:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


‏إظهار الرسائل ذات التسميات تصوير فوتوغرافي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تصوير فوتوغرافي. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، أغسطس 06، 2025

نصوص مترجمة


○ لأن اليابان تُعتبر واحدة من أكثر جزر العالم تعرّضا للأنشطة الزلزالية، يدرك اليابانيون ليس فقط جمال كلّ فصل، بل أيضا القوّة الهائلة للطبيعة. الانفجارات البركانية والرياح الموسمية والزلازل وأمواج تسونامي تشكّل تهديدا مستمرّا لليابان، إلا أن شعورا بالقبول متأصّل في عقول الناس. فعندما يدرك المرء أن الحياة قد تُسلب منه في أيّ لحظة، فإنه يكتسب تقديرا متزايدا للحاضر. وتعكس الفنون التقليدية اليابانية، مثل الإيكيبانا وشعر الهايكو وحفلات الشاي، هذا الوعي مع التركيز على اللحظة الراهنة.
وغالبا ما يسيء الغربيون فهم صفات مثل البساطة والفراغ والغموض على أساس أنها تفتقر إلى شيء ما. لكن في اليابان، تشير هذه الصفات ذاتها إلى النضج والثراء الروحي، فهناك الكثير مما يمكن اكتشافه في الفراغ. مثلا، في الغرب تُحفظ كتل الزهور المتفتّحة بإحكام في مزهرية مع رشّات من أوراق الشجر لملء الفراغات بينها. لكن في اليابان، يركّزون على إبراز السمات الفردية للزهرة أو الورقة أو الفرع المفرد. كما أن المساحة الفارغة المحيطة مهمّة بقدر أهمية الزهرة نفسها، لأن المساحة تحمل طاقة ومساحة للتنفّس والنموّ. وينظر اليابانيون إلى المساحة الفارغة بشكل عام على أنها مليئة بالإمكانيات.
في القرن التاسع عشر، ومع وصول التجّار الغربيين، انتشر فنّ اليابان الفريد في العالم. وبدأنا نرى جوانب من التصميم الياباني في الأعمال العظيمة لفنّانين عالميين مثل فان غوخ وكلود مونيه وجون ويسلر وإدوار مانيه وغيرهم. وعلى الرغم من تأثّرها بالتجارة الدولية، تمكّنت اليابان الحديثة من الحفاظ على قيمها التقليدية المميّزة. فللوهلة الأولى، تبدو طوكيو ذات التقنية العالية والمليئة باللوحات الإعلانية وحشود الركاب المتعّجلين، فوضوية. لكن تحت السطح الحضري، بين ناطحات السحاب، لا يزال من الممكن العثور على تلك الكنوز الهادئة، حيث الأضرحة والمعابد ومقاهي الشاي بحدائقها الهادئة إلى جانب الحياة العصرية. دان كيتنغ

❉ ❉ ❉

○ لطالما كان المعيار الوحيد لصحّة أيّ فكرة دينية أو تجربة روحية هو أن تؤدّي مباشرة إلى التعاطف العملي. فإذا كان فهمك للأمور الإلهية يجعلك أكثر لطفا وتعاطفا ويدفعك للتعبير عن هذا التعاطف بأفعال ملموسة من اللطف والمحبّة، فهذا تديّن جيّد. أما إذا كان مفهومك عن الله يجعلك قاسيا أو عدوانيا أو متزمّتا، أو إذا دفعك إلى القتل باسم الله، فهذا تديّن سيء. كانت الرحمة هي الاختبار الحاسم للمسيح ومحمّد، ناهيك عن كونفوشيوس ولاو تزو وبوذا، أو حكماء الأوبانيشاد. كارٍن أرمسترونغ

