المشاركات

عرض المشاركات من يوليو 28, 2024

محطّات

صورة
الكثير من الحكايات والقصص والمواقف تثير التأمّل والتعمّق في طبيعة الواقع وفي معنى الحياة. وكلّ قصّة يمكن أن تثير رؤى شخصية وتنقل حقائق أعمق وتغيّر مفاهيمنا وتصوّراتنا المسبقة عن الواقع، وتشجّعنا على التركيز على اللحظة الراهنة والانتباه للعلاقة بين الأشياء. وفيما يلي ثلاث قصص قرأتها مؤخّرا وأعجبتني الدروس والأفكار التي تضمّننها. لذا قرّرت أن أعيد نشرها هنا بعد ترجمتها واختصارها بما لا يخلّ بمضمونها. ❉ ❉ ❉ كنت أتناول العشاء مع صديق، وحدث أن جاء والدي الى المطعم لرؤيتي. كان والدي رجلا قليل الكلام، وكان يستمع إلى حديثنا بهدوء أثناء تناولنا الطعام. وفي طريق العودة إلى المنزل، قال والدي: لا تقترب كثيرا من صديقك هذا". وصدمني كلامه، لأنني عملت مع هذا الصديق عدّة مرّات ومع الأيّام تكوّن لديّ انطباع جيّد عنه. قال والدي: يمكنك معرفة الشخص من الطريقة التي يأكل بها. وصديقك لديه عادة التقاط أفضل القطع من قاع الأطباق ثم سحبها واختصاصها لنفسه. ثم هو يبلع الطعام بسرعة دون هضمه، ويقفز من طبق لآخر وكأن لا أحد معه على المائدة". قلت له: بعض الناس يحبّون تناول الطعام به...

قلب الذئب

صورة
في الثقافة الصينية، وكما هو الحال في ثقافات أخرى عديدة، لا تتمتّع الذئاب بأيّ شعبية. فيقال مثلا في الأمثال الشعبية الصينية "فلان له قلب ذئب"، في إشارة الى اتصافه بالغدر والقسوة والجشع. لكن كتابا صدر في بيجين قبل سنوات قلب كلّ تلك الأفكار السلبية عن الذئاب رأسا على عقب. الكتاب اسمه "طوطم الذئب"، وقد احتلّ قائمة الكتب الأكثر مبيعا لعدّة أشهر. ويصف مؤلّفه الصين بأنها "أمّة من الأغنام بحاجة ماسّة إلى استعادة نشاطها الذئبي". ويحكي المؤلّف قصّة طالب يذهب للعيش مع رعاة من ذوي الأصول المنغولية خلال الثورة الثقافية، ويصبح مفتونا بالذئاب التي تفترس مواشيهم. وتنتقد الرواية تدمير الأراضي العشبية في منغوليا الداخلية على يد مزارعين من أغلبية الهان العرقية في الصين وفشلهم في إدراك الدور الإيجابي الذي تلعبه الذئاب في الحفاظ على بيئة المنطقة. ومع أن مؤلّف الكتاب عوقب بالسجن، إلا أن كتابه نال إعجاب المسؤولين ورجال الأعمال الذين استخدموه لتحفيز الموظفين. وأصبح الذئب ذو الإرادة القويّة والموجّه لخير القبيلة نموذجا يُحتذى به. الحكاية التالية مختلفة بعض الشيء، مع أن...

حكمة الدبّ الواقف

صورة
أمضى لوثر ستاندنغ بير "أو الدبّ الواقف" (1868 - 1939) سنواته الأولى في العيش كما عاش أجداده، متجوّلا في التلال الخضراء الوارفة لما أصبح الآن يُعرف بولايتي داكوتا الجنوبية ونبراسكا. ثم أصبح شخصية بارزة في تاريخ الهنود الحمر وزعيما لعشيرة لاكوتا من قبائل السيو ومفكّرا ومؤلّفا وممثّلا سينمائيّا. كان ذا نفوذ قويّ وصاحب رؤية ومدافعا عن حقوق السكّان الأصليين في السهول الكبرى قبل وأثناء وصول المستوطنين الأوروبيّين وانتشارهم لاحقا. وقد عاصرَ "الدبّ الواقف" الاضطرابات والصدامات التي تسبّبت بها حكومة الولايات المتحدة والمهاجرون الاوربيّون والإزالة القسرية للقبائل الأصلية من أراضيها، ودافع عن حقوق الأمريكيين الأصليين وسيادتهم طوال حياته، وانتقد دعم الحكومة للمبشّرين الذين قوّضوا ديانة السيو، ووظّف كتاباته إجمالا لرفع مستوى الوعي بالسياسات القمعية والظلم الذي واجهته المجتمعات الأصلية. كما ألّف العديد من الكتب، أهمّها كتابه "أرض النسر المرقّط"، الذي وصف فيه حياة وعادات قبائل السيو وانتقد جهود المستوطنين الأوربّيين في تحويل الهنود إلى العِرق الأوربّي وتحدّث...