المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر 10, 2017

صانع المطر

صورة
الصورة فوق هي إحدى الصور المألوفة والمنتشرة بكثرة في مواقع الانترنت. وهي في الوقت نفسه إحدى أكثر الأيقونات انتشارا واحتفاءً في ثقافة سكّان أمريكا الأصليين، أي الهنود الحمر. اسم هذا الشخص الصغير الظاهر في الصورة هو كوكوبيللي. كوكو تعني الخشب وبيللي تعني ذا الظهر المنحني. لكنه أصبح يُعرف عموما بعازف الناي الأحدب. وعمر الرجل يقارب الثلاثة آلاف عام، أي انه عاش حتى اليوم أكثر من مائة جيل. وقد وُجدت تصاويره الأولى منقوشة على الصخور في مناطق الجنوب الغربيّ الأمريكيّ، الذي يضمّ نيومكسيكو ويوتاه وأريزونا وكولورادو. وأصل الكوكوبيللي ما يزال غامضا. لكن العديد من أساطير البيبلو والزوني والاناسازي وغيرهم من قبائل الهنود الحمر تزعم انه كان مخلوقا مقدّسا اُرسل من السماء وأن مهمّته كانت تحريض الناس على الحبّ والتعاطف. ويقال أيضا انه كان إلها للخصوبة، ليس للبشر فقط وإنّما أيضا للنباتات والمحاصيل الزراعية التي يحتاجها سكّان أمريكا الأصليون في حياتهم ومعاشهم. وقد اعتبروا وجوده نعمة، إذ بدونه لا تحلّ بركة ولا توجد حياة. لكنه في مراحل تالية أصبح ملهما للشعر والموسيقى والحرّية والإبداع. ومن...

موناليزا الثانية

صورة
مع أن لهذه اللوحة تاريخا غامضا ومثيرا للجدل، إلا أنها بيعت منذ أسابيع بمبلغ نصف بليون دولار وأصبحت بذلك أغلى لوحة في العالم. وما حصل دفع بعض خبراء الفنّ إلى طرح بعض التساؤلات مثل: هل تستحقّ لوحة "المسيح المخلّص" هذا المبلغ الكبير؟ ولماذا ما يزال الشغف بليوناردو دافنشي على أشُدّه حتى اليوم؟ ثم هناك السؤال الكبير الذي قد يحرم مشتري اللوحة لذّة النوم وهو: هل هذه اللوحة هي لدافنشي فعلا؟ هذا الموضوع المقتضب لن يخوض في السجال المتعلّق بهويّة من اشترى اللوحة ولا لماذا اشتراها وأين ذهبت، بل سيتناول تاريخ هذه اللوحة وما يقال عن حالتها الراهنة وعن وأصالتها. بدايةً لا بدّ من الإشارة إلى بعض المعطيات السريعة. "المسيح المخلّص" التي بيعت منذ أسابيع هي نسخة من سبع عشرة نسخة من نفس اللوحة. وفي خمسينات القرن الماضي بيعت نفس هذه النسخة بمبلغ خمسة وأربعين جنيها استرلينيا فقط، عندما كان يُعتقد أنها مجرّد نسخة من اللوحة الأصلية التي كان مفترضا أنها ضائعة. أي أنها الآن بيعت، بعد أن تأكّدت أصالتها ونِسبَتها إلى دافنشي، بمبلغ يساوي عشرة آلاف ضعف ذلك المبلغ الزهيد. وبذا تكون قد...

أبو بكر سالم: صورة الفنّان

صورة
أمس صباحا، وبلا مقدّمات، لمعت في ذهني فجأة صورة الفنّان الكبير أبو بكر سالم الذي احتفظ له في نفسي بمكانة خاصّة. وقد قرّرت في تلك الساعة أن اكتب عنه موضوعا بحيث يكون جاهزا عندما احتاجه، وفي ذهني انه مريض كما سمعت ويمكن أن يتوفّاه الله في أيّ وقت. وكتبت فعلا هذا الموضوع ثم نحّيته جانبا بانتظار أن يأتي الوقت المناسب لنشره. وفجأة أيضا، علمت أن الفنّان الكبير انتقل إلى رحمة الله بعد ساعات فقط من تذكّري الغريب له. كان أبو بكر سالم نسيج وحده بين فنّاني جيله. صوت متميّز وأداء حسّاس، مع ذائقة عالية للشعر والموسيقى. ومنذ أن وعيت نفسي وأنا اسمع صوته. كانت أغانيه حاضرة في كلّ مكان، لذا انطبع صوته وأسلوب أدائه المميّز في وجداني ووجدان الكثيرين من أبناء جيلي. وأصبح صوته علامة فارقة لا يشبه أيّ صوت آخر وأيضا لا صوت آخر يشبهه. وأبو بكر لم يكن مجرّد مطرب، بل شاعر متمكّن وملحّن موسيقيّ لامع. تسمع بعض أغانيه فتدهشك قدرته الفذّة في التنقّل بسلاسة بين المقامات وابتداع جمل موسيقية في منتهى الرقّة والعذوبة ممّا لا يستطيع مغنٍّ آخر فعله إلا في ما ندر. كان أبو بكر من أوائل مطربي الجزيرة العرب...

العنصرية في الفلسفة

صورة
هناك رأي شائع يقول إن الفلسفة الغربية ضيّقة الأفق وتفتقر إلى الخيال وكارهة للأجانب وخائفة منهم. وإلا كيف نفسّر تجاهل كافّة أقسام الفلسفة تقريبا في أمريكا وأوربّا للتقاليد الفلسفية الثريّة للصين والهند؟! وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى قرون. كان معروفا عن "ايمانويل كانت"، مثلا، احتقاره لكونفوشيوس. وقد كتب ذات مرّة يقول: لا وجود للفلسفة في سائر بلاد الشرق. وكونفوشيوس لا يعلّم في كتاباته أيّ شيء خارج العقيدة الأخلاقية المصمّمة أساسا لأمراء الصين منذ القدم. لكن أيّ مفهوم عن الفضيلة والأخلاق لم يدخل عقول الصينيين أبدا". و"كانت" الذي يُعتبر احد أربعة فلاسفة هم الأكثر نفوذا في الفكر الغربيّ ليس الوحيد الذي يعتبر أن الصينيين والهنود، والشرقيين عموما، عاجزون عن الفلسفة. بل حتى الفلاسفة الغربيون المعاصرون يرون انه لا توجد فلسفة صينية أو هندية ويعتبرون أن هذا من الأمور المسلّم بها. ويقال أحيانا، في معرض الدفاع عن وجهة النظر هذه، أن الفلسفة كلمة ذات أصل إغريقيّ، أي أنها تشير حصرا إلى التراث الذي تركه مفكّرو اليونان القديمة. لكن إذا كان منشأ العلم يحد...