❉ ❉ ❉

○ إنكار الزمن هو أحد المبادئ الأساسية لمدارس فلسفية متعدّدة. ووفقا لهذا المبدأ، لا يوجد المستقبل إلا في صورة مخاوفنا وآمالنا الحالية، والماضي هو مجرّد ذكرى. ومن وجهة نظر أخرى، خُلق العالم وكلّ ما فيه الآن قبل لحظات فقط، مع تاريخه السابق الكامل. وهناك مدرسة فكرية تصف أرضنا بأنها طريق مسدود في مدينة الله العظيمة؛ كهف مظلم يعجّ بصور غامضة، أو هالة ضبابية تحيط بشمس أفضل.
ويؤكّد أنصار فلسفة أخرى أن هذه الحياة ليست سوى انعكاس باهت لحدث آخر لا يُنسى. ونحن لا نعرف عدد التحوّلات المحتملة التي ربّما مرّ بها العالم بالفعل. ولديّ انطباع متزايد بأن الزمن غير موجود، هناك فقط مساحات مختلفة، محصورة داخل بعضها البعض وفقا لقياسات مجسّمة أعلى، وبينها يتنقّل الأحياء والأموات. وكلّما فكّرت في الأمر أكثر، زاد اعتقادي بأننا - نحن الذين ما زلنا على قيد الحياة - في عيون الموتى، كائنات غير حقيقية، مرئية فقط في ظلّ ظروف معيّنة.
وعلى عكس "إلياس"، الذي طالما ربط المرض والموت بالابتلاء والعقوبة العادلة والشعور بالذنب، روى "إيفان" قصصا عن موتى ضربهم القدر قبل أوانهم وأدركوا أنهم حُرموا ممّا يستحقّونه، فحاولوا العودة مجدّدا إلى الحياة. قال "إيفان": لو رأيتهم لحسبتهم للوهلة الأولى أشخاصا عاديين. لكن عند التدقيق، كانت وجوههم تتشوّش أو تومض قليلا عند أطرافها. وكانوا أقصر قليلا ممّا كانوا عليه في الدنيا، لأن تجربة الموت تُضعفنا مثلما تنكمش قطعة الكتّان عند غسلها لأوّل مرّة. وينفريد سيبالد

❉ ❉ ❉


❉ ❉ ❉

○ إسرق من أيّ شيء يلهمك أو يغذّي خيالك: الأفلام القديمة والحديثة والموسيقى والكتب واللوحات والصور الفوتوغرافية والقصائد والأحلام والأحاديث العشوائية والعمارة والجسور ولافتات الشوارع والأشجار والغيوم والمسطّحات المائية والضوء والظلال. فقط إختر ما تسرق منه، ما يلامس روحك مباشرة. إذا فعلت ذلك، فسيكون عملك "وسرقتك" أصيلين. جيم غارموش

❉ ❉ ❉

○ في غابة ذات طابع بدائي، يكون غير المتوقّع هو العادي. وكمواطن حضري مدفوع برؤية مثالية وتأمّلية للطبيعة ومتأثّر بعمق بالقبائل الأصلية وبروّاد العصر الحديث، مثل هنري ديفيد ثورو وإدوارد آبي وفرانسوا تيراسون، فإن هذه "الأماكن المنسية" تداعب أحلامي وروحى ومخيّلتي.
واستكشافها بكاميرا مثبّتة على حامل ثلاثي يُعدّ من أقوى التجارب التأمّلية التي حظيتُ بمتعة عيشها. هناك شعور لا يوصف بالعمق في تجربة الانغماس الجسدي في غابة طبيعية أو بدائية قديمة. والأمر أشبه ما يكون برحلة عبر الزمن، عودة إلى ماض منسي، ورحلة إلى مستقبل خيالي.
لكن للأسف، تتعرّض هذه الأماكن الثمينة لضغوط أكثر من أيّ وقت مضى. وقد صوّرتها لغرض وحيد هو الحفاظ على معالمها الأساسية. ويمكن اعتبار هذه الصور شهادات بصرية قيّمة لأماكن عذراء بحقّ، لم يطَلها أيّ تأثير بشري، في أجمل فوضى جمالية يمكن العثور عليها.
عند دخولي إلى هذه الغابات المنسيّة، يغمرني شعور آسر. إنها جنّةٌ برّيةٌ بحقّ، حيث أتوقّف وأتنفّس هواءً رطبا منعشا وأتأمّل الأشجار البدائية والطحالب والنباتات الهوائية أو المتسلّقات المتدلّية. وهذه المتاحف الحيّة تزخر بأنواع انقرضت في أماكن أخرى، من نباتات وحيوانات فريدة.
تتصاعد نفحات من الضباب بين النباتات، وتتساقط قطرات من قمم الأشجار، ويمكن سماع أو رؤية حياة برّية مراوغة من جهات مختلفة. أتجوّل بصمت ودهشة في هذه الأماكن، باحثا باهتمام دائم عن الزاوية المثالية للصورة. ويتطلّب هذا النوع من التصوير الفوتوغرافي جميع الحواسّ والتجارب. لكن الجهد المبذول في هذه الأماكن الاستثنائية يستحقّ كلّ هذا العناء. فريدريك ديموز

