:تنويه

تنويه: كافة حقوق الموادّ المنشورة في مدوّنتي "خواطر وأفكار" و "لوحات عالمية" محفوظة للمؤلف ومحميّة بموجب قوانين حقوق النشر والملكية الفكرية. .


‏إظهار الرسائل ذات التسميات روزيتي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات روزيتي. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، مارس 15، 2016

كينوبف وغموض الفنّ

ثمّة جملة منسوبة للمايسترو الراحل ليونارد بيرنستاين يتعجّب فيها من الناس الذين يحاولون أن يفسّروا سرّ جمال الموسيقى، متناسين أنهم بهذا إنّما يجرّدونها من غموضها وسحرها.
والحقيقة أن هذا الكلام صحيح، وهو برأيي لا ينطبق على الموسيقى فحسب، وإنما ينسحب على كافّة أنواع الفنون بلا استثناء.
وقد تذكّرت كلام بيرنستاين وأنا أتأمّل هذه اللوحة للرسّام البلجيكيّ فرناند كينوبف. كان كينوبف فنّانا رمزيّا، وقد أحبّ الأدب منذ سنّ مبكّرة وانجذب لأعمال الكتّاب الفرنسيين خاصّة. ثم قرّر أن يدرس الرسم.
ويقال انه من بين أكثر الرسّامين غموضا، وأعماله القليلة لا تكشف سوى عن القليل من سمات شخصيّته أو من حياته الداخلية.
والمؤسف انه بعد وفاته في العام 1920، أحرقت عائلته جميع أوراقه الخاصّة، وكأنها كانت تريد أن لا يحلّ احد غموضه أبدا. وقد ذكّرني هذا بما حدث لرسّام آخر لا يقلّ غموضا هو البريطانيّ جون غودوورد الذي قامت والدته بعد وفاته بإتلاف كافّة صوره وأشيائه الشخصية بسبب علاقتهما التي كان يشوبها التباعد والجفاء.
تأثّر كينوبف بأعمال ديلاكروا وغوستاف مورو وما قبل الرافائيليين. وكانت لوحاته تتمتّع بالشعبية، كما كان له زبائنه الذين يقدّرون موهبته، بالإضافة إلى انه كان معروفا جيّدا في المجتمع البلجيكي. وفي لوحاته سترى الكثير من الأشياء، من الدين والتاريخ وعلم النفس والميثولوجيا وما إلى ذلك.
وهذه اللوحة بعنوان "وأغلقت الباب" تُعتبر من أكثر أعمال الرسّام انتشارا. ويقال انه استوحاها من قصيدة بنفس العنوان للشاعرة كريستينا روزيتي، شقيقة الرسّام والشاعر الانجليزيّ من أصل إيطاليّ دانتي غابرييل روزيتي.
والحقيقة أن كلّ شيء في اللوحة غريب، اسمها وهيئة المرأة ووضعية جلوسها وتعبيرات وجهها. كما أنها تحتوي على تفاصيل غامضة، مثل تمثال الرأس المجنّح الموضوع على الرفّ خلفها.
هذا التمثال الصغير يقال أنه يصوّر "هيبنو" إله الأحلام في الأساطير الإغريقية. وكان كينوبف يملك التمثال الأصليّ وقد التقط لنفسه عدّة صور معه.
أما الزهرة الحمراء إلى جوار التمثال فتمثّل نبتة الخشخاش التي لها خصائص مخدّرة وترتبط بالأحلام.
المرأة التي في اللوحة هي مارغريتا شقيقة الرسّام والتي تظهر في العديد من لوحاته. ومن الواضح أنها تعيش في عزلة، عيناها ساكنتان وملامحها حزينة. الجدران الخربة والأزهار الجافّة والخشب المتآكل والألوان الباهتة والاعتكاف في هذا المكان الساكن الصامت، كلّ ذلك يكرّس الإحساس بالوحشة والانقباض.
وقد ألهمت هذه اللوحة كاتبة تُدعى جويس اوتس بتأليف رواية بنفس العنوان كتبتها عام 1990 وتسرد فيها قصّة حياة فتاة كانت تعيش في ريف نيويورك مطلع القرن الماضي.
بعض النقّاد يشيرون إلى أن للوحة ارتباطا بقصّة وليام موريس التي ينتقل فيها البطل إلى ارض يوتوبية ويؤخذ ليتجوّل في البيت القديم. وهناك يمرّ بتحوّل روحيّ سببه الإحساس بأن الزمن توقّف وتلاشى بداخله الإحساس بالدهشة.
كينوبف، الذي ينتمي إلى عائلة موسرة، كان شخصا غريب الأطوار، فقد بنى لنفسه بيتا بلا نوافذ. وكان الصمت والعزلة فكرتين أساسيتين في لوحاته. وقد نقش على باب منزله جملة تقول: ليس للإنسان إلا نفسه".
ويُروى أن شاعرا عاش في عصره وصفه بأن له شعرا أحمر جميلا وقامة مديدة. وبعد وفاته بعشر سنوات، تمّ هدم بيته بناءً على طلب عائلته.
وعودا على بدء، ترى كم من هذه اللوحة تكشّف لك بعد أن قرأت الكلام المكتوب أعلاه وكم منها ما يزال غامضا برأيك؟
أظنّ انه ليس من مهمّة الفنّان أن يجعل عمله مفهوما لكلّ احد، بل بالعكس عليه أن يترك في عمله بعض الغموض، كي يخلق الدهشة في عقل المتلقّي ومن ثمّ يدفعه لطرح الأسئلة والاحتمالات. وربّما أن ما نعتبره كمتلقّين غموضا وإبهاما هو ما أراد الفنّان أن يودعه في عمله أصلا وعن قصد.
إن وظيفة الفنّان، كما يقول الرسّام الانجليزيّ فرانسيس بيكون، هي أن يعمّق الغموض في أعماله دائما. ومن طبيعة الفنّ الغامض انه لا يُنسى بسرعة.
وأختم بعبارة مأثورة وتتردّد كثيرا مؤدّاها أننا كلّما اكتسبنا معرفة اكبر، فإن الأشياء لا تصبح أكثر اتساعا ووضوحا وإنّما أكثر إبهاما وغموضا.

