الوجوه كانت موضوعا فتن الإنسان منذ القدم. وهناك رسومات على الصخر وعلى جدران الكهوف في استراليا وأفريقيا وأوربا والأمريكتين تصوّر وجوها بشرية يعود تاريخها إلى أزمنة موغلة في القدم.
ملامح الوجه يمكن أن تكون المفتاح الذي نستطيع من خلاله قراءة الإنسان ومعرفة بعض سماته الشخصية. قد يكون السبب أن الوجه هو أوّل ما تقع عليه أعيننا في الآخرين.
وقد ثبت علميا أن هناك جزءا في الدماغ مهمّته قراءة الصور التي تراها العين ومن ثم تحويلها إلى نوع من الإدراك والاستجابة. وذلك الجزء هو المسئول عن الانطباعات الأوّلية التي نكوّنها عادةً عن شخص معيّن اعتماد على ملامح وجهه.
وأنت تمشي في مكان عام يزدحم بالعشرات من الناس، قد تقع عيناك على شخص ما قد يكون رجلا أو امرأة. يستوقفك وجهه, تتأمّل الملامح فتستيقظ في لاوَعْيك فجأة صورة قريب أو صديق قديم لم تره منذ وقت طويل. وتزامنا مع الموقف، قد تنهال على شاشة عقلك سلسلة من الصور والذكريات التي تشبه في تواليها وتعاقبها مقاطع من فيلم سينمائي.
ملامح الوجه تعني الشيء الكثير. وكلّ وجه نراه يولّد استجابة أو ردّ فعل معيّن. هناك مثلا الوجه الصامت المتأمّل، والوجه المغرق في البراءة كوجه ملاك، والوجه المتبسّم الذي يشيع إحساسا بالفرح والتفاؤل. وهناك أيضا الوجه الشاحب والمتغضّن لكثرة ما أنهكته مشاكل الحياة ومنغّصاتها الكثيرة.
وهناك وجوه تراها أحيانا فتنفر منها منذ اللحظة الأولى. ولكنك سرعان ما تكتشف أن ورائها نفوسا رقيقة تعمرها المحبّة والدفء الإنساني الحميم.
وقد تقع عيناك على وجه يندر أن ترى ما ينافسه نضارة وجمالا. ثم لا تلبث أن تُصدم بكمّية القبح الذي يختفي وراء ذلك الجمال الظاهري الخادع.
الفنانون منذ القدم اهتمّوا برسم الوجوه التي تنطق بمختلف الانفعالات والمشاعر الإنسانية المتباينة والمتناقضة. بعضها لأناس مشهورين والبعض الآخر لأفراد عاديين.
وكلّ من رسموا الوجوه، من فان ايك وليوناردو ومايكل انجيلو وديورر إلى بيكاسو وفان غوخ ووارهول، كانوا ينطلقون من فكرة التواصل الإنساني ويحاولون من خلال تصوير الوجه فهم انفعالات ومشاعر ونوايا الآخرين.
:تنويه
تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .
السبت، نوفمبر 07، 2009
وجوه
نصادف كلّ يوم الكثير من الوجوه ذات الملامح والقَسَمَات المختلفة. بعضها نألفه ونرتاح له بسرعة. والبعض الآخر قد نتوجّس وننفر منه دونما سبب واضح. والبعض الثالث قد لا يلفت انتباهنا كثيرا لأن ملامحه محايدة ولأنها قد لا تقول لنا الكثير عن صاحبه.