حالات الوعي المتغيّرة
إنني جئتُ وأمضي وأنا لا أعلـمُ أنا لغز وذهابي كمجيئي طلسـمُ والذي أوجد هذا اللغز لغز مبهمُ لا تجادل ذا الحجا من قال إني لستُ أدري! - إيليا أبو ماضي قبل حوالي العام أصيب أحد زملائنا بمرض عضال لم يكن من المتيسّر علاجه أو البرء منه. وكان يعرف طبيعة مرضه ويدرك انه لن يظلّ على قيد الحياة اكثر من أسابيع معدودة. كنت أواظب على زيارته في المستشفى وكان أقاربه ومحبوه يحيطون به ويولونه عنايتهم وعطفهم. وفي أيامه الأخيرة تحوّل إلى بقايا إنسان واستحال ذلك الجسد المعافى إلى مجرّد هيكل عظمي، فشحب لونه وغارت عيناه واختفى منهما رفيف الأمل وبريق الحياة. وفي مثل تلك المواقف لا يعرف الإنسان ما يقول. هل يدعو الله للمريض بالعافية حتى وهو يعرف أن ذلك مستحيل، أم يسأل الله له حسن الختام، الأمر الذي قد يثقل على مشاعر أهل المريض وأقربائه. بعض من كانوا يزورونه في المستشفى كانوا يكثرون له الدعاء بأن يرفع الله عنه مصيبته ويهبه الصبر والقدرة على تحمّل ذلك الاختبار العسير. والبعض الآخر كانوا يحضرون معهم زجاجات دهن الطيب يدسّونها في يد والد المريض أو أحد اخوته ثم يتبعون ذلك بعبارات هامسة ووجلة تحمل معاني الدعاء بالسلوان...