جغرافيا الغابات
تبدأ القصص عادةً عندما يغادر البشر الغابة. ومن أعظم ألغاز شمال أوروبا معركة غابة تويتوبورغ، حيث قضت القبائل الجرمانية بقيادة زعيمها هيرمان على جيش روماني كامل بقيادة جندي يُدعى فاروس، في السنة التاسعة للميلاد. ويقال إن الإمبراطور أوغسطس ركض عبر أروقة قصره وهو يصيح "فاروس، أعد لي فيالقي!". وتذكر الكتب المدرسية أن هذه المعركة آذنت بنهاية التوسّع الروماني. وقد بنى جنود الإمبراطورية فيما بعد جدارا ضخما، يُعرف بجدار ليمز، على طول الضفّة الغربية لنهر الراين لإبعاد المحاربين الجرمان. وما تزال هذه المعركة أكثر غموضاً حتى من سقوط طروادة. والمرجع الوحيد عنها هو كتابات المؤرّخ الروماني تاسيتوس، وهو مصدر دقيق نسبياً لعصره، ولكن كتاباته ليست معصومة عن الخطأ. ورغم أنه أعطى تاريخاً، فإنه لم يحدّد أبداً موقعاً دقيقاً للمعركة. ولم يُعثر على ساحة المعركة حتى منتصف الثمانينات. وقبل ذلك، كانت تقع في مكان ما بين الأسطورة والتاريخ، ثابتة بدقّة في الزمن ولكنها ضائعة في الجغرافيا الغامضة للغابات. المكان في الغابة، أيّ غابة، لا يتعلّق بإحداثيات ثابتة بل بنقاط متقطّعة. وكان الأمر كذلك بشك...