منها مخصّص لشهر من أشهر السنة. والمؤلّف في كلّ قطعة يصوّر مشاعره وانفعالاته وتجاربه، وكذلك مشاهد الحياة المرتبطة بكلّ فصل.
الحركة المخصّصة لشهر مارس، مثلا، وعنوانها أغنية القبّرة ، تستثير مزاجا يذكّر ببدايات الربيع. وعندما تبدأ الأرض بالظهور وسط الثلج الذي يكون قد ذاب شيئا فشيئا مع بزوغ أوّل خيوط ضوء الشمس التي تلامس وجه الطبيعة الناعسة، يبدأ غناء القبّرات معلنةً للعالم عن مقدم الربيع.
الأغاني العذبة لتلك الطيور الصغيرة توقظ العالم من غفوته بعد شتاء طويل. ثم تظهر أولى قطرات الثلج مع بداية الحركة الثانية المخصّصة لأبريل والتي اختار لها تشايكوفسكي عنوان قطرة ثلج .
والأزهار إذ تنمو تصوّر لنا الجمال الأوّلي للربيع، رغم أن الطبيعة ما تزال مغمورة ببعض الثلج. وقطرة الثلج هي صدى لموسيقى القبّرات، وهي تذكير صُوري بديع بأن الربيع على وشك أن يحلّ.
هذا الكونشيرتو يتضمّن أيضا حركة بعنوان ليال بيضاء خصّصها المؤلّف لشهر مايو، وهو يأخذنا من خلالها إلى الليالي المثلجة لسانت بطرسبورغ. كان تشايكوفسكي مغرما كثيرا بهذه المدينة الشمالية التي قضى فيها شبابه وكتب فيها أشهر أعماله.
وفي تصويره هذا للطبيعة، استطاع المؤلّف أن يمزج بين ظاهرة الليل والضوء ليصوّر من خلال هذا المزيج اللحنيّ المركّب طيفا متنوّعا من الانفعالات والمشاعر الإنسانية.
ريمسكي كورساكوف كتب، هو الآخر، أوبرا فلسفية موسيقية عنوانها عذراء الثلج ، هي عبارة عن احتفال بالفصول. وقصّة هذه الأوبرا تتجلّى خلال فصل الربيع عندما تمنح الطبيعة الإنسان أجمل وأبهى عطاياها.
هذا الجمال يتجسّد في شخصية سنيغوروتشكا، عذراء الثلج ابنة الغابة والربيع. عندما تولد سنيغوروتشكا في الغابة، يتعذّر عليها فهم معنى الحبّ. والربيع، أمّ عذراء الثلج، عندما ترى ابنتها في حيرة، توافق أخيرا على أن تعطي سنيغوروتشكا الشعور بالحبّ "حتى وإن كان مؤلما" كما تقول الحكاية.
وعندما يبدأ قلب سنيغوروتشكا في إدراك مشاعر العاطفة، فإن جمالها البارد كالثلج يبدأ في الذوبان. وكلّ مشاهد هذه الأوبرا، من احتفالات ورقصات دائرية وأغان للرعاة، مزيّنة بالموتيفات الشاعرية للطبيعة عندما تتوشّح بالأزاهير في فصل الربيع.
الربيع، بشكل خاصّ، له مكانة خاصّة في الموسيقى الكلاسيكية. وليس هناك من احتفل بالربيع وأجوائه وطقوسه كالمؤلّفين الموسيقيين الروس، وهي ظاهرة نجدها أيضا في الأدب والشعر الروسيّ.
الحركة المخصّصة لشهر مارس، مثلا، وعنوانها أغنية القبّرة ، تستثير مزاجا يذكّر ببدايات الربيع. وعندما تبدأ الأرض بالظهور وسط الثلج الذي يكون قد ذاب شيئا فشيئا مع بزوغ أوّل خيوط ضوء الشمس التي تلامس وجه الطبيعة الناعسة، يبدأ غناء القبّرات معلنةً للعالم عن مقدم الربيع.
الأغاني العذبة لتلك الطيور الصغيرة توقظ العالم من غفوته بعد شتاء طويل. ثم تظهر أولى قطرات الثلج مع بداية الحركة الثانية المخصّصة لأبريل والتي اختار لها تشايكوفسكي عنوان قطرة ثلج .
والأزهار إذ تنمو تصوّر لنا الجمال الأوّلي للربيع، رغم أن الطبيعة ما تزال مغمورة ببعض الثلج. وقطرة الثلج هي صدى لموسيقى القبّرات، وهي تذكير صُوري بديع بأن الربيع على وشك أن يحلّ.
