إلا كبرق سحابة
عندما كنا أطفالا، كان مشهد خيوط البرق الفضّية وهي تتراقص على صفحة السماء الليلية الملبّدة بالغيوم مشهدا يبعث في نفوسنا مشاعر متناقضة من الخوف والفرح. الخوف مما تخبّئه الطبيعة من مفاجآت، والفرح بنزول المطر وجريان السيول عبر الأودية والجبال والسهول، وهو حدث كان في كثير من الأحيان يوفّر مبرّرا كافيا لغيابنا عن المدرسة في اليوم التالي. وكان ذلك في حد ذاته باعثا لسرورنا وفرحنا.
وفي التراث العربي هناك ارتباط وثيق بين ظاهرة البرق وبين أحوال المحبّة والعشق. ويزخر الشعر والنثر العربي بإشارات تشبّه وجه الحبيبة بسنا البرق. وقد لاحظت على وجه الخصوص أن هذه السمة واضحة اكثر في الشعر الأندلسي من خلال قصائد ابن زيدون وابن خفاجة وغيرهما من كبار شعراء ذلك العصر. ولا غرابة في ذلك، فالطبيعة الأندلسية الساحرة وما اشتملت عليه من نسيم عليل وماء وفير وخضرة باسقة وحضور دائم للغيث والمطر، كل ذلك كان موردا مهمّا غرف منه شعراء ذلك الزمان ووظفوا مفردات الطبيعة الخلابة في أغراض شعرهم ومواضيع نثرهم المتنوّعة والمختلفة.
لكن في العصور القديمة كانت النظرة إلى البرق مختلفة تماما. إذ كانت هذه الظاهرة تتحكّم في حياة ال...