قصّة فينوس دي ميلو
من بين جميع الفينوسات التي يزدحم بها متحف اللوفر، وبينهنّ إلهات الفنّ اليونانيّ والرومانيّ، والإلهات ذوات الوجوه والملامح الطفولية في جداريات الأسقف، والنساء الغامضات اللاتي خلّدهنّ الفنّ الأكاديميّ، تقف فينوس دي ميلو شاهقة ومتفرّدة. فينوس، النموذج، كانت دائما إنسانية بشكل لا يقاوم، فهي تبتسم، تفرد ذراعيها أو تسحب فستانها كي تغطي عريها. وأحيانا تجمع خصلات شعرها الطويل وهي تبرز من البحر، أو تلهو مع طفلها كيوبيد. لكن في متحف نابولي الوطني، هناك فينوس أخرى تبدو وكأنها على وشك أن تضرب مخلوق "ساتير" بحذائها. عندما تنظر بتأمّل إلى فينوس دي ميلو سيساورك انطباع بأنها لا تنتمي إلى عالمنا. وفي الحقيقة فإن افتتاننا بها يمكن أن يكشف عن انجذاب عصبيّ لأجسام أو أدوات الحبّ. فينوس دي ميلو محسوسة جسديّا ولا مبالية سيكولوجيا، وقورة وعظيمة وبعيدة. رأسها يميل قليلا بعيدا، نظراتها لا تقابل نظراتنا، وشعرها متقشّف لولا بضع خصلات تسقط حرّة على مؤخّرة عنقها. لكن استجابتنا لهذا المخلوق البعيد تحكمها هذه الخصوصية الآسرة لبشرتها. هنا يعمل النحّات بعاطفة عاشق، مُشرِكا اليد أكثر من العين. يم...