المشاركات

عرض المشاركات من أبريل 13, 2025

خواطر في الأدب والفن

صورة
في مصنع يقع على أطراف المدينة، تعطّلت فجأة إحدى الآلات المهمّة، وساد الارتباك أرجاء المصنع. أومضت الأنوار ودوّت أصوات الإنذار وتوقّفت سيور النقل. واتصل مدير المصنع غاضبا بجميع المهندسين الذين يعرفهم. كان معظمهم مشغولين أو مرتبطين بمواعيد. ثم همس أحدهم: هناك شخص واحد يمكنه اصلاح الخلل. وهو معروف بأمرين: إصلاح الأعطال المستحيلة وتقاضي مبالغ طائلة مقابل ذلك". لم يضيّع المدير وقتا. اتصل رأسا بذلك الفنّي وطلب منه المجيء على الفور الى المصنع. وبعد نصف ساعة، دخلت سيّارة مغبرّة ومتهالكة إلى موقف سيّارات المصنع، وخرج منها رجل في الخمسينات من عمره، ضئيل وذو شعر أشيب ويحمل صندوق أدوات مكسّرا. لم يتحدّث الرجل كثيرا. مشى نحو الآلة مباشرة، دار حولها مرّة واحدة، فحصها ثم نقر عليها بمطرقة مطاطية صغيرة. وبعد بضع طرقات عادت الآلة إلى العمل. هلّل العمال وصفّقوا بينما رمشت عينا المدير في ذهول وقال: أهذا كلّ شيء؟ قال الفنّي العجوز: نعم، ثم استدار مغادرا بعد أن سلّمه الفاتورة. فتح المدير الورقة وتفاجأ عندما وجد مكتوبا فيها: عشرة آلاف دولار. دولار واحد لإصلاح الخلل و٩٩٩٩ دولارا لتشخيصه. ...

الغرفة الحمراء

صورة
من أشهر العبارات المنسوبة إلى هنري ماتيس قوله: هناك دائما زهور للذين يريدون رؤيتها". والمعنى المجازي لكلامه هو أن هناك الكثير من الأشياء الرائعة التي تملكها ولا يملكها الآخرون، لكنك لا تراها. وأنت تفتقدها أو لا تعرف أنها موجودة لانشغالك بأشياء أخرى. وعندما تُلقي نظرة من حولك، فهذا قد يساعدك على الشعور بالامتنان لها ويذكّرك بأنها مؤقّتة وأنك تحتاج لأن تقدّرها وتعرف أهميّتها الآن وقبل أن تختفي. عندما نستكشف فنّ ماتيس أكثر، فإننا لا نكتشف رؤاه الثورية عن اللون والشكل فحسب، وإنما أيضا نتعرّف على أفكاره ورؤيته للحياة بشكل عام. كان شغوفا بالسفر، وكان للأماكن التي زارها تأثير مهم على فنّه. وقد ترحّل كثيرا في أنحاء فرنسا وركّز بشكل خاصّ على الجزء الجنوبي منها الذي ترك علامة واضحة على إدراكه للضوء والألوان. في السيرة التي كتبتها هيلاري سبيرلينغ لماتيس، تنقسم حياته الى فصول تحمل أسماء الأماكن التي عاش فيها. وهذا يُثبت أنه كان يستمتع بالانتقال من مكان لآخر أثناء بحثه عن إلهام لأعماله. وعندما كان مقتدرا ماليّا، ذهب إلى الجزائر وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا والمغرب، كما زار روسيا وإنغ...

حديقة الإشراق

صورة
بالنسبة للأوروبيين، وعلى مدى قرون، كان يوانمينغيوان، أو مجمّع القصر الإمبراطوري الواقع شمال غرب بيجين، ملمحاً أساسيا في أحلامهم عن الشرق. كان القصر مكانا للكثير من الخيال والدهشة إلى أن تعرّض للتدمير عام ١٨٦٠ على يد جيش من الإنغليز والفرنسيين. ومن وقتها، أصبح القصر وملحقاته رمزا لاستعباد الصين على أيدي القوى الأجنبية في القرن التاسع عشر، ومن ثمّ محورا للقومية الصينية الحديثة. ولم يكن من المستغرب أن يعود الزوّار الأوروبيون القلائل الذين رأوا المكان بالفعل قبل تدميره بروايات مليئة بالعجائب. وقد تفوّق الرهبان والرحّالة في العصور الوسطى على بعضهم البعض في سرد القصص التي تحكي عن جمال القصر والسلطة الهائلة التي كان يتمتّع بها "الخان العظيم". بُني قصر يوانمينغيوان، ومعناه بالصينية حديقة الإشراق، على مراحل مختلفة بدءا من أوائل القرن الثامن عشر وحتى تدميره. وكان في البداية ملاذا خلّابا للأباطرة الذين رغبوا في الهرب من حرارة المدينة المحرّمة والالتزامات الرسمية في بيجين. كانت الحديقة جنّة على الأرض لأباطرة تشينغ. كانت جميلة، فخمة، ومن صُنْعهم بالكامل وليست إرثا من السلالات ...

بونابرت في يافا

صورة
بعض المؤرّخين يشبّهون غزو نابليون بونابرت لفلسطين بمرور نيزك ضخم لم يلبث أن اختفى مُحدثاً دمارا هائلا. كان الجنرال الفرنسي قد انطلق من مصر، وعند وصوله إلى يافا، تغلّب على مقاومة الحامية العثمانية المحلية واجتاح المدينة بقوّة ونهبها وقتل الآلاف من أهلها. وفي أعقاب تلك الفوضى، أصيب العشرات من الجنود الفرنسيين بالطاعون. في لوحة الرسّام أنطوان جان غروس "فوق"، نرى نابليون البالغ من العمر وقتها 29 عاما وهو يزور برفقة مساعديه جناحا في مستشفى في يافا يتواجد فيه جنود فرنسيون مرضى بالطاعون وبحال من البؤس والمعاناة. ويظهر الجنرال وهو يحاول تهدئة ذعر الجنود ويمدّ يده العارية ليلمس، دون خوف، خُرّاجا ملتهبا لجنديّ مصاب. وخلفه يقف ضابط يضع منديلاً على أنفه لحجب الرائحة، أو ربّما لوقاية نفسه من العدوى. أنهى غروس هذه اللوحة المليئة بالاستعارات والرموز في الأشهر التي سبقت تتويج نابليون إمبراطورا على فرنسا في كاتدرائية نوتردام. واليد الممدودة في اللوحة تمثّل يد يسوع التي تشفي من الجذام والعمى والصمم بمجرّد اللمس. لكن تلك اللمسة لم تجلب الشفاء لأن الجند كانوا بحاجة إلى أطبّاء، بدليل...