❉ ❉ ❉

○ في الغرب، تستعين العديد من المؤسّسات والشركات والأفراد بخدمات خبراء تحليل الخطوط باستمرار. وهؤلاء الخبراء يقدّمون المشورة ويحكمون ويشاركون في تقييم المرشّحين للمناصب المهمّة. وعادةً ما تطلب الشركات من المرشّحين سيرة ذاتية مكتوبة بخطّ اليد، ثم تحوّلها بعد ذلك إلى خبراء تحليل الخطوط.
وتكون الرسائل والديبلومات والشهادات الأكثر إثارةً للإعجاب عديمة الفائدة إذا كتب خبير تحليل الخطوط في تقريره عن الشخص: "ضعيف في مهارات التعامل مع الآخرين" أو "لديه نقص في القدرة التنظيمية". ومع ذلك، يبقى السؤال: هل يتم التحقّق من كفاءة هؤلاء الخبراء وصحّة تقييماتهم من خلال تحليل خطوطهم؟ فيسلافا شيمبوريسكا

❉ ❉ ❉

○ أطلق اليونانيون القدماء على البحر اسم "دمعة كرونوس"، بسبب ملوحته. وكان كيميائيّ عصر النهضة يوهانس فان هيلمونت يعتقد أن الأملاح المتطايرة تشكّل الروح الحيوية أو أنفاس الحيوانات والنباتات. وظهرَ الملح في تكهّنات الفلاسفة والكيميائيين وكيميائيي العصر الحديث. وقيل إن "كيمياء الملح" محورية لدراسة العلاقة المتبادلة بين الكيمياء والتاريخ الطبيعي وعلم وظائف الأعضاء والعلوم الطبّية في العصر الحديث.
والملح هو الصخر المعدنيّ الوحيد الذي يأكله الإنسان ويقدّر قيمته. كما أنه واحد من أقدم وأكثر التوابل الغذائية انتشارا. والملح له طبيعة مزدوجة، حافظ ومفسد، وهو أيضا مطهّر ومكوّن للقرابين الاحتفالية. كما كان الملح ذات يوم وحدة لتبادل القيمة. وخلال العصر الروماني، كان الملح يُستخدم كعملة، حيث كانت رواتب الجنود تُدفع على شكل قطع من الملح المضغوط، وكلمة راتب باللاتينية أتت من salarium التي تعني نقود الملح، ومن هنا عبارة: أن يكون المرء جديرا بالملح".
علاقة الإنسان بالملح ولّدت معاني شعرية وأسطورية هائلة، لا سيّما عندما روّج لها الطبيب الكيميائي باراسيلسوس، الذي أكّد أن من يفهم الملح ومحلوله يمتلك حكمة القدماء. لذلك "ضع كلّ اعتمادك على الملح، ولا تعتبر أيّ شيء آخر ذا أهمية، لأن الملح في حدّ ذاته هو السرّ الأكثر أهميّة الذي اعتقد جميع الحكماء أن من المناسب إخفاءه. وفي الاستخدام الكنسي والكيميائي، يُعدّ الملح رمزا للحكمة وللشخصية المتميّزة أو المختارة، كما في "أنتم ملح الأرض".

❉ ❉ ❉

○ كان هناك قمر واحد فقط، ذلك القمر المألوف، الأصفر المنعزل. نفس القمر الذي حلّق بصمت فوق حقول أعشاب البامبا، القمر الذي ارتفع كصحن مستدير لامع فوق سطح البحيرات الساكن وأشرق بهدوء على أسطح المنازل الهاجعة. نفس القمر الذي جلب المدّ إلى الشاطئ وأشرق برقّة على فراء الحيوانات وغلّف المسافرين وحماهم في الليل وغمر الأرض بصمت في وحدتها. هاروكي موراكامي

