المشاركات

عرض المشاركات من فبراير 15, 2009

شجرة الأماني

صورة
في الكتب الهندية القديمة إشارات متكرّرة عن شجرة يقال أنها موجودة في الجنّة. ومهمّة الشجرة هي تحقيق الأماني والرغبات وتحويل الأفكار إلى حقيقة. وفي الجنّة أعداد كثيرة من هذه الشجرة. ما عليك سوى أن تجلس تحت إحداها وتطلق لمخيّلتك العنان وتتمنّى ما يحلو لك. وفي الحال تتحقق أمنيتك أو رغبتك. لكنّ المشكلة أن تلك الشجرة السخيّة لا تحقق الأماني فقط، وإنما تحوّل كلّ ما يعبر رأسك من أفكار أو تخيّلات أو هواجس إلى واقع. ويظهر أن فلاسفة الهند القدماء أرادوا أن تكون الشجرة رمزا لعقل الإنسان المبدع بأفكاره وتصوّراته. تقول إحدى الحكايات إن رجلا كان مسافرا في طريق عندما دخل الجنّة مصادفة. ولأنه كان منهكا من أثر الترحال الطويل فقد غالبه النعاس ونام تحت إحدى تلك الأشجار. وعندما استيقظ أحسّ بالجوع وقال: لو أن عندي بعض الطعام لآكله. وفي الحال ظهر الطعام من أكثر من ناحية وامتلأ المكان بأصناف شتّى من أطايب الأطعمة والفاكهة. وبدأ الرجل يأكل إلى أن شبع. ثم واتته فكرة أخرى وقال: لو أن عندي شيئا من الشراب لأطفئ به ظمأي. وما هي إلا لحظات حتى امتلأ المكان بكؤوس النبيذ وعصير الفواكه المختلفة. وعندما أخذ الرجل كفايته ...

ترنيمة العبيد

صورة
"كنت تائها ثم وجدت نفسي. وكنت أعمى وأنا الآن أرى". قليلة هي النماذج الموسيقية ذات المضمون الروحي القويّ والمؤثّر. وهذه الأغنية تعتبر بالتأكيد إحدى الأغاني التي تنطوي على مضمون ديني وروحي هائل. وكلمات الأغنية ولحنها من النوع الذي يلامس الوجدان ويحرّك المشاعر بنعومة. تسمعها فتحسّ أنها تنقلك إلى مكان وزمان مختلف. لذا يصحّ اعتبارها أغنية عابرة للثقافات والجغرافيا بالنظر إلى شعبيّتها الكبيرة وانتشارها غير العادي. والأغنية المقصودة هي Amazing Grace "أو فيض عجيب"، التي أصبحت منذ ظهورها قبل أكثر من قرنين واحدة من أشهر الأغاني الدينية في العالم. ولهذه الأغنية قصّة جديرة بأن تُروى. حوالي منتصف القرن الثامن عشر، كان جون نيوتن قبطان سفينة لتجارة العبيد. وقد ورث الرجل عن أبيه هذه المهنة. كان نيوتن يذهب بسفينته مرّتين في العام إلى بلدان ساحل أفريقيا الشرقي. ومن هناك كان يبتاع العبيد ثم يحملهم على سفينته ليعود بهم إلى بريطانيا وأمريكا حيث ينتظر وصوله الزبائن المحتملون. وذات ليلة وهو في وسط المحيط، وكان الجوّ مظلما والبحر ينذر بعاصفة، أصاخ السمع للعبيد على سطح السفينة وهم...

طبيب بمرتبة قدّيس

صورة
من أحيا نفسا فكأنّما أحيا الناس جميعا. تذكّرت هذا الأثر الشريف وأنا اقرأ سيرة حياة العالم والطبيب البريطاني ادوارد جينر الذي أنقذ حياة الملايين من البشر باكتشافه اللقاح الذي يقي من مرض الجدري في العام 1798م. وعندما أتأمّل ما فعله هذا الإنسان المتميّز والعظيم فإنني أتخيّله بمنزلة قريبة من منزلة القدّيسين والأولياء، بل ربّما تفوق مكانته مكانة الكثيرين ممّن اعتدنا أن نطلق عليهم في زماننا صفات التقديس والتبجيل، في حين أنهم لم ينجزوا أعمالا حقيقية ينتفع بها الإنسان أو تعود بالفائدة على الحضارة البشرية. لم يكن جينر مجرّد طبيب موهوب واستثنائي، بل كان أيضا نموذجا في التضحية والبذل والإيثار. فقد جرّب العقار الذي اكتشفه على ابنه الوحيد، مع انه كان يعرف مقدّما انه يمكن أن يؤدّي إلى موته. غير أنه مضى في تجربته إلى منتهاها. المعروف أن جينر عاش في بدايات عصر الثورة الصناعية في أوربّا. في ذلك الوقت كان وباء الجدري يحصد حياة مئات الألوف من البشر في أنحاء كثيرة من العالم. كان الفيروس القاتل يدخل الجسم عبر الرئتين ثم ينتقل للدم والأعضاء الداخلية ولا يلبث أن ينتشر على الجلد في هيئة قروح وندوب متهيّجة. و...