المشاركات

عرض المشاركات من فبراير 12, 2012

خطوط وألوان

صورة
فرانشيسكو دي غويا، الثاني من مايو عام 1808، 1814 يُفترض أن هذه اللوحة تصوّر الأحداث المأساوية التي وقعت في ذلك اليوم في مدريد عاصمة اسبانيا. هيو توماس وصف اللوحة بأنها "أوبرا منظمّة". ورغم جمال هذا الوصف، إلا انه مضلّل إلى حدّ ما. ما غفل عنه توماس هو الاستثناء، وهو موجود هنا في هذه اللوحة. وحيث توجد الأخطاء والغموض وعدم الاتساق، يوجد المعنى. معظم الشخصيات في اللوحة ضحلة نسبيا. وهي موزّعة في كلّ أنحائها، مثل عناصر زخرفية مصفوفة على سطح مستوٍ. غير أن الاستثناء الوحيد فيها هو الرجل الذي يرتدي جاكيتا اخضر فاتح اللون في الزاوية السفلى اليسرى. هذا الرجل يظهر وهو يطعن الحصان الأبيض بخنجر. شكل الرجل مختلف عن بقية الأشخاص. وهو يقف في بقعة مضاءة ويبدو بكامل قوامه، كما لو أننا نرى صورة ثلاثية الأبعاد. كما انه يتحرّك إلى داخل الصورة. هذا الرجل هو غويا نفسه. اللوحات العظيمة ليست وثائق تاريخية، كما لا يمكن اعتبارها تاريخا. لو كانت كذلك حقّا، فإنها على الأرجح لن تكون فنّا. الرسّام الحقيقي فقط هو الذي يعكس ما يعتمل في عقله في لحظة الخلق، كما فعل غويا هنا. لقد رسم الصراع المستمرّ بين جانبين...

سيمفونية الحياة

صورة
أقف الآن على مشارف السبعين. أنظر إلى الماضي واتأمّل كيف انصرمت هذه السنوات سريعا، وما الذي حقّقته خلالها وما الذي لم أحقّقه. البعض يشبّه حياة الإنسان بالسيمفونية الموسيقية. وهذا الوصف دقيق ومقنع إلى حدّ كبير. فالحياة مثل السيمفونية من حيث أن لها بداية ونهاية. كما أنها تحتوي على حركات ومقاطع وأنغام مختلفة ومتنوّعة يشارك في صوغها أناس متعدّدون. من المفردات التي أتوقّف عندها وتحفّزني على التفكير طويلا كلمة "ممرّات". وهي تعني العبور من مرحلة إلى أخرى أو الانتقال من طور لآخر: طفولة، شباب، نضج، مرض، موت .. وهكذا. بعض الناس يعتبرون الزواج احد المراحل الرئيسية في الحياة. ولا يفوق هذه المرحلة من حيث الأهمّية سوى إنجاب الأطفال. والبعض يقيسون حياتهم بالعقود، عندما يتحدّثون عن العشرينات والثلاثينات والأربعينات إلى آخره. موت الأبوين يشكّل مرحلة حزينة في حياة أيّ إنسان. وهو حدث ينبّه الإنسان إلى انه، هو أيضا، يقترب من هذه التجربة في إطار ما يُسمّى بالحالة الإنسانية. إن عدم فهم الإنسان لمعنى الحياة قد يعرّضه للعديد من الأمراض والانتكاسات على المستويين الفردي والاجتماعي. عندما كسرتُ حا...

دَفن كونت اورغاس

صورة
إسبانيا، طليطلة، والأطراف المستطيلة والألوان النابضة بالحياة. هذه هي الكلمات التي تقفز إلى الذهن عندما يُذكر اسم إل غريكو ، احد أعظم الرسّامين في التاريخ. أصله من جزيرة كريت باليونان. وقد بدأ مسيرته كرسّام باسمه الأصلي دومينيكو ثيوتوكوبولوس. عمل في البداية كرسّام للأيقونات. لكن الأيقونات مسطّحة ولا حياة فيها. كما أنها قديمة الطراز. لذا قرّر دومينيكو أن يتعلّم فنّ الرسم الواقعي. وبحكم كونه مواطنا من فينيسيا، التي كانت تحتلّ كريت في ذلك الوقت، فقد اختار أن يسافر إلى فينيسيا. وفيها تعلّم كل ما استطاع أن يتعلّمه من الرسّامين الكبار مثل تيشيان و تينتوريتو وغيرهما. كما أتقن الأسلوب الفنّي الجديد المسمّى الماناريزم أو الأناقة المتكلّفة. وبعد قضائه بعض الوقت في فينيسيا وروما، ذهب دومينيكو إلى إسبانيا. وهناك منحه المعجبون به اسمه الذي سيشتهر به في ما بعد: إل غريكو، الذي يعني "الإغريقي". ومع ذلك، ظلّ طوال حياته يوقّع لوحاته باسمه الحقيقي مكتوبا بأحرف يونانية، ما يدلّ على أنه كان شخصا شديد الاعتزاز بتراثه. تحفة إل غريكو الكبرى هي لوحته دفن كونت اورغاس . وهي ليست أفضل أعماله فحسب، وإنما...