الصّديقان
سمعت هذه القصّة أكثر من مرّة فأعجبتني، وأظنّ أنها ستعجب القارئ، ليس بسبب ما تتضمّنه من دراما وإثارة فحسب، وإنّما أيضا للدروس والعبَر التي تقدّمها. حدثت القصّة في بدايات القرن الماضي، وبطلاها شابّان كانت تربطهما صداقة حميمة. لكن ظروف الحياة وصعوبة العيش فرضت عليهما أن يفترقا. فذهب الأوّل إلى منطقة الزبير في العراق طلبا للرزق. كان العراق وقتها مقصدا للكثير من أبناء الجزيرة العربية بسبب سهولة الحياة فيه ووفرة الموارد وازدهار التجارة. أما الثاني فقد قرّر أن يبقى في نجد برغم ضنك المعيشة وندرة الأمطار وشحّ الموارد. وصل الأوّل إلى الزبير بعد مسيرة شهر برفقة إحدى القوافل. وبعد أن تعرّف على المدينة وخالط أهلها وأَلِفوه وأَلِفهم، تيسّرت أموره ثم اشترى مزرعة وصار يعتاش على ما تنتجه من غلال وثمار. ثم امتلك بيتا وأصبح له اسم ومكانة بين أعيان المدينة. وبعد سنوات، قرّر أن يتزوّج، فطلب يد ابنة احد كبراء الزبير، فوافق. وفي تلك الأثناء، تذكّر صديقه النجديّ القديم فبعث إليه برسالة مع إحدى القوافل يطلب منه فيها أن يحضر زواجه. كانت القافلة تستغرق في رحلتها إلى أيّ من الوجهتين ثلاثة أشهر: شهرا ذ...