المشاركات

عرض المشاركات من يونيو 15, 2025

معطف لشتاء هذا العالم

صورة
ذات مرّة، وصف ناقد روسي قصّة "المعطف" لنيكولاي غوغول، المنشورة عام ١٨٤٢، بأنها أفضل قصّة كتبها إنسان على الإطلاق! وبالتأكيد هي أفضل ما كتبه غوغول". كما وصف الروائي الأمريكي الروسي فلاديمير نابوكوف "المعطف" بأنها "أعظم قصّة روسية قصيرة كُتبت على الإطلاق". كان غوغول يتمتّع بروح دعابة رائعة وذكاء حادّ، وكان له أسلوبه الخاص والمميّز والساخر في الكتابة. تولستوي ودوستويفسكي كانا يقدّران عمله كثيرا، كما كان هو المعلّم لجميع الروائيين الروس الذين أتوا بعده. وهناك عبارة أصبحت شائعة في الأدب الروسي تقول: لقد خرجنا جميعا من تحت معطف غوغول". وغالبا ما تُنسب إلى دوستويفسكي، إلا أن آخرين يعزونها الى تورغينيف. تروي "المعطف" قصّة حياة وموت أكاكي باشماشكين، وهو كاتب حكومي فقير يعمل في العاصمة الروسية آنذاك سان بطرسبورغ. كان أكاكي راضيا عن عمله البسيط وراتبه المتواضع. وعلى الرغم من تفانيه في وظيفته، إلا أنه لا يحظى سوى بالقليل من التقدير في قسمه. بل إن الموظّفين الأصغر سنّا يسخرون منه ويطلقون عنه النكات بسبب معطفه البالي والممزّق. لذا قرّر أ...

خواطر في الأدب والفن

صورة
في القرن السادس الميلادي، أبحر الراهب الآيرلندي بريندان وثمانية عشر من رفاقه عبر المحيط، في رحلة استغرقت سبع سنوات بحثا عن جنّة أرضية ذُكرت في بعض الكتب القديمة. وتذكر الأساطير الكلتية المبكّرة أن تلك الجزيرة لم تكن تظهر إلا عند غروب الشمس في ضباب المحيط الأطلسي، وقد أُطلق عليها "الجزيرة المباركة الخالية من العواصف، حيث جميع الرجال فيها صالحون وجميع النساء طاهرات". وأثناء رحلة بريندان ورفاقه، عثروا على جزيرة جرداء، فقرّروا التخييم فيها ليلا وأشعلوا نارا. ثم بدأت الجزيرة تهتزّ فجأة، ففرّ الرهبان مذعورين إلى قواربهم وتركوا الطعام والنار خلفهم. لكن القديّس حثّهم على عدم الخوف، مؤكّدا أن ما حدث سببه أن "سمكة كبيرة تجاهد ليل نهار لتضع ذيلها في فمها، ولكن لا تستطيع". وقد وصل الراهب ورفاقه إلى جزر الكناري التي كانت آنذاك نهاية حدود العالم المعروف. وفيما بعد وصلوا، ليس فقط إلى جزر هيبريدس وجزيرة فارو "أو جزيرة الخراف"، بل وحتى إلى شواطئ أمريكا التي يقال إنهم وصلوها قبل كولومبوس بوقت طويل. وليس من الواضح حتى اليوم أين تقع الجزيرة أو الأرض الموعودة التي كان...

خواطر في الأدب والفن

صورة
إحدى قصصي المفضّلة من الأساطير اليونانية قصّة "كلايتي وهيليوس"، ربّما لأنها لا تتضمّن تحوّلا أو موتاً عنيفا أو انتقاماً دامياً. كما أنها تُعتبر مثالا لكيفية امتزاج المشاعر الإنسانية مع الطبيعة. فعندما تصبح عاطفة الحبّ عظيمة بحيث لا يعود احتواؤها ممكنا داخل الإنسان، فإنها تتّخذ لها شكلا جديدا في الطبيعة. كانت "كلايتي" واحدة من الحوريّات المولودات لإله البحر أوقيانوس وزوجته تيثيس. وقد وقعت في حبّ هيليوس إله الشمس ورمز النور، الذي كثيرا ما يظهر في الرسم بجمال مذهّب وهو يجرّ عربة الشمس عبر السماء. عاشت كلايتي طوال حياتها وهي معجبة بهيليوس وتنظر إليه من بعيد. لكنه لم يقبل حبّها، وبدلا من ذلك وقع في حبّ امرأة من البشر تُدعى ليوكوثيا بعد أن ذهب لرؤيتها متنكّرا. كلايتي الغيورة تكتشف علاقة ليوكوثيا وهيليوس وتخبر والدها، فيثور غضبا ممّا اعتبره انتهاكا لعفّة ابنته ويأمر بدفن ليوكوثيا حيّة. وعندما يعلم هيليوس بهذا، يتملّكه حزن شديد ويحرق شجرة مُرّ عطِرة على قبر ليوكوثيا تحيّة لذكراها. وبعد ذلك، يتجاهل كلايتي ويهجرها تماما. بعد هجران هيليوس لها، أصبحت كلايتي تتجنّب ا...