السبت، مارس 30، 2013

شكسبير في الرسم

المسرحيات الخالدة لـ وليام شكسبير (1564-1616) وجدت طريقها إلى السينما والموسيقى وألهمت رسّامين كثيرين بشخصيّاتها الحيّة وحبكاتها التي لا تُنسى.
الشخصيّة الرئيسيّة في مسرحية "اوتيللو" محارب مغربيّ تقوده شكوكه إلى الاعتقاد بأن زوجته ديدمونا تخونه. صديقه ومستشاره اياغو يحاول بمكر إقناعه بأن شكوكه في مكانها وأن زوجته غير مخلصة له. هنا تسيطر الغيرة على اوتيللو ويقرّر قتل زوجته فيخنقها بوسادة وهي في سريرها. المأساة الأكبر تحدث عندما يكتشف اوتيللو أن ديدمونا بريئة. وفي نهاية المطاف، وتحت تأثير شعوره بالذنب والندم، يُقدِم على الانتحار.
الليلة المشئومة والأخيرة لـ اوتيللو وزوجته صوّرها رسّامون مثل وليام باول وأدولف وايز. الرسّام الرومانسي الفرنسيّ أوجين ديلاكروا تناول هو أيضا هذه القصّة في لوحة رسمها عام 1847م. ديلاكروا رسم غرفة نوم ديدمونا بلون احمر فاقع، وهو لون العاطفة والغضب. اوتيللو يدخل الغرفة غاضبا وحاملا بيده مصباحا، بينما تنام ديدمونا قريرة العين. رسم ديلاكروا هذه اللوحة بعد أن شاهد اوبرا اوتيللو للمؤلّف الموسيقي الايطالي غيوتشينو روسيني، والمستوحاة من المسرحية الأصلية.
مسرحية شكسبير "روميو وجولييت" منحت العالم حكاية أشهر عاشقين منكوبين في التاريخ وجدا نفسيهما مسجونَين داخل شبكة من العائلات المتناحرة حيث لا مكان سوى للخناجر والسموم.
الفنّان البريطاني فورد مادوكس براون رسم عام 1870 لوحة تصوّر موعدا في الشرفة بين العاشقين روميو وجولييت.
زميله الإنجليزي الكلاسيكي فريدريك ليتون اختار أن يصوّر المشهد الختاميّ للمسرحية، فرسم لوحة بعنوان المصالحة بين عائلتي مونتاغيو وكابيوليت. في اللوحة تظهر الروحان الهامدتان وهما تحتضنان بعضهما البعض إلى الأبد، بينما أسرتاهما اللتان أدركتا بعد فوات الأوان حماقة قتالهما تتفقان أخيرا على هدنة. ليتون يوحّد العاشقين بطريقة جميلة من خلال الخطوط الطويلة والفضفاضة. زعماء العائلتين يتصافحون أمام خلفية غامضة، بينما يخيّم الوجوم على الأقارب الآخرين حزنا على الموت العبثيّ للشابّ والفتاة.
مسرحية "الملك لير" تحكي قصّة حاكم انجليزي قديم وبناته الثلاث. اثنتان منهنّ متآمرتان ومخادعتان، بينما الأخرى صادقة ومُحبّة. ومن خلال بناء شكسبير المثير والمحكم، يتمّ إقناع الملك لير بأن ينفي كورديليا الابنة التي تحبّه حقّاً، ويثق في ابنتيه الشرّيرتين غونيريل وريغن.
الفنّانون كثيرا ما رسموا مشهد إصابة الملك لير بحالة من الجنون ترمز إليها عاصفة. ومن بين هؤلاء جورج رومني وجون رونسيمان. لكن هناك من فضّل أن يرسم كورديليا ولير معا.
فنّان القرن التاسع عشر بول فالكونر رسم صورة مؤرّقة للملك المضطرب يظهر فيها بلحية بيضاء وقد أنهكته الحروب. والرسّام إدوين أوستن آبي رسم الابنتين المنحرفتين غونيرل وريغن جنبا إلى جنب قبل أن تتحوّل علاقتهما في نهاية المطاف، وبشكل غير مستغرب، إلى حالة من العداء. بينما رسم جيمس باري الملك وهو يحتضن بحرقة جسد كورديليا الميّت.
الليدي ماكبث وأوفيليا هما شخصيّتان رئيسيّتان في مسرحية "هاملت". وقد تناولهما الرسم مرارا. أوفيليا، على وجه الخصوص، ببراءتها وقبرها المائيّ، كانت الموضوع المفضّل لفنّانين مثل جون ايفرت ميليه وجون ووترهاوس ودانتي غابرييل روزيتي والكسندر كابانيل وغيرهم.
الرسّام الرمزي الفرنسي أوديلون ريدون رسم أوفيليا مع زهورها البرّية الشهيرة، كما رسمها وقت وفاتها. وكلا اللوحتين تُمسكان بصفاتها الأثيرية وروحها المنكسرة.
ريدون رسم أيضا لوحة أخّاذة لليدي ماكبث باستخدام مجموعة من الألوان الفريدة التي تتناسب مع هذه الشخصية المختلفة جدّا. وبحكم كونها زوجة ماكبث، فإن الليدي تدفع زوجها لارتكاب جريمة قتل كي يصبح ملكا على اسكتلندا. وعلى الرغم من أنها كانت تتمتّع بقدر من السلطة، إلا أن إحساسها بالذنب، في النهاية، يصبح كبيرا بما لا يُحتمل.
لوحة ريدون عن الليدي ماكبث تميّزها بقع متوهّجة من الأحمر والبرتقالي، بينما يظهر وجهها المتجّهم وقد عَلَته آثار الشرود والتوتّر بسبب الهواجس التي تنتابها بأنها ملوّثة بالدم إلى الأبد. "مترجم".

Credits
artuk.org

الخميس، يناير 06، 2011

الفنّ ما قبل الرافائيلي

تأسّست جماعة الفنّانين ما قبل الرافائيليين في خريف عام 1848 على يد مجموعة من الرسّامين والشعراء والنقّاد الانجليز. وكان ظهور الحركة ردّ فعل على النزعة الفيكتورية نحو المادّية وعلى الأفكار النيوكلاسيكية التي كان يتبنّاها الفنّ الأكاديمي.
وقد تقرّر اختيار هذا الاسم بالنظر إلى سعي الجماعة إلى إعادة اكتشاف أساليب الرسم التي كانت شائعة قبل زمن الرسّام الايطالي رافائيل.
ووصل الفنّ ما قبل الرافائيلي إلى ذروته مع ظهور لوحة اوفيليا لـ جون ميليه التي حقّقت شهرة عظيمة عند عرضها لأوّل مرّة عام 1852م.
كان الرسّامون الثلاثة المؤسّسون لمدرسة الفنّ ما قبل الرافائيلي هم جون ايفرت ميليه ودانتي غابرييل روزيتي ووليام هولمان هانت.
وكان هدفهم المعلن من وراء تأسيس الحركة هو البحث عن مواضيع وأفكار جادّة وحقيقية للرسم. وقد استمدّوا مواضيع لوحاتهم من الكتب الدينية والأفكار الاجتماعية السائدة في زمنهم. كما حرصوا على تصوير الطبيعة بعناية ودقّة دون تمجيدها أو رسمها بصورة مثالية ودون مراعاة للقواعد الأكاديمية المتّبعة في التصميم والتلوين.
وقد بدأ الفنّانون ما قبل الرافائيليين في رسم موضوعات مستوحاة من الشعر والقصص الرومانسية ومن التاريخ وخيالات القرون الوسطى. ووجدوا بهجة في الألوان الحسّية الرائعة وضمّنوا لوحاتهم رسومات لشخصيّات في أوضاع عاطفية ومنمّقة مع رمزية غامضة.
وكان تمردّهم في البداية هدفا لهجوم من الروائي تشارلز ديكنز وغيره من الكتّاب الذين وصفوا نتاجهم بالفنّ الهابط. لكنّهم وجدوا نصيرا قويّا في شخص الناقد جون راسكين الذي وفّر لهم علاقات صحفية قويّة وتوجيها مهنيا، على الرغم من انه كان يفسّر أعمالهم بطريقة محرّفة وكثيرا ما كان يثير امتعاضهم بنصائحه المتفذلكة.

