كلّنا نريد أن نعيش إلى الأبد لكننا نموت أثناء المحاولة.
- مثل صيني قديم
ما من إنسان إلا ويتمنّى أن يعيش لأطول فترة ممكنة على هذه الأرض.
ولهذا السبب اجتهد الإنسان منذ اقدم الأزمنة في سعيه نحو الخلود والحياة الأبدية.
وهناك من الرحّالة والمغامرين من ذهبوا إلى أقاصي الأرض بحثا عن نافورة الشباب التي قيل إن من يشرب من مائها يعش إلى الأبد.
وخلال إحدى الفترات تدفّق الكثير من الأثرياء على عيادة طبيب روسي قيل انه يمنح مرضاه عمرا مديدا من خلال حقنهم بعقار مستخلص من خصية فصيلة نادرة من القردة.
لكن اتضح بعد ذلك أن كلّ ما قيل كان مجرّد ضرب من الأحلام والخيالات المجنّحة.
وخلال ستّينات القرن الماضي سادت الولايات المتحدة موضة تجميد جثث الموتى على أمل أن ُيبعث الأموات من رقادهم ذات يوم عندما تنجح البشرية في العثور على علاج ناجع للأمراض والعلل المستعصية اليوم من سرطان وايدز ونحوهما.
وأذكر خلال أيام الدراسة في الجامعة أن أحد معلمينا، وكان أمريكيا من اصل عراقي، كان يكرّر على مسامعنا انه لا يتمنى أن يعيش اكثر من ستين عاما. وحجّته في ذلك أن حياة الإنسان بعد الستّين تصبح مملة وتعيسة، ويتحول إلى عبء يثقل على كاهل أهله وأقربائه. وأن من الأفضل له والحالة هذه أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى بهدوء ودون مرض أو معاناة فيريح ويستريح.
وقد حكى لي صديق ذات مرّة أن أحد أقاربه كان قد عاش إلى ما بعد المائة عام وكان مضرب المثل في الإيمان والصلاح. وعندما حضرته الوفاة، وقد حضرته مرارا، كان يبدي بسالة لا توصف في مناكفة الموت وفي تمسّكه بالحياة، وقد قاوم سيّدنا عزرائيل كأشدّ ما تكون المقاومة، ولو استطاع لما تردّد في إعطاب عينه كما فعل سيّدنا إبراهيم على نحو ما يقوله لنا صحيح البخاري!
الشاهد في الحكاية هو أن الإنسان يخاف الموت بحكم الغريزة حتى لو كان صالحا وحتى لو قيّض له أن يعيش إلى ارذل العمر. وعلى رأي المثل: إننا جميعا نريد دخول الجنة لكن لا أحد يريد أن يموت!
ولا ادري إن كان ذلك المعلم الذي كان يلحّ في طلب الموت ما يزال على قيد الحياة أم لا. لكن المؤكّد أن الناس الأسوياء والعقلاء يريدون أن يعيشوا أطول فترة ممكنة.
في بدايات وجود البشر على هذه الأرض، كان متوسّط عمر الإنسان لا يزيد عن خمسة وعشرين عاما. وكان الناس يموتون في تلك السنّ المبكّرة بسبب سوء التغذية وتفشّي الأمراض المعدية ونقص الدواء.
اليوم تغيّرت الحال كثيرا، ففي العالم اليوم آلاف الأشخاص ممّن تجاوزت أعمارهم المائة عام، والفضل في ذلك يعود أساسا إلى جودة الغذاء وتطوّر وسائل الصحة وأساليب العلاج.
لكن هل هناك ما يمكن تسميته بإكسير الحياة؟
الأطباء يقولون نعم. والإكسير هذه المرّة ليس مستخلصا من غدد القردة ولا علاقة له بنافورة الشباب الأسطورية. بل هو عبارة عن بضع نصائح ذهبية يقدمها الأطباء لكل راغب في حياة افضل وأطول.
وأولى هذه النصائح أن يبادر الإنسان إلى تحليل شجرة العائلة كي يتسنّى له معرفة العوامل الوراثية التي أثرّت على حياة أسلافه، ومن ثمّ يمكنه تجنّب أو على الأقل تقليل احتمالات إصابته بالأمراض الفتّاكة التي يتوارثها الأبناء عادة عن آبائهم وأجدادهم.
والنصيحة الثانية هي أن يمتنع الإنسان عن التدخين فقد ثبت أن التدخين يسرق من حياة الإنسان عشر سنوات طبقا لدراسة ميدانية.
والنصيحة الثالثة هي الاقتصاد في تناول الطعام. فالآكل الأقل يعني دهونا اقل وضغط دم اقل. وهذا بدوره ينعكس إيجابا على صحّة وسلامة القلب.
والنصيحة الرابعة هي الإكثار من الحركة. فالرياضة تخفض ضغط الدم وتعدل المزاج وتحمي الإنسان من كثير من الأمراض الخطرة.
وينصح الأطباء أيضا بالزواج. فالزواج يضيف سنة إلى عمر الرجل. أما النساء فقد ثبت أنهن يتمتّعن بصحّة افضل وسعادة اكبر بلا زواج.
وأخيرا ينصح الأطباء بأن يعتنق الإنسان دينا. فقد ثبت أن الإيمان بالله من شأنه أن يجعل للحياة معنى. وهذا يزيد من إحساس الإنسان بالرضا والسعادة، والإنسان السعيد يعيش سنوات أطول.
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .