أسمال وعظام
على بعد أمتار، كانت هناك مجموعة من رؤوس الغنم المقطوعة. الأفواه فاغرة والمناخير مفتوحة على اتّساعها. والرؤوس تنظر إليك كما لو أنها مستعدّة للغناء. رأيت هذا المنظر قبل سنوات في سوق حلب الكبير، أي في قلب المدينة التي يقال إنها أقدم مدينة مأهولة في العالم. وبعد بضع ساعات من التجوال في شوارعها، أدركت أن باستطاعتي أن أجد أيّ شيء تقريبا في محلاتها التي يربو عددها على الألف. كان هذا السوق مركز المدينة حتى في زمن الرومان. وأكثر معروضاته لم تتغيّر منذ ذلك الحين. وفي نهاية اليوم، عاينت محلا لبيع التحف القديمة ولاحظت أن الهواء حوله مشبع بروائح التفّاح المحترق المتصاعد من الاراغيل في مقهى مجاور والتي يخالطها روائح عرق وتوابل وشاي. وبعد قليل ظهر من داخل المحلّ رجل أخذ ينظر إليّ شزرا ثم سألني: هولندي أم فرنسي أم انجليزي؟! قلت: أمريكي. فقال بابتهاج: أهلا أمريكا! ثم لوّح بيديه باتجاه أواني البصل والمخلّل ورؤوس الغنم المقطوعة وقال: هل تأكل شيئا يا سيّد أمريكا؟ شكرته وواصلت سيري بحثا عن رؤوس من نوع آخر. في كلّ دليل سياحي عن سوريا، هناك إشارة إلى أن رفات النبيّ زكريا يمكن رؤيتها في م...