المشاركات

عرض المشاركات من أبريل 22, 2012

توكاتا اند فيوك

صورة
آثار دارسة، منظر لقلعة مظلمة أو حصن مهجور منذ آلاف السنين، إحساس بالصدمة أو الخوف أو الترقّب أو الحزن.. هذه هي الصور والانفعالات التي قد يثيرها في نفسك سماع هذه المقطوعة المدهشة من عصر الباروك. "توكاتا اند فيوك إن دي ماينر" لـ يوهان سيباستيان باخ هي ولا شكّ أكثر المقطوعات الموسيقية إثارة للرهبة. كما أنها عمل آخر يجسّد عبقرية وإبداع باخ وروعة وعمق موسيقاه المنقطعة النظير. الدراما القويّة والتأثير الانفعالي لهذه الموسيقى لا يمكن وصفهما. وهناك شبه اتفاق على أنها أكثر القطع الموسيقية استخداما في السينما والتلفزيون، بل وحتى في العاب الفيديو وفي نغمات الهاتف الجوّال. التوكاتا والفيوك هما نوعان من الارتجال الموسيقي باستخدام آلة موسيقية بغرض إظهار براعة أسلوب العازف وتمكّنه. وقد ظهر الأسلوبان أوّلا في فينيسيا خلال عصر النهضة الايطالي، ثم انتقلا بعد ذلك إلى ألمانيا حيث خضعا لكثير من الصقل والتطوير على يدي باخ. كتب باخ هذه المقطوعة قبل أكثر من ثلاثمائة عام. وكان قد ألّفها في الأساس كي تُعزف على آلة الأرغن، وقيل الهاربسيكورد أو الكمان. غير أنها عُزفت في ما بعد بآلات مختلفة...

خطوط وألوان

صورة
رافائيل، حلم الفارس، 1504 يُعتبر رافائيل احد أعظم الرسّامين الذين أنجبهم عصر النهضة الايطالي. وقد ولد في أوربينو عام 1483 وتلقّى تعليما مبكّرا في الرسم على يد والده، الذي كان رسّاما هو الآخر. في عام 1504 انتقل رافائيل إلى فلورنسا، حيث درس أعمال كبار الرسّامين آنذاك مثل ليوناردو دافنشي ومايكل أنجيلو، وتعلّم أساليبهما في التعامل مع الضوء والظلّ وعلم التشريح والعمل الدرامي والحركة. من أشهر أعمال رافائيل لوحته الرمزية بعنوان "حلم الفارس". وهي تصوّر فارسا من العصور الوسطى وهو نائم بينما تقف عن يساره ويمينه امرأتان. المرأة إلى اليسار ترمز إلى الفضيلة. وهي ترتدي ثياب أثينا إلهة العدالة اليونانية وتمسك بإحدى يديها كتابا وبالأخرى سيفا، بينما تقف بموازاة طريق يقود إلى جبل صخري يظهر في نهايته منحدر بُنيت على أطرافه قلعة عالية. المعنى الذي قصده رافائيل هو أن الطريق الذي يؤدّي إلى الفضيلة من الصعب سلوكه لأنه شاقّ ووعر. المرأة إلى اليمين ترتدي ثوبا ملوّنا وعقدا من اللؤلؤ. وهي لا تقدّم للفارس سوى زهرة صغيرة. والطريق الذي تقف بمحاذاته يمرّ عبر تلال ومروج وينتهي بمنزل فاره يق...

طبيعة نيستيروف

صورة
صورة الشمال الروسي "الأورال وسيبيريا" كما ينقلها الأدب الكلاسيكي الروسي "تولستوي وشولوكوف مثلا" هي صورة لطبيعة قاسية وغير مضيافة. الخضرة الباردة والقاتمة والمملّة في تلك المناطق تثير إحساسا بالكآبة وأحيانا بما هو اخطر، أي الموت. أذكر أنني شاهدت قبل سنوات فيلما بعنوان ملحمة سيبيريا للمخرج الروسي اندريه كونشلوفسكي . ومعظم أحداث الفيلم تجري في تلك المناطق النائية والباردة والمنعزلة التي يتعايش فيها الناس مع البرد القاتل ومع الأشباح والظلام. غير أن صور ميخائيل نيستيروف (1862-1942) تقدّم صورة مختلفة عن تلك الأمكنة. فهو يضفي على الطبيعة هناك قدرا من القداسة والروحانية والنبل والشاعرية. نيستيروف يصوّر في لوحاته أمسيات الخريف وبساطة الناس والعلاقة المقدّسة التي تربط الإنسان بالطبيعة. وهو يستلهم صوره تلك من التقاليد الأرثوذكسية، وخاصّة النبوءة التي تقول بعودة البشر إلى الأيّام الخوالي عندما كان الناس والحيوانات يتعايشون في رحاب الطبيعة بسلام وانسجام. في إحدى لوحاته بعنوان "الثعلب الصغير"، يرسم نيستيروف ثلاثة رجال مسنّين يجلسون على تلّ أمام إحدى غاب...

كوابيس كافكا

صورة
إن كنت تتطلّع لقراءة رواية فيها أشياء من دستويفكسي ونيتشه وبيكيت وسارتر في وقت واحد، فإن هذه الرواية قد تلبّي طموحك. "القلعة" هي أجمل روايات فرانز كافكا، وربّما أكثرها إثارة للمشاعر. صحيح أن المحاكمة و المسخ مليئتان بعمقهما الخاصّ وبحزنهما المعقّد، لكنهما لا تتركان في النفس مثل هذا الإحساس اللاذع بغربة الإنسان وعبثية الحياة. "القلعة" هي قصّة (ك)، الذي يدّعي أنه مسّاح أراض أرسله شخص مجهول لغرض ما غير معروف إلى القلعة. القلعة نفسها مكان مجهول. كما أن القارئ لا يعرف على وجه التحديد ما الذي يُفترض أن ينجزه (ك) هناك. السرد في هذه الرواية لا يتحرّك نحو نهاية أو غاية واضحة. وبدلا من ذلك، يقدّم كافكا للقارئ سلسلة من الإحباطات وهو يتابع محاولات (ك) المتكرّرة كي ينجز عمله. ومع ذلك لا يستطيع أن يتحرّك أبعد من محيط القلعة الشبحي. (ك) لا يُسمح له أبدا بدخول القلعة. كما انه لا يستطيع العودة إلى بيته. ويُترك لوحده وهو يواجه ثنائيات اليقين والشك، الأمل والخوف، في كفاحه الذي لا ينتهي وهو ينتقل من متاهة لأخرى. بدأ كافكا كتابة "القلعة" عام 1922م. ولم ين...