المشاركات

عرض المشاركات من مارس 16, 2025

قصّة من الإلياذة

صورة
تروي ملحمة الإلياذة قصصا لآلهة وأنصاف آلهة يخوضون غمار المعارك جنبا إلى جنب مع أبطال من البشر. وبالنسبة لليونانيين القدماء، كانت الملحمة بمثابة الكتاب المقدّس عن الرجولة والشجاعة الذكورية. وبينما تصف الملحمة مشاهد الحرب وتدخّلات الآلهة التي تثبت أن القدَر قوّة لا مفرّ منها، فإنها تحتوي أيضا على دروس أخلاقية عميقة من خلال تناولها موضوعات مهمّة، مثل الشرف وتحقيق المجد وقبول المرء لمصيره أو قدَره وفهم التكاليف الرهيبة للحرب. وعلى الرغم من هذه السمات التي تميّز الإلياذة باعتبارها ملحمة أدبية ذات أبعاد إلهية، فإن قصيدة هوميروس هي أيضا قصّة إنسانية بعمق. ويصدق هذا الوصف خاصّة على قصّة هيكتور وأندروماشي المأساوية. كان هيكتور، أمير طروادة، أعظم بطل بين الطرواديين خلال الحرب التي استمرّت عقدا من الزمن مع اليونانيين. أما أندروماشي فكانت أميرة وزوجة لهيكتور. وكان لديهما ابن رضيع. ويصف بعض المؤرّخين أندروماشي بأنها كانت ذات عينين لامعتين وقوام طويل، متواضعة وحكيمة وعفيفة وساحرة. كانت هذه المرأة قد عانت من مآسٍ شخصية هائلة، حيث قُتل معظم أفراد عائلتها وأحبّائها على يد اليونانيين. وق...

بريغل: حصاد القشّ

صورة
في هذه اللوحة لـ پيتر بريغل الأب من عام 1565، يقوم عمّال بجمع الحبوب في حقل كبير، بينما يباشر آخرون مهمّة حصد الخضروات والتوت. الجميع، رجالا ونساءً وأطفالا، يعملون على جلب الطعام، لأن الشتاء لم يعد بعيدا، وسيوفّر التبن احتياجات الحيوانات من العلف في أشهر البرد الطويلة القادمة. كانت الماشية تلعب دورا محوريا في الزراعة، حيث توفّر السماد لتغذية المحاصيل وكانت مصدرا للغذاء. معظم أراضي هولندا تقع تحت مستوى سطح البحر. لذا استخدم المزارعون منذ القدم السدود وأنظمة الصرف والقنوات لإدارة منسوب المياه واستصلاح الأراضي من البحر. وكانت الزراعة تُمارس في الغالب من قِبل عائلات الفلّاحين الذين كانوا يزرعون قطعا صغيرة من الأرض. كما كانت هناك طبقة من مُلّاك الأراضي الأثرياء الذين كانوا يؤجرون أراضيهم لمزارعين صغار. وأدّى نموّ المدن والبلدات إلى زيادة الطلب على المنتجات الزراعية بشكل عام. وكانت المحاصيل الرئيسية تتضمّن الحبوب كالشعير والشوفان والبقوليات. كما انتشرت زراعة اللفت والملفوف وبدأ القمح يكتسب أهميّة مع ازدياد الطلب عليه. موضوع بريغل المفضّل هو رسم مناظر الطبيعة ومظهرها المتغيّر با...

قصّة الغراب والثعبان

صورة
تشكّل القصص أساس المجتمع البشري. فمنذ أقدم الأزمنة، كان البشر يتبادلون القصص من خلال الكلمات والأغاني والصور. والقصص تسافر وتشقّ طريقها عبر تاريخ الناس والأماكن والأزمنة وتنتقل عبر اللغات والثقافات والأديان والحدود السياسية وتصل إلى القلب والعقل والذاكرة. وكتاب "كليلة ودمنة" يُعتبر من أكثر كتب القصص الرمزية انتشاراً وتأثيراً في العالم. وهو يقدّم مثالاً غنيّاً ورائعاً لكيفية انتقال القصص وكيف تتخذ أشكالاً ومعاني مختلفة وكيف يتمكّن الناس من فهم وخلق العالم من حولهم. وقصص الكِتاب نفسها تعلّمنا الكثير عن كيفية فهم الناس والمواقف وتكوين الصداقات والتعامل مع الصراعات واكتساب الحكمة وكيفية التعامل مع عواقب الغيرة والكبرياء والتصرّفات غير المدروسة. ومن أجمل قصص هذا الكتاب قصّة الغراب وابن آوى والثعبان. ظاهرياً، هؤلاء الثلاثة يبدون مختلفين الى الحدّ الذي يمنعهم من التوافق. لكنهم سرعان ما يدركون قيمة كلّ منهم ويتواصلون إلى تفاهم متبادل ويتغلّبون على التهديد الذي يواجه أحدهم بالعمل معا، مجسّدين القاعدة الأخلاقية التي تقول إن الصداقات الحقيقية تتعزّز في مواجهة الشدائد. تقول ...