المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس 24, 2025

خواطر في الأدب والفن

صورة
هذا البورتريه رسمته الفنّانة المكسيكية فريدا كالو لنفسها عام 1940، وأرادت من خلاله إبراز موضوع الهوية والمشاعر المعقّدة. وفيه تَظهر الرسّامة بشعر قصير بعد أن قصّت شعرها الطويل الذي يظهر متناثرا حولها. الشعر المقصوص يرمز للتمرّد والاستقلالية وتوكيد الفردانية وتحدّي أدوار الجندر التقليدية. كما أن الرسّامة ترتدي بدلة وربطة عنق رجالية، بدلاً من الفستان المكسيكي التراثي الذي اعتادت أن تظهر به. وفي هذا أيضا تلميح الى هويّتها الخاصّة، المركّبة والمتعدّدة الأوجه، ورفضها للأعراف المجتمعية. في الصورة أيضا، تحمل الفنّانة مقصّا في يد وخصلة شعر باليد الأخرى. وبتناولها المقصّ وقصّ شعرها، تؤكّد استقلاليتها ورفضها لتوقّعات المجتمع التي فُرضت عليها كامرأة. أي أن للمقصّ في اللوحة رمزية قويّة، اذ يجسّد قدرة كالو على التصرّف وتحكّمها بجسدها وهويّتها. كانت كالو قد قصّت شعرها بعد شهر من طلاقها من زوجها الرسّام دييغو ريفيرا، ثم رسمت لنفسها هذه اللوحة بعد ذلك بوقت قصير. وفي أعلى الصورة، تظهر نوتة موسيقية مصحوبة بكلمات من أغنية شعبية مكسيكية تقول: انظر، إذا كنتُ أحببتك فذلك بسبب شعرك. الآن وقد أ...

نهاية العالم والحلم الأمريكي

صورة
تعجّ الثقافة الشعبية الأمريكية بنبوءات عن يوم القيامة وسيناريوهات نهاية العالم وكأننا نعيش في أواخر العصور الوسطى. ووفقا للسينما والتلفزيون، فإن مصّاصي الدماء والمستذئبين والزومبي والكويكبات والغزاة القادمين من الفضاء سيقتحمون الأراضي الأمريكية يوماً ما. في المسلسل التلفزيوني "ثورة"، يتسبّب حدث غامض في توقّف جميع الأجهزة الكهربائية حول العالم عن العمل. ويؤدّي هذا الى نتائج كارثية تتضمّن خسائر فادحة في الأرواح، مثل تحطّم الطائرات على الأرض، وتفكّك جميع المؤسّسات الاجتماعية، وإجبار الناس على الاعتماد فقط على مهاراتهم الشخصية للبقاء على قيد الحياة، وانهيار الحكومات في جميع أنحاء العالم. كما يؤدّي الحادث الى انقسام الولايات المتحدة إلى عدد من الوحدات السياسية الأصغر، في تعارض واضح مع كلّ ما تعلّمه الأمريكيون عن "أمّة واحدة غير قابلة للتفكّك". وجوهر سيناريوهات نهاية العالم هذه هو أن تتقلّص الحكومة أو تختفي تماما. ويبدو أن تلك المسلسلات تعكس شعورا بأن الحكومة الأمريكية قد تضخّمت أكثر من اللازم وباتت بعيدة جدّا عن هموم المواطنين العاديين ولم تعد تستجيب لاحتياجاته...

نصوص مترجمة

صورة
كان أحد أعمامي يأمل أن يصبح رسّاما كبيرا. في مراهقته، فاز بمِنَح دراسية وجوائز مهمّة، لكنه فقد بصره بسبب السكّري. كنت في العاشرة وهو في العشرينات من عمره، عندما كنّا نسير معا ذات يوم في شارع مزدحم بالمشاة في بوينس آيرس. وفجأة قال أحدهم: ها هو بورخيس"! نظرتُ ورأيتُ بورخيس، فقلتُ لعمّي: هذا بورخيس". كان قادما نحونا، وهو ممسك أيضا بذراع صديق أو معجب، ثم صرخ عمّي الكفيف والفكاهي: بورخيس! كيف حالك؟ تبدو رائعا". حوّل بورخيس نظره إلى المكان الذي أتى منه صوت عمّي الكفيف، وتبادلا النظرات دون أن يَريا بعضهما، وأنا واقف بينهما غير مصدّق لما أراه. في ذلك الوقت، لم أكن قد قرأتُ أعمال بورخيس، ولكن كنتُ أعرفه جيّدا. كان من السهل أن ألتقي به في الشارع، وكان حاضرا باستمرار على شاشات التلفزيون، حيث كان موضوعا للعديد من المقابلات المطوّلة، وحتى لعروض الكوميديا القصيرة. كان الكوميديون يقلّدونه. كان فريدا من نوعه، بصوته وأسلوبه في الكلام وتواضعه المتغطرس وسعة اطلاعه التي تكاد تكون مجنونة وأسلوبه المهذّب والصارم في تقويض محاوريه. بعد سنوات قليلة من ذلك اللقاء مع بورخيس، ومع عدم وج...

خواطر في الأدب والفن

صورة
كانت الفنّانة الأوكرانية سونيا ديلوناي (1885-1979) شخصية بارزة في حركة الفنّ الطليعي في باريس. وقد خاضت مع زوجها الرسّام روبير ديلوناي مغامرة فنّية تستند الى تباينات الألوان وذوَبان الشكل من خلال الضوء. وأسّس الزوجان معا حركة فنّية ارتبطت بهما حتى بعد وفاتهما، وهي حركة الأورفية (orphism). الشاعر والناقد الفنّي غيوم أبولينير هو الذي اختار هذا المصطلح لوصف نسختهما الفريدة من التكعيبية، متذكّرا الاقتران القديم بين الفنّ والموسيقى الذي جسّده العازف والشاعر الأسطوري أورفيوس. وقد واصلت سونيا ديلوناي استكشاف هذه الحركة الفنّية بعد وفاة زوجها، وأصبح اسم الحركة "التزامنية Simultanism"، وهي فرع من الأورفية. وغالبا ما اقترن اسم ديلوناي بأسماء فنّانين مثل بيكاسو وماتيس وكاندنسكي. وقد رسّخت مكانتها كشخصية رائدة أعادت رسم الحدود بين الفنون الجميلة المختلفة. وهي لم تشارك زوجها فقط في تأسيس الأورفية، بل كانت أيضا أوّل فنّانة حيّة يقام لها معرض استعادي في متحف اللوفر عام ١٩٦٤. وقد تجاوزت رؤيتها الفنّية حدود اللوحات، حيث دمجت الفنّ في الحياة اليومية من خلال المنسوجات والتصميم الداخلي...