كان الفنّانون ما قبل الرافائيليين في أغراضهم وأساليبهم النقيض الكامل للانطباعيين. فقد كانوا يلجئون إلى الكتب والشعر ويبشّرون بالأخلاق ويستخدمون الضوء بطريقة خطابية. بينما كان الانطباعيون يُعنون بتصوير المتع اليومية واستكشاف وتحليل الخواصّ العلمية والجمالية للضوء.
ورغم أن الما قبل الرافائيليين ارتادوا آفاقا جديدة في الواقعية المادّية والألوان البرّاقة، إلا أنهم حاربوا الفنّ الأكاديمي المبتذل والمتكرّر بفنّ متخم ووعظيّ خاصّ بهم. صحيح أن ابتكاراتهم التقنية كانت واضحة. لكنّ المتلقّي لا يستطيع أن يهضم أعمالهم إلا إذا حاول التغافل عن درجة العاطفة المفرطة فيها.
كان الشخص الأكثر شعبية ونجاحا بين فريق مؤسّسي الفنّ ما قبل الرافائيلي هو الطفل المعجزة جون ايفرت ميليه (1829-1896)، الذي أصبح في نهاية المطاف رئيسا للأكاديمية الملكية. وقد كافأ ميليه الناقد جون راسكين على دعمه للمجموعة بالهرب مع زوجته الجائعة عاطفيا ايفي غراي في عام 1853م.
والحقيقة انه ليس بالإمكان تجاهل لوحات ميليه المنفّذة بشكل أنيق لفتيات جميلات ولمشاهد مستوحاة من كتب الأدب، عندما كان يتعامل مع الألوان الزيتية حصرا.
الشخص الثاني في الجماعة من حيث الأهمية كان دانتي غابرييل روزيتي (1828-1882) الذي كان ابنا لثائر إيطالي. كان روزيتي الزعيم الفكري للجماعة. كما كان مسئولا عن دعمهم ومساندتهم باعتبارهم "جماعة سرّية". وقد درس الرسم في كنغز كوليج في لندن. لكنه كان يقضي وقتا أطول في كتابة الشعر. وكان يعتبر نفسه رسّاما شاعرا ويتّخذ من وليام بليك نموذجه المفضّل.
كان روزيتي يعرض في لوحاته الارتباطات الأدبية القويّة التي رافقت الحركة منذ بداياتها. وقد درج على تجنّب المواضيع الدينية لصالح الأساطير الشعرية. ويُعزى إليه الفضل في انه مهّد الطريق لحالة الهوس بالمواضيع المستلهمة من قصص القرون الوسطى والتي كرّستها الموجة الثانية من الفنّانين ما قبل الرافائيليين.
ومثل معظم أقرانه، أصبح روزيتي على علاقة سيّئة بـ جون راسكين الذي كلّفه برسم لوحة ثم أمره بأن يعيد رسمها مرّة تلو أخرى إلى أن نالت رضاه.

في العام 1850 قابل روزيتياليزابيث سيدال التي أصبحت "أميرته العذراء" وموديله المفضّلة. وقد تزوّجا بعد عشر سنوات من العيش معا. لكنّ سيدال لم تلبث أن توفّيت بعد الزواج بعامين إثر تناولها جرعة زائدة من صبغة الأفيون.
وفي عام 1871 هوجم روزيتي بضراوة في مقال كتبه شخص مجهول واصفا إيّاه بأنه "شاعر شهواني وعديم الأخلاق".
وبعدها أصبح روزيتي شخصا انطوائيا ومتشكّكا وبدأ في تعاطي الأدوية المهدّئة. ورغم ذلك، تضاعف نجاحه في نهاية حياته ورسم العديد من اللوحات الزيتية التي تصوّر نساءً جميلات، في ما بدا وكأنّه محاولة حزينة لتذكّر سيدال.
ثالث الأعضاء المؤسّسين لجماعة الفنّ ما قبل الرافائيلي كان وليام هولمان هانت (1827-1910). وربّما كان هانت الشخص الأكثر إثارة للاهتمام من بين أعضائها. وقد تمسّك بمبادئ الجماعة طوال حياته.
ويقال إن هانت كان يحتفظ بآراء جنسية مشوّهة كان يخفيها من خلال هجومه المصطنع على الابتذال الأخلاقي. وقد وقع ذات مرّة في حبّ عاهرة تدعى آني ميلر. وحاول أن "يخلّصها" مقابل الزواج ولكي يستخدمها كـ موديل في لوحاته الوعظية.
كان بحث وليام هانت عن الطبيعة مقترنا ببحثه عن طبيعة الأخلاق والحقيقة الإلهية. والمفارقة أن ملاحظته للطبيعة أنتجت متعا حسّية صوّرها بألوان زاهية. لكن عندما ينزل عن منبر الوعظ الديني فإن لوحاته تصبح مثيرة للغاية بتفاصيلها الدقيقة وبأسلوب استخدام الألوان فيها.
وعندما رأى الرسّام الفرنسي اوجين ديلاكروا إحدى لوحات هانت الزيتية عام 1856 ذُهل من لمعان الألوان الحمراء والصفراء والزرقاء التي نسجها هانت في صوف الخراف البيضاء. وبعض لوحاته هي مشاهد ليلية تحت ضوء القمر أو أنوار الشموع. وعندما زار هانت مصر والأراضي المقدّسة بعد عام 1854 رسم طبيعة ذات تفاصيل دقيقة مع سموات صفراء وجبال بنفسجية.

وعلى خطى الآباء المؤسّسين لحركة الفنّ ما قبل الرافائيلي جاء عدد من الرسّامين الذين شاركوهم بعض أهدافهم وأساليبهم.
ومن بين أهمّ هؤلاء السير ادوارد بيرن جونز (1833-1898). ومثل روزيتي، كان بيرن جونز مهتمّا بالمواضيع المتعلّقة بالعصور الوسطى والقصص الأسطورية. لكنّه فضّل في ما بعد رسم شخصيات كلاسيكية على غرار بوتيشيللي الذي رأى بعض أعماله أثناء زيارتيه إلى ايطاليا.
ورسوماته المبكّرة تتضمّن أنماطا متفرّدة وشخوصا يشبهون شخوص روزيتي. ولوحته سيدونيا فون بورك يمكن اعتبارها مثالا على رؤيته الفريدة للمؤثّرات البصرية والتصميم القويّ. كما أن اللوحة تنطق بالتوق والفخامة اللذين اتّسمت بهما المائة عام التي فصلت بين عصر النهضة وعصر الباروك.
وحدث بعد ذلك أن عرض بيرن جونز إحدى لوحاته شبه العارية في لندن. كانت اللوحة مستوحاة من إحدى الأساطير الإغريقية. وعندما رأى الجمهور اللوحة انتابهم الغضب واتهموا بيرن جونز روزيتي وبقيّة رموز الفنّ ما قبل الرافائيلي بالتهتّك والفجور.
وخوفا من أن تأخذ التهمة منحى خطيرا، سافر بيرن جونز إلى ايطاليا وحقّق هناك سمعة طيّبة بفضل مهارته في تصاميم الزجاج الملون والتطريز والنسيج.
وعندما عاد إلى بريطانيا، ظلّ يعرض رسوماته في الرويال أكاديمي حتى وفاته. وتظهر لوحاته المتأخّرة مهارة واضحة في توظيف الألوان والنقوش والأنماط. كما تركت رسوماته الشاعرية عن شخصيّات ميثيّة أثرا كبيرا في نفوس الناس التوّاقين إلى الحبّ.
الموجة الثانية من الفنّانين ما قبل الرافائيليين ضمّت أيضا أسماء مثل ايفلين دي مورغان التي اشتهرت بلوحاتها الديكورية المستوحاة من أجواء القرون الوسطى والبيرت مور الذي كان يتبنّى أسلوبا شبه كلاسيكي.
وبعد أن تمّ حلّ الجماعة، شكّل كلّ من روزيتي وبيرن جونز جماعة بديلة تخصّصت في رسم نساء ذوات جمال شاحب. بينما ذهب كلّ من هانت وميليه في طريق مختلف، لكنهما استمرّا يعملان وفق الأفكار الأصلية للحركة. .

