امرأة متجردة تعتلي ظهر حصان. هل في هذا المنظر ما يسترعي انتباهك؟
عندما تتمعّن قليلا في تفاصيل اللوحة، سرعان ما ستكتشف أن صورة المرأة المتجردة فيها ليست ممّا يثير الغرائز أو يخدش الحياء. وحتى لو لم تكن على علم بقصّة اللوحة، سيساورك إحساس بأن ملامح المرأة الرزينة ورأسها المنكّس إلى أسفل ونظراتها المنكسرة تنمّ عن شعورها بالحرج والحياء وتوحي بأنها لم تختر هذا الموقف من تلقاء نفسها وإنما قد تكون دُفعت إليه دفعا ورغما عن إرادتها.
الليدي غودايفا هي بطلة واحدة من أشهر الأساطير التي تناولها المؤرّخون والشعراء والفنّانون منذ ظهورها قبل أكثر من خمسمائة عام. ومن بين من تحدّثوا عنها كلّ من سيغموند فرويد والشاعر الفرد تينيسون والروائي دانيال ديفو. كما جسّدها العديد من الفنّانين مثل جون كالير وآدم فان نورت وجورج واتس، بالإضافة إلى النحّات جون توماس.
الغريب أن الناس اعتادوا على أن ينفروا من صورة الأنثى المتجردة باعتبارها رمزا للعيب والخطيئة. ومع ذلك أصبحت غودايفا، وبرغم عريها، تجسيدا للبطولة والتواضع والتضحية والإحساس بالآم الناس ومعاناتهم.
وطبقا للقصّة، فإن غودايفا، ومعنى الاسم هِبَة الله، كانت زوجة لأمير انجليزي يدعى ليوفريك كان حاكما لمقاطعة كوفنتري خلال العصور الوسطى. كان ليوفريك أميرا مستبدّا أثقل على رعيّته بالضرائب الجائرة وأصبح الناس يعانون الأمرّين جرّاء استهتاره وظلمه.
وقد قصده أعيان المدينة ووجهاؤها يطالبونه بأن يشفق على الناس ويتحسّس معاناتهم ويعيد النظر في سياسته الظالمة. لكن تلك المناشدات وقعت على آذان صمّاء، فلم تليّن قلب الأمير ولم تثنه عن موقفه المتعنّت.
زوجته، الليدي غودايفا، كانت امرأة حكيمة وعاقلة. وقد ناشدته، هي الأخرى، وتوسّلت إليه مرارا أن يخفّف من معاناة الناس ويرفع عنهم سيف الضرائب. لكنه كان يرفض طلباتها بعناد. وعندما سئم من كثرة توسّلاتها وعدها بأن يذعن لطلبها شريطة أن تتجرّد من ملابسها وتركب حصانا يطوف بها، وهي عارية، في طرقات المدينة.
فكّرت غوديفا طويلا في طلب زوجها الغريب. وفي النهاية وافقت على شرطه على مضض.
ثم اصدر ليوفريك إعلانا حدّد فيه يوما معيّنا وطالب فيه الناس بالبقاء في منازلهم وبإغلاق نوافذهم بإحكام ريثما تمرّ الأميرة في شوارع المدينة.
وفي اليوم الموعود، ركبت غوديفا حصانا بعد أن تخلّت عن ملابسها وجالت به في طرقات البلدة. والتزم الجميع بتعليمات زوجها بالحفاظ على حياء المرأة ما عدا شخص تعيس يُدعى توم دفعه فضوله الشهواني إلى حفر ثقب في جدار منزله كي يتمكّن من رؤية الأميرة وهي تمرّ في الشارع متجردة. وتقول الأسطورة أن الرجل المتلصّص عوقب بالعمى من فوره نتيجة استراقه النظر إلى امرأة متجردة.
وفي النهاية، حافظ زوج غوديفا على وعده لها وقرّر إلغاء الضرائب التي كانت تثقل كاهل الناس.
