غويا: ويلات الحرب
في العام 1808م، غزت جيوش نابليون اسبانيا، فأسقطت حكم الملك شارل الرابع وأجبرت العائلة الملكية الإسبانية على مغادرة البلاد والذهاب إلى المنفى. وقد رافق الغزو عمليات إعدام جماعية ووحشية للمواطنين الإسبان الذين ثاروا احتجاجا على الغزو. ووصلت وحشية القوّات الغازية ذروتها مع قرار نابليون بتعيين شقيقه جوزيف ملكا على العرش الإسباني. كان نابليون مؤمنا بقيم التنوير مثل الحرّية والعدالة المساواة. لذا كان يعتقد بأن الإسبان سيرحّبون به بوصفه محرّرا. غير أن الناس أصبحوا ينظرون إليه باعتباره طاغية أوروبّا. وفي اللحظة التي قرّر فيها الإسبان التصدّي لقوّات الاحتلال، بدأت حرب دامية وشرسة. وفي ذلك الوقت، صيغ مصطلح حرب العصابات لأوّل مرة في تاريخ الحروب. كان الرسّام خوسيه فرانشيسكو دي غويا وقتها قد أكمل عامه الثاني والستّين، وكان قد أصبح أصمّ بسبب إصابته بمرض غامض. كان ينظر حوله ويرى في الإيماءات الصامتة أشياء بشعة ومؤرّقة. كان موقف غويا من الغزو مختلطا. كان يحبّ إسبانيا وشعبها كما تبرهن على ذلك الكثير من أعماله. لكنّه أيضا كان مؤمنا بالأفكار التقدّمية ومعجبا بحركة التنوير الفرنسية وبكتا...