في البحث عن معنى
ينفرد الإنسان من بين كافة المخلوقات بقدرته على التخيّل. وقد دفعته قوّة مخيّلته إلى الاعتقاد بأنه يستطيع تغيير الواقع وأن يخلق ظروفا غير تلك الظروف التي يعيش ضمنها من اجل الوصول إلى حالة أفضل وأكثر مثالية. قوّة المخيّلة عند الإنسان هي التي مكّنته من تحقيق الكثير من الابتكارات والانجازات التي غدت الحياة بفضلها أسهل وأكثر راحة واسترخاءً. غير أن التحدّي الأكبر الذي واجهه خيال الإنسان دائما كان توقه لأن يكسر سجنه الأرضي وأن يوسّع نطاق حركته وتأثيره ليشمل الفضاء. والخيال كان القوّة المحرّكة التي ألهمت الإنسان أن يصل إلى الزوايا البعيدة للكون في محاولة لاكتشاف ما تخبّؤه العوالم البعيدة المجهولة من أسرار وغموض. إن الإنسان عندما يفكّر في هذا الكون الواسع الذي لا تحدّه حدود، وعندما يتأمّل هذا المعمار البديع الذي ينهض عليه الكون بكلّ ما يحتويه من مخلوقات وموجودات لا بدّ وأن يتخيّل أن من صاغه وأحكم صنعه شاعر مبدع يقدّس الجمال ويقدّره حق قدره. وقد يكون في طبيعة هذا الصانع العظيم الذي يخلع على كلّ شيء هويّة ومعنى شيء من صفات الأنوثة والرّقة. شيء ما قريب ممّا يقول به المتصوّفة في وصفهم لذات الله. إنه...