الجمعة، مايو 16، 2025

خواطر في الأدب والفن


  • لم يكن المصوّر الفوتوغرافي جون بلاكمور (1955 - 2010) يهتمّ بتصوير تضاريس المنظر الطبيعي، بل سعى بدلا من ذلك إلى نقل الإحساس بالطاقة والديناميكية الكامنة في المشهد الطبيعي وتأثيراته والشعور الروحي بالمكان. وكان يفضّل أن يُنظَر إليه كصانع صور وليس كمصوّر فوتوغرافي، ولهذا السبب أصبح أستاذا بارعا في حرفة التصوير الفوتوغرافي أحاديّ اللون.
    في صور بلاكمور هناك دائما شعور بالاستكشاف وعلاقة معمّقة مع الموضوع. وبالنسبة له فإن أيّ شيء قد يُثير الدهشة ويُحفّز على البحث، من الأشواك في حديقة مهملة إلى آنية من أزهار الزنبق أو النرجس الخ.
    وقبل أن يلتقط صورة، كان يجلس مغمض العينين لعشرين دقيقة تقريبا، يسمح لنفسه أثناءها بالشعور بملامسة الأرض وسماع أصوات الطبيعة التي لا تُحصى والإحساس بحركة الهواء والنموّ الطفيلي للطحالب والتحام الأشجار والصخور. وكان لهذا هدفان: التناغم مع المكان وتبديد أيّ تصوّرات مسبقة عن الصور التي يمكن التقاطها.
    صُوَر بلاكمور شخصية ومكثّفة مع صدى شعري وجمال خاص، كمثل تصويره جروح الأشجار على اللحاء المثقوب والمشوّه والأغصان المتشابكة والمعقّدة والأشجار العارية التي تحتضر بين أوراق الشجر المحيطة. وفي مناظره للبحر وشروق الشمس، ينقل المصوّر حزنا غريبا وساكنا وحادّا. ولطالما كان التصوير بالنسبة له شغفا بالاستكشاف، وقد التقط بعضا من أشهر صور المناطق البرّية في إنغلترا وويلز. ولكن مع تآكل الأرض بفعل الإنسان، لم يعد يشعر بالحرّية في البرّية، وصار يفضّل رسم مناظره الطبيعية من الحطام الذي يجده في الحدائق.
    قال ذات مرّة: قضيتُ وقتا طويلا أتأمّل الزهور، والكاميرا بعيدة عن أفكاري. واستمتعتُ بحضور الزنبق الأخّاذ. ولاحظت أن النرجس، برغم جماله الأخّاذ، يتّسم بجمود عنيد في الشكل. أما الزنبق ففي تحوّل دائم، إذ يمتدّ نحو النور ويشير إلى احتلال المكان. هذه الفترات من التأمّل والمتعة البصرية، تُعدّ دائما جزءا لا يتجزّأ من عملي، إذ تُعمِّق تجربتي وعلاقتي بالموضوع".
  • ❉ ❉ ❉


    ❉ ❉ ❉

  • تأليف موسيقى لفيلم سينمائي مهمّة صعبة وتتطلّب كثيرا من الجهد والإبداع. يقول الموسيقيّ الألماني هانز زيمر أحد أشهر مؤلّفي موسيقى الأفلام اليوم: أوّل خطوة في مشروع تأليف موسيقى لفيلم هي أن أطلب الخروج لتناول العشاء مع المخرج، وبعد ذلك أساله عن قصّة الفيلم. وطبعا لن يقرأ عليّ النص، بل سيخبرني بالقصّة مع التركيز على الأجزاء التي يعتبرها مهمّة. من هنا، تبدأ الموسيقى بالتشكّل ونبدأ بالحديث عن الأنغام والألوان.
    وبعض الناس يظنّون أن المقطوعات الموسيقية يجب أن تكون قصيرة، لأن لا وقت للموسيقى الطويلة. وهذا كلام غير صحيح. فالناس يشاهدون البرامج التلفزيونية الطويلة. كما أن موسيقى الأفلام متفاوتة في طولها، فلحن فيلم "قراصنة الكاريبي" كاملا كان حوالي 14 دقيقة، بينما لحن فيلم "فارس الظلام" كان 22 دقيقة.
    ويضيف: كثيرا ما أستمتع بتقديم كلّ ما هو غير متوقّع. خذ "الأسد الملك" مثلا، هذا الفيلم لم يحقّق نجاحا كبيرا في شبّاك التذاكر فحسب، بل ضَمِن لي أوّل جائزة أوسكار لأفضل موسيقى تصويرية. وفيلم "المصارع" واجه عددا هائلا من المشاكل، لكن العمل عليه كان ممتعا، ولم أتوقّع أن يحقّق نجاحا باهرا. وعند كتابتي موسيقى فيلم "شيرلوك هولمز" عام ٢٠٠٩، استندتُ إلى فوضى لندن الفيكتورية وملأت الموسيقى التصويرية بإيقاعات البانجو والكمان، ما أثار قلق الاستوديو. ومع ذلك حقّق الفيلم نجاحا معتبرا.
    ويختم زيمر كلامه بالقول: يمكنك أن تقول الكثير من الأشياء السيّئة عن صناعة السينما، وكلّها صحيحة، لكنها المكان الوحيد على وجه الأرض الذي لا يزال يكلّف الملحّنين بتأليف موسيقى أوركسترالية. وإذا اختفت الأوركسترا، فسنخسر جزءا كبيرا ممّا يجعلنا بشرا، أي الإنجاز الإنساني المتمثّل في قدرتنا على الابداع. وأحد الأشياء التي أسعى إليها هو جعل أمريكا تنظر إلى نفسها من جديد، أحيانا بدهشة وأحيانا برعب".
  • ❉ ❉ ❉

  • أحيانا نسمع بعض الناس يقولون: بعد كذا سنة من الآن، سأجد الوظيفة المناسبة وستصبح ظروفي على أفضل ما يُرام. وبعدها سأتزوّج وأنجب أطفالاً. وعندما أتقاعد، سأفعل كلّ ما أريد وأعيش الحياة التي كنت أحلم بها، أسافر وأرفّه عن نفسي وآخذ الحياة بجدّية أقلّ".
    لكن مع مرور السنوات، يفقد الإنسان قوّته وصحّته والأشخاص الذين كانوا حوله. ونتيجةً لذلك، تصبح حياته كلّها انتظارا لا نهاية له. يقول أحدهم: كنت مشغولاً جدّاً بعملي لدرجة أنني كنتُ أضطرّ لتناول وجباتي بسرعة. كان كلّ همّي جمع المال والحصول على الترقية والزيادة في الراتب. الآن، غالباً لا أجد ما أفعله، لكنّني أجد السعادة عندما أحلم أو أقرأ أو أكتب أو أتحدّث مع عائلتي. قلّة المال لا تُنقِص من سعادتي، لأنني بدأتُ أعيش كلّ لحظة بمتعة وحماس".
    ذات مرّة طلب طفل من أمّه أن تقطف له بعض العنب من على شجرة. لكن الأم تردّدت في قطف العنب الأخضر وأرادت الانتظار حتى ينضج. وعندما نضج جاء الطفل ليطلبه مرّة أخرى. لكن الأم كانت قد قرّرت أن تترك العنب على الشجرة بانتظار أن تصنع منه حلوى ومربّيات.
    وعندما بدا أن كلّ شيء صار جاهزا لقطف الثمار، جاءت الطيور باحثةً عن طعامها، وهبّت عاصفة قويّة وغير متوقّعة، وأتت الشمس المحرقة على البقيّة، ولم يبقَ على الأغصان سوى القليل من العنب.
    في الواقع، ليس لدينا سوى الحاضر، أما المستقبل فبعيد المنال وفي علم الغيب.
    الحياة مثل الفصول الأربعة. الربيع له جماله الدافئ الخاص، والصيف له جماله الساخن الخاص، والخريف له جماله الناضج الخاص، والشتاء له جماله البارد الخاص. أزهار الربيع تجعل الناس يشعرون بالسعادة، والقمر في الخريف يجعلهم يشعرون بالاسترخاء، ونسمات الصيف تجعلهم يتخّففون من الحرارة، وثلوج الشتاء تجعلهم يشعرون بالانتعاش. وكلّ هذا يخلقه العقل. فإذا كنت في مزاج سيئ، فإن ما تراه وتشعر به يكون مختلفا. وكلّ مرحلة في الحياة جميلة طالما أنك تدرك كلّ ما لديك الآن.
    هناك صنف من الناس الذين يعلّقون كلّ متعهم الجيّدة على المستقبل. فهم يعتقدون أنهم يجب أن يعانوا أكثر الآن لكي يستمتعوا بالأيام الجميلة القادمة، لكنهم لا يعرفون كيف يستمتعون بالحاضر وينسون أن القلق المستمرّ بشأن المستقبل يمكن أن يؤدّي إلى فقدان الصحّة أو حتى الحياة، وأن الحاضر هو كلّ ما لدينا.
    الأشياء في هذا العالم لا يمكن التنبّؤ بها. فنحن لا نعلم إن كنّا سنستيقظ غدا بعد أن نمنا، ولا نعلم ما إذا كنّا سنعود إلى المنزل بأمان بعد خروجنا منه، ونعتقد أن لدينا عمراً كاملاً لنضيّعه. لكن في الحقيقة كلّ ما لدينا هو اليوم فقط. والشيء الذي نحتاج إلى التفكير فيه أكثر من أيّ شيء آخر هو كيف نعيش حياتنا بشكل جيّد في هذه اللحظة.
    أن تجعل كلّ لحظة من حياتك رائعة وذات معنى هو أسلوب الحياة الذي ينبغي أن يتمتّع به كلّ واحد منّا. لذا لا تعش حياتك في حالة انتظار إلى ما لا نهاية!

  • Credits
    dewilewis.com
    hans-zimmer.com

    الاثنين، فبراير 18، 2013

    افاكيان: نوافذ الروح

    ألكسندرا أفاكيان مصوّرة أمريكية من أصل ارمني عملت في العديد من المجلات الرائدة وجالت في أنحاء العالم الإسلامي طوال عشرين عاما كصحافية ومصوّرة فوتوغرافية.
    وكتابها نوافذ الروح: رحلاتي في العالم الإسلامي هو عبارة عن رحلة من خلال عيون ومشاعر امرأة قامت بتغطية بعض أكثر الصراعات في هذا القرن خطورة وإرباكا.
    الكتاب يتضمّن مزيجا من القصص الإخبارية والاكتشافات والحكايات الواقعية عن الحياة في البلدان الإسلامية. وهو يتألّف من عدّة فصول تتناول الفلسطينيين وإيران وآسيا الوسطى و القوقاز والصومال والسودان وأمريكا وحزب الله.
    في غزّة، أمضت الصحافية عامين ارتدت خلالهما الملابس الإسلامية، في محاولة لكسب ثقة السكّان المحليين. لكن ثمن ذلك كان تعرّضها للضرب من أفراد من حركة حماس وإطلاق النار عليها من قبل القوّات الإسرائيلية.
    الصور التي التقطتها للمسلمين الأمريكيين تبدو أكثر حيوية وتباينا، لأنها وثّقت من خلالها المهرجانات العربية في ميشيغان وحفلا للمعمودية في ولاية تكساس والاحتفال برأس السنة الفارسية الجديدة على شاطئ كاليفورنيا.
    أفاكيان تمكّنت من اختراق حزب الله وصوّرت جوانب غريبة من حياة مقاتليه. وفي إيران، صوّرت نساء منقّبات يحتسين المشروبات الغازية في احد الأسواق العامّة. وفي غزّة، التقطت صورة أيقونية نُشرت في مجلّة ناشيونال جيوغرافيك للفتاة الفلسطينية فاطمة العبد التي تظهر في الصورة وهي تمسك بحمامة على سطح منزل أهلها في القطاع.
    في بعض الأحيان فكّرت الكاتبة في أن تقطع مهمّتها وتعود إلى وطنها بالنظر إلى المخاطر التي واجهتها. لكنّ رغبتها في العثور على الصور التي يمكن أن تعبّر عن قصص اكبر هي التي انتصرت في النهاية.
    العديد من صور أفاكيان تُظهر مرتكبي وضحايا أعمال العنف على حدّ سواء. وبعض المقالات والتعليقات في الكتاب تكرّس، ربّما عن غير قصد من الكاتبة، الفكرة المتحاملة القائلة بأن البلدان الإسلامية لديها استعداد فطريّ لإنتاج العنف.
    ورغم ذلك، فجهد الكاتبة يستحقّ الثناء، لأن كتابها يسهم في إماطة ستار الجهل عن الحقائق السياسية والاجتماعية التي تواجه المسلمين والتي غالبا ما تحاول الميديا الغربية صرف الأنظار عنها والاهتمام بقضايا اقلّ أهمية.
    الروح في عنوان الكتاب هي روح الكاتبة نفسها. فهي لا تنسى أن جذورها في أرمينيا، وهي تدرك الأهوال وحجم المعاناة التي تعرّض لها أجدادها. ومن هنا شعورها بالحاجة لأن تكتب وتصوّر اللاجئين والانتفاضات والحروب التي تخوضها الشعوب من اجل الحرّية. ومثل صورها، فإن سرد أفاكيان في هذا الكتاب واضح ومحدّد المعالم ومصاغ في الكثير من الأحيان بلغة شعرية.
    ولدت ألكسندرا أفاكيان في مدينة نيويورك. وفي عام 1983 تخرّجت من كلية سارة لورانس وحصلت على درجة بكالوريوس في الآداب. كما درست وعملت أيضا في المركز الدولي للتصوير، ونُشرت صورها في عدد من أشهر المطبوعات مثل مجلّة واشنطن بوست وشتيرن الألمانية وباري ماتش الفرنسية، بالإضافة إلى معظم المجلات الرئيسية الأخرى في الولايات المتحدة وأوروبّا. وقد عملت أفاكيان، وما تزال، كمصوّرة في ناشيونال جيوغرافيك منذ عام 1995.

    الاثنين، نوفمبر 16، 2009

    آدامز: شاعر الطيف الرمادي

    في بدايات عهدي بالانترنت، كان أوّل ما وقعت عليه عيناي آنذاك صور آنسل ادامز عن الطبيعة باللونين الأبيض والأسود. كانت تلك الصور مليئة بالحيوية والدراماتيكية وكان لها تأثيرها البصري والجمالي الخاصّ.
    كان ادامز يفضّل غالبا اللونين الأبيض والأسود، لأنه كان يعتقد بأنه يستطيع من خلالهما أن يرى الطبيعة بشكل أفضل دقة وتفصيلا ممّا يمكن للألوان الأخرى أن تحقّقه.
    ومؤخّرا نُشر كتاب يتضمّن عددا من صوره الملوّنة والتي يراها الناس لأوّل مرّة.
    آنسل ادامز لم يكن فقط مصوّرا أمريكيا مشهورا، بل كان أيضا احد أعظم المصوّرين في العالم.
    المقال المترجم التالي يلقي بعض الضوء على حياته وأعماله.

    كان آنسل ادامز احد أعظم فنّاني الطبيعة في القرن العشرين. وقد استطاع أن يحوّل التصوير الفوتوغرافي إلى شكل من أشكال الفنّ. وكان دائما مدافعا عن جمال الطبيعة والتنوّع البيئي.
    كان يقول: إن العالم بالنسبة لي كيان حيّ. وأنا لا استطيع أن انظر إلى عشبة صغيرة في الأرض دون أن اشعر بمعنى الحياة. إن كلّ مفردات الطبيعة أحسّ بها في داخلي. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن الجبل أو عن جزء من المحيط أو بقعة جميلة من غابة قديمة.
    إن كلّ شيء فعلته أو أحسست به كان بتأثير من جمال الطبيعة. كنت أراقب تحوّل الشفق إلى ليل وأتمعّن في اللمعان الغريب للنجوم والبريق الواهن للسماء قبيل الفجر. وكنت اتأمّل شروق الشمس على القمم والقباب من حولي وتلك الرياح الباردة المنعشة التي تهبّ عند الفجر من جهة الجبال".
    صور ادامز للجبال والوديان والغابات وغيرها من الأرض غير المأهولة رائعة وفخمة وتحبس الأنفاس.
    كانت له عين كبيرة واستذكارية وكان يفهم بدقّة كيف يضمّن مناظر طبيعته الصامتة عنصرا سرديا.
    كان حبّ ادامز للطبيعة جارفا، وكان من عادته أن يقضي كثيرا من وقته يجوب البراري والغابات مراقبا التغييرات التي تحدث للطبيعة وللحياة.
    ويصف بعض النقاد ادامز بأنه كان المصوّر الذي غمس سموّ الطبيعة الأمريكية في حبر التصوير الفوتوغرافي بالأسود والأبيض، ومن خلال ذلك أضفى عليها معنى جديدا.
    كان أسلوبه مقنعا جدّا لدرجة انه جعل الناس يعتقدون أن كلّ شيء في الطبيعة أتى من كتلة من رماد.
    وقد ارتبط ادامز بالأسود والأبيض غالبا. وربّما يتفاجأ معظم الناس إذا علموا انه بدأ التصوير بالألوان بعد فترة قصيرة من اختراع آلات التصوير الملوّنة في منتصف ثلاثينات القرن الماضي، وانه عندما توفي عام 1984 كان قد ترك حوالي 3500 صورة بالألوان.
    ولم يكن ادامز يعتقد أن عملية الألوان في زمانه قادرة على أن تعطي نتائج يمكن أن تنافس الثراء البصري الذي كان يميّز صوره بالأبيض والأسود.
    وكان يؤمن انه لا يمكن التحكّم في نتائج اللون. لكنه مع ذلك كان يقدّر ثراء الألوان الشفّافة ويتطلّع إلى اليوم الذي يمكن فيه طباعتها بما يتفق مع معاييره الخاصّة والعالية. وكان على وشك إخراج كتاب عن نظرية الألوان وتطبيقاتها وغير ذلك مما يمكن أن يتضمّنه الكتاب.
    ويبدو انه لم يكن هناك كتاب يشبه ذلك الكتاب الذي كان في ذهنه. لكن بعد تسع سنوات من وفاته، تمّ نشر عدد لا بأس به من صوره الملوّنة للمرّة الأولى في مجموعة اختارها مصوّر فوتوغرفي عظيم آخر هو هاري كالاهان.
    وسيعاد نشر الكتاب هذا العام مع عشرين صورة إضافية لم تنشر من قبل.
    لكن أيّ نوع من الفنّانين كان ادامز من خلال صوره الملوّنة؟ في الواقع، لم يكن مختلفا كثيرا عن ادامز بالأسود والأبيض. كان متناغما مع الأسطح والتحويرات حتى وهو يعمل مع اشدّ البيئات الطبيعية عنادا وقسوة.
    كان يزن ببراعة التباين ما بين الأبيض والأسود وكان يكره الألوان الصارخة.
    كما كان يهتمّ بالألوان والظلال التي لا يمكن أن تجد لها اسما.
    كان آنسل ادامز ذكيّا بما فيه الكفاية لأن يعرف أن الصور مجرّد تخيّلات تعيدنا إلى الواقع بعين جديدة، وأن على الفنان الحقيقي أن يعدّل ويحوّر تلك التخيّلات كي تتوافق مع هواه.
    صُور ادامز لها حضور ماديّ قويّ يهزّ حتى الأسطح المستوية. في إحدى صوره نرى الشمس وهي مغطّاة بالغيوم التي تتحرّك فوق قمم جبال مكلّلة بالثلج. وفي أخرى يمرّ نهر متلويّا نحو مقدّمة صورة تفيض بالجمال والسكينة.
    كان يقول: إذا كان التصوير فنّا فإنه لا يجب أن يستنسخ شكلا آخر من أشكال الفن".
    وكان يعرف ما الذي تراه الكاميرا وما الذي نراه نحن. وهما أمران مختلفان جدّا.
    كتب ادامز ذات مرّة يقول: لم أرَ بعد ولم أنتج صورة ملوّنة يمكن أن ترتقي إلى مفاهيمي ومعاييري الخاصّة عن غايات الفن".
    ومن أقواله المشهورة: كثيرا ما ينظر الناس إلى الصورة ونادرا ما ينظرون فيها".
    وأيضا: عندما تكون الكلمات غير واضحة أركّز على الصورة، وعندما تكون الصورة غير كافية اقنع بالصمت".
    صور ادامز المشهدية والفخمة للطبيعة هي من بين أعظم الصور التي التقطتها الكاميرا.
    كانت الغابات والوديان تعني بالنسبة له شروق الشمس ولمعان الألوان الزاهية والخضراء في الحجارة وانبثاق الفراغات الشاسعة في الصحراء.
    وقد لا يختلف تأثير صوره عن لوحات الطبيعة الزيتية المشهورة مثل قلب الانديز لـ فريدريك تشيرش وعاصفة في جبال روكي لـ البيرت بيرشتادت.
    وكلّ هذه الصور تكشف عن سموّ وجلال الطبيعة وتثير في المتلقي شتّى الانفعالات والمشاعر.