هذا الكونشيرتو يتضمّن أيضا حركة بعنوان ليال بيضاء خصّصها المؤلّف لشهر مايو، وهو يأخذنا من خلالها إلى الليالي المثلجة لسانت بطرسبورغ. كان تشايكوفسكي مغرما كثيرا بهذه المدينة الشمالية التي قضى فيها شبابه وكتب فيها أشهر أعماله.
وفي تصويره هذا للطبيعة، استطاع المؤلّف أن يمزج بين ظاهرة الليل والضوء ليصوّر من خلال هذا المزيج اللحنيّ المركّب طيفا متنوّعا من الانفعالات والمشاعر الإنسانية.
هذا الجمال يتجسّد في شخصية سنيغوروتشكا، عذراء الثلج ابنة الغابة والربيع. عندما تولد سنيغوروتشكا في الغابة، يتعذّر عليها فهم معنى الحبّ. والربيع، أمّ عذراء الثلج، عندما ترى ابنتها في حيرة، توافق أخيرا على أن تعطي سنيغوروتشكا الشعور بالحبّ "حتى وإن كان مؤلما" كما تقول الحكاية.
وعندما يبدأ قلب سنيغوروتشكا في إدراك مشاعر العاطفة، فإن جمالها البارد كالثلج يبدأ في الذوبان. وكلّ مشاهد هذه الأوبرا، من احتفالات ورقصات دائرية وأغان للرعاة، مزيّنة بالموتيفات الشاعرية للطبيعة عندما تتوشّح بالأزاهير في فصل الربيع.
هذا التوليف كتبه شوستاكوفتش لفيلم بعنوان "ميشورين" يستند إلى قصّة حياة شخص يُدعى ايفان ميشورين، وهو عالم بيولوجيا روسيّ مشهور كرّس حياته كلّها للنباتات.
وبفضل خبرة ميشورين، اُبتُكرت أنواع عديدة من أشجار الفاكهة. وهو لم يكن يحبّ في حياته شيئا أكثر من رؤية حياة جديدة وهي تنمو من بذرة وحيدة. وفالس الربيع ، وهو ثاني هذه الرقصات، ينقلنا إلى أجواء حديقة ميشورين المزهرة، حيث مئات الأشجار الجديدة تستحمّ في ضوء الشمس الذي انتظرته طويلا.
بعد المشهد الأول بعنوان "طبيعة شتوية"، يظهر شخصان قصيرا القامة وبشعر بنّي وهما يغادران الغابة ويشعلان نارا من الحجر لكي يطردا الشتاء وخدمه المخلصين، أي الثلج والبرد والبرَد. وبعدها تكتسي الطبيعة بالأزهار الملوّنة وتبدأ الطيور في الظهور معلنةً عن بشائر الربيع. والفكرة الرئيسية في هذا الباليه هي الصحوة الخالدة للطبيعة وللحياة بعد انقضاء موسم الشتاء.
الشخصية القاسية للشتاء تدفع البطل، الذي أمسك بزوجته وهي تخونه، للاقتناع بضرورة قتلها. لكن ومع حلول فصل الربيع الذي ينشر الحبّ والسلام والصبر، تتمكّن الزوجة من أن ترقّق قلب زوجها وتهدّئ من ثائرته فيصفح عنها.
في هذه الموسيقى، لن تستمع إلى النغمات الرقيقة والدافئة للطبيعة وهي تعلن عن قدوم الربيع، لأن كانتاتا رحمانينوف تصوّر لنا الربيع قويّا ومكثّفا. لكن بإمكانك أن تسمع حفيف أوراق الشجر الذي أراد المؤلّف أن يكون تحيّته الخاصّة إلى جمال فصل الربيع.
رقصات ومراسم تقديس الأرض، والطقوس الفلكلورية ورقصة الموت التي تؤدّيها الفتاة، تصاحبها موسيقى تصوّر الطبيعة الربيعية في ذروة بهائها وتألّقها. والمؤلّف هنا يقدّم رؤيته للطبيعة من خلال إيقاعات قويّة وتلقائية وذات طاقة تعبيرية هائلة.
الألحان المركّبة والإيقاعات الوافرة وغير المنتظمة تمثّل عمق مشاعر الروس الأوائل تجاه أصوات ومناظر الربيع وتأثيرها الكبير. والكثيرون يعتبرون هذا الباليه من بين أكثر المؤلّفات تعقيدا في تاريخ الموسيقى الكلاسيكية.
Credits
classicalarchives.com
classicalarchives.com