هذه الأسطورة الجميلة تنطوي على بعض المفارقات. وأولّها أن خلاص الناس أتى من زوجة نفس الحاكم الذي كان قد استخفّ بهم وسخر من طلباتهم. والمفارقة الثانية أن المرأة ظلّت على عفّتها واحتشامها، بل إنها أصبحت بطلة في أعين الناس، على الرغم من طوافها في الطرقات وهي متجردة.
في الحقيقة، لا يملك المرء إلا أن يعجب بشجاعة الليدي غوديفا وشهامتها ونبلها وتضحيتها وحسّها الإنساني العالي. لاحظ كيف أن انتماءها للطبقة الحاكمة لم يمنعها من إظهار تعاطفها مع هموم ومعاناة الناس العاديّين. بل لقد قبلت أن تدفع ثمنا باهظا نتيجة إصرارها على أن تساعد الناس وتخفّف من معاناتهم.
فرويد تأثّر بهذه الأسطورة وبنى على نموذجي توم وغوديفا بعض تعريفاته ومفاهيمه عن العري والاستثارة.
وتوم نفسه صار شخصيّة مفضّلة للفنّانين والكتّاب. ومع مرور الوقت، أصبح كبش الفداء الذي يتحمّل، رمزيّا، وزر رغبة العامّة في النظر إلى امرأة متجردة.
بعض المؤرّخين يشيرون إلى أن الليدي غوديفا كانت امرأة حقيقية عاشت في كوفنتري وكانت متزوّجة من احد الولاة المتنفّذين فيها. غير أن القصّة نفسها، بحسب هؤلاء، لم تحدث قطّ. ولا يُعرف حتى الآن كيف ولماذا اخترعت هذه الأسطورة. لكن يقال أن أصولها تعود إلى العصور الوثنية. وقد أضاف إليها مؤرّخو المسيحية في القرون الوسطى عنصرا سرديّا انتقل من جيل إلى جيل حتى أخذت شكلها النهائي الذي تُعرف به اليوم.
عندما تتمعّن قليلا في تفاصيل اللوحة، سرعان ما ستكتشف أن صورة المرأة المتجردة فيها ليست ممّا يثير الغرائز أو يخدش الحياء. وحتى لو لم تكن على علم بقصّة اللوحة، سيساورك إحساس بأن ملامح المرأة الرزينة ورأسها المنكّس إلى أسفل ونظراتها المنكسرة تنمّ عن شعورها بالحرج والحياء وتوحي بأنها لم تختر هذا الموقف من تلقاء نفسها وإنما قد تكون دُفعت إليه دفعا ورغما عن إرادتها.
الليدي غودايفا هي بطلة واحدة من أشهر الأساطير التي تناولها المؤرّخون والشعراء والفنّانون منذ ظهورها قبل أكثر من خمسمائة عام. ومن بين من تحدّثوا عنها كلّ من سيغموند فرويد والشاعر الفرد تينيسون والروائي دانيال ديفو. كما جسّدها العديد من الفنّانين مثل جون كالير وآدم فان نورت وجورج واتس، بالإضافة إلى النحّات جون توماس.
الغريب أن الناس اعتادوا على أن ينفروا من صورة الأنثى المتجردة باعتبارها رمزا للعيب والخطيئة. ومع ذلك أصبحت غودايفا، وبرغم عريها، تجسيدا للبطولة والتواضع والتضحية والإحساس بالآم الناس ومعاناتهم.
وطبقا للقصّة، فإن غودايفا، ومعنى الاسم هِبَة الله، كانت زوجة لأمير انجليزي يدعى ليوفريك كان حاكما لمقاطعة كوفنتري خلال العصور الوسطى. كان ليوفريك أميرا مستبدّا أثقل على رعيّته بالضرائب الجائرة وأصبح الناس يعانون الأمرّين جرّاء استهتاره وظلمه.
