قمر في بغداد
هذه القصيدة تعتبر بحقّ من أجمل وأرقّ ما حفظه لنا ديوان الشعر العربي. قائلها هو بن زريق البغدادي الذي لا ُيعرف عنه الكثير، باستثناء انه ارتحل من بغداد إلى بلاد الأندلس تحت وطأة الفقر والعوز وطمعا في مدح أمرائها مقابل ما كان يؤمّله منهم من ثناء وأعطيات. غير أن شيئا من ذلك لم يتحقّق. وتحكي بعض الروايات أن الشاعر بعد أن تعثّرت أحلامه في التقرّب من أمراء البلاد وولاتها عاد مهموما ذات ليلة إلى النزل الذي كان يسكنه. وفي صبيحة اليوم التالي عُثر عليه ميّتا في فراشه وتحت وسادته هذه الأبيات الحزينة التي يتذكّر فيها زوجته الوفيّة التي لطالما حاولت إقناعه بالبقاء إلى جانبها والعدول عن فكرة السفر والارتحال إلى البلاد النائية. لا تـعـذليه فــإن الـعـذل يـولـعه قـد قـلت حـقاً ولكن لـيس يـسمعـهُ جـاوزت فـي لـومه حـداً أضـرّ به مـن حـيث قـدّرت أن الـلوم يـنفعهُ فـاستعملي الـرفق فـي تـأنيبه بـدلاً مـن عـذله فهو مضنى القلب موجعـهُ قــد كـان مـضطلعاً بالخطب يـحمله فـضـّيقت بـخطوب الـدهر أضـلعهُ يـكفيه مـن لـوعة الـتشتيت أن لـه مـن الـنوى كـل يـوم مـا يـروّعهُ مــا آب مــن سـفر إلا وأزعـجه رأي إلى سـفـر بـا...