Credits
artrenewal.org

الأربعاء، يونيو 02، 2010

الليدي ليليث


تقرأ أحيانا بعض الأساطير والقصص القديمة فتكتشف أن من ألّفها ونسج تفاصيلها لا بدّ وأن يكون رجلا! أسطورة ليليث هي نموذج للقصص التي ظهرت ورُوّج لها بغرض تأكيد سلطة الرجل ومن ثمّ تهميش دور ومكانة المرأة. وقد أقيمت الأسطورة على أساس ديني كي تُعطى شيئا من الحجّية والمصداقية. تقول الأسطورة إن زوجة آدم الأولى لم تكن حوّاء بل امرأة أخرى تُدعى ليليث. لكن عندما تمرّدت ليليث على آدم وتخلّت عنه خلق الله حوّاء. سبب النزاع بين آدم وليليث لا يخلو من طرافة. إذ تذكر القصّة أن الخلاف دبّ بين الزوجين عندما أصرّ آدم على أن تنام ليليث تحته أثناء المعاشرة الزوجية. لكن لأن ليليث كانت تعتبر نفسها مساوية لآدم، فقد رفضت أوامره فحلّ عليها غضب الربّ وتحوّلت إلى شيطان! ويقال إنها طُردت بعد ذلك من الجنّة ووجدت نفسها أخيرا على الأرض قرب شاطئ احد البحار.
رسم أسطورة ليليث فنّانون كثر من بينهم مايكل انجيلو وجون كوليير، بالإضافة إلى دانتي غابرييل روزيتي الذي صوّر الأسطورة من منظور مختلف وخلع عليها مضمونا معاصرا.
في العام 1868 رسم دانتي غابرييل روزيتي لوحته "الليدي ليليث"، وهي صورة كان يتوقّع أن تصبح أفضل أعماله. وقد ركّز في اللوحة على مظاهر الزينة وعلى مكان الشخصية المحورية التي رسمها في مكان حميم يشبه المخدع.
ورغم أن اللوحة تصوّر "ليليث"، إلا أن من المثير للاهتمام أن نلاحظ انه اختار لها عنوان "الليدي ليليث" كي يدفع الناظر منذ البداية إلى التركيز على حسّية وأنوثة المرأة.
الليدي ليليث هي واحدة من "صور المرآة" العديدة التي رسمها روزيتي في تلك الفترة. وكلّ تلك الصور تركّز على شخصية الأنثى المستغرقة في تأمّل جمالها الخاصّ.
هذه الصورة كانت مقدّمة لسلسلة أخرى من اللوحات التي رسمها الفنان في ما بعد لإناث نرجسيات وذوات جمال قاتل. وقد لاحظ بعض المؤرّخين انه يندر أن تجد فنّانا في ذلك الوقت لم يرسم امرأة جالسة أو واقفة أمام مرآة. ورغم شيوع هذه الفكرة آنذاك، إلا أن الليدي ليليث هي التي ظلّت تمثّل النموذج الأوّل لهذه السلسلة.
إن نظرة سريعة إلى خلفية اللوحة قد تعطي انطباعا واهماً بأن المرأة تجلس في مكان ما من مخدعها. ورغم وجود مرآة وأشياء أخرى في الخلفية، إلا أن "الغرفة" تمتلئ أيضا بالأزهار، والأزهار البيضاء خاصّة التي ترمز للعاطفة الخالصة. وهي تنتشر في أعلى يمين اللوحة وبمحاذاة شعر المرأة. أزهار الخشخاش، رمز الموت، هي أيضا حاضرة. الفراغ واقعي وميثولوجي في الوقت نفسه. هذا الفراغ في الخلفية يوضّح المعنى المزدوج الذي تحدّث عنه روزيتي في قصيدته التي أرفقها باللوحة.
في هذه اللوحة، ثمّة شيء آخر غامض يتمثّل في المرآة السحرية إلى أعلى اليسار. المرآة تظهر انعكاس الشمعتين اللتين أمامها، ما يشير إلى أنها بالفعل مرآة حقيقية وليست نافذة تطلّ على عالم آخر. غير أن معظم الانعكاسات في المرآة تكشف عن منظر طبيعي لغابة ساحرة.
المرأة في هذه اللوحة أراد الرسّام أن يقدّمها باعتبارها تجسيدا للجمال الجسدي. احد النقاد يصفها بقوله: هنا امرأة جميلة مرسومة بطريقة رائعة. إنها تتكئ على أريكة وتمشط شعرها الأشقر الطويل بينما تتأمّل ملامح وجهها المنعكسة في المرآة التي في يدها. كما أنها محاطة بالأزهار وترتدي لباسا فضفاضا يكشف عن نحرها وكتفيها. إن رسّاما لم يتمكّن من الإمساك بجمال وسحر الجسد بمثل ما فعل روزيتي ".
الأمر الأكثر إثارة من الناحية البصرية في هذه اللوحة هو ملابس ليليث. الملابس تبدو وكأنها على وشك أن تُخلع. وجسد المرأة يستطيع بالكاد أن يبقى داخل نطاق لباسها. هنا يدعو الرسّام الناظر لأن يقرأ ليليث باعتبارها رمزا للجمال والشهوة.