وقد قصده أعيان المدينة ووجهاؤها يطالبونه بأن يشفق على الناس ويتحسّس معاناتهم ويعيد النظر في سياسته الظالمة. لكن تلك المناشدات وقعت على آذان صمّاء، فلم تليّن قلب الأمير ولم تثنه عن موقفه المتعنّت.
زوجته، الليدي غودايفا، كانت امرأة حكيمة وعاقلة. وقد ناشدته، هي الأخرى، وتوسّلت إليه مرارا أن يخفّف من معاناة الناس ويرفع عنهم سيف الضرائب. لكنه كان يرفض طلباتها بعناد. وعندما سئم من كثرة توسّلاتها وعدها بأن يذعن لطلبها شريطة أن تتجرّد من ملابسها وتركب حصانا يطوف بها، وهي عارية، في طرقات المدينة.
فكّرت غوديفا طويلا في طلب زوجها الغريب. وفي النهاية وافقت على شرطه على مضض.
ثم اصدر ليوفريك إعلانا حدّد فيه يوما معيّنا وطالب فيه الناس بالبقاء في منازلهم وبإغلاق نوافذهم بإحكام ريثما تمرّ الأميرة في شوارع المدينة.
وفي اليوم الموعود، ركبت غوديفا حصانا بعد أن تخلّت عن ملابسها وجالت به في طرقات البلدة. والتزم الجميع بتعليمات زوجها بالحفاظ على حياء المرأة ما عدا شخص تعيس يُدعى توم دفعه فضوله الشهواني إلى حفر ثقب في جدار منزله كي يتمكّن من رؤية الأميرة وهي تمرّ في الشارع متجردة. وتقول الأسطورة أن الرجل المتلصّص عوقب بالعمى من فوره نتيجة استراقه النظر إلى امرأة متجردة.
وفي النهاية، حافظ زوج غوديفا على وعده لها وقرّر إلغاء الضرائب التي كانت تثقل كاهل الناس.
هذه الأسطورة الجميلة تنطوي على بعض المفارقات. وأولّها أن خلاص الناس أتى من زوجة نفس الحاكم الذي كان قد استخفّ بهم وسخر من طلباتهم. والمفارقة الثانية أن المرأة ظلّت على عفّتها واحتشامها، بل إنها أصبحت بطلة في أعين الناس، على الرغم من طوافها في الطرقات وهي متجردة.
في الحقيقة، لا يملك المرء إلا أن يعجب بشجاعة الليدي غوديفا وشهامتها ونبلها وتضحيتها وحسّها الإنساني العالي. لاحظ كيف أن انتماءها للطبقة الحاكمة لم يمنعها من إظهار تعاطفها مع هموم ومعاناة الناس العاديّين. بل لقد قبلت أن تدفع ثمنا باهظا نتيجة إصرارها على أن تساعد الناس وتخفّف من معاناتهم.
فرويد تأثّر بهذه الأسطورة وبنى على نموذجي توم وغوديفا بعض تعريفاته ومفاهيمه عن العري والاستثارة.
وتوم نفسه صار شخصيّة مفضّلة للفنّانين والكتّاب. ومع مرور الوقت، أصبح كبش الفداء الذي يتحمّل، رمزيّا، وزر رغبة العامّة في النظر إلى امرأة متجردة.
بعض المؤرّخين يشيرون إلى أن الليدي غوديفا كانت امرأة حقيقية عاشت في كوفنتري وكانت متزوّجة من احد الولاة المتنفّذين فيها. غير أن القصّة نفسها، بحسب هؤلاء، لم تحدث قطّ. ولا يُعرف حتى الآن كيف ولماذا اخترعت هذه الأسطورة. لكن يقال أن أصولها تعود إلى العصور الوثنية. وقد أضاف إليها مؤرّخو المسيحية في القرون الوسطى عنصرا سرديّا انتقل من جيل إلى جيل حتى أخذت شكلها النهائي الذي تُعرف به اليوم.