المشاركات

عرض المشاركات من يوليو 10, 2011

مثالية وليام بوغرو

صورة
تنظر إلى لوحات هذا الرسّام فيدهشك أن لا ترى فيها غير صورٍ لحوريّات وعذراوات يتنزّهن في مناظر بهيّة ومشذّبة، وأمّهات يداعبن أطفالهنّ بحنوّ ومحبّة، وأطفال يشبهون الملائكة يحتضن بعضهم بعضها ببراءة وألفة. تلك هي نظرة وليام بوغرو السامية للجنس البشري. وهي نظرة مشحونة بالجمال والطلاوة والمثالية والخيال، إلى الحدّ الذي يجعلنا نتوق إلى رؤية الواقع وملامسة الأرض مرّة أخرى. كان بوغرو ينظر إلى الفنّ على انه ضرب من الجمال المثالي. وكان يبدي انزعاجه من كلّ محاولات التجريب والخروج عن المألوف. وبذا حبس الرسّام نفسه في قفص ذهبي عندما اعتقد أن الرسم يجب أن يكون عن الجمال والفرح في مقابل الواقع. وبحلول نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت لوحاته، مع لوحات معاصريه الأكاديميين مثل جان ليون جيروم و لورانس الما تاديما و الكسندر كابانيل ، قد انصرفت عنها أذواق الناس واهتمام النقّاد واستقرّ بها المقام أخيرا في أقبية المتاحف. لكن الجنود القدامى لا يموتون إلى الأبد. فمؤخّرا، ومع تجدّد الاهتمام بالأعمال الفنّية الكلاسيكية، انتعشت واقعية بوغرو ورفاقه الاكاديميين من جديد. من الصعب تصوّر الشعبية الكبيرة التي كان يتمت...

كلام الأغاني

صورة
من أهمّ الخصائص التي تطبع الأغاني العربية عموما هي تشابه مواضيع كلماتها التي تركّز في الغالب على قصص الغرام والهجر ومدح الحبيب والتغنّي بجماله وذكر محاسنه في قالب لا يخلو أحيانا من التهويل والمبالغة. الأغاني الغربية هي على النقيض تماما. إذ لن تسمع أغنية تثني على جمال المحبوب أو تتغنّى بمزاياه وخصاله أو تتوسّل منه السماح والغفران. والمقارنة بين هذين النوعين من الغناء يحيلنا تلقائيا إلى الخصائص الثقافية وطرق التفكير في مجتمعين يكادان يكونان مختلفين في كلّ شيء تقريبا. استمعت قبل فترة إلى عيّنات من الغناء الغربي، فلاحظت أن في كلمات بعضها أفكارا فلسفية وإشارات سيكولوجية، بل إن بعضها يطرح تساؤلات عن الوجود والدين والحياة والمصير.. إلى آخره. لكن يبقى للاغاني العربية، خاصة الكلاسيكية منها، سحرها وجمالها الخاصّ حتى عندما تكون كلماتها وموضوعاتها نمطية أو مكرّرة. وهناك من هذه الأغاني ما قد تسمعها مرّة وبطريقة عارضة، ثم عندما تسمعها مرّة أخرى سرعان ما تثير في ذهنك صورا وذكريات عن أشخاص وأمكنة وحالات ومواقف وحكايات ما كان لك أن تتذكّرها لولا العلاقات والارتباطات الشعورية التي تثيرها الأغنية في النف...

إيماءة يوحنّا

صورة
الصورة الشائعة عن يوحنّا المعمدان، كما تعكسها الأدبيات المسيحية، هي صورة رجل بسيط ومتقشّف قضى معظم حياته في الصحراء يسابق الحيوانات البرّية ويتغذّى على الجراد والعسل. لكن ليوناردو دافنشي يرسم الرجل بطريقة مدهشة وصادمة. كما أن صورته هنا مختلفة كليّا عن بقيّة الأعمال الفنية التي تناولت هذه الشخصية. دافنشي يرسم يوحنّا المعمدان في الصحراء بشعر مجعّد وهو يرتدي جلود الحيوانات ويبتسم بطريقة غريبة تذكّر إلى حدّ ما بأشهر لوحات دافنشي "الموناليزا". وفي يد الرجل اليسرى ثمّة قضيب حديدي في نهايته صليب. بعض مؤرّخي الفنّ يعتقدون أن الصليب وجلد الحيوان أضيفا إلى اللوحة في مرحلة تالية من قبل رسّام آخر. في اللوحة يظهر القدّيس وقد أضاءه نور من مصدر خارج اللوحة، بينما تخلع الظلال الرقيقة على بشرته مظهرا ناعما ورقيقا. وقد عمد ليوناردو إلى وضع الشخصية في الظلال لتكثيف الإحساس بعزلته عن العالم الحقيقي والتأكيد على ارتباطه بالسماء. غير أن أهمّ ملمح في هذه اللوحة هو حركة إصبع القدّيس المشيرة إلى السماء. هذه الجزئية طالما أثارت جدلا واسعا بين أوساط المؤرّخين ونقاد الفنّ وأصبحت لكثرة الحديث عنها وغموض ...