:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


الخميس، يونيو 16، 2005

يوميات ماليزية - 11

قلت لإلهام، وهو شابّ ملاوي مثقف وعلى خلق: لاحظت أن للصينيين نفوذا كبيرا هنا..
رأيناهم في الفنادق والمجمعات الكبرى يتبوّءون المناصب الإدارية العالية ويملكون الكثير من المؤّسّسات والشركات التجارية الكبيرة. فهل تحسّ بالغيرة نحوهم؟
صمت قليلا ثم قال: ولماذا نشعر بالغيرة؟ كل إنسان ميسّر لما خلق له، وهم أناس اجتهدوا وعملوا وكافحوا واستحقّوا أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه. أنا لا احسدهم على الإطلاق وان كنت أتمنى أن أحقّق بعض ما حقّقوه. ثم لا تنس أن ما أصابوه من نجاح انعكس إيجابا على تقدّم البلد وتنميته.
في المساء أخذنا سائق صيني في جولة مسائية إلى المتحف الوطني والحيّ الصيني والمعبد البوذي الكبير في وسط العاصمة. ووجدتها فرصة لكي اسأله عن رأي الصينيين بأهل الملايو فقال: الغيرة موجودة وإن كانت حدّتها قد خفّت كثيرا عن السابق.
واضاف: على امتداد سنوات التعايش الطويل في ما بيننا، لم يكن هناك سوى نقطة توتّر وحيدة حدثت العام 1969م. في ذلك الوقت وتحت تأثير الشعور الواهم بالغبن عند بعض إخواننا من أهل الملايو قامت جماعات منهم بمهاجمة محلات ومتاجر الصينيين في بعض المدن وأضرموا فيها النار.
وأسفرت تلك الأعمال في النهاية عن مقتل بضعة ألوف من الجانبين بالإضافة إلى الخسائر والأضرار الأخرى التي طالت ممتلكات الصينيين. لكن الحكومة تمكّنت في ظرف يومين من تطويق النزاع واخماد الفتنة.
ومنذ ذلك الحين والجميع يعيشون في سلام ووئام بفضل السياسة الحكيمة التي تتبعها الحكومة تجاه جميع الماليزيين.
لكن هل جميع الصينيين أثرياء؟
واقع الحال انهم ليسوا جميعا كذلك، وليس كل أهل الملايو فقراء.
لكن معروف عن الصينيين منذ القدم شطارتهم في التجارة وعقليتهم الاقتصادية الفذّة.
وقد اكتشف البحّارة الصينيون في حقب مبكّرة أن أهميّة ماليزيا لا تكمن في كونها نقطة عبور استراتيجية فحسب، وإنما في أهميّتها التجارية أيضا، فكانوا يبادلون بضائعهم مع الملاويين بالذهب والبخور والتوابل.
حدث هذا حتى في ذروة نشاط القراصنة في البحر الهندي وبحر الصين الجنوبي اللذين تقع على مفرقهما شبه جزيرة الملايو.
وترسّخت العلاقات اكثر بين الصينيين واهل الملايو عندما تزوّج سلطان ملقـا من أميرة صينية.
بالمناسبة، هذه الأيام لا تدخل فندقا أو مطعما أو متجرا يملكه الصينيون في كوالالمبور إلا وتلمح عند بوابته السجّاد الأحمر القشيب وأواني الزهور التي ُنسّقت بعناية وثبّتت في أطرافها أشرطة زاهية من قماش أحمر زيّنت حوّافه برسومات وموتيفات صينية صفراء ومذهبّة.
حتى تماثيل الأسود الرابضة في الزوايا نالها شئ من هذه الديكورات المبهجة والمظاهر المترفة التي تدلّ على مدى الذوق والرهافة التي يتميّز بها الصينيون.
سألنا عن المناسبة فقيل لنا: إنها سنة الديك! السنة الصينية الجديدة. والديك عند خبراء الفلسفة الطاويّة وعلم الفلك الصيني يرمز، ابتداءً، للمتاعب والعقبات.
لكن الديك يعدك بحظ أوفر في المال والجاه والوظيفة إذا أحسنت التعامل مع تلك المشاكل وتحلّيت بالحكمة وتجنّبت الحلول الارتجالية..