قد يبدو مستغربا أن المؤرّخين والنقّاد عندما يشيرون إلى روزيتي باعتباره أوّل من احدث تحوّلا في صورة ليليث، فهم غالبا يستخدمون هذه الصورة كدليل. وبالنسبة لـ روزيتي ، فإن ليليث ليست شيطانا شرّيرا كما تصوّرها الروايات الإنجيلية، بل هي في النهاية امرأة تجمع بين الحبّ الدنيوي والإلهي.
روزيتي نفسه كان يؤمن أن هذه الصورة مختلفة عن الصور المبكّرة لـ ليليث. وكان يدرك بأن هذه الصورة تمثّل ليليث الحديثة التي تختلف عن تلك التي تذكرها الأساطير والروايات الدينية.
ومن خلال تأمّل المرأة في ذاتها، بالنظر في المرآة، أراد الفنان إخراج ليليث من الماضي وإدخالها في سياق ظروف القرن التاسع عشر. فهي موجودة بالفعل في مخادع وغرف نوم الطبقة الرفيعة في العصر الفيكتوري. كما أن تأثيرها على العقل الذكوري في القرن التاسع عشر لا يقلّ عن تأثيرها على عقل الرجل في العصور القديمة.
احد العناصر الأساسية في هذه اللوحة يتمثّل في جمال ليليث المغري والذي يعمقّه شعرها الجميل بما ينطوي عليه من مضامين ايروتيكية. هذه السمة بالذات تلعب دورا أساسيا في الصورة. والتركيز على الشَعر يعيد إلى الذهن الصور المبكّرة عن ليليث، بما فيها صور الشَعر عند غوته الذي كان له تأثير قويّ على روزيتي .
الصور المجازية المرتبطة بشََعر المرأة كانت رائجة دائما، خاصّة في العصر الفيكتوري. تقول اليزابيث غيتر: كلّما كان الشَعر وفيرا، كلّما كان أكثر قدرة على الاستثارة الجنسية. كما أن التقاليد الأدبية والتحليل النفسي يتفقان على أن وفرة وغزارة الشَعر هي مؤشّر على الجاذبية الجنسية وحتى على الانحلال والفسوق".
الطريقة التي تفرد بها ليليث شعرها، متظاهرة أنها تمشطه، هي بمثابة استعراض جنسي صريح على ورقة الرسم. هذا هو الانطباع الأوّل والأخير الذي يتكوّن لدى المتفرّج وهو ينظر إلى اللوحة.
تأثير غوته على هذه اللوحة مباشر وواضح. يقول على لسان فاوست: ليليث، الزوجة الأولى للرجل الأوّل، زوجة آدم الأولى. فلتحذر من شعرها الطويل البرّاق، لقد سحرت شبّانا كثيرين، ابتسامة النصر ترتسم على وجهها، لكن الويل لمن ينتهي في أحضانها".
صرخة التحذير هذه واضحة في لوحة روزيتي. فـ ليليث الجميلة لا يبدو وكأنها تدعو المتلقّي للنظر إليها. نظرتها لا تتجاوز نظرة الرضا عن الذات.
تقول جين اوشر في كتابها فانتازيا الأنوثة: تقف الليدي ليليث كمثال كلاسيكي على التصوير الفنّي لهذه المرأة العاطفية المخيفة. إنها لوحة لامرأة جميلة ومتعجرفة، يدها تلاعب شعرها الطويل الفاخر، بينما تحدّق بلا ابتسام في صورتها المنعكسة في المرآة. ليليث تبدو منشغلة وراضية عن نفسها وليس عن أيّ رجل متلصّص. إنها مثيرة ومغرية. والأخطر من ذلك أنها تعطي مظهرا زائفا للمرأة المذعنة التي يسهل خداعها. الخوف من المرأة واشتهاؤها بنفس الوقت يتجسّد في لوحة واحدة. إنها مثيرة وأنانية بنفس الوقت، تنظر إلى نفسها برضا، كرمز لرفضها للرجل".
المقطع السابق يشير إلى دور روزيتي في فتح الشخصية الأسطورية لـ ليليث على التفسيرات الأنثوية. الشاعر الانجليزي كيتس يشير، هو أيضا، إلى أن ليليث جميلة، لكن دون عاطفة أو حنان تجاه الآخرين. إنها لا ترفض الرجل فحسب، وإنما ترفض أيضا دورها كزوجة وترفض الدور الذي يُعطى للمرأة غالبا ككائن جنسي يسهل قياده وتوجيهه.
ليليث الجميلة والمحدّقة في نفسها في المرأة تثير رغبة الرجال لكنها تهدّدهم بقوّتها. جمالها من النوع العنيد الذي لا يقاوَم ولا يمكن بلوغه. ما من رجل يستطيع دخول عالمها عنوةً. وكلّ من يحاول، سينتهي به الأمر لا محالة إما إلى الأسر أو الإخصاء أو الموت.
والذين يقرءون دانتي غابرييل روزيتي شاعرا، سيلاحظون أن قصّة هذه المرأة القويّة والمتسلّطة كانت موضوعا لقصيدته التي كتبها لتصاحب هذه اللوحة.

Credits
rossettiarchive.org
themystica.com

السبت، ديسمبر 05، 2009

ربّات الإلهام

لمئات السنين، كان وجود الملهمات ضروريا لخلق الفنّ والإبداع.
وجه هيلين أميرة طروادة أطلق ألف سفينة حربية وأشعل حربا دامت عشر سنوات.
ساسكيا فان اويلينبيرغ ألهمت رمبراندت رسم الكثير من تحفه الخالدة.
هوميروس استدعى ملهمة وهو يخطّ أولى كلمات الإلياذة.
اليوم تغيّر الحال كثيرا. توقّف الشعراء والرسّامون والموسيقيون عن استدعاء الملهمات وأصبحوا يكتفون بالخمر والكافيين والابسنث.
الموضوع التالي يتناول تاريخ ودور الملهمات والتغيّرات التي طرأت على هذه الظاهرة عبر العصور المختلفة..

في الأزمنة القديمة كانت الملهمات آلهة. كنّ بنات كبير الإلهة زيوس وزوجته منيموزين.
في البداية، كانت هناك ثلاث ملهمات فقط. الشاعر اليوناني هيسيود زاد عددهنّ إلى تسع.
كان الرومان البيروقراطيون هم الذين حدّدوا وظيفة وتخصّصا معيّنا لكلّ منهن. واحدة للرقص وأخرى للشعر وثالثة للكوميديا .. وهكذا.
في اليونان القديمة كانت الملهمات يقصدن كلّ شاعر واعد ويمنحنه ثلاث هدايا: غصن غار وصولجانا وصوتا جميلا يغنّي به قصائده.
غير أنهنّ كنّ قاسيات مع من يتحدّاهن. في إحدى المرّات طلب شاعر منافستهنّ فأصبنه بالعمى والبكم. وتقول أسطورة أخرى إن السيرانات، وهي مخلوقات خرافية تأخذ الواحدة منها شكل رأس امرأة وجسم طائر، حاولن أن يتنافسن مع الملهمات فهزمنهن. ونتيجة لذلك فقدن أجنحتهنّ وسقطن في البحر.
ملهمة بيكاسو، ماري تيريز والتر، كانت وراء فكرة لوحته الحلم وغيرها من اللوحات.
اوفيد في بداية كتاب "التحوّلات" استدعى جميع الملهمات التسع ثم هتف بأعلى صوته: ألهميني أيتها الآلهة"!
آريادني كانت ملهمة ودليلة في نفس الوقت عندما أعطت ثيسيوس الخيط الذهبي الذي يقود إلى داخل المتاهة حيث يفترض أن يقتل الوحش الأسطوري ثم يتبع اثر الخيط في رحلة عودته إلى النور.

دانتي في "الكوميديا الإلهية" تفوّق على الجميع ولم يكتف بالملهمات التسع بل استعان أيضا بـ مينيرفا إلهة الشعر والموسيقى ورئيسة الملهمات جميعا. لكن، في نهاية كتابه الضخم ضعُف حضور الملهمات بفعل أصوات موسيقى المجالات السماوية. الملهمات الوثنيات استُبدلن بالثالوث المقدّس. وهذا بدوره حرّر الإلهام الفنّي وسهّل البحث عن مصادر أكثر ارتباطا بالأرض.
مصدر الإلهام عند دانتي كان شخصا حقيقيا؛ فتاة اسمها بياتريس (أو بياتريتشا بالإيطالية) بورتيناري زعم الشاعر انه رآها لأوّل مرّة في شارع بـ فلورنسا عندما كان عمر الاثنين تسع سنوات. وقد وقع في حبّها، لكنها توفّيت في بداية العشرينات من عمرها. وألّف بعدها أشعارا تمجّد ذكراها. ثم أصبحت المرأة شخصية رئيسية في الكوميديا الإلهية. بياتريس كانت ترمز للحبّ الأرضي وللحقيقة السماوية. أي أن شهوة الشاعر تسامت وتحوّلت إلى شوق روحي.
معاصر دانتي وخليفته المباشر "بترارك" كتب 300 قصيدة إلى امرأة تسمّى لورا. لكنه تجاوز دانتي في مثاليّته عندما جعل ملهمته بعيدة المنال لسببين: الأوّل أنها كانت متزوّجة عندما قابلها. والثاني أنها توفّيت بعد ذلك بأحد عشر عاما. وبذا حرّر الشاعر نفسه من أعباء رغباته الجسدية.
الموت، مثل الأسطورة، يحمي الفنّان من المشاكل ومن هوسه بملهمته.

لكنّ هذا بدأ يتغيّر في عصر النهضة عندما ابتكر الرسّامون عادة تقديس الملهمة. وبينما كانت ملهمات القرن الرابع عشر يأخذن الطبيعة المقدّسة للمادونات اللاتي لا يمكن لمسهن، فإن ملهمات الرسّامين الايطاليين في القرنين الخامس عشر والسادس عشر كنّ مخلوقات أرضية في الغالب، أي نساءً حقيقيات كنّ يجلسن أمام الرسّامين الذين كانوا بدورهم يصوّرونهنّ كنموذج للأنثى البعيدة المنال.
الموديل التي استخدمها رافائيل في رسم اثنتين من أشهر لوحاته كانت ابنة خبّاز تدعى مارغاريتا وكانت على الأرجح عشيقة للرسّام.
والرسّام فرا ليبي دخل في علاقة اشدّ خطورة مع ملهمة. فقد أغوى راهبة شابّة اسمها لوكريتسيا وذهب ليعيش معها واستخدمها كموديل في العديد من بورتريهاته الدينية.
ثم أتى اندريا ديل سارتو الذي عايش أوّل تجربة سيّئة مع ملهمة في تاريخ الفنّ الغربي. كانت ملهمة سارتو، وزوجته في نفس الوقت، تجسّد الصورة المثالية في عقله. لذا رسم كلّ بورتريهاته الأنثوية على هيئتها. ومع ذلك فقد ضاق ذرعا بمطالبها الكثيرة وغيرتها القاتلة ومغامراتها العاطفية مع تلاميذه. لكنّ كمالها الجسدي هو الذي جعله يسامحها ويغفر لها كلّ شيء.

إحدى الملهمات التسع في الميثولوجيا اليونانية كان تخصّصها الشعر الملحمي. وقد ألهمت هوميروس كتابة ملحمتيه الاوديسا والإلياذة.
ايلينا ايفانوفنا كانت ملهمة الشاعر الفرنسي بول ايلوار. وهي نفسها "غالا" التي أصبحت في ما بعد ملهمة سلفادور دالي وزوجته. كان دالي مجنونا بحبّ تلك المرأة التي عذّبته بغزواتها العاطفية الفاضحة بعد ما قيل عن ميوله الماسوشية ونفوره من الجنس.
البعض يرى أن الملهمة ما هي إلا امتداد أنثوي للفنّان الذكر. وهناك من يقول إنها ليست سوى استمرار لوظيفة محظيّة البلاط وأحيانا عشيقة الملك، وما يرتبط بذلك من مظاهر اللهو والإغراء والإثارة والغموض وكلّ تلك الأشياء اللذيذة والممنوعة.
وفي كلّ هذه الحالات، لا يمكن وصف الملهمة بالعاهرة. كما أنها لم تكن زوجة بالمعنى التقليدي للكلمة.

آلما شيندلر كانت ملهمة الموسيقي الألماني غوستاف ماهلر وزوجته في ما بعد. كانت آلما مؤلّفة موسيقية هي الأخرى. وقد طلب منها ماهلر في بداية زواجهما أن تنحّي طموحاتها الموسيقية جانبا لأن بيت الزوجية لا يتّسع لأكثر من مبدع واحد. لكن المرأة لم تلبث أن دخلت في علاقات عاطفية مع عدد من الرسّامين، أشهرهم غوستاف كليمت. وكان ماهلر قد أهداها قبل ذلك إحدى سيمفونياته. وعندما هجرته صنع لها دمية على هيئتها ومقاسها وكان يأخذ دميتها معه أينما ذهب.
قصّة حياة آلما شيندلر وعلاقتها الغريبة بـ ماهلر كانت موضوعا للعديد من الأفلام السينمائية والكتب، أشهرها كتاب "عروس الريح" للكاتبة سوزان كيغان.
ملهمات عصر النهضة كنّ خاضعات لرسّاميهنّ وملتزمات بتلبية احتياجاتهم الجمالية والجنسية، بينما كان الفنانون أحرارا في تسلية أنفسهم في كلّ مكان ومع أيّ كان.
أكثر ملهمات العصر الحديث هنّ نساء قويّات، وغالبا مبدعات. جورجيا اوكيف، مثلا، لم تكن فقط مصدر الهام للمصوّر الفريد ستيغليتز، وإنما أثّرت أيضا في اتجاهه الفنّي بعد أن تعلّق بها وتزوّجها.
سوزان فاريل، الراقصة المشهورة وملهمة الفنّان جورج بالانشاين، سمحت له بأن يقع في حبّها بينما رفضت إغراءاته المتكرّرة بأن تمنحه نفسها. لكنها تزوّجت شخصا آخر في نفس اليوم الذي حصل فيه على ورقة الطلاق من زوجته.

بيكاسو قابل ماري تيريز والتر عام 1927 في احد شوارع باريس عندما كان عمرها سبعة عشر عاما. وفي الحال اتّخذ منها عشيقة. وأحيانا كان يأمر سائقه بالانتظار خارج مدرستها الخاصّة ليأخذها إلى محترفه حيث كان يستعين بها كموديل للعديد من لوحاته. وعندما حملت منه بطفلة رفض أن يتزوّجها.
غير أن ثيودورا ماركوفيتش "أو دورا مار" كانت حبّ بيكاسو العظيم. كانت صديقته وملهمته الخالدة التي أوحت له برسم أجمل وأشهر لوحاته.
والواقع أن الإنسان لا بدّ وأن يتساءل كيف وجد بيكاسو وقتا كافيا للرسم في ظلّ وجود هذا العدد الضخم من الملهمات والعشيقات من حوله.
ماري والتر لم تكن تفهم في الرسم كثيرا كما لم يكن بينها وبين بيكاسو نقاط اتفاق كثيرة. لكنها كانت مستعدّة لتلبية جميع طلباته. كانت تعرف شغفه الكبير بالجنس. وهو كان يعتبر نفسه رجلا فحلا وهي الأنثى الراغبة. لكن في اللحظة التي حملت فيها بطفلته الأولى فقدت جاذبيتها عنده كأداة جنسية.
إحدى ملهماته الأخريات كانت الرسّامة فرانسواز جيلو. تزوّجها بعد قصّة حبّ وأنجبت له ابنه كلود وابنته بالوما. لكنها تخلّت عنه بعد سوء معاملته لها. وبفضل علاقاته المهنية الكثيرة، تمكّن من حرمانها من عرض لوحاتها في جميع معارض باريس. بيكاسو كان مدمّرا كبيرا، ليس فقط لمفاهيم وأسس الرسم التقليدي، وإنما لزوجاته وملهماته أيضا. ومن بين نسائه الكثيرات، شنقت ماري تيريز والتر نفسها بعد موته. وعانت دورا مار من انهيار عصبي كامل وتجربة رهيبة مع العلاج. بينما قتلت جاكلين روك نفسها برصاصة في الرأس.

اليزابيث سيدال كانت ملهمة وعشيقة للرسّام الانجليزي دانتي غابرييل روزيتي وظهرت في الكثير من لوحاته. كما استخدمها جون ميليه كموديل في لوحته المشهورة اوفيليا. وقد ماتت سيدال قبل الأوان. ويقال إن جزءا من مأساتها يتمثّل في أنها، هي أيضا، كانت تتوق لأن تصبح فنّانة.
بعد وفاة اليزابيث سيدال اتخذ روزيتي لنفسه ملهمة ورفيقة جديدة هي أليكسا ويلدينغ التي ستظهر في ما بعد في العديد من بورتريهاته ذات المزاج المتأمّل والمسحة الشاعرية.

لكن إذا كانت الملهمة تستطيع أن تنفخ نفحة من الهواء الإلهي في خيال الفنان، فإنها يمكن أيضا أن توقد في نفسه وروحه شعلة الاهتمام والعمل الجادّ.
الشاعر الانجليزي وليام بتلر ييتس ربطته بالثائرة الايرلندية مود غون علاقة الهام خالطها قدر كبير من التعاسة والخراب. كانت غون امرأة ذات جمال أخّاذ يميّزه شعر أحمر وملامح وجه دقيقة. وقد قابل ييتس المرأة عندما كان في الرابعة والعشرين من عمره. وعندما تعرّف عليها بدأت المشاكل تعرف طريقها إلى حياته.
رفضت غون جميع عروض الشاعر بالزواج منها على أساس انه لم يكن ثوريا حقيقيا ولا كاثوليكيا مخلصا. وبعد عشرين عاما، انتهى دورها كملهمة في اللحظة التي نامت في سريره لأوّل مرّة. وقد كتب ييتس بمرارة عن تلك العلاقة ووصف تأثيرها الفوضوي والمدمّر على حياته بعد أن مرّ وقت ليس بالقصير على لقاء الحبّ اليتيم بينهما.
الكاتبة الايرلندية الليدي كارولين بلاكوود تزوّجت على التوالي من رسّام وملحّن موسيقي وشاعر قبل أن تموت في سنّ السبعين. كانت بلاكوود نموذجا للأنثى القاتلة بجمالها النادر وعينيها الخضراوين الكبيرتين. لحظات صمتها الغامض كانت تثير الرجال وتدفعهم إلى ملء الفراغات التي كان يتركها هدوؤها الأنيق والمحيّر. اندرو هارفي الشاعر الذي تزوّجها في ما بعد وصفها بقوله: كانت تخلق أشياءها الخاصّة. كانت ملهمة ومحرّضة على الإبداع وكان قدرها أن تلعب ذلك الدور ببراعة".
سيرة حياة كارولين بلاكوود كانت موضوعا لكتاب الّفته نانسي شوبيرغر بعنوان "الملهمة الخطيرة".
يقول كارل يونغ العالم النفسي المشهور: الملهمة تمثّل توق الإنسان الذكر للخلود. وهي تتخفّى تحت الأسماء الكثيرة التي نعطيها للأفكار والدوافع الإبداعية.
فرجيل، من جهته، يرى أن الملهمات هنّ رمز للحقيقة واليقين. وهذا يوفّر للفنّان فرصة لأن يعرف نفسه أكثر ويوسّع وعيه وإدراكه.

الشاعر الفارسي عمر الخيّام كان معروفا بميله لحياة التأمّل والعزلة. ولم يكن يشغله سوى شيئين: ديوان شعره المسمّى بالرباعيّات وحبّه لـ جَهَان ملهمته وزوجته. في آخر الرباعيّات يخصّص الشاعر أبياتا حزينة يرثي فيها جَهَان التي تذكر بعض الروايات أنها ماتت مقتولة. ويقال إنها كانت هي الأخرى شاعرة.
الخيّام كان شاعرا عظيما، ولا بدّ وأن من ألهمته كتابة تلك القصائد الجميلة والخالدة كانت، هي أيضا، امرأة عظيمة.
لويز فون سالومي كانت امرأة روسية مثقّفة وكانت لها اهتماماتها بالأدب والفلسفة والتاريخ وعلم النفس. وقد اشتهرت بعلاقتها الحميمة مع الشاعر الألماني رينر فون ريلكا.
كانت صديقته وملهمته على الرغم من أنها كانت تكبره بخمس عشرة سنة. وقد علّمته اللغة الروسية كي يقرأ بها تولستوي ثم اصطحبته في ما بعد لزيارة روسيا.
وبحكم اهتماماتها الفكرية المتعدّدة، كانت ترتبط بعلاقات صداقة مع كلّ من نيتشه وفرويد والموسيقي ريتشارد فاغنر.

عالم الملهمات تقلّص اليوم كثيرا. ربّما لا يزال للعديد من الفنّانين ملهمات. لكن ذلك النوع من العلاقة الأسطورية لم يعد موجودا. قد يكون السبب شيوع الثقافة الفردية التي لا يقبل فيها احد بأن يكون زاداً أو صدى لمخيّلة إنسان آخر. وقد يكون لذلك علاقة برفض الحركات النسوية لأن تكون المرأة مجرّد سلعة أو متاع. ويمكن أن يكون هذا هو السبب في أن الملهمات العصريات اليوم يوجدن فقط كحضور عام.
دور الملهمة ربّما تلعبه اليوم، مع الفارق، المغنّيات والممثّلات وحتى عارضات الأزياء والمذيعات المشهورات اللاتي يظهرن على جماهير الناس ويستقطبن اهتمامهم وإعجابهم أحيانا. خذ، مثلا، انجيلينا جولي، نيكول كيدمان، بيونسي، اوبرا وينفري، جينيفر انيستون، باريس هيلتون، ايشواريا راي، بريتني سبيرز، جينيفر لوبيز .. إلى آخر القائمة.
ربّما يناسب هذا مزاج عصرنا الجديد الذي تتواضع فيه الأحلام وتتضاءل الطموحات.


Credits
theguardian.com
wsj.com

الاثنين، سبتمبر 21، 2009

صورة الفنان عن نفسه

ليوناردو دافنشي، غوغان، فيلاسكيز، دافيد، بيكاسو، سيزان، كارافاجيو، ديغا، ايغون شيلا، مونك، بيكون، لوسيان فرويد، فيجي لابران، روبنز، انجيليكا كوفمان، بيتر بريغل، جوشوا رينولدز، غويا، رافائيل، جيمس ويسلر، اوجين ديلاكروا، ماتيس، جون سارجنت، دانتي غابرييل روزيتي، سلفادور دالي، وارهول، رينوار، ديورر .. إلى آخره. كلّ هؤلاء وغيرهم رسموا صورا لأنفسهم. ومن دون تلك الصور ما كان بالإمكان اليوم تصوّر ملامحهم أو سماتهم الشخصية.
إن البورتريه الذي يرسمه الفنان لنفسه، سواءً كان واقعيا أو تجريديا أو غامضا، يمكن أن يوفر أفكارا ومعلومات مثيرة عن صاحبه.
وقبل ظهور التصوير الضوئي كان البورتريه الشخصي ضروريا لأنه يظهر للناس كيف كان يبدو هذا الرسّام أو ذاك. كان رسم البورتريهات الشخصية يشير أيضا إلى رغبة الفنان في إثبات الدليل على براعته وأصالة موهبته.
والبورتريهات الشخصية كانت وما تزال جزءا من التعليم الرسمي للفنّ، رغم أن هذا المفهوم أصبح اليوم أكثر اهتماما بإبراز تعبيرات الرسّام أكثر من ملامحه الشخصية.
رمبراندت وفان غوخ رسما لنفسيهما العديد من البورتريهات الشخصية. في الحقيقة، كان رمبراندت من خلال بورتريهاته الشخصية يسجّل مراحل نضجه الفنّي مرحلة بعد أخرى.
في حين أن فان غوخ كان في بورتريهاته يطرح التساؤلات عن هويّته ويحاول استكشاف المزيد من الأساليب الفنية الجديدة.
فنّانة عصر النهضة ارتيميزيا جينتيليسكي رسمت نفسها وبيدها الفرشاة وأمامها رقعة الرسم.
الفنانة المكسيكية فريدا كالو رسمت هي الأخرى العديد من البورتريهات الشخصية التي حاولت فيها النفاذ إلى مشاعرها الداخلية وطرح بعض الأسئلة المتعلقة بالثقافة والحبّ والجنس.
وفي بعض الحالات فإن الفنان عندما لا يضمّن البورتريه ملامحه بوضوح، فإنه يكشف فيه عن بعض سمات شخصّيته بطريقته الخاصّة.


لوحة مارسيل دُوشان بعنوان "شابّ حزين في قطار" قيل انه صوّر فيها نفسه. وهي من اللوحات التي تستعصي على التفسير، شأنها شأن العديد من لوحات دوشان الأخرى.
بينما يظهر تشارلز شيلر في لوحته "الفنان" وهو ينظر إلى الطبيعة بينما يعطي ظهره للناظر وأمامه متاهة من العناصر التي جلبها من بعض لوحاته السابقة. وفي الحقيقة لا احد يعلم كيف كان شيلر يبدو، لكن ثمّة احتمال انه أراد أن يقول إنه يفضّل أن يتعرّف الناس على هويّته من خلال فنّه.
الرسّام الألماني البيرت ديورر رسم لنفسه بورتريها أصبح مشهورا جدا في ما بعد. ومن الواضح انه اعطى وجهه في البورتريه بعض ملامح وجه المسيح.
مايكل انجيلو رسم نفسه ايضا في سقف كنيسة سيستين عندما اعار ملامحه الشخصية لوجه القديس بارثولوميو.
الرسّام الانطباعي الأمريكي ويلارد ميتكالف رسم لنفسه بورتريها نصف مظلّل. وهناك من يظنّ أن ميتكالف لم يرد إظهار وجهه بالكامل، تعبيرا عن شكوكه بشأن مستقبله الفنّي والمالي. لكن آخرين يرون أن ميتكالف ربّما كان يشير ضمنا إلى جانب مظلم من شخصيّته يختفي خلف مظهره الهادئ.
الرسام الايطالي رافائيل اختار هو أيضا أن يرسم نفسه ضمن شخصّيات لوحته المشهورة "مدرسة أثينا".
مارك روثكو رسم هو أيضا لنفسه بورتريها تبدو فيه نظراته محجوبة بما يشبه العدسات الزرقاء والسوداء، ما يثير إحساسا بالهشاشة أو الانفصال.
وعلى النقيض من ذلك، رسم ادوارد هوبر لنفسه صورة واقعية إلى حدّ كبير. غير أن من المثير للانتباه أن وجه هوبر هنا يبدو أكثر تفصيلا وشخصيّته أكثر وضوحا من الشخصيات التي كان يرسمها.
اليس نيل رسمت لنفسها صورة عارية وهي في سنّ الثمانين. الصورة تُظهر آثار الزمن على وجهها وجسدها.
ستانلي سبنسر رسم هو أيضا بورتريها لنفسه في بدايات اشتغاله بالرسم يبدو فيه بهيئة شابّة وبشرة صافية.
لكن قبيل وفاته في العام 1959 رسم سبنسر لنفسه بورتريها ثانيا يظهر فيه بملامح شبحية كما لو انه تصالح مع فكرة موته الوشيك.



الرسّام الفرنسي غوستاف كوربيه كان احد أشهر من رسموا البورتريه الشخصي. وقد رسم لنفسه عدّة لوحات في أوضاع وحالات شتّى.
كوربيه، الذي اتسمت حياته بالمجون والاحتجاج والسجن، كان يعرف أن شخصيّته هي رصيده الأكبر وأن الابتكار هو المفتاح الذي من خلاله يستطيع أن يفاجئ جمهوره دائما وأن يثير اهتمامهم.
البورتريه الذي رسمه لنفسه عام 1844 بعنوان "الرجل اليائس" يُظهر كوربيه بأجلى درجات حيويّته ووسامته. يداه تحاولان ترتيب شعره الأشعث وعيناه تحدّقان مثل حيوان جريح وتومضان بالذهول أو الخوف.
لكنه في المراحل الأخيرة من حياته صوّر نفسه تصويرا رمزيا وغريبا، أي على هيئة سمكة ميّتة. في اللوحة تبدو السمكة وقد علقت في سنّارة الصياد. وقد أراد كوربيه من خلال هذا المنظر التعبير بطريقة مؤلمة عن إحساسه بالهزيمة بعد أن تضافرت ضدّه قوى لم يكن بمستطاعه التصدّي لها أو الوقوف في وجهها. كان في ذلك الوقت يستشعر دنوّ الموت وكان أخوف ما يخافه أن يذهب في غياهب التجاهل والنسيان بعد موته.
كان كوربيه يحاول على ما يبدو من خلال بورتريهاته الشخصية أن يحافظ على ذاته. فالإنسان قد يمرّ في حياته بالكثير من التقلبّات ولحظات الفرح والحزن ومع ذلك لا يستطيع أن يأخذ نفسه بعيدا عن محيطه.
ومثل صفحة الرسم البيضاء يمكن أن يكون الفنان الشخص الذي يريد.


Credits
theartstory.org