بالتوس: حكاية القطّ الغامض
"انه موجود". كان هذا هو أوّل إخبار عنه. ومن كتبه كان الشاعر الألماني راينر ماريا ريلكا. كتب ريلكا هذا كما لو أن هناك مجالا للشكّ حول حقيقة وجوده، أو كما لو أن على المرء أن يتخذ كافّة الاحتياطات اللازمة كي يتجنّب الاشتباه بأنه قد يكون مجرّد شخصية وهمية. بطريقة ما، كان إنسانا محترسا. ظهوره كان محسوبا ومنظّما وفي مناطق مبهمة. ريلكا قال عن هذا الصبيّ أنه سيصبح فنّانا موهوبا وربّما عبقريا، وأنه سيعمد إلى إحاطة نفسه بظلال من الغموض. ولد بالتوس في العام 1908 في وسط أوروبّا القديمة وأصبح واحدا من مخلوقاتها الأكثر تميّزا. ومات كما يليق بوضعه الاجتماعي: في منزل ارستقراطي على جانب أحد المنحدرات القريبة من جبال الألب السويسرية عام 2001م. كان بالتوس يستمتع بترويج الشكوك والأساطير عن شخصه. كان يفضّل أن يصف نفسه على انه قط متوحّش يعدو على الحدود بين العوالم المظلمة ثم يتحوّل في الليل إلى حيوان مفترس في قلعة. وكان قد نصّب نفسه "ملكا للقطط"، وهو أيضا اسم البورتريه الوحيد الذي رسمه لنفسه. وفيه يظهر على هيئة مخلوق مدلّل ومتجبّر من الطبقة الأرستقراطية القديمة التي لا تقاوم. القطّ ، بطب...