محطّات
استمتاع الانسان برؤية الآثار يوحي بأن الخراب صفة معرفية مشتركة بين البشر جميعا. والجنس البشري، بحسب روز ماكولي مؤلّفة كتاب "متعة الآثار"، كان دائما ذا عقلية تمجّد الخراب. وفي جميع العصور وجد الأدب جمالا في القوى المظلمة والعنيفة التي يُعدّ الخراب أحد رموزها. وفي أحلام الإنسان الغربيّ المحبّة للخراب، فإن اليونان وإيطاليا هما اللتان مجّدتا دائما تلك الأحلام الحزينة التي تنظر إلى الوراء، ربّما لأن حضارة الغرب نشأت ونمت هناك حيث مجدُ العالم. هناك وُجد سقراط وأفلاطون وطروادة وأثينا والجزر واليونان العظيمة. كلّنا نحبّ الآثار، تقول ماكولي، رغم أننا لا نعرف السبب بالتحديد، لكن ربّما لأننا نحبّ أن نتخيّل كفاح الناس الذين ماتوا منذ زمن طويل والذين قاتلوا مثلنا أيضا وفازوا وخسروا وأحبّوا وكرهوا وكانوا يتوقون إلى السلام أو المعنى، تماما كما نفعل نحن. اللامعنى هو الخوف الأكبر بالنسبة لمن يحبّون الآثار. فنحن لا نخشى الموت، فهو سيأتي إلينا جميعاً. ولا نخشى القتال، بل في الواقع نتصالح معه إن فُرض علينا. ما نخشاه حقّا هو أنه لن يتمكّن أحد من السير على أنقاض حياتنا التي